ملايين المصريين يواجهون "الموت البطيء"

ملايين المصريين يواجهون "الموت البطيء"

منذ 7 سنوات

ملايين المصريين يواجهون "الموت البطيء"

نشر موقع ميدل إيست آي البريطاني تقريرا عن الأوضاع الاقتصادية في مصر، مشيرا إلى أنه "أصبح العيش في مصر كفاحاً متواصلاً للبقاء على قيد الحياة بالنسبة لهؤلاء الذين يعيشون تحت خط الفقر".\nوأضاف التقرير "إنه موت بطيء".. هكذا يلخص سليمان بكر وزوجته الوضع الاقتصادي في مصر، حيث تشير التقارير إلى الوضع السيئ الذي آلت إليه الأمور وكيف أصبح العديد من السكان غير قادر على تحمل تكاليف الغذاء الأساسي ويكافح من أجل العيش على حد الكفاف.\nيعمل بكر، وهو موظف حكومي لديه 3 أطفال، كسائق تاكسي بعد انتهاء فترة دوامه الرسمي طوال الليل وحتى الساعات الأولى من الصباح. يقول "أعمل في وظيفتين وزوجتى تعمل أيضاً. رغم توافر 3 مرتبات، فإننا نقضي حاجاتنا بالكاد".\nويتابع " يبدو أن هذه المشكلات لا قاع لها. أينما تذهب تواجهك مصاعب أكثر فأكثر كأسعار الغاز والكهرباء والماء والبنزين. كل الأسعار ارتفعت بشكل مفاجيء، بحسب موقع "هافينغتون بوست عربي".\nوالآن ارتفعت أسعار الغذاء أيضا والجنيه في انخفاض مستمر. حتى اللبن المدعم الذي اعتدنا جلبه لأطفالنا لم يعد متوافراً. ارتفعت أسعار الأدوية بـ 4 أضعاف وهي مع ذلك غير متوفرة. ستجد الصيادلة يقولون لك إن هناك نقصاً حادا في آلاف الأدوية، بينها أدوية القلب والفشل الكبدي. نحن نموت".\nويخشى بكار أن يحطم الصورة البريئة لدى ابنته، التي تدرس في المرحلة الإعدادية ولا تزال تؤمن بوالدها كبطل للعائلة. يقول بكار قانطا " أشعر بالعجز. لا يتمنى أي أب سوى توفير أفضل حياة ممكنة لأطفاله. لكن كيف؟ كيف أواجه أطفالي؟".\nلا يعاني بكار وحده. فقد عدد أحمد، محامي، المصاريف الشهرية لعائلته لشرح مدى تزايد حالته بؤسا.\nفيقول "حسناً، 1250 جنيه تذهب لدفع الإيجار. فواتير الكهرباء والغاز والمياه ارتفعت إلى 500 جنيه. تتكلف دروس أخي الأصغر ألف جنيه. وننفق على الطعام ألفي جنيه. ناهيك عن المصاريف الشخصية والتنقلات".\nويبلغ دخل أحمد الشهري 1500 جنيه، وهو 3 أضعاف قيمة خط الفقر تقريبا والبالغ 500 جنيه شهريا أو ما يعادل 50 دولار. يقول المحامي" في الحقيقة، لأعرف كيف نعيش أو كيف نلبي احتياجاتنا الأساسية. كيف نظل على قيد الحياة؟ لا أعرف. الله وحده يعرف".\nبينما تظهر الأرقام الرسمية أن عدد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر يبلغ 28%، فإن هذه النسبة ترتفع في صعيد مصر إلى 60%، وهي في تصاعد مستمر.\nتعد ياسمين علي، أم عزباء، واحدة من بين آلاف المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر وتجد صعوبة كأم معيلة لتلبية احتياجات أسرتها.\nتقول ياسمين " كيف يمكن العيش بـ500 جنيه لتلبية مطالب المعيشة والإنفاق على 3 أطفال؟ مصاريف سكن، وسفر، ودراسة.. أحيانا تمر علينا أشهر دون أن نأكل اللحوم أو الفاكهة ويعمل اثنان من أبنائي الذكور في مهن غريبة لتوفير مصاريفهما الدراسية".\nتتابع بقولها " الفاكهة؟ لقد أصبحت رفاهية. نحتاج السكر والبنزين والأرز. وحتى هذه السلع الضرورية لم تعد متوفرة وأصبحنا غير قادرين على تحمل تكلفتها. إذا كنت محظوظاً وعثرت عليها في إحدى متاجر التجزئة، لن يبيعوا لك سوى كيلو جرام أو اثنين على الأكثر".\nأدى نقص اللحوم الرخيصة إلى تزايد وتيرة الاستغلال وانتشار ظاهرة بيع لحوم الحمير للمستهلكين. ولا يعد الاستغلال والفساد أو بيع لحوم الحمير ظاهرة جديدة في مصر. لكن الجديد هو تصريح عدد من المتخصصين الذين يرغبون في طمأنة العامة بأن " أكل لحم الحمير آمن".\nاستحالة التفريق بين لحوم الحمير والكلاب والقطط إذا تم فرمها\nأثار حسين منصور، مدير مؤسسة سلامة الغذاء التابعة لوزارة الصحة، جدلا عندما أدلى بتصريح يفيد باستحالة التفريق بين لحوم الحمير والكلاب والقطط إذا تم فرمها.\nكما قال لطفي شاور، موظف سابق بوزارة الصحة، إن لحوم الحمير ساهمت في سد فجوة غذائية خلال السنوات الأخيرة.\nباتت هناك مخاوف متزايدة حول مدى سلامة وجودة الغذاء المنتج محليا. تقول ياسمين علي " أصبحت أسمع كثيراً من القصص حول تعرض أفراد للتسمم بسبب أكلهم للخضار والفاكهة. حتى إن كنت قادراً على شرائها. لم نعد قادرين على تحمل مخاطر أكلها".\nفتحت تحقيقات حول حادثة تسمم 33 طفل في المرحلة الابتدائية بمدرسة أولاد النور بالمنزلة أوائل شهر أكتوبر/ تشرين الحالي بعد شرائهم لأكياس فشار تاريخ صلاحيتها منتنهٍ. وتبين من التحقيقات أن مالك متجر التجزئة غيّر تاريخ الصلاحية المكتوب على العبوات.\nوتعد هذه الحادثة واحدة من بين سلسلة من الحوادث التي تلقي بظلالها على سلامة الأمن الغذائي المصري. ففي بداية العام الحالي، انتشرت عدوى لفيروس الالتهاب الكبديِ A، والتي يعتقد بأن الفراولة المصدرة من مصر هي السبب في انتشارها. دفع هذا متاجر التجزئة إلى سحب جميع منتجات الفراولة القادمة من مصر.\nويرى أحمد، المحامي، أن الكثير من الغذاء المنتج محليا ملوث بسبب ريه بمياه ملوثة بعد موجات جفاف، سببها بناء سد أثيوبيا العملاق والذي خفض من كميات المياه المتدفقة إلى مصر. ويقول " بعد نقص كميات المياه المتدفقة إلى مصر بسبب بناء السد الإثيوبي، كان هناك ضرورة للبحث عن مصادر بديلة، فتم استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لري المحاصيل".\nتقول ياسمين علي " المياة دائما قذرة وموحلة وأحيانا يكون لونها بني. أطفالنا في حالة إعياء مستمر".\nولطالما كانت هناك مخاوف بشأن سلامة الغذاء. فقد قالت روسيا، أحد أكبر موردي القمح لمصر، إنها ستحظر استيراد الخضار والفاكهة المصرية بعد أن قالت هيئة رقابية إن المنتجين المصريين لا يلتزمون بالمعايير الدولية.\nلكن البعض تكهن حينها بأن القرار الروسي جاء كرد فعل وانتقام من قرار وزارة الزراعة المصرية بمنع استيراد أي قمح يحتوي على أي نسبة من فطر الأرجوت، ما قلص فرص روسيا في تصدير محصولها لمصر.\nوترددت مصر عدة مرات في تنفيذ القرار أو إبطاله وسط تكهنات بأن هذا الفطر قد يسبب السرطان. وقد ينتج عن استهلاك فطر الأرجوت بكميات كبيرة ظهور أعراض هلوسة، لكن يعتقد أن استهلاكه بكميات قليلة غير ضار.