محطة سيدى جابر.. فى مدينة نصر! | المصري اليوم

محطة سيدى جابر.. فى مدينة نصر! | المصري اليوم

منذ 7 سنوات

محطة سيدى جابر.. فى مدينة نصر! | المصري اليوم

كان مبنى وزارة السد العالى فى الدقى فى شارع التحرير، وكان الوزير هو المهندس سليمان صدقى.. وشىء طبيعى أن يتردد على الوزارة بعض كبار خبراء السد الروس الذين لاحظوا سوء حركة المرور حتى محطة مصر، حيث يستقلون القطار إلى أسوان.. لذا قدم أحد هؤلاء الخبراء الروس اقتراحًا بنقل محطة مصر من مكانها فى وسط البلد إلى أول الطريق الزراعى المؤدى إلى الإسكندرية.. والاقتراح يتضمن تفريغ هذه المنطقة بأكملها من محطة وجراج ضخم وورش إصلاح وغيرها.\nأكد الخبير الروسى الكبير بناء على الخرائط التى طلبها من مصلحة المساحة - أن هذه المنطقة الخالية ممكن أن تتفرع منها طرق واسعة جديدة تربط وسط البلد بآخر العباسية ومصر الجديدة وعين شمس ومدينة نصر حتى مدينة السلام.. وأهم طريق سيكون موازياً لشارع رمسيس من نفق شبرا إلى آخر العباسية وأيضا بعض المتنزهات الصغيرة والتماثيل فى هذه المنطقة الواسعه لإعادة أحياء قاهرة المعز!\nالمشروع مبهر ورائع على الخرائط.. ولكن - كعادتنا باستمرار - هناك عقبات ومعارضات.. قالوا إن محطة مصر هذه هى ثانى محطة قطارات فى العالم كله، صممها وبناها مهندسون إيطاليون بطريقة فنية جميلة.. هذه المحطة تعتبر من آثار مصر الخالدة.\nوكان الرد أننا سنبنى نفس المحطة بالضبط مرة أخرى ولو أدى الأمر إلى الاستعانة بمهندسين إيطاليين..\nقيل إن ميزة محطة مصر هى «موقعها» فى وسط المدينة.. المحطة قريبة من كل الأحياء.. وهذا كلام نظرى، فالموقع الجديد سيقربها من نصف المدينة كثيراً وهى العباسية وما بعدها.. ثم ممكن شق طريق واسع من الطريق الزراعى إلى الجيزة مروراً على كل أحياء الزمالك وبولاق حتى آخر الجيزة.. وهذه الطرق ليست وهمية وعلى الخرائط والورق فقط.. بل أماكنها موجودة على كل خرائط المساحة!\nكل هذه العقبات الوهمية والمعارضات من أجل المعارضة لا أكثر- كما يحدث الآن فى مشروع العاصمة الإدارية - كل هذا وأكثر منه لم يكن له أى تأثير على قناعة الدولة واقتناعها بلا حدود بهذا المشروع (لنقل) القاهرة نفسها، لا نقل المحطة.. نقل القاهرة نقلة حضارية تاريخية بلا حدود.\nإلى أن وصل الأمر إلى جمال عبدالناصر الذى كانت له «نظرة فوقية شاملة».. قال عبدالناصر: فعلاً مشروع رائع.. ولكن السؤال هو: من أين؟... أمامنا إعادة بناء مدن القناة بعد العدوان الثلاثى والبدء فى مشروع السد والقناة معطلة لغرق بعض البواخر ومصادرة الأرصدة الإسترلينية بلندن، وفوائد أسهم القناة بباريس.. مشروع رائع ولكن مش وقته أبداً.. فنام المشروع!!\nويأتى السادات وفى أحد اجتماعاته المسائية الكثيرة مع كبار الصحفيين والمفكرين والكتاب - على فكرة حكاية اجتماعات السادات برجال مصر الكبار المفكرين حكاية قديمة منذ أيام محمد على الكبير «1805»!! كبار المسؤولين والحكام من عاداتهم التى لم تتغير هى الصداقة والتقرب من كبار رجال بل نساء البلد أصحاب الآراء والأفكار.. هؤلاء واسعو الاطلاع بكل اللغات، والاجتماع بهم من آن لآخر.. أسوة بمحمد على الكبير.. والذين عاصرتهم من كبار الصحفيين أصحاب الصحف الكبرى.. مثل محمود أبوالفتح ومحمد التابعى، كان من عاداتهما السفر كل صيف إلى أوروبا على إحدى بواخر عبود باشا، ومعهما مجموعة من كبار رجال مصر، وكان معهم أيضاً محمد عبدالوهاب، ليصعدوا على ظهر الباخرة كل مساء ليستمعوا لعبدالوهاب وأنغام عود عبدالوهاب.. وهذا لا يمنع من اجتماعات طوال العام فى الأعياد وفى شم النسيم مثلا فى كلوب محمد على أو نادى السيارات مثلاً.. وكان أبوالفتوح والتابعى يستفيدان من آراء أصدقائهما ويعرفان أسرار البلد السياسية والاجتماعية والسرية.. آخر هذا الجيل الصحفى الذى لا يتكرر كان أنطون الجميل رئيس تحرير الأهرام الذى كان مكتبه قهوة: أو كافيتريا عامة لكل أصدقائه من كبار القوم.. سواء كان أنطون الجميل موجوداً أو غير موجود.. وكانوا يتعاملون مع بوفيه الأهرام كأحد موظفى الدار يدفعون ثمن طلباتهم، وكان أنطون الجميل يفلسف هذا بأنه يريد أن يشعر هؤلاء بأنهم أصحاب الدار لا ضيوف عليها! وتمر الأيام ويتحول الأصدقاء إلى مستشارين بأجر لا يفعلون ولا يفكرون ولا يقترحون شيئا فقط يقبضون رواتب خيالية.. هذا كل ما يفعلونه!!\nسرحت ونسيت موضوع محطة مصر.. عرضها السادات فى دردشة مع أصدقائه الكبار فتحمّسوا لها أيضاً.. فعرض السادات الموضوع على رئيس وزرائه ممدوح سالم الذى كان أشد حماساً من الجميع.. حتى إنه فكر فى محطة مثل محطة سيدى جابر - لأنه إسكندرانى - محطة لأهالى مصر الجديدة ومدينة نصر وهذه المنطقة كلها!\nوعادة.. الواقع يفرض نفسه على الخيال والأحلام والأمانى. الواقع يقول إن ميزانيات الدولة فى السبعينيات بعد العبور لا تتحمل هذا المشروع الرائع.. وظهرت فكرة جنوب أفريقيا.. تفريغ المساحة من الوزارات والمصالح الحكومية أرخص وأسهل، وربما يكون أجدى.. وبنى السادات قرية فى محافظة المنوفية على طريق صحراوى الإسكندرية على نمط مدينة بريتوريا فى جنوب أفريقيا.. وجاء مبارك ليهمل ويهدم كل شىء.. ليس مدينة السادات فحسب.. بل الصالحية لحسين عثمان والتأمين الصحى الشامل لمحمود محفوظ..\nوالآن.. فى (الجمهورية الثالثة).. هل ممكن أن نعيد التفكير فى حكاية نقل محطة مصر إلى أول الطريق الزراعى؟!! كتكمله رائعة للعاصمة الإدارية لكى تترك مصر قارة أفريقيا وتصبح قطعة من أوروبا - حلم الخديو إسماعيل؟! مع تحياتى لمستشارى الرئاسة!.

الخبر من المصدر