زيارات ملكية لرواندا وتنزانيا وإثيوبيا.. ما الذي يريده المغرب من إفريقيا؟ - ساسة بوست

زيارات ملكية لرواندا وتنزانيا وإثيوبيا.. ما الذي يريده المغرب من إفريقيا؟ - ساسة بوست

منذ 7 سنوات

زيارات ملكية لرواندا وتنزانيا وإثيوبيا.. ما الذي يريده المغرب من إفريقيا؟ - ساسة بوست

منذ 11 دقيقة، 26 أكتوبر,2016\nينشغل ملك المغرب «محمد السادس»، هذه الأيام بزيارات رسمية إفريقية لكل من رواندا وتنزانيا وإثيوبيا، في وقت يسعى فيه المغرب للعودة إلى حضن إفريقيا جنوب الصحراء، من خلال جسر السياسة والاقتصاد والدين.\nتربط المغرب علاقة تاريخية مع منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، باعتبار موقعه الجغرافي، كدولة إفريقية تقع في أقصى الشمال الغربي للقارة، كما أن له امتدادًا إفريقيًا يمس العرق والثقافة، لكن علاقاته بالرغم من ذلك مع مساحة إفريقيا جنوب الصحراء، كان يطبعها الفتور لزمن طويل.\nغير أنه في العقد الأخير، خاصة خلال السنوات الأخيرة، عرفت المملكة المغربية توجهًا اندفاعيًا نحو إفريقيا جنوب القارة، ظهر على شكل زيارات ملكية مكثفة لدول إفريقيا عديدة، وعقد شراكات اقتصادية متبادلة، وتنظيم لقاءات ثقافية مشتركة.\nوقد زار الملك أكثر من 15 بلدًا من إفريقيا جنوب الصحراء، خلال الـ15 سنة الفارطة، بمعية وفود سامية في الدولة المغربية، مثلما زاد المغرب من تمثيل حضوره الدبلوماسي، حيث وسَّع قائمة سفرائه في بلدان المنطقة، بعد أن كان غائبًا في العديد منها. علاوة على اللقاءات الدبلوماسية و المؤتمرات السياسية المتعلقة بإفريقيا جنوب الصحراء.\nوعلى مستوى آخر، عمل المغرب على تعزيز علاقاته الاقتصادية مع الدول الإفريقية، من خلال استثمارات الشركات المغربية، وعلى رأسها شركة «اتصالات المغرب» و «أونا» و«تجاري وفا بنك»، في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية، والخدمات المصرفية والتأمين والبناء والصناعات والمناجم، وتشكل هذه الاستثمارات في غرب إفريقيا نسبة 51 % من إجمالي استثمارات المغرب الخارجية.\nفي السياق ذاته، انخرط المغرب، كما توضح مجلة «المالية» الرسمية، في سلسلة اتفاقيات مع دول جنوب الصحراء، منها ست اتفاقيات تجارية وجمركية، و18 اتفاقية لتشجيع الاستثمار، و تسع اتفاقيات لتفادي الازدواج الضريبي. وارتفعت المبادلات التجارية بين الطرفين من عشرة مليار درهم إلى 37 مليار درهم. إضافة إلى برامج الدعم والمنح السخية وإعفاءات الديون المقدمة لبلدان إفريقية من قبل المغرب.\nوفي جانب آخر، تستغل المملكة امتدادها التاريخي الروحي بدول الساحل والصحراء للنفاذ في العمق الإفريقي، حيث يتم إحياء الزوايا الدينية المشتركة، كالزاوية التيجانية، وتصدير صورة الملك، كأمير للمؤمنين من سلالة الرسول، وهو ما له تأثير كبير على بلدان مثل السنغال ومالي.\nوفي إطار تعزيز العلاقات الإفريقية، يسعى المغرب في الآونة الأخيرة إلى لمنظمة الاتحاد الإفريقي، التي انسحب منها منذ 1984، احتجاجًا على قبول المنظمة عضوية ما يسمى بـ«الجمهورية الصحراوية» التي شكلتها «جبهة البوليساريو».\nوكان العاهل المغربي قد وجه رسالة إلى رئاسة الاتحاد الإفريقي خلال القمة الأخيرة، يطلب فيها عودة المغرب إلى المنظمة قائلًا «اليوم بعد تفكير عميق، اتّضح لنا أنّه يمكن علاج الجسم المريض من الداخل بنجاح أكبر من الخارج»، وهو ما يوحي بأن المغرب يدعو إلى طرد «البوليساريو» من الاتحاد الإفريقي، قبل العودة.