\nفي بداية العام الحالي، أجرت منظمة الغذاء والزراعة "فاو" دراسة تقديرية حول مخاطر الأرجوت ووجدت أنه لا يشكل خطراً على المحاصيل المصرية.\nفي المقابل، شكلت وزارة الزراعة لجنة تقصي حقائق وتوصلت إلى ضرورة شراء القمح من مناطق لم يسبق وجود فطر الأرجوت في شحناتها السابقة مثل روسيا وأوكرانيا ولاتفيا وليتوانيا.\nفي الوقت الذي استمر فيه الجدل حول مدى آمان القمح المستورد، أصيبت الأسواق العالمية بالذعر من القرار المصري بمنع استيراد الأقماح التي تحتوي على أي نسبة من فطر الأرجوت (0%). وألغت الحكومة المصرية قرارها السابق ثم عادت لتعمل به مرة أخرى قبيل مزاد عالمي للقمح.\nمصر أكبر مستورد للقمح في العالم\nتعد مصر حاليا أكبر مستورد للقمح في العالم وسط تقديرات تشير إلى استيراد نحو 11.5 مليون طن سنويا. ويمثل القمح مسألة حياة أو موت بالنسبة لعشرات الملايين من المصريين الذين يعتمدون على نظام الدعم الحكومي.\nويعني تغيير معايير شراء القمح ارتفاع أكبر في أسعار الغذاء في وقت تدعي فيه الحكومة بأنها تحاول توفير غذاء بتكلفة معقولة.\nيعتبر توفير خبز رخيص أمراً حيويا لبقاء الحكومة وكانت مطالب توفير الخبز ضمن الشعارات التي رفعها المتظاهرون في ثورة 2011. وفي عام 1977، تسبب ارتفاع أسعار الخبز في اندلاع موجات تظاهر وخروج المدرعات في الشوارع لقمع العصيان واحتوائه.\n" عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، كانت هذه المطالب الثلاث كفيلة بتقويض حكم مبارك عندما خرج الآلاف في الشوارع في 2011 للمطالبة بإسقاط النظام وتلبية هذه المطالب الأساسية. وبعد مرور خمس سنوات، أصبحت الحرية والعدالة الاجتماعية في تآكل مستمر والأسعار في ارتفاع مطرد.\nفي فيديو صادم سجله شهود عيان بكاميرا الهاتف المحمول، أشعل سائق تاكسي النار في نفسه أمام مقر للجيش بالإسكندرية بعد أن صرخ منتقدا حكومة السيسي وارتفاع الأسعار وتدهور ظروف المعيشة.\nويعالج السائق من حروق بجسده تبلغ نسبتها 95%. ويحاكي سائق التاكسي بفعله هذا ما قام به البائع المتجول التونسي منذ ستة أعوام عندما أشعل النار في نفسه، ليمهد لاندلاع ثورات الربيع العربي.\nويقول الدكتور اتش ايه هيلر، زميل غير مقيم لدى المجلس الأطلنطي والمعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن إن "الوضع الاقتصادي سيء منذ فترة، لكن الأمور تؤول إلى الأسوأ بوتيرة أسرع من توقعات غالبية الناس.\nيتوقع أن تجري الحكومة مزيداً من الخفض في الدعم، فضلا عن خفض قيمة الجنيه. كل هذا سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم والأكثر تضررا ستكون الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع".\nومع تدهور الأوضاع الاقتصادية للبلاد، بات العديد من الناس يعبرون عن مخاوفهم وظهرت فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لمصريين يعبرون بوضوح ودون خوف عن معاناتهم ويأسهم من الظروف المعيشية.\nتمثل الرد الحكومي في عبارات جوفاء تنصح الناس بـ"شد الحزام أكثر" أو حتى التبرع بما لديهم من "فكه" من أجل مصر.