رضا بودراع يكتب: الغرب وحتمية التقسيم | ساسة بوست

رضا بودراع يكتب: الغرب وحتمية التقسيم | ساسة بوست

منذ 7 سنوات

رضا بودراع يكتب: الغرب وحتمية التقسيم | ساسة بوست

منذ 1 دقيقة، 11 سبتمبر,2016\nيشغل موضوع التقسيم أغلبية الشعوب المستضعفة في ظل الصراعات القائمة، خصوصًا بعد الثورات العربية.\nوكثيرًا ما نسمع المنظرين والنخب الباحثة تحذر منه وتقرع أجراس خطره، بل ونسمعه مرارًا على لسان رؤساء دول قوية كما هو الحال في تركيا وتصريح الرئيس رجب طيب أردوغان أكثر من مرة أن تركيا مستهدفة بمشروع التقسيم.\nلكن في مقالي هذا سأحاول توضيح فارقة خطيرة في الصراع، تغفل عنها الكثير من الأقلام الباحثة والمنظرة.\nألا وهي أن المنظومة الغربية ودولها القوية هي نفسها مهددة بالتقسيم أكثر من الدول الإسلامية والمستضعفة، وذلك لعوامل في غاية الوضوح والموضوعية، تتضح مع أبسط مقارنة بين طبيعة العوامل ذاتها.\nفالدول التي تحكم الشعوب الإسلامية أغلبها أنشئت كوكالة إدارية لها جيش يحميها مهمتها إحكام السيطرة حتى يتم استنزاف البلد وإنهاك مقدراته المادية والبشرية، ثم تعلن دولة فاشلة.\nولمواصلة استنزافها بطريقة أخرى أكثر قذارة يُطبَّق عليها ما يعرف بمشروع تسويق الفوضى أو الفوضى الخلاقة، وهي لا تعدو أن تكون تجارة دم وديونًا.\nثم يتم تسليم البلد المنهك لجهات أقل قوة وهيمنة لتتقاسم الأرض والشعب مبشرة بحقبة جديدة من حرية العبودية.\nفكما ترون إن عامل التقسيم تدخل خارجي محض بكل أشكاله رغم أن كل مكوناتنا وعناصرنا الداخلية مقومات وحدة وتكتل؛ من دين، لغة، أعراق، تاريخ وجغرافيا.\nوحتى باقي الديانات والأعراق تعتبرها أمة الإسلام «عناصر مُكوّنة» وليس أقليات أو طوائف.\nورغم كل المكائد والحروب والتقسيمات المختلفة للقارة الهندية المسلمة فالبلقان فالحجاز فالشام فالقرن الأفريقي إلى المغرب العربي، كل ذلك والأمة تحن إلى لقائها وتجمعها ولم يحدث ذلك شرخًا في الانتماء الديني والحضاري.\nفالتقسيم هنا إذًا طارئ بعامل خارجي والأصل هو الأمة الواحدة. أما التقسيم بالنسبة للمنظومة الدولية والدول الغربية فالعكس تمامًا! التقسيم هو الأصل والوحدة طارئة هشة.\nفالاتحاد السوفييتي لم يتماسك إلا بالحديد والنار، ومع أدنى صراع تهاوى وما زالت نواته روسيا مهددة بالتقسيم من الداخل تحاول جاهدة القفز عليه بضم مقاطعات بالقوة كأسيتونيا، أبخازيا والقرم مؤخرًا، وتسمى سوريا روسيا الجديدة وفق ما يعرف بمشروع الأورسة الذي يجمع بين آسيا وأوروبا في كتلة واحدة.\nالولايات المتحدة الأمريكية التي قامت بعد حرب المائة سنة وفق تفاهمات واتفاقات مليئة بالثغرات بين ولاياتها، والتي كل مرة تطالب عددًا منها (حتى الآن 06) بالانفصال والحكم الذاتي خاصة التي على حدود المكسيك.\nوقد مثلت أحداث دالاس ولوس أنجلوس الذروة بعد حوادث قتل قامت بها الشرطة ضد شباب سود. وتدهور الوضع إلى المواجهة بالسلاح أيامًا حتى تدخل أوباما وكان خطابه الصادم للأمريكيين والعالم حين قال: «نحن بلد واحد متماسكون على غير ما يبدو»، وهذا بيت القصيد على غير ما يبدو، لأن البادي فعلًا أن الولايات الأمريكية الأصل فيها الفرقة والوحدة الاستثناء وهذا ما يجعلها مهددة بالتقسيم من الداخل كما أسلفت.\nلكن المثال الأوضح في كل هذا هو حالة الاتحاد الأوروبي الذي يستحق لقب الرجل المريض.\nوحتى لا أطيل – فيمل القارئ – في تبيان أمر جلي، فإني أرى أن الكلام عن تهديد التقسيم للقارة الأوروبية تجاوز مرحلة التنظير إلى التطبيق، ولعل إفلاس دول كاملة فيه كاليونان وأخرى مرشحة للإفلاس كإسبانيا والبرتغال، إلا أن الخروج البريطاني المفاجئ والمدوي كان الخطوة العملية والعد التنازلي لتفكيك الاتحاد بل وتقسيم بعض دوله.\nوقد كتبت حينها مقالًا نشره مركز أمية للدراسات الإستراتيجية في الموضوع ذاته. فالتقسيم عندهم أصل وعوامله داخلية والوحدة أمر طارئ وهش، والوحدة عندنا أصل والتقسيم علينا طارئ وعوامله أغلبها خارجية.\nهذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

الخبر من المصدر