ميثاق الأمم المتحدة.. ذكرى "الفشل" المتجدد

ميثاق الأمم المتحدة.. ذكرى "الفشل" المتجدد

منذ 7 سنوات

ميثاق الأمم المتحدة.. ذكرى "الفشل" المتجدد

هذا الميثاق الذي كتبه المنتصرون في الحرب العالمية الثانية يغطي حل المنازعات بشكل سلمي، ويتيح أيضا للمنظمة الدولية استعمال القوة لإخماد الحروب والصراعات.\nوفي حين يتضمن الفصل السادس طرق وآليات التسوية السلمية، يختص الفصل السابع بإجراءات الضغط واستخدام القوة العسكرية بحرا وجوا وبرا لإحلال السلام.\nلكن الذكرى الحادية والسبعين تمر على المنظمة وهي مضرجة بالفشل والعجز في كل مناطق التوتر، حيث تقف مكتوفة الأيدي أمام الحسابات الخاصة للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.\nوبينما تعجز المنظمة الدولية عن أبسط تدخل عسكري وسياسي في بعض النزاعات، تلاحقها تهم الانحياز والقتل والاغتصاب في بؤر أخرى، حيث ينتفض السكان للمطالبة برحيل جنودها عن مدنهم وقراهم.\nفي النزاع العربي الإسرائيلي، تلعب الأمم المتحدة دورا هامشيا جدا إزاء هيمنة الولايات المتحدة على الملف وإدمانها على تسخير حق النقض لضمان إفلات إسرائيل من العقاب.\nوفي الحرب الدائرة في سوريا، تبدو الأمم المتحدة مجرد هيئة خيرية صغيرة تناشد المحسنين التبرع لإغاثة المدنيين ولا تملك حولا ولا قوة إزاء قصف روسيا لحلب، واستخدام نظام الأسد الأسلحة الكيميائية ضد السكان وقصفهم بالبراميل المتفجرة والقنابل الخارقة للتحصينات.\nوفي حين يزدحم العراق بالمليشيات والقوات الأجنبية، يقتصر حضور الأمم المتحدة على نشر بيانات دورية تطالب بالاستجابة الإنسانية لتداعيات معركة الموصل.\nولا تملك المنظمة الدولية في اليمن أكثر من مطالبة الأطراف المتحاربة بضبط النفس والإعلان عن هدن يتم التبليغ عن فشلها في الدقائق الأولى لسريانها.\nوفي أفريقيا حيث تقوى على التدخل عسكريا لحفظ السلام، تواجه المنظمة الدولية سخطا شعبيا ورسميا ويستعجل السكان رحيل قواتها لفشلها في المهمات المنوطة بها.\nففي بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى يحتشد المتظاهرون للمطالبة برحيل قوات حفظ السلام الدولية بعد اتهامها بالاغتصاب والعجز عن حماية المواطنين والتواطؤ مع مرتكبي المجازر.\nوإلى جانب أفريقيا الوسطى، تلاحق تهم الاغتصاب والقتل جنود المنظمة الدولية في دارفور وشمال مالي وفي جنوب السودان.\nبيد أن تهم العجز والفشل لا تقتصر فقط على آليات القوة التي تضمّنها الميثاق لحفظ السلم والأمن الدوليين، إنما تشمل أيضا المؤسسات القانونية المعنية بحل النزاعات وملاحقة مرتكبي جرائم الحرب.\nففيما يتعلق بحل النزاعات تزدري العديد من الدول قرارات محكمة العدل الدولية في لاهاي، في وقت يلجأ البعض لآليات التحكيم الخاصة لتجنب طول أمد الخصام.\nولعل أقرب مثال على ذلك قرار المحكمة الأخير لصالح الفلبين حول بحر جنوب الصين، حيث رفضت بكين التعاطي مع القرار جملة وتفصيلا وواصلت تشييد المنشآت في الجزر محل النزاع.\nوأما المحكمة الجنائية الدولية فليست سوى عصا غربية لترهيب الأفارقة وحدهم، وفق خبراء وزعماء يستنكرون إفلات قادة إسرائيل من العقاب على جرائمهم في فلسطين ويستغربون عدم التفكير في مساءلة أميركا عن فتكها بالمدنيين في العراق وباكستان واليمن وأفغانستان.\nهذا الحيف الجلي دفع جنوب أفريقيا الأسبوع الماضي لبدء إجراءات الانسحاب من الجنائية الدولية، حيث لا ترى جوهانسبرغ مسوغا لملاحقة الرئيسين السوداني والكيني في وقت يمرح المجرمون ويسرحون حول العالم، وسبقتها إلى الخطوة ذاتها بوروندي بإعلانها الانسحاب من المحكمة.

الخبر من المصدر