هذه الكائنات يمكنها أن تعيش من دون ماء لسنوات

هذه الكائنات يمكنها أن تعيش من دون ماء لسنوات

منذ 7 سنوات

هذه الكائنات يمكنها أن تعيش من دون ماء لسنوات

هذه الكائنات يمكنها أن تعيش من دون ماء لسنوات\n21 أكتوبر/ تشرين الأول 2016\nفي حين يعاني الإنسان العادي ليبقى على قيد الحياة من دون ماء لبضعة أيام، هناك بعض الحيوانات يمكنها أن تعيش لسنوات من دون رشفة ماء.\nوإن لم نعوض هذا الماء، سنتعرض للجفاف، أو فقدان الجسم للسوائل، الذي تبدأ أعراضه بالإعياء والصداع وضعف العضلات، ثم تتطور إلى تسارع ضربات القلب، وفي النهاية فقدان الوعي.\nبيد أن بعض الكائنات، ولا سيما التي تعيش في البيئات ذات المواسم الجافة، يمكنها التعامل مع موجات الجفاف ببراعة.\nإدخار الماء تحسبًا لأيام الجفاف\nمثلما يوجد في البيوت المبنية في الصحراء خزان للماء، بعض الأنواع من الحيوانات لديها خزان داخلي. فالسلاحف، مثلًا، بما فيها سلحفاة الصحراء والسلحفاة الضخمة التي تعيش في جزر غالاباغوس، تختزن الماء في المثانة.\nوعند هطول الأمطار أو عندما تجد هذه السلاحف الأوراق الخضراء، تملأ مثانتها على الفور بالماء، وعندما يقل الماء، تستخلص هذه السلاحف الماء عبر جدران مثانتها التي تسمح للسوائل بالنفاذ.\nيقول غلين والسبيرغ، من جامعة ولاية أريزونا في مدينة فينيكس، إن عليك أن تحتاط عند الإمساك بهذه السلاحف المنتفخة. وتابع غلين محذرًا: "إذا حملتها وضايقتها قد يصبح لديك بركة من الماء على الأرض، فأنت في الواقع قد سكبت الخزان الذي تحتفط فيه بالمياه".\nوثمة نوع من الضفادع يسمى الضفدع الاسترالي الحامل للماء الذي يختزن الماء في خياشيمه، وأنسجته، وأخيرًا في مثانته. وقد يختزن هذا الحيوان البرمائي المنتفخ ما يكفي من الماء لمضاعفة وزنه. وعندما يمتلئ، يمكنه أن يعيش لخمس سنوات من دون أن يشرب.\nImage copyright Michael D. Kernnaturepl.com Image caption يبحث "ضفدع القرد الشمعي"، الذي يعيش في أمريكا الجنوبية والوسطى، عن مكان آمن، ويوزع برجليه الإفرازات الدهنية على جسمه بأكمله\nوتستخدم سائر الحيوانات التي تعيش في الصحراء، كالثعابين والطيور والضفادع الأكبر حجمًا، والتماسيح، والكلاب البرية، هذه الضفادع كخزانات للماء، وتستمتع بتناول هذه الوجبة الشهية المليئة بالماء.\nوفي أيام الجدب، يحفر سكان أستراليا الأصليون (الأبورجينال)، الأرض بحثًا عن الضفادع ليعصرونها ويتناولون كميات وفيرة من الماء الذي يخرج من مثانتها.\nوقد وجدت بعض الكائنات التي تأثرت بموجات الجفاف طرقًا لتغليف أجسامها للحيلولة دون خروج الماء منه.\nففي صحاري أمريكا الشمالية، تستعين "الضفادع الحفّارة" بقدميها الشبيهتين بالمخالب لتحفر نفقًا عميقًا تحت الأرض، تختبئ فيه ثلاثة أرباع السنة. وعندما تصبح آمنة في جحورها، تغلف نفسها بإحكام بغلاف مخاطي لحفظ الماء في جسمها.\nويقول والسبرغ: "بعد 10 شهور، تخرج الضفادع من جحورها عندما تشعر بزخات المطر فوق سطح الأرض".\nوتحدّ بعض الضفادع التي تعيش على الأشجار من فقد المياه من خلال إفراز مادة شمعية لا ينفذ منها الماء على جلدها. فيبحث "ضفدع القرد الشمعي"، الذي يعيش في أمريكا الجنوبية والوسطى، عن مكان آمن، ثم يضغط على حلقه وجدران بطنه، في حين يوزع برجليه الإفرازات الدهنية على جسمه بأكمله.