\nويقول بكار " كانت آمالنا معلقة على الخطط الحكومية، سواء كانت بناء عاصمة جديدة أو تفريعة لقناة السويس أو غيرها، وأنها ستجعل حياتنا أفضل. لكن ما نراه الآن هو تدهور مستمر في الأوضاع الاقتصادية. تزداد الأمور سوءا. الجنيه أصبح بلا قيمة وأعداد العاطلين في تزايد. يقبل الشباب على الهجرة غير الشرعية مخاطرين بحياتهم. لقد اختاروا مواجهة مخاطر الموت أو السجن بدلاً من البقاء هنا في انتظار الموت المحقق".\nومع تضاؤل الثقة بالحكومة، أصبحت اضطرابات الشارع أكثر وضوحا وسط تنامي دعوات للتظاهر تحت اسم "ثورة الفقراء" في الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني.\nورغم تنامي استخدام العنف من قبل قوات الأمن، يعتزم سليمان المشاركة في ثورة الفقراء. يقول بكار " إلى متى سنظل جالسين وراضين بعيش نصف حياة؟ سأنزل الشارع، لكن هل تعتقد أن أحد سيبالي؟ هل سأجد من يحنو علينا أم ستستقر رصاصة في قلبي. لم يعد الأمر مهماً".\nالنزول للشارع الآن قراراً جريئاً\nويُعَد النزول للشارع الآن قراراً جريئاً، وربما طائشاً، في وقت تستخدم فيه القوات الأمنية أقسى درجات العنف ضد المعارضين. فمنذ إقرار قانون التظاهر، باتت قوات الأمن تفرق أي تظاهرة ناشئة بسرعة وعنف مفرط، ما يعني أن النظام الحالي لن يسمح بتكرار تظاهرات الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني عام 2011 التي أسقطت نظام مبارك.\nويقول هيلر: "لا أعتقد بأن مصر على وشك الانزلاق إلى فوضى اجتماعية، فالوضع الاقتصادي لا يتحمل هذا. النظام الحالي مؤمن لعدم وجود بديل له. كل السيناريوهات مطروحة والـ11 من نوفمبر/ تشرين الثاني، على بعد أسابيع وهناك إمكانية لحدوث أي تغير خلال هذه الفترة. لكنني لا أرى أي مؤشرات تدل على زخم التظاهرات القادمة".\n"إنه موت بطيء".. هكذا يلخص سليمان بكر وزوجته الوضع الاقتصادي في مصر، حيث تشير التقارير إلى الوضع السيئ الذي آلت إليه الأمور وكيف أصبح العديد من السكان غير قادر على تحمل تكاليف الغذاء الأساسي ويكافح من أجل العيش على حد الكفاف، وفق تقرير نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني.\nيعمل بكر، وهو موظف حكومي لديه 3 أطفال، كسائق تاكسي بعد انتهاء فترة دوامه الرسمي طوال الليل وحتى الساعات الأولى من الصباح. يقول "أعمل في وظيفتين وزوجتى تعمل أيضاً. رغم توافر 3 مرتبات، فإننا نقضي حاجاتنا بالكاد".\nويتابع " يبدو أن هذه المشكلات لا قاع لها. أينما تذهب تواجهك مصاعب أكثر فأكثر كأسعار الغاز والكهرباء والماء والبنزين. كل الأسعار ارتفعت بشكل مفاجيء.\nوالآن ارتفعت أسعار الغذاء أيضا والجنيه في انخفاض مستمر. حتى اللبن المدعم الذي اعتدنا جلبه لأطفالنا لم يعد متوافراً. ارتفعت أسعار الأدوية بـ 4 أضعاف وهي مع ذلك غير متوفرة. ستجد الصيادلة يقولون لك إن هناك نقصاً حادا في آلاف الأدوية، بينها أدوية القلب والفشل الكبدي. نحن نموت".\nويخشى بكار أن يحطم الصورة البريئة لدى ابنته، التي تدرس في المرحلة الإعدادية ولا تزال تؤمن بوالدها كبطل للعائلة. يقول بكار قانطا " أشعر بالعجز. لا يتمنى أي أب سوى توفير أفضل حياة ممكنة لأطفاله. لكن كيف؟ كيف أواجه أطفالي؟".\nلا يعاني بكار وحده. فقد عدد أحمد، محامي، المصاريف الشهرية لعائلته لشرح مدى تزايد حالته بؤسا.\nفيقول "حسناً، 1250 جنيه تذهب لدفع الإيجار. فواتير الكهرباء والغاز والمياه ارتفعت إلى 500 جنيه. تتكلف دروس أخي الأصغر ألف جنيه. وننفق على الطعام ألفي جنيه. ناهيك عن المصاريف الشخصية والتنقلات".\nويبلغ دخل أحمد الشهري 1500 جنيه، وهو 3 أضعاف قيمة خط الفقر تقريبا والبالغ 500 جنيه شهريا أو ما يعادل 50 دولار. يقول المحامي" في الحقيقة، لأعرف كيف نعيش أو كيف نلبي احتياجاتنا الأساسية. كيف نظل على قيد الحياة؟ لا أعرف. الله وحده يعرف".\nبينما تظهر الأرقام الرسمية أن عدد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر يبلغ 28%، فإن هذه النسبة ترتفع في صعيد مصر إلى 60%، وهي في تصاعد مستمر.\nتعد ياسمين علي، أم عزباء، واحدة من بين آلاف المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر وتجد صعوبة كأم معيلة لتلبية احتياجات أسرتها.\nتقول ياسمين " كيف يمكن العيش بـ500 جنيه لتلبية مطالب المعيشة والإنفاق على 3 أطفال؟ مصاريف سكن، وسفر، ودراسة.. أحيانا تمر علينا أشهر دون أن نأكل اللحوم أو الفاكهة ويعمل اثنان من أبنائي الذكور في مهن غريبة لتوفير مصاريفهما الدراسية".\nتتابع بقولها " الفاكهة؟ لقد أصبحت رفاهية. نحتاج السكر والبنزين والأرز. وحتى هذه السلع الضرورية لم تعد متوفرة وأصبحنا غير قادرين على تحمل تكلفتها. إذا كنت محظوظاً وعثرت عليها في إحدى متاجر التجزئة، لن يبيعوا لك سوى كيلو جرام أو اثنين على الأكثر".\nأدى نقص اللحوم الرخيصة إلى تزايد وتيرة الاستغلال وانتشار ظاهرة بيع لحوم الحمير للمستهلكين. ولا يعد الاستغلال والفساد أو بيع لحوم الحمير ظاهرة جديدة في مصر. لكن الجديد هو تصريح عدد من المتخصصين الذين يرغبون في طمأنة العامة بأن " أكل لحم الحمير آمن".\nاستحالة التفريق بين لحوم الحمير والكلاب والقطط إذا تم فرمها\nأثار حسين منصور، مدير مؤسسة سلامة الغذاء التابعة لوزارة الصحة، جدلا عندما أدلى بتصريح يفيد باستحالة التفريق بين لحوم الحمير والكلاب والقطط إذا تم فرمها.\nكما قال لطفي شاور، موظف سابق بوزارة الصحة، إن لحوم الحمير ساهمت في سد فجوة غذائية خلال السنوات الأخيرة.\nباتت هناك مخاوف متزايدة حول مدى سلامة وجودة الغذاء المنتج محليا. تقول ياسمين علي " أصبحت أسمع كثيراً من القصص حول تعرض أفراد للتسمم بسبب أكلهم للخضار والفاكهة. حتى إن كنت قادراً على شرائها. لم نعد قادرين على تحمل مخاطر أكلها".\nفتحت تحقيقات حول حادثة تسمم 33 طفل في المرحلة الابتدائية بمدرسة أولاد النور بالمنزلة أوائل شهر أكتوبر/ تشرين الحالي بعد شرائهم لأكياس فشار تاريخ صلاحيتها منتنهٍ. وتبين من التحقيقات أن مالك متجر التجزئة غيّر تاريخ الصلاحية المكتوب على العبوات.\nوتعد هذه الحادثة واحدة من بين سلسلة من الحوادث التي تلقي بظلالها على سلامة الأمن الغذائي المصري. ففي بداية العام الحالي، انتشرت عدوى لفيروس الالتهاب الكبديِ A، والتي يعتقد بأن الفراولة المصدرة من مصر هي السبب في انتشارها. دفع هذا متاجر التجزئة إلى سحب جميع منتجات الفراولة القادمة من مصر.