\nومن أجل ذلك، شنَّ المغرب حملة دبلوماسية مكثفة، جمع خلالها توقيع 28 دولة إفريقية من أصل 54 على وثيقة تطالب بإلغاء عضوية جبهة البوليساريو في الاتحاد الإفريقي، في حين لا تزال مصر وتونس مترددتين، بينما ترفض الجزائر  طلب المغرب، على لسان رئيس وزرائها عبد المالك سلال، الذي قال إن «المطالبة بمغادرة الجمهوريّة الصحراويّة أمر غير معقول، وإذا أراد المغرب الإنضمام إلى الاتّحاد الإفريقيّ دون شرط، فالجزائر ليست لديها مشاكل في ذلك».\nويبدو أن المغرب اقتنع أخيرًا بأن سياسة المقعد الفارغ بالاتحاد الإفريقي ليست حلًا ناجعًا لخدمة قضيته المحورية الممثلة في الصحراء، ولاسيما بعد أن تبين كون هذه المؤسسة الإفريقية غدت مؤثرة في السياسة الدولية، وبالتالي يظهر أثرها على نزاع الصحراء، ما حذا بالمغرب إلى طلب العودة لتقويض وجود الأصوات المؤيدة للطرح الانفصالي.\nلكن من جهة أخرى، لا تخفي أطراف إفريقية توجسها من عودة المغرب إلى كرسي الاتحاد الإفريقي، إذ تورد «المونيتور»، نقلًا عن مسؤول في الأمانة العامّة للاتّحاد الإفريقيّ لم تذكر اسمه، قوله إن «هناك مخاوف وقلق لدى الأمانة العامّة للاتّحاد الإفريقيّ من أنّ المغرب يريد العودة من أجل تصفية حساباته ونقل صراعه حول إقليم الصحراء إلى داخل أروقة الاتّحاد».\nتهدف سياسة التوغل داخل إفريقيا جنوب الصحراء التي يتبعها المغرب إلى أهداف سياسية واقتصادية بالأساس، لكنها تصب في الأخير في خانة حشد الدعم الدولي من أجل قضية الصحراء.\nوتشكل منطقة الساحل والصحراء سوقًا متناميًا وخالي من المنافسين الكبار، مما قد يوفر للمغرب فرصًا أكبر لنجاح الاستثمارات مستقبلًا، ومن ثمَّة تثبت عدد من الشركات المغربية العاملة في الاتصالات والبنوك فروعها بهذا الجانب من العالم، غير أنه، حسب مراقبين، يبقى نجاحًا مشكوكًا فيه، نظرًا لضعف القدرة الشرائية للسكان إفريقيًا، الأمر الذي يجعله سوقًا شحيحًا.\nفي حين تظهر على المستوى السياسي الفائدة الكبرى لتعزيز العلاقات بين المغرب ودول الساحل والصحراء، حيث ساهمت الزيارات الملكية، المرفقة عادة بحزم الاتفاقات والاستثمارات والمنح السخية، في دفع مجموعة من الدول إلى سحب موقفها السابق حول قضية الصحراء، كان آخرها إعلان رواندا وتنزانيا، اللتين كانتا تعترفان بجبهة البوليساريو، دعمهما للمغرب في طرحه حول نزاع الصحراء.\nولعل المملكة تنبهت إلى أن مفتاح قضية الصحراء يكمن في القارة الإفريقية، خصوصًا وأن الاتحاد الإفريقي أصبح يلعب دوريًا سياسيًا مهمًا في بلورة القرارات السياسية المرتبطة بإفريقيا بمجلس الأمن.\nومن جانب آخر، يطمح المغرب إلى أن يكون وسيطًا ضروريا بين أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء، بالنظر إلى موقعه الجغرافي الرابط بين القارة الإفريقية والأوروبية؛ ما يجعله صمام أمان أولي لأوروبا، كما يمكن أن يكون بوابة للسياسة الخليجية نحو إفريقيا.\nكل ذلك يسعى من خلاله المغرب إلى تعزيز موقعه على الساحة الدولية، كعنصر ضرروي لاستقرار إفريقيا وأوروبا، ما يكسبه أوراقًا عديدة، يمكنه اللعب بها لصالح مصالحه السياسية والاقتصادية الحيوية، في حال نجحت هذه الاستراتيجية.

الخبر من المصدر