\nImage copyright Rob Tilleynaturepl.com Image caption الفئران الجرابية تعيش في أمريكا الشمالية وتعتمد على البذور لشهور طويلة\nوقد احتفظ والسبرغ ذات مرة بإحدى ضفادع الشجر في صندوق أحذية لشهور عدة، ويقول والسبرغ: "عندما فتحت الصندوق رأيت شيئًا يشبه ضفدعًا محنطًا. ثم أضفت بعض الماء، فاستعاد الضفدع ما فقده جسمه من ماء، وأسقط جلده وكان على ما يرام".\nويتبع الطريقة نفسها السمك الرئوي الأفريقي، الذي يشبه ثعبان البحر ويعيش في المياه الضحلة بالمستنقعات. فعندما يجف الماء، تتحول هذه الكائنات التي تعيش في الماء إلى كائنات تعيش على الأرض، فتتنفس الهواء وتسمع عبر الجو، وليس عبر المياه.\nولكل سمكة رئوية من ذلك النوع مثانة عُدلت لتقوم مقام "الرئة"، وأذن متطورة تشبه أذن الحيوانات الأرضية. وفي المواسم الجافة، تحفر هذه الأسماك جحرًا عميقًا في الطين الجاف مستعينة بالزعانف الحوضية، ثم تفرز طلاء من مادة مخاطية تغطي به جسمها بأكمله للحد من فقد الماء.\nثم تنام الأسماك الرئوية في هذا الغلاف المخاطي، لتدخل في حالة من البيات أو التوقف المؤقت لمظاهر الحياة لفترة تترواح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، ولا تحتاج خلالها للأكل ولا للشرب، ولا تستيقظ إلا إذا توفر الماء العذب من جديد.\nفي بعض الأحيان، يمثل الطعام أحد أفضل مصادر الماء للحيوانات الصحراوية، ويمكن لذلك الطعام أن يُختزن في حالة تعذر اختزان الماء.\nفعندما يكون الجو رطبًا والنباتات قد بدأت تتكاثر، تجمع جرذان الكنغر، والفئران الجرابية التي تعيش في أمريكا الشمالية البذور، ثم تعيش على هذه البذور طيلة الشهور المتبقية من العام.\nتقول ماري برايس، من جامعة كاليفورنيا، بريفرسايد: "إن جرذان الكنغر والفئران الجرابية لا تختلف عن أصحاب متاجر البقالة الذين يملأون الأرفف بالسلع، ويدافعون عنها، ويعيشون على الطعام الذي جمعوه واختزنوه حتى تتوفر كميات أخرى من الأطعمة".\nImage copyright Anup Shahnaturepl.com Image caption تعتمد جميع المخلوقات على الماء من أجل البقاء\nوتقضي هذه القوارض الأيام الحارة الجافة داخل جحورها، ولا تخرج إلا ليلًا. وتأكل البذور الغنية بالكربوهيدرات لإنتاج الطاقة والماء الذي تكوّن عن طريق عملية التمثيل الغذائي داخل أجسامها، لكيلا تحتاج إلى شرب الماء مطلقا.\nيقول والسبرغ: "إذا وضعت فأرا جرابيا وغالون من البذور فقط في إناء زجاجي، وعدت بعد سنة واحدة، ستجد أن هناك 50 في المئة من البذور (تحولت إلى) فضلات الفأر، والفأر لا ينقصه أي شيء".\nوبينما تعتمد القوارض على التمثيل الغذائي للكربوهيدرات، لتستمد حاجتها من الماء، تعتمد الثدييات الأكبر حجمًا كالجمل، والمها، اعتمادًا كبيرًا على التمثيل الغذائي للدهون.\nففي مقابل كل جرام من الدهون يكسره الجسم، تحصل هذه الحيوانات على 1.12 ملليلتر من الماء. ولهذا بدلًا من أن تختزن الجمال الماء، تختزن ما يصل إلى 36 كيلوغرام من الشحم في أسنمتها.\nأما حيوانات المها العربية، التي تختزن الشحوم في سنامها الصغيرة نسبيًا، فيوفر له الماء الناتج عن عملية التمثيل الغذائي داخل الجسم، ما يصل إلى ربع احتياجاتها اليومية.