\nويرى أحمد، المحامي، أن الكثير من الغذاء المنتج محليا ملوث بسبب ريه بمياه ملوثة بعد موجات جفاف، سببها بناء سد أثيوبيا العملاق والذي خفض من كميات المياه المتدفقة إلى مصر. ويقول " بعد نقص كميات المياه المتدفقة إلى مصر بسبب بناء السد الإثيوبي، كان هناك ضرورة للبحث عن مصادر بديلة، فتم استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لري المحاصيل".\nتقول ياسمين علي " المياة دائما قذرة وموحلة وأحيانا يكون لونها بني. أطفالنا في حالة إعياء مستمر".\nولطالما كانت هناك مخاوف بشأن سلامة الغذاء. فقد قالت روسيا، أحد أكبر موردي القمح لمصر، إنها ستحظر استيراد الخضار والفاكهة المصرية بعد أن قالت هيئة رقابية إن المنتجين المصريين لا يلتزمون بالمعايير الدولية.\nلكن البعض تكهن حينها بأن القرار الروسي جاء كرد فعل وانتقام من قرار وزارة الزراعة المصرية بمنع استيراد أي قمح يحتوي على أي نسبة من فطر الأرجوت، ما قلص فرص روسيا في تصدير محصولها لمصر.\nوترددت مصر عدة مرات في تنفيذ القرار أو إبطاله وسط تكهنات بأن هذا الفطر قد يسبب السرطان. وقد ينتج عن استهلاك فطر الأرجوت بكميات كبيرة ظهور أعراض هلوسة، لكن يعتقد أن استهلاكه بكميات قليلة غير ضار.\nفي بداية العام الحالي، أجرت منظمة الغذاء والزراعة "فاو" دراسة تقديرية حول مخاطر الأرجوت ووجدت أنه لا يشكل خطراً على المحاصيل المصرية.\nفي المقابل، شكلت وزارة الزراعة لجنة تقصي حقائق وتوصلت إلى ضرورة شراء القمح من مناطق لم يسبق وجود فطر الأرجوت في شحناتها السابقة مثل روسيا وأوكرانيا ولاتفيا وليتوانيا.\nفي الوقت الذي استمر فيه الجدل حول مدى آمان القمح المستورد، أصيبت الأسواق العالمية بالذعر من القرار المصري بمنع استيراد الأقماح التي تحتوي على أي نسبة من فطر الأرجوت (0%). وألغت الحكومة المصرية قرارها السابق ثم عادت لتعمل به مرة أخرى قبيل مزاد عالمي للقمح.\nمصر أكبر مستورد للقمح في العالم\nتعد مصر حاليا أكبر مستورد للقمح في العالم وسط تقديرات تشير إلى استيراد نحو 11.5 مليون طن سنويا. ويمثل القمح مسألة حياة أو موت بالنسبة لعشرات الملايين من المصريين الذين يعتمدون على نظام الدعم الحكومي.\nويعني تغيير معايير شراء القمح ارتفاع أكبر في أسعار الغذاء في وقت تدعي فيه الحكومة بأنها تحاول توفير غذاء بتكلفة معقولة.\nيعتبر توفير خبز رخيص أمراً حيويا لبقاء الحكومة وكانت مطالب توفير الخبز ضمن الشعارات التي رفعها المتظاهرون في ثورة 2011. وفي عام 1977، تسبب ارتفاع أسعار الخبز في اندلاع موجات تظاهر وخروج المدرعات في الشوارع لقمع العصيان واحتوائه.\n" عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، كانت هذه المطالب الثلاث كفيلة بتقويض حكم مبارك عندما خرج الآلاف في الشوارع في 2011 للمطالبة بإسقاط النظام وتلبية هذه المطالب الأساسية. وبعد مرور خمس سنوات، أصبحت الحرية والعدالة الاجتماعية في تآكل مستمر والأسعار في ارتفاع مطرد.\nفي فيديو صادم سجله شهود عيان بكاميرا الهاتف المحمول، أشعل سائق تاكسي النار في نفسه أمام مقر للجيش بالإسكندرية بعد أن صرخ منتقدا حكومة السيسي وارتفاع الأسعار وتدهور ظروف المعيشة.