اللجنة هى الحل

هناك مقولة بالغة الأهمية لأساتذة ما يعرف باسم «التفكير الإبداعى» فى العالم تقول: «المشاكل غير التقليدية لا يمكن حلها بأسلوب تقليدى».\nباختصار مشكلة غير تقليدية تحتاج -بالضرورة- إلى حل غير تقليدى.\nوالبيروقراطية فى بلادنا عرفت منذ عهود الفراعنة الأوائل أن أفضل حل للتعامل مع أى مشكلة كانت صغيرة أو كبيرة هو تحويلها إلى لجنة للبحث والدراسة وتقديم المقترحات.\nهذا فى حد ذاته تفكير عقيم لأنه -فى معظم الأحوال- يدخل أى تفكير خلاق أو أى حلول إبداعية فى ثلاجة الجمود الإدارى.\nهناك أزمات لا تحتاج إلى عقول الموظفين مهما علا شأنهم ومهما كانت رتبتهم الوظيفية.\nوحتى لو سلمنا بنظرية «اللجنة هى الحل»، فإن البعض يتناسى خمسة محاور رئيسية عند تشكيل اللجنة وهى:\n1- تحديد أهداف اللجنة ومهامها.\n3- السقف الزمنى لأعمال اللجنة.\n4- التأكد من وجود عناصر من «خارج صندوق الأزمة» لديه مطلق الحرية فى التفكير دون قيود.\n5- التأكد من أن اللجنة إذا كانت تراقب جودة تعليم أو صحة أو أداء أى قطاع مستقلة تماماً عن هذا القطاع وتتمتع بحصانة حرية إبداء الرأى والتقييم.\nلا يمكن أن نطلب مثلاً من لجنة مكونة من كبار وكلاء وزارة الصحة أو التعليم أن يكونوا هم أصحاب الرأى فى جودة التعليم أو سلامة المرضى.\nلا يمكن لمن صنع الشىء أن يقوم بمراقبته وإعطائه درجات فى الجودة.\nإن هذا الأمر مثل أن تطلب من المتسابق فى مسابقة طهو أو غناء أن يكون هو -أيضاً- رئيس لجنة الحكم على أداء نفسه.\nوفى حالة بلادنا، فإن أحد موروثات 23 يوليو 1952 هو تشكيل لجان لكل شىء: لجنة للثورة وأخرى للإقطاع، وثالثة للحراسات، ورابعة لتأميم الصحافة، وخامسة للميثاق، وسادسة لبحث أسباب النكسة وسابعة لبيان 30 مارس وثامنة للحكم بعد عبدالناصر، وأخرى لمواجهة آثار 15 مايو.\nولدينا لجان فى كل شىء وأى شىء وكل جهة لكن القرار فى النهاية لا يأتى من «عقل جمعى» ولكن من خلال رؤية أو مصالح فردية محضة.\nنحن بحاجة إلى «ثورة فى التفكير» وليس «ثورة فى الشوارع».\nنحن بحاجة إلى عقول متجردة من التربص، والثأر الشخصى، والتحرش الفكرى، وخدمة مصالح أو جهات بعينها.\nنحن نريد عقول الأحرار حتى لو اختلفوا معنا بدلاً من عقول العبيد والخدم حتى لو أيدونا بوثائق مكتوبة بالدم.