\nوإذا كان الشحم مصدرًا للماء، قد تتساءل لماذا لم تصبح الصحراء مرتعًا للحيوانات السمينة. فضلًا عن أن الشحوم تعد عازلًا جيدًا، فتحتفظ بالحرارة داخل الجسم، ولذا تعاني الحيوانات، التي وُزعت الدهون بالتساوي في جسمها، لكي تحافظ على برودته.\nImage copyright Visuals Unlimitednaturepl.com Image caption تمتلك جرذان الكنغر جرابين على جانبي وجهها مبطنين بالفراء، وبالطبع يخلوان من الغدد اللعابية\nولكي تنتفع حيوانات الصحراء من الشحوم، من دون أن تضرها الحرارة، تركزت رواسب الدهون في مكان واحد أو مكانين منفصلين في جسمها. إذ يختزن نوع من السحالي الأمريكية السامة يُعرف باسم "العظايا الضخمة"، على سبيل المثال، احتياجاته من الطعام والماء في ذيله الكبير والمنتفخ، الذي يمثل خمس حجم جسم ذلك الحيوان بأكمله.\nولأن الحشرات والصبار يوفران كميات ضئيلة من المياه، تبقى أغلب الحيوانات على قيد الحياة بالاقتصاد في استهلاك المياه. فقد عرفت هذه الكائنات المدّبرة كيف توقف التسرب البطيء للرطوبة الناتج عن العرق، واللهاث، والتنفس، والتبوّل، وإخراج فضلات الجسم.\nوتمتلك جرذان الكنغر جرابين على جانبي وجهها مبطنين بالفراء، وبالطبع يخلوان من الغدد اللعابية. ولأنهما منفصلان عن الفم، فلا تهدر هذه القوارض نقطة من اللعاب أثناء نقل البذور.\nكما تتمتع أجسام هذه الجرذان بقدرة هائلة على إعادة استخلاص الماء من البول قبل إخراجه. فقد تطورت لدى هذه الجرذان كليتان خاصتان تتضمنان أنابيب إضافية دقيقة للغاية لاستخلاص الماء من البول.\nتقول برايس: "وهذا يعني أنها يمكنها استخلاص المزيد من الماء وضخه مرة أخرى إلى الجسم، قبل أن يخرج في صورة بول. ولهذا، فإن البول الذي تخرجه شديد التركيز كالعجين، وقليل للغاية".\nكما أن هذه الجرذان خبيرة في تجفيف البراز. إذ أن نسبة الماء في البراز أقل من النصف، ولهذا يتميز بقوام أكثر جفافًا من المعتاد.\nوعلى الرغم من أن العرق واللهاث يساعدا الحيوانات في الحفاظ على برودة أجسامها في الأماكن الحارة، فإنهما يؤديان إلى فقد الكثير من الماء. ولهذا السبب، لا تلهث الجمال، وتقل غددها العرقية عن المعتاد.\nكما أن الجمال لديها القدرة على تغيير درجة حرارة أجسامها بواقع 6 درجات مئوية في اليوم الواحد.\nImage copyright Patricio Robles Gilnaturepl.com Image caption يعيش حيوان "التنين الشائك"، في المناطق النائية بأستراليا، ولديه القدرة على أن يشرب الماء المخزن في ثنايا شقوق في جلده.\nويقول والسبرغ: "في حين يبذل البشر طاقة كبيرة لكيلا ترتفع درجة حرارة الجسم عن 38 درجة مئوية، ينظم الجمل درجة حرارة جسمه بمعدلات متفاوتة، وبهذا يقلل من اعتماده على الماء".\nكما أن أجهزة التنفس لدى الجمال، والنعام، وجرذان الكنغر تختلف عن سائر الحيوانات، لأنها تساعدهم على زفر كميات أقل من الهواء.\nوبينما يكون الهواء في رئتين جرذ الكنغر دافئًا ومشبعًا بالماء، فإن قمة أنفه تظل باردة.\nفبعد أن يخرج الهواء من الرئتين، يُبرّد بخار الماء ويتكثف عند الغشاء المخاطي للأنف. وبمجرد أن يتكثف، يُسحب منه الماء مرة أخرى، ولا يخرج مع الهواء.