زواج القاصرات.. جريمة الآباء و"سبوبة" المشايخ

زواج القاصرات.. جريمة الآباء و"سبوبة" المشايخ

منذ 7 سنوات

زواج القاصرات.. جريمة الآباء و"سبوبة" المشايخ

ضاربين بالقوانين الوضعية والمجتمعية بل والإنسانية عرض الحائط، يواصل آباء وأمهات عقد زيجات لم يتعد عمر العروسين فيها 18 سنة.\nهذه الزيجات فى الأساس جريمة يرتكبها الآباء و«سبوبة» ينتفع من ورائها بعض المشايخ عندما يوثقون تلك العقود بالتزوير فى الأوراق الرسمية أنهم يهدرون كرامة البنت أو الفتاة بعد أن كانت فى عنان السماء فى المجتمع المصرى القديم باعتبارها الشريك الوحيد للرجل فى حياته الدينية والدنيوية.\nفى المجتمع المصرى القديم كانت المساواة القانونية الكاملة وارتباط الرجل بالمرأة بالرباط المقدس من خلال عقود الزواج الأبدية.\nأما اليوم ورغم ثورتين قام بهما الشعب المصرى من أجل الكرامة والحرية والعدالة الإنسانية، فتتواصل عقود الزواج العرفية، التى تضيع معها الحقوق والواجبات ويزيد معها عدد أطفال «العار» والشوارع وتدمر أجيالاً كاملة قبل ولادتها.\nكل هذا يحدث بالتهاون مع تلك الحالات التى تتمثل فى زواج الأطفال.. واغتيال براءتهم إنها حالات يراها الخبراء تصل إلى حد الظاهرة فى قرى ومراكز ومدن بأكملها.. ومعها حدثت ردة يرونها إهانة لكرامة ومكانة المرأة المصرية وأكدتها مواقع التواصل الاجتماعى.\nوبعض الخبراء ونتائج الأبحاث والدراسات تشير إلى انتشارها بشكل كبير فى الأقاليم والنجوع وخاصة «البعيدة» أو ما يطلق عليه «الصعيد الجوانى».\nأما الأغرب فهو انتشارها فى الوجه البحرى مؤخراً.. تحت دواعى ومسميات مختلفة تفتقد إلى الحكمة والعقل بل وللطبيعة الإنسانية.\nفمن الدقهلية لأسوان والأقصر لبعض القرى فى الإسكندرية إلى المنصورة.. الجريمة واحدة وعادية.. و«السبوبة» هى التى تقف وراء ازدهارها.\nأما الهرب من المسئولية فهو سريع وجاهز عبر تحايل أهالى الأطفال على القانون وإبرام عقد عرفى على يد مأذون فى المسجد على أن يحتفظ المأذون بالعقد ويوثقه بعد فترة قد تمتد أحياناً إلى سنوات لحين بلوغ العروسين السن الرسمية للزواج، وحال ما كتب الله للمأذون العمر المديد وتكون الزيجة حلالاً من وجهة نظر الأهالى والمشايخ.. وقد حدث الإشهار بشهادة أهالى القرية الذين يحضرون ويباركون زيجة هؤلاء القُصر.\nوقد يتم تحديد سن الفتى عند تزويجه بنتاً أقل من 18 سنة وبعدما تكمل السن القانونية يتم عقد القران والتسجيل فى المحكمة حفاظاً على حق الزوجة، وحينها يمكن أن يكون القصر قد أنجبوا أطفالاً تكتب لهم النجاة والحياة التى تبدو كريمة أو غير كريمة إذا ما تخلى أحد أطراف هذا العقد المشبوه عن الآخر ولم يعترف به.. ووصفه بأنه مجرد «لعب عيال»!!\n.. والخبراء: هذا الزواج مخالف للقانون والاتفاقيات الدولية\nالعقوبات التأديبية لا تكفى للردع.. ومجلس النواب يجب أن يتحرك\nزواج الأطفال القُصر على وجه التحديد وصفه خبراء الأمومة والطفولة وكذلك الحقوقيون بالانتهاك الصارخ للطفولة واغتيال للبراءة بل وجريمة بنص قانونى الطفل والعقوبات.. ووصفها خبراء الاجتماع والسلوكيات بالردة للخلف، والحط من مكانة وكرامة الفتاة والمرأة المصرية.\nمكانة المرأة المصرية رفيعة جداً منذ القدم فى المجتمع المصرى، بحسب الدكتور أحمد يحيى، أستاذ الاجتماع السياسى بجامعة قناة السويس، وكذلك فى رأى الدكتورة وفاء الزير، خبيرة السلوكيات ونائب رئيس المركز العربى للدراسات الإدارية والتنمية، أضافت: إن تلك المكانة وصلت إلى حد التقديس.. لذلك رأينا المعبودات من النساء إلى جانب الإلهة الذكور وكانت آلهة الحكمة فى صورة امرأة ولذلك كانت أيضاً الإلهة إيزيس رمزاً للوفاء والاخلاص.\nوفى التاريخ الفرعونى رفعت إلى عرش البلاد مثل «حتب» أم الملك خوفو، و«حتشبسوت» ابنة الفرعون آمون، و«كليوباترا» وما حظيته شخصيتها من اهتمام أدبى عالمى.\nفالحضارة الفرعونية أول من وضعت التشريعات والقوانين المنظمة لدور المرأة.. وأول تلك التشريعات وأهمها تشريعات الزواج واعتباره رباطاً مقدساً من حيث الحقوق والواجبات وكان لها ثلث مال زوجها حال قيامه بتطليقها دون سبب.\nوكانت تدفن بجانب زوجها أو العكس فى مقبرة باعتبارها شريكته فى الدنيا وبعد البعث وكان حق التعليم للمرأة المصرية بدءاً من سن الرابعة.. فكيف بعد كل هذه الحضارة والرقى نرتد للوراء بزواج القُصر واعتبار الفتاة مجرد سلعة تحجز بـ«شيك على بياض» يسمونه عقد زواج رسمياً كان أو عرفياً.\nوأوضحت الدكتورة وفاء الزير، أن ما يحدث مؤخراً ببعض القرى والنجوع من زواج الأطفال يعد خرقاً للدستور ولقانون الطفل.. وكل المواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية التى صدقت عليها مصر بتعريض أخلاق وسلوك وكرامة الطفل أو الطفلة للخطر مما يتطلب محاسبة ولى أمرها الذى عرضها لهذا الخطر وكذلك المأذون أو كاتب المحكمة إن وجد الذى يسجل مثل هذه الزيجات.\nجريمة مع سبق الإصرار والعمد ارتكبت فيما يسمى بزواج الأطفال وبنص قانونى الطفل والعقوبات يجب أن يحاسب من زوجهما.. وذلك بحسب الدكتورة فوزية عبدالستار أستاذ القانون الجنائى بجامعة القاهرة ورئيس اللجنة التشريعية الأسبق بمجلس الشعب.. والتى أكدت على ارتكاب والدى أى طفلين تم تزويجهما جريمة التزوير فى محرر غير رسمى وهى جريمة تصل عقوبتها للسجن 3 سنوات.\nووفقاً لقانون الطفل فالعقوبة مشددة أيضاً وتصل إلى الحبس.. وبالنسبة لما يخص التