الإسلاميون والإبداع وعتاب جديد

الإسلاميون والإبداع وعتاب جديد

منذ 7 سنوات

الإسلاميون والإبداع وعتاب جديد

اقرأ أيضا: لماذا لا يفكر السيسي في السيناريو البديل ؟! الإسلاميون والإبداع ورسالة عتاب ! رسائل سلبية في خطاب السيسي أمس حكم قضائي يلخص حال العدالة في مصر الأسئلة الغائبة عن كارثة مركب رشيد الغارقة\nعقب نشر رسالة الناقد الكبير الدكتور حلمي القاعود والتي يعتب فيها على تحقيق نشرناه في المصريون ينتقد غياب الإبداع عن الإسلاميين وجماعاتهم وأحزابهم ، أرسل أديب شاب رسالة عتاب مشابهة ، وإن كانت تحمل بعض التفاصيل الجديدة والأسماء والإبداعات التي قدمها شعراء وروائيون إسلاميون وطبقت الآفاق ولكن النخب الثقافية والأدبية تتجاهلها ، وبطبيعة الحال الجوائز الأدبية تدير لها ظهرها ، ويضرب الأديب الشاب علاء سعد حسن ، صاحب رسالة العتاب الجديدة ، مثلا بمعاناته الشخصية بعد أن نشر رواية بعنوان "حتى لا تموت الروح" ، والتي قرأها مئات الآلاف من القراء عبر الانترنت ، وحظيت بتعليقات نقدية من أقصى المشرق العربي إلى أقصى مغربه ، واعتبرها البعض واحدة من أفضل مائة رواية رومانسية في الأدب العربي الحديث ، ومع ذلك لم يهتم بها النقاد ولا الحركة الأدبية العربية ، بينما اهتمت بروايات متواضعة حسب قوله .\nويضيف الأديب علاء سعد حسن في رسالته يقول : عزيزي الأستاذ جمال سلطان\nالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، شجعني تعقيبك على التحقيق الذي أعده حسن عاشور وهبة خفاجي حول الإبداع بين الإسلاميين واليساريين.. ونشر حضرتك لرسالة العتاب الواردة من أستاذي الدكتور حلمي القاعود..\nوكنت وقت قراءتي للتحقيق لم أرد التعقيب لأنني استنتجت من طريقة العرض أن الصحفيين كانا قد توصلا لنتائجهما وحكمهما سلفا قبل ان يبحثا عن اصل الموضوع وبالتالي جاء تحقيقهما صدى لقناعة فكرية شخصية وليس نتيجة جهد بحثي حقيقي..\nولكن رد حضرتك في مقالك اليومي نكأ جرح المؤسسية في تبني الإبداع وتقديمه للناس\nولن ازيد على عتاب الدكتور القاعود كثيرا سوى التذكير ببعض شعراء الحركة الإسلامية والإسلاميين عموما\nهاشم الرفاعي صاحب قصائد (أبتاه ـ رسالة في ليلة التنفيذ- أرملة الشهيد تهدهد طفلها الرضيع- ملكنا هذه الدنيا- أنا مسلم  وغيرها من روائع القصيد التي جعلت الشاعر احمد مطر يصف قصيدته "أبتاه" بأنه يستحق عن كل بيت من أبياتها التي تقارب الثمانين بيتا أن يكون عميدا للأدب العربي- الشاعر الشيخ ابراهيم عزت هو من فطاحل الشعر الحديث ولهذا الشيخ قصائد نثرية لم تعرف الثقافة العربية في روعتها وقوتها ومنها ملحمة الدعوة التي قدمها المنشد السوري أبو مازن في أبريت غنائي ملحمي من أروع ما يكون – حبيبتي بلادي- مصعب بن عمير – وغيرها من روائع الشعر الوطني والإسلامي  وتأتي قصائد الشيخ القرضاوي مثل النونية وأمتي وجب الكفاح والسعادة وغيرها كدرة تاج للشعر الاسلامي الذي خرج من رحم التعذيب ويظل ديوان المناضل جمال فوزي بقصائده المميزة مثل قصة شهيد التي يربو عدد أبياتها عن السبعين ومطلعها "ذهبت يراود قلبها أمل يحقق حلمها.. ومضت تفكر كيف تلقى غائبا عن عشها" وقصيدة "إلهي قد غدوت هنا سجينا" وقصيدة " عرفتك حرا طوال السنين" وغيرها من الروائع.. أما قصيدة\nأخي أنت حر وراء السدود لسيد قطب فقد طبقت شهرتها الآفاق..