علي يحيى يكتب: الكومونة والأجور | ساسة بوست

علي يحيى يكتب: الكومونة والأجور | ساسة بوست

منذ 7 سنوات

علي يحيى يكتب: الكومونة والأجور | ساسة بوست

منذ 1 دقيقة، 28 أكتوبر,2016\nفي وقت من الأوقات حكم الثوار لمدة خمسة وستين يومًا رافعين أعلامهم محققين أحلامهم.\nفي الثامن عشر من مارس لعام 1871 قام العمال في باريس بإنشاء كومونة باريس وكومونة بمعنى تجمع محلي أو وحدة تقسيم إداري أو بلدية؛ ففي عام 1870 قامت الحكومة الفرنسية بإعلان حرب ضد ألمانيا، وكانت فرنسا تحت قيادة نابليون بونابرت، وأدت تلك الحرب إلى هزيمة بونابرت وأسره، ومن ناحية أخرى تم إعلان الجمهورية في فرنسا.\nانتهزت ألمانيا الهزيمة الفرنسية وتحولت من الحرب الدفاعية إلى حرب هجومية ضد الشعب الفرنسي الذي كان أغلبيته رافضة للحرب من ناحية، ومن ناحية أخرى كان أغلبه من العمال وأصحاب الحرف، وخصوصًا مناطق باريس وليون ومارسيليا.\nلجأت الحكومة الفرنسية في ذلك الوقت إلى تسليح سكان بلدة باريس للتصدي لهجوم القوات الألمانية، وتكونت قوات شبه نظامية من العمال، بعد تسليح العمال ووضوح قوتهم أصبحت الحكومة الفرنسية بين المطرقة والسندان، وكان عليها الاختيار بين اختيارين كلاهما الأسوأ لها، فكانت بين ترك العمال وزيادة قوتهم، وهنا كان الخوف من الهزيمة أمام العمال الناقمين على الحكومة والاختيار الآخر الاستسلام لألمانيا للتفرغ للعمال، وكحال البرجوازية كانت مصلحتهم صاحبة الكلمة العليا والنهائية، وفي 28 يناير1871 وقعت حكومة الدفاع الوطني الفرنسية على معاهدة استسلام تنص على تخلي الحكومة الفرنسية عن إقليمي الإلزاس واللورين المقاربين للحدود الفرنسية الألمانية.\nبعد توقيع المعاهدة ورحيل الحكومة إلى فرساي تفرغت الحكومة الفرنسية للعمال، وأرادت الحوز على أسلحة الحرس الوطني والعمال، وهو ما قوبل بالرفض، وفي غضون أيام كان العمال يسيطرون على بلدية باريس وإعلان اللجنة المركزية للحرس الوطني واستلامها للسلطة، وفي بيان للجنة المذكورة قالت: «إن بروليتاريي باريس وسط إخفاقات وخيانات الطبقات الحاكمة فهموا أن الساعة قد دقت لإنقاذ الوضع».\nفي الوقت الذي استمرت فيه الكومونة كان لها بعض الإصلاحات والقرارات؛ فقامت الكومونة بإلغاء الجيش الدائم واستعانت بالعمال المسلحين وإلغاء التجنيد الإجباري ومنع العمل الليلي بالمخابز، وإلغاء ديون الإيجارات على الفقراء، وحررت الفلاحين من الضرائب.\nلم تستمر الكومونة لفترة طويلة، وفي 21 مايو من العام نفسه بدأ جيش فرساي مدعومًا من ألمانيا بمهاجمة باريس وسقطت الكومونة.\nبعيدًا عن فكرة الكومونة نفسها، وقبولك أو رفضك لهذه الفكرة، ولكن هناك قرارًا معينًا اتخذ أثناء حكم الكومونة جعلني أتوقف عنده لبعض الوقت؛ فأثناء حكم الكومونة تم إلغاء جميع الامتيازات المصاحبة لرجال الدولة وأعضاء الكومونة ذات نفسها، وأصبحت المرتبات الخاصة بالموظفين بما فيها أعضاء الكومونة لا تزيد على مرتب العامل، وتم تحديده في ذلك الوقت بستة آلاف فرانك شهريًّا في الوقت الذي كان مرتب «تيير» رئيس حكومة الدفاع الوطني في ذلك الوقت مائتين وخمسين ألف فرانك شهريًا.\nفلتتخيل عزيزي القارئ إذا تم تطبيق هذا، لن أقول في عالمنا العربي، بل في أية منطقة بالعالم؛ ففي الوقت الذي يحصل فيه رؤساء الدول على مرتبات تُقدر بآلاف الدولارات شهريًّا ووزراء يصلون إلى ما يُعادل خمسة وثلاثين ألف جنيه شهريًا بدون بدلات، فعلى سبيل المثال يحصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما على ثلاث وثلاثين ألف دولار شهريًّا، وفي قسم آخر من العالم يحصل النائب المصري على ما يصل إلى عشرين ألف جنيه شهريًّا.\nماذا سيحدث في بلد كمصر إذا تم تقرير أن أي موظف حكومي رفيع المستوى أو نائب برلماني لن يحصل سوى على الحد الأدنى للأجر «الف ومائتي جنيهًا شهريًا» كم مواطنًا سنجده يحارب لكي يحصل على عضوية البرلمان؟ وكم شخصًا سنجده يقف ليحلف يمين تعيينه كوزير بألف جنيه في الشهر؟ هل سيظلون كما يدعون يعملون من أجل الوطن أم سيجدون أن عملهم الوطني لا يؤتي بالثمار التي يتمنونها.\nفنحن في النهاية نريد رجالًا ونساءً في مؤسسات الدولة ليعملوا لأجل الوطن وليس لحفنة من الأوراق.\nهذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

الخبر من المصدر