الجزائر بين التبعية للنفط والغاز وتنويع مصادر الدخل

الجزائر بين التبعية للنفط والغاز وتنويع مصادر الدخل

منذ 7 سنوات

الجزائر بين التبعية للنفط والغاز وتنويع مصادر الدخل

في منطقة العقلة على بعد 900 كلم جنوب شرق الجزائر العاصمة وضعت ووتر وسويل الألمانية/ Water & Soil Management International خطة لإصلاح عشرات الهكتارات من الأراضي المالحة. في حديثه مع DW عربية بدا مدير الشركة يورغ فريجي مفتونا بإمكانات الجزائر. "ثمة فرصة لمضاعفة الإنتاج الزراعي هناك في غضون سنوات قليلة"، يقول فريجي مضيفا : " نريد إنجاز المشروع بشكل يوفر مستلزمات العمل للمزارعين الصغار على غرار ما يوفره اتحاد ماشيننرينغ/ Maschinenring الألماني للمزارعين الصغار".\nبيد أن المشكلة في توفير صيغة كهذه تكمن في غياب الإطار القانوني لذلك في الجزائر حتى الآن، كما يقول فريجي على هامش الملتقى الاقتصادي الجزائري الألماني الثالث الذي نظمته المنظمة العربية الأورومتوسطية للتعاون الاقتصادي/ EMA في برلين خلال النصف الثاني من سبتمبر/ أيلول الجاري 2016. الجدير ذكره أن "ماشيننرينغ" يوفر للمزارعين الصغار الاستخدام المشترك للجرارات وأجهزة العمل الأخرى بشكل يساعد على استدامة مشاريعهم. عدا ذلك لا يمكن لمزرعة صغيرة بمفردها حيازة آلات كهذه.\nمركز صناعة النفط والغاز في الجزائر بحاسي مسعود، صورة من الأرشيف\nغياب القوانين اللازمة لتنظيم نهضة الزراعة لا يبدو الثغرة الوحيدة في نظم الاستثمار الجزائرية التي شهدت الكثير من التحسينات. نيكولاس بريمر، المحامي والخبير في أنظمة الاستثمار من مؤسسة الكسندر وشركاه (Alexander& Partner) للمحاماة والاستشارات في برلين يقر بالتحسن غير أن هناك ثغرات عديدة تعد من وجهة نظر المستثمر الأجنبي عائقا أمام المشاريع المشتركة اللازمة لنقل التكنولوجيا الحديثة وتوطين الصناعات التحويلية المطلوبة. ومن الأمثلة على ذلك حسب بريمر النص القانوني الذي يحظر على الأجانب تملك أكثر من 49 بالمائة في المشاريع المشتركة مع الدولة. ومن تبعات هذا النص إلزام الشريك الأجنبي بأن يكون للجزائريين نسبة عالية من الوظائف حتى في حالة عدم توفر الأيدي الماهرة منهم لهذه المشاريع.\nالتكوين المهني ضمان لاستدامة المشاريع\nينذر الانهيار الكبير لسعر النفط في السوق العالمية بعواقب اقتصادية واجتماعية كبيرة على الجزائر حكومة وشعبا، وقد يهدد هذا التطور السلم الاجتماعي الذي استثمرت فيه السلطة عائداتها البترولية لضمان الاستقرار وحكمها أيضا. (05.01.2015)\nيعاني اقتصاد الجزائر من هيمنة اقتصاد النفط والغاز على مصادر الدخل وضعف دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. شابة جزائرية دخلت عالم الأعمال وقدمت من خلال شركة صغيرة للتنظيف وتدوير النفايات نموذجا للنجاح بعيدا عن اقتصاد الطاقة. (27.05.2015)\nبدأت الحكومة الجزائرية بتأجيل تنفيذ عدة مشاريع على ضوء تدهور أسعار النفط في السوق العالمية. ويفرض هذا التدهور السريع تحديات إصلاح اقتصادي شامل يبدأ باستقلالية القطاع المالي وتهيئة المناخ الجاذب للاستثمار المحلي والأجنبي. (20.10.2015)\nعلى ضوء الإقرار بنقص الكفاءات