عبد الرحيم كمال: العمالة المصرية في السعودية بين الواقع والمأمول (3)

عبد الرحيم كمال: العمالة المصرية في السعودية بين الواقع والمأمول (3)

منذ 7 سنوات

عبد الرحيم كمال: العمالة المصرية في السعودية بين الواقع والمأمول (3)

إذا نظرنا للقواعد والإجراءات التي وضعتها الحكومة السعودية ومستشاريها لتحجيم وتحييد دور السفارة المصرية وغيرها من السفارات التي لا تتمتع بثقل سياسي لدي المملكة لوجدنا أن هذه القواعد والإجراءات تتلخص في الآتي:\nأولا: عدم السماح للسفارة بالتواصل مع أي جهة سعودية غير وزارة الخارجية السعودية بالتالي الجهات التي يكون معها أغلب مشاكل الجالية مثل وزارة العمل ووزارة العدل ووزارة الحج والعمرة غيرها فغير مسموح للسفارة بالتعامل معها بشكل مُباشر ومن الواقع العملي عندما تخاطب السفارة المصرية الخارجية السعودية بخصوص أي مشكلة لا تقوم الخارجية السعودية بالرد قبل ثلاثة أشهر على الأقل، وفي بعض الأحيان يصل ردها بعد عام أو أكثر ويكون ردها مُقتضب ويشير فقط أن المواطن الذي بخصوصه طلب الإفادة له معاملة تحت الإجراء في جهة سعودية ما وينتهي الموضوع على ذلك فإن عاودت السفارة المخاطبة أو إستعجال الرد يأتي الرد بعد ثلاثة أشهر أو أكثر أخرى، وتتكرر نفس الكرة الأولى!!! إذن دور السفارة شِبه ملغي وغير مُفعل بمعلُومية وزارة الخارجية والحكومة المصرية بالقاهرة؟ وعليه فإن العامل المصري عندما تضطره الظروف للشكوى لمكتب العمل يُترك فريسة سهلة وحيدًا لمُوظفي مكتب العمل والكفيل كي يتلاعبو به يمنة ويسرة في محاباة ومماطلة مُمنهجة وإنحياز واضح للكفيل بينما هو يعاني الأمرين.\nثانيًا: عدم تمكين المُحامين المِصريين المُتواجدين بالمملكة من الدفاع عن أبناء الجالية وقصر الأمر على المُحامين السعوديين فقط ويهدف ذلك إلى ثلاثة أشياء:\n1- تعجيز الرعايا المصريين عن توكيل مُحامين عنهم بسبب أن غالبية مكاتب المُحاماه السعودية تأخذ أتعاب كبيرة لا يستطيع تحملها العامل المصري خاصة وأنه يكون في الغالب في ضائقة مالية بسبب توقف راتبه أو ضياع مُستحقاته المالية عند الكفيل، كما أن السفارة المصرية لا تتبنى سياسة توكيل مُحامين عن رعاياها بحجة كثرة أعداد الرعايا اللذين يعانون من مشاكل أصحاب الأعمال وقلة الإعتمادات المالية المتواجدة بالسفارة.\n2-   ضمان انحياز المُحامي السعودي لأبناء بلده إذا احتدم الصراع بين الكفيل ومكفوله حيث ذلك من ضمن تكوينات الثقافة السعودية بشكل عام.\n3-   المُحامي السعودي يُمكن ضمان ولاؤه وضمان التأثير عليه غير المُحامي المصري أو الأجنبي بشكل عام وهناك الكثير من المداخل التي يمكن التأثير بها عليه مثل العلاقات القبلية والعصبيات كذلك يمكن التأثير عليه بما تعطيه وتوفره له الحكومة السعودية من ميزات كونه مواطن سعودي.\nثالثًا : عدم وجود سَقف زمني لمدة التقاضي وبعض القضايا تمتد لأكثر من تسع سنوات بسبب وجود ثغرات في القانون تسمح للكفيل بإطالة أمد الدعوى لأطول فترة مُمكنة !!!.\nرابعا: الإنحياز الواضح لغالبية القضاء العُمالي بالمملكة وعدم تطبيقهم لنصوص قانون العمل بالشكل المُفترض حيث لا يوجد رقيب عليهم ولا يوجد طريق آخر للوافد يُمكنِه من مراجعتهم أو مُحاسبتهم إذا خذلوه ولم يطبقوا صحيح القانون.\nخامسًا: أخذ جواز سفر العامل فور وصوله مع عدم السماح له بالعمل عند غير الكفيل إذا نشأ بينهما مشكلة عُمالية وعليه يظل العامل ممنوع من العمل ومن السفر حتى يُبت في قضيته التي من الممكن أن تظل لسنوات طويلة ولا يحصل العامل من مكتب العمل على تصريح بالعمل لدى الغير إلا بصعوبة كبيرة بعد أن يكون قد قضي شهورا طويلة أو سنة أو أكثر في دواوين مكتب العمل يتابع قضيته فلا هو يستطيع السفر وترك كل شيء ولا هو قادرعلى دفع الكفيل على تخليصه وإنهاء معاناته.\nسادسًا: قانون العمل السعودي يجعل الأمور كلها تتمحور حول مصلحة ورغبات الكفيل وإن كانت جائرة والعُرف السعودي يقول الكفيل دائماً على حق وإن كان على باطل !! فهذا هو القانون الفعلي المُطبق على أرض الواقع خلاف ما هو مكتوب في الأنظمة واللوائح فالكفيل فوق كل القوانين والأعراف الإنسانية والدينية وله سُلطة شاملة وطاغية على مكفوليه ولا يعلوه غير سُلطة أصحاب المعالي والسمو من أفراد العائلة المالكة في المملكة السعودية.وهنا تظهر حقيقة المُشكلة التي يُعاني منها أبناء مصر العاملين بالسُعودية بجلاء فالأمر ليس فقط بسبب إهمال أو تقاعُس أفراد البعثة الدلوماسية المصرية عن نجدة أي مصري بالمملكة بل الأمر مُتعلق بموافقة الحكومات المصرية المتعاقبة منذ نهاية السبعينات إلى الآن على شروط وإجراءات ظالمة تقيد دور السفارة وتحجبها عن القيام بدورها الطبيعي في الوقوف بجانب رعاياها!! بالإضافة إلى غض طرف الحكومة المصرية عن شروط وإجراءات ظالمة يتعرض لها العامل المصري بالمملكة السعودية، شروط وإجراءات ظالمة تتعارض مع القانون الدولي والدستور المصري الذي أقسمت الحكومة المصرية على إحترامه عند توليها مقاليد الأمور، فهل يتم تطبيق بنود الدستور وفقرات الدستور بشأن هذه العمالة التي تمثل جزء غير هين من أبناء الشعب المصري؟ وهل يقوم هؤلاء النواب وهاتان الوزارتان ورئيس الحكومة بواجباتهم نحو المصريين بالخارج؟ هنا كان السؤال.. فهل من مُجيب؟

الخبر من المصدر