شجرة الزقوم.. رواية بين مرارة الحياة وغواية الموت

شجرة الزقوم.. رواية بين مرارة الحياة وغواية الموت

منذ 7 سنوات

شجرة الزقوم.. رواية بين مرارة الحياة وغواية الموت

تتأرجح رواية "شجرة الزقوم" للكاتب التونسي سعيد الساري بين مرارة الحياة وغواية الموت ليعالج جدلية الجهل والمعرفة وثنائية الحكمة والخطيئة والجسد والروح وعلاقة الأنا بالآخر بأسلوب جذاب يبدأ واقعيا وينقلب خيالا.\nيستدعي الكاتب في هذه الرواية خياله ليبني حصنا حصينا يمنع تسرب الموت عبر شقوق الجهل أو يبني سدا ضد تدفق جهل بالحياة يغوي بالموت.\nيوظف الكاتب الخرافة والخطابة والشعر بلغة مليئة بالرموز والإيحاءات، ويستدرج القارئ بهدوء وسلاسة لتتبع خيوط علاقات متناقضة ومتشابكة ومتنافرة عبر قصة تبدو واقعية لكنها لا تخلو من الإيحاءات ثم تتسارع الأحداث فتصب في أتون الخيال وعالم الجنون ولكن بحبكة سردية محكمة.\nيقول سعيد الساري إنه عمله السردي يراوح بين "الواقعي والخيالي. إنها رواية تبدو واقعية وتنتهي في الخيال بلا حدود للزمن، وتثير جملة من القضايا الوجودية مثل ثنائية الموت والحياة واغتراب المثقف خاصة والإنسان عامة في واقع يغرق في بحر من الجهل والأنانية".\nوتحكي الرواية قصة البطل (عقيل) وهو "رجل أحسن الإنصات فأحسن الكلام" كان له جليس يدعى عاطف يحاول الهروب من الموت بعد وفاة جاره ومربيه فيلحق بعقيل في الحانة (رغم أنه ليس من مريديها) لكنه يستمر في الحديث عنه.\nفي الحانة يتعرف عاطف على سلافة فيعشقها، لكن عقيل الذي كان على علاقة بها أيام الدراسة يحاول أن يمنعه، بيد أن ولع عاطف بها يتضاعف وشغفه يزداد حتى مرض ودخل المستشفى واقترب من الهلاك.\nويكتشف القارئ أن سلافة بعد أن قطعت علاقتها مع عقيل تزوجت من ثري وسافرت للعيش معه في بلد أجنبي لكنها أصيبت بمرض نقص المناعة المكتسب انتقل إليها من زوجها.\nيحاول عقيل أن يمنع زواج عاطف من سلافة بكل الطرق، وسلك في ذلك كل السبل لكنه أخفق أمام رغبة سلافة التي تملكها شيطان الانتقام.\nوفي سياق الصراع بين عقيل مع سلافة لإنقاذ عاطف من موت يسير نحوه بقدميه، تطرح تساؤلات عدة منها "من يسهل تضليله؟ العالم أم الجاهل؟"\nيمنى عقيل بالهزيمة في معركته فيأكل الموت الحياة ويقول "غدا يواقع الموت الحياة". ثم يختفي عن الأنظار فلم يعد له أثر.\nمن هنا تبدأ الرحلة نحو عالم الخيال بحبكة محكمة حيث تنطلق رحمة صديقة سلافة وعقيل وعاطف في رحلة للبحث عنهم بعد أن أضنتها الوحدة وطال غيابهم واختفت آثارهم حتى إذا أتت غرب المدينة وجدت سلافة تحتضر "في بيت متفرد في قبحه" قبل أن يفترسها الموت.\nثم ولت وجهها شرق المدينة فوجدت عقيل قد ضرب خيمة في قرية مهجورة ليؤسس للعمران قائلا "إني أزرع بذرة في هذه الأرض المعطاء".\nتعود رحمة لتأخذ معها عاطف إلى القرية الجديدة التي أسسها عقيل وبدأت تتكاثر فيها الخيام وانبثقت الحياة من البذرة، وتدور أحداث في القرية تنحو منحى غرائبيا.\nلكن عاطف ما زال يلهث وراء الموت فيقول "أريد أن أموت يا عقيل"، فيرد عليه "لن تموت حتى تحب الحياة". وفي الأخير يموت عاطف فيغرس عقيل غرسا على قبره ويسقيه من ماء البحر.

الخبر من المصدر