\nفي مجال الرواية فإن الدكتور نجيب الكيلاني أسس لونا روائيا كاد أن يكون من فراغ.. الأديب الذي أثار في رواياته ما يدور في بقاع العالم الإسلامي قاطبة (عمالقة الشمال –نيجيريا-، هيلاسلاسي–الحبشة-، فطيرة لدماء صهيون-سوريا-ليالي تركستان الشرقية، عذراء جاكرتا، عمر يظهر في القدس، أميرة الجبل –جبال الإمارات العربية المتحدة-, وقد ترجمت رواياته للعديد من اللغات واحتفى به العالم الأدبي ويكاد لا تعرفه مصر!!! ...\nانتهت رسالة الأستاذ علاء سعد حسن ، وأنا لا أختلف معه في أن ما ذكره هي أعمال إبداعية حفرت بصمتها في أجيال من الإسلاميين وحظيت بشهرة واسعة ، ولكن المشكلة أنها ظلت شهرة داخل إطار الإسلاميين ، جيلا بعد جيل ، ولم تتمكن من اختراق الفضاء الأدبي العام لتلامس العاطفة الإنسانية المجردة أو حتى تجتذبها لقضيتها وهمومها ، كما أن الحياة الأدبية ليست محض إبداع ، وإنما هي أيضا نوع من الحوار الأدبي والنقدي والإبداعي والتواصل مع دوائره المختلفة وكسر حاجز الأيديولوجيا وربما أيضا صناعة العلاقات العامة ، والأديب الذي لا يخدم إبداعه ولا يحسن تسويقه سيعاني الغربة الداخلية ، وهذا ليس خاصا بالإسلاميين وحدهم ، وأذكر أن المبدع الرائع محمد خليل قاسم ، رحمه الله ، وهو مناضل يساري قدم روايته "الشمندورة" والتي أعتبرها ، واعتبرها غيري كثير أنها واحدة من أروع الروايات التي أرخت لمحنة النوبة وأهلها ، ظلت شبه محصورة بين عدد قليل من اليساريين ، بينما انتشرت روايات أخرى أقل منها قيمة وجمالا ، وحتى في القريب أذكر أن الصديق علاء الأسواني ظل يكتب القصة أكثر من عشرين عاما دون أن تهتم به أي مؤسسة أو جهة معنية بالإبداع وظل يعاني على هامش الحياة الأدبية التي احتكرها يساريون ، حتى نجح في التواصل مع باحثين ومبدعين وأكاديميين وإعلاميين خارج الإطار المصري والعربي كله ، فكسر الحصار ، فترجمت روايته "عمارة يعقوبيان" فانقلبت حياته رأسا على عقب ، وتحول بين عشية وضحاها من أديب منسي على هامش الحياة الأدبية إلى أحد أشهر الروائيين العرب حاليا ، وكثير من الشعراء العظام ظلوا في الظل وماتوا في الظل ، بينما آخرون أقل منهم قيمة تحولوا إلى رموز شعرية كبيرة ، لأنهم كانوا يتوسدون وظائف مرموقة أو ديبلوماسيين أو أصحاب سلطة من أي نوع نسجوا شبكة علاقات ذكية مع الإعلام والصحافة والحياة الأدبية ، ساعدتهم على اغتنام فرص الشهرة والتألق ، أضف إلى ذلك العلاقات المتقاطعة أحيانا بين الحركة الإبداعية وأجهزة محلية ودولية لا صلة لها بالأدب ولا بالشعر ، وتلك قصة تطول ، وقد رصدت بعض فصولها في كتابي "أدب الردة" .\nوالخلاصة ، يحتاج الجيل الجديد من المبدعين الإسلاميين إلى أن يخرجوا من "شرنقة" الفكرة وخنادق الأيديولوجيا ، وأن تكون لهم إسهامات بحس إنساني مفتوح ، حتى وهم يتمسكون برؤيتهم الإيديولوجية فليس مطلوبا أن يتخلوا عنها ، وعليهم أن يتواصلوا بإيجابية مع الحياة الأدبية العامة بكل أنشطتها ، ويقتحموا خلاياها المؤسسية الرسمية والأهلية بكل جسارة ويفرضوا أنفسهم ، وينتزعوا فرصتهم ، وأن يحسنوا التعامل مع وسائل الإعلام المحلية والدولية ، فليس يكفي أن تكون مبدعا لتكون معروفا ، ولن يفيدك كثيرا أن تظل تشتكي تجاهل الآخرين لك .

الخبر من المصدر