\nويعالج السائق من حروق بجسده تبلغ نسبتها 95%. ويحاكي سائق التاكسي بفعله هذا ما قام به البائع المتجول التونسي منذ ستة أعوام عندما أشعل النار في نفسه، ليمهد لاندلاع ثورات الربيع العربي.\nويقول الدكتور اتش ايه هيلر، زميل غير مقيم لدى المجلس الأطلنطي والمعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن إن "الوضع الاقتصادي سيء منذ فترة، لكن الأمور تؤول إلى الأسوأ بوتيرة أسرع من توقعات غالبية الناس.\nيتوقع أن تجري الحكومة مزيداً من الخفض في الدعم، فضلا عن خفض قيمة الجنيه. كل هذا سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم والأكثر تضررا ستكون الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع".\nومع تدهور الأوضاع الاقتصادية للبلاد، بات العديد من الناس يعبرون عن مخاوفهم وظهرت فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لمصريين يعبرون بوضوح ودون خوف عن معاناتهم ويأسهم من الظروف المعيشية.\nتمثل الرد الحكومي في عبارات جوفاء تنصح الناس بـ"شد الحزام أكثر" أو حتى التبرع بما لديهم من "فكه" من أجل مصر.\nويقول بكار " كانت آمالنا معلقة على الخطط الحكومية، سواء كانت بناء عاصمة جديدة أو تفريعة لقناة السويس أو غيرها، وأنها ستجعل حياتنا أفضل. لكن ما نراه الآن هو تدهور مستمر في الأوضاع الاقتصادية. تزداد الأمور سوءا. الجنيه أصبح بلا قيمة وأعداد العاطلين في تزايد. يقبل الشباب على الهجرة غير الشرعية مخاطرين بحياتهم. لقد اختاروا مواجهة مخاطر الموت أو السجن بدلاً من البقاء هنا في انتظار الموت المحقق".\nومع تضاؤل الثقة بالحكومة، أصبحت اضطرابات الشارع أكثر وضوحا وسط تنامي دعوات للتظاهر تحت اسم "ثورة الفقراء" في الحادي عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني.\nورغم تنامي استخدام العنف من قبل قوات الأمن، يعتزم سليمان المشاركة في ثورة الفقراء. يقول بكار " إلى متى سنظل جالسين وراضين بعيش نصف حياة؟ سأنزل الشارع، لكن هل تعتقد أن أحد سيبالي؟ هل سأجد من يحنو علينا أم ستستقر رصاصة في قلبي. لم يعد الأمر مهماً".\nالنزول للشارع الآن قراراً جريئاً\nويُعَد النزول للشارع الآن قراراً جريئاً، وربما طائشاً، في وقت تستخدم فيه القوات الأمنية أقسى درجات العنف ضد المعارضين. فمنذ إقرار قانون التظاهر، باتت قوات الأمن تفرق أي تظاهرة ناشئة بسرعة وعنف مفرط، ما يعني أن النظام الحالي لن يسمح بتكرار تظاهرات الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني عام 2011 التي أسقطت نظام مبارك.\nويقول هيلر: "لا أعتقد بأن مصر على وشك الانزلاق إلى فوضى اجتماعية، فالوضع الاقتصادي لا يتحمل هذا. النظام الحالي مؤمن لعدم وجود بديل له. كل السيناريوهات مطروحة والـ11 من نوفمبر/ تشرين الثاني، على بعد أسابيع وهناك إمكانية لحدوث أي تغير خلال هذه الفترة. لكنني لا أرى أي مؤشرات تدل على زخم التظاهرات القادمة".\nاشترك على صفحة المصريون الجديدة على الفيس بوك لتتابع الأخبار لحظة بلحظة

الخبر من المصدر