\nوالأعجب من ذلك، أنه حتى لو أخرجت جرذان الكنغر بخار الماء وهي في جحورها، أثناء عملية التنفس، يُحتبس بخار الماء في الجحر، ومن ثم تتنفسه مرة أخرى. وتقول برايس: "ويعد هذا نوعًا من أنواع عملية إعادة التدوير".\nوفي حين تكيفت حيوانات الصحراء لتحفظ الماء، وجدت بعض الحيوانات الأخرى طرقًا رائعة لالتقاط كل نفطة تستطيع الوصول إليها من الماء.\nومن بين هذه الحيوانات، حيوان يُعرف باسم "التنين الشائك"، يعيش في المناطق النائية بأستراليا، ولديه القدرة على أن يشرب الماء من خلال جلده. فجسم ذلك الحيوان مغطى بأشواك، وبين هذه الأشواك توجد شقوق لتجميع الماء.\nوهذه الشقوق التي تجتذب الرطوبة يمكنها امتصاص الماء، مثل الورق النشّاف، وتجمع قطرات الندى التي سقطت ليلًا واستقرت على النبات وعلى ظهر ذلك الحيوان. وتتصل الشقوق بفم "التنين الشائك" مباشرةً، بحيث تمتص قطيرات الماء من كل أجزاء جسمها.\nكما يمتص جسم طائر "القطا" كميات قليلة من الماء ويختزنها بين ريشه. وتعد هذه العملية شديدة الأهمية، لأنه يبني عشه في الغالب على بعد 30 ميلًا من الماء.\nImage copyright Michael D. Kernnaturepl.com Image caption يختزن نوع من السحالي الأمريكية السامة يُعرف باسم "العظايا الضخمة" احتياجاته من الطعام والماء في ذيله الكبير والمنتفخ\nفعندما يرصد ذكر طائر القطا وجود بركة صغيرة أو كبيرة من الماء، يجلس فيها حتى يمتص ريشه الملتو الموجود أسفل البطن الماء كالإسفنج. ويقول برايس: "ثم ينقل الماء إلى العش، حيث يعصر الفرخ الماء من الريش".\nوفي صحراء ناميب بأفريقيا، قد يأتي الفرج من الضباب الذي يتكون في الصباح. إذ تنتظر الخنفساء التي تلتقط قطرات الماء من الضباب، مثل "خنفساء توك توكاي" الصحراوية، كل يوم كالحارس، وتدع الضباب يتكثف على أجسامها. وتمدها قطيرات الماء باحتياجاتها اليومية من المياه.\nولكن ماذا لو اشتدت موجات الجفاف؟\nتقول برايس، إنه على الرغم من أن الكائنات الصحراوية تكيفت مع الأوضاع المناخية الجافة، إلا أن هذا لا يعني أنها ستتمكن من البقاء على قيد الحياه لو اشتد الجفاف في بعض المناطق من العالم بسبب التغير المناخي.\nفعندما تنزل الأمطار، تثمر النباتات، ومن ثم ستحصل فئران وجرذان الصحراء على حاجتها من الطعام.\nتقول برايس: "ولكن لو طالت الفترات التي ينقطع فيها إنتاج الطعام، وقلت الفترات التي تثمر فيها النباتات، فلن تتمكن هذه الحيوانات من التكيف كما ينبغي، وستموت، مثلها مثل كل شيء من حولها".\nويقول والسبرغ إنه شهد تغيرًا في أعداد بعض الأنواع، على مدار مستقبله المهني، مثل الضفادع. ويرى أنه من الصعب التنبؤ بمدى تأثير موجات الجفاف على الحيوانات التي تكيفت بالفعل مع ندرة المياه.\nوفي إطار عمله الميداني، يذهب والسبرغ كل عام إلى صحراء سونوران، أشد صحاري أمريكا الشمالية حرارة.\nوترتفع درجات الحرارة في شهر يوليو/ تموز في بعض الأحيان لتصل إلى أواخر الأربعين، وقد تستمر لساعات عند 49 درجة مئوية.\nويقول والسبرغ: "في هذا الوقت (الذي تصل فيه درجات الحرارة إلى ذروتها)، تصبح الصحراء أكثر هدوءًا من أي وقت آخر. فأسأل حينذاك، هل أوقفت جميع الحيوانات أنشطتها اليومية المعتادة حتى ينتهي فصل الصيف، أم أنها ماتت؟"\nيمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Earth.

الخبر من المصدر