مجلة أمريكية: لماذا يكره السيسي النقابات العمالية؟

مجلة أمريكية: لماذا يكره السيسي النقابات العمالية؟

منذ 7 سنوات

مجلة أمريكية: لماذا يكره السيسي النقابات العمالية؟

“لماذا يكره السيسي النقابات؟. قمع الدولة للعمال محاولة مكشوفة لسحق القوة وراء ثورة ميدان التحرير".\nعنوان اختاره الكاتب آري بول  في تحليل  بمجلة جاكوبين الأمريكية حول علاقة النظام بالنقابات العمالية.\n“ذات ليلة أثناء الربيع العربي، التقيت مع صحفي زميل في الزمالك، ذلك الحي المورق بالقاهرة، والذي كنا نقيمان فيه.\nثم قضينا يومنا مع نشطاء عماليين في مدينة السادات، إحدى المدن الصناعية بدلتا النيل، حيث تتواجد عمالة كثيرة وقانون عمل مهلهل وتجني فيها الشركات الأجنبية الكثير من المال.\nفي ذلك الوقت ، كان قد مر ستة شهور على تنحي الديكتاتور طويل الأجل حسني مبارك في أعقاب احتجاجات حاشدة.، وتسلل شعور التفاؤل إلى منظمي النقابات المستقلة.\nعلى مدى عقود، سيطرت الحكومة على النقابات العمالية من خلال علاقتها مع الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.\nوفي ظل النشوة التي أعقبت سقوط مبارك، كان يأمل النشطاء في إجراء إصلاحات تسمح بالنقابات المستقلة بالتنامي، بيد أن قمعا كان  كان ما زال يساورهم من القمع الحكومي.\nفي الليلة المذكورة، مع زجاجات ال "ستيلا"، وجه أحد زملائي سؤالا لزميلنا الصحفي الكندي المصري محمد فهمي حول ماهية احتمالات أن تكون مجموعة العمال التي تحدثنا إليها مخترقة من مخبرين حكوميين، فأجاب قائلا: “بنسبة 100 %".\nوبعد عامين من هذا التاريخ، ألقي القبض على فهمي واثنين من صحفيي الجزيرة ، عن طريق الحكومة العسكرية الجديدة بقيادة عبد الفتاح السيسي المدعومة من الولايات المتحدة.\nوبينما كنت أتابع التلفاز، رأيت فهمي مرتديا ملابس السجن البيضاء، ويحاكم في محكمة "كنغرية"، كان واضحا إلى أي مدى أصبحت مصر خطيرة بالنسبة لأي شخص مستعد للتحدث ضد النظام المتفشي، أو يربط نفسه بهؤلاء الذي يوصفون بالمحتجين.\nواستمرت التقارير في التدفق: قمع وراء قمع، ومقتل وحبس المئات، العديد منهم صحفيون ونشطاء بارزون.\nأحد المصورين الذين كنا نعمل معه أصيب برصاص الأمن في قدمه.\nالحكومة العسكرية، التي أسقطت محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، مارست قمعا  استهدف نفس أنواع الاحتجاجات التي أسقطت مبارك.\nبالنسبة للمراقب الأجنبي العادي، فإن الثورة ضد مبارك لم تفعل إلا القليل لصراع الطبقات أو حقوق العمال.\nلكن العمال لعبوا دورا حيويا في نجاح الانتفاضة الأولية.\nاستنادا على تاريخ من الصراع ضد عصابة العاصمة، أوقف العمال الإنتاج، وقدموا مهارة منظمة لإجبار مبارك على التنحي.\nثورة ميدان التحرير، كانت عمالية في جوهرها.\nوكما ذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز في تقرير لها من مدينة المحلة الكبرى: "الثورة التي هزت مصر لم تبدأ في القاهرة لكنها بدأت في هذه المدنية الزاخرة بمصانع النسيج والتلوث الخانق وسط مجموعة من حقول القطن والخضروات في دلتا النيل".