تكثف السلطات جهودها لتفعيل مدارس التكوين المهني مجددا على حد تعبير رجل الأعمال الجزائري نصاح بن سليم. وفي هذا الإطار يقول بن سليم في حديث مع DW عربية، على هامش الملتقى الاقتصادي الجزائري الألماني، إن الحكومة بدأت تحل المشكلة بالتعاون مع القطاع الخاص الذي يساهم في هذا الحل. ويرى  بن سليم أن "المسألة مسألة وقت حتى يتم تعميم هذه التجربة التي من شأنها توفير الكوادر الشابة اللازمة لمختلف المؤسسات والشركات".\nوفيما إذا كان لدى القطاع الخاص الحافز للمساهمة في التكوين المهني يجيب زميله رجل الأعمال محمد أمين لمداني بنعم، لأن نجاح المشاريع الخاصة التي تحصل على الكثير من الحوافز مرتبط بهذا بتأهيل الخبرات الشابة مهنيا. لمداني، الذي يدير شركة ستاربلاست/ STARPLAST لإنتاج المواد الوسيطة لصناعة البلاستيك يعدد هذه الحوافز ومن أبرزها الحصول على قروض بدون فوائد لفترة سماح تتراوح من 5 إلى عشر سنوات. وتصل قيمة القرض للشاب الراغب بتأسيس مشروع إلى 100 ألف يورو، وهناك إعفاءات ضريبية وجمركية لتجهيزات المشروع على اختلافها.\nوزير الاقتصاد السابق في ولاية بادن فوتنبيرغ الألمانية نيلز شميد في زيارة للجزائر عام 2013.\nوإضافة إلى الثغرات القانونية ونقص الكوادر تتكرر الشكاوى من آفة الرشوة. وفي هذا السياق يقول خبير فضل عدم الكشف عن اسمه: "فجاة وفي الوقت الذي تبدو فيه المفاوضات سائرة على ما يرام بين الشريك الأجنبي ونظيره الجزائري لإقامة مشروع ما يظهر وسيط ثالث يعرض خدمته لا تمام صفقة المشروع التي لا تتم دون تدخله. وبالطبع فإن هذا التدخل لا يتم دون دفع رشى يستفيد منها صانع القرار الذي يعمل من أجله هذه الوسيط".\nغير أن رشيد كرجو، مدير شركة كرجو الجزائرية الناشطة في مجال البناء يرى بأن هناك مبالغة في الدور الذي تلعبه الرشوة رغم خطورتها مضيفا: "المشكلة بالنسبة للمستثمر الأجنبي بشكل عام والألماني بشكل خاص تكمن إلى حد كبير في عدم معرفة كيفية التعامل مع تعقيدات وعقليات البيروقراطية الجزائرية". على ضوء ذلك يرى كرجو بأن "الشريك الجزائري مهم للشريك الأجنبي، لأنه يساعد أيضا في حل هذه التعقيدات".\nوكغيره من رجال أعمال جزائريين كثر يبحث كرجو عن شركاء وتقنيات ألمانية لإقامة مشاريع جديدة أو لتحديث القائمة، لأن هذه التقنية تتمتع بالجودة. كرجو ينوي بناء مصنع في الجزائر لحفظ فوائض الخضار والفواكه في موسم الذروة بالاعتماد على آلات ألمانية. كما يبحث محمد أمين لمداني عن آلات ألمانية أيضا لتحديث مصنعه.\nويبدو أن فرص الشركات الألمانية الصغيرة والمتوسطة كبيرة لإقامة شراكات واسعة في الجزائر خلال السنوات القليلة القادمة، لاسيما وأن الدولة خصصت مليارات الدولارات من الاحتياطات المالية الكبيرة لتحديث الزراعة والصناعات الغذائية والاستهلاكية بهدف تحقيق نسبة عالية من الاكتفاء الذاتي وتقليص فاتورة المستوردات. ومن خلال ذلك، وبالتوازي مع تحديث البنية التحتية وتحديث الصناعات الأساسية التابعة للدولة، تريد الحكومة تنويع الصادرات وتقليص الاعتماد على عائدات النفط والغاز التي شكلت أكثر من 97 بالمائة من مجمل صادرات الجزائر في عام 2014.

الخبر من المصدر