\nخبيرة علم الاجتماع ندى  متى ميزت النضالات العمالية، واعتبرتها قوة دفع هامة.\nوفاة الصحفي العمالي جوليو ريجيني تبدو وكأنها تشير إلى أن حكومة السيسي لم ينس الحركة العمالية.\nريجيني، طالب الدراسات العليا الإيطالي، 28 عاما، انتقل إلى مصر العام الماضي لإجراء بحث حول الحركات العمالية المستقلة بالبلاد.\nوكان يقضي وقت فراغه في كتابة تقارير حول الحركة العمالية لصالح صحف يسارية، والتقى مع قيادات معارضة ونقابات عمالية.\nوفي فبراير الماضي، وجدت جثته على أحد جانبي طريق، وعليها علامات ضرب شديدة السوء، حتى أن والدته لم تتعرف على جثته إلا من أعلى أنفه.\nوبينما تنكر الحكومة المصرية مسؤوليتها عن قتل ريجيني، اعترفت مسؤولون أمنيون لرويترز هذا الصيف أنه كان محل مراقبة بسبب ارتباطه بنشطاء عماليين  ( الداخلية نفت فيما بعد صحة ذلك).\nومن الملائم، أن يكون آخر ما أرسله ريجيني، ونشرته صحيفة المانيفيستو الإيطالية يتحدث عن محاولات "دار الخدمات النقابية والعمالية" توحيد ما يزيد عن 50 منظمة عمالية للدعوة من أجل وضع نهاية للاعتداءات على النقابات  المستقلة.\nالتاريح الحديث للدار يمثل دليلا على خوف الدولة من حدوث إضراب عمالي منظم.\nفي عام 2012، تم حبس رئيس الدار آنذلك كمال عباس لمدة 6 شهور بتهمة سب وقذف وزير حكومي.\nبعض التحليلات أشارت إلى أن الحكومة العسكرية ستُجبر على السماح للنقابات المستقلة من أجل تهدئة العمال الغاضبين من الظروف الفقيرة والأجور الضعيفة والبطالة المتفشية.\nلكن الحكومة فعلت العكس تماما هذا العام، حيث أبطلت مشروعية أي نقابة عمالية تستخدم شعار "التعددية النقابية".\nالمؤرخ جويل بينين قال: "لم تستطع  أي من النقابات العملية المستقلة تحمل القمع العام لنظام السيسي".\nولم يكن ذلك بسبب نقص المحاولات، إذ أن النقابات طعنت  في قرار الحظر في المحاكم، كما نزل العمال إلى الشوارع،  حيث شهد العام الحالي حوالي 500 احتجاج عمالي.|\nوللمساعدة في تلك الجهود، كتب الأمين العام لمنظمة العمل الدولية خطابا إلى الرئيس السيسي في أبريل يطلب منه إلغاء الحظر المفروض على النقابات العمالية المستقلة.\nبيد أن الجنرال العسكري لم يبال بذلك على نحو لا يدعو لأي دهشة.\nلسوء الحظ، فإن الانتباه الدولي الذي ولده موت ريجيني لن يثني السيسي.\nومع استمرار الاقتصاد المحلي في التدهور، فإن من المرجح أن يضحى  أكثر قمعا.\nصناعة السياحة أصيبت بتدهور مفاجئ، كما تتزايد معدلات التضخم والبطالة، وتضاءلت المساعدات الأجنبية.|\nعلى النشطاء والصحفيين والمنظمين أن يتوقعوا المزيد من حالات الاعتقال والعنف خلال الشهور المقبلة.\nفي عام 2011، بينما اندلعت الاحتجاجات في مصر، نظر العديد من المحللين الخارجيين لذلك الصعود المفاجئ باعتباره عملا شاملا لا يعتمد على الحزبية.\nلقد نظروا إليها باعتبارها ممارسات صادرة من شعب تطلع ببساطة للحرية، وتوحد ضد طاغية لم يكن قابلا للمساس.\nلكن الاحتجاجات الليبرالية في الشوارع نشأت في المصانع والمطاحن.\nإذا سقط السيسي، وهي مهمة عسيرة بلا شك، فإن التنظيم الذاتي العمالي سيتعين عليه مجددا منح قوة الدفع الضرورية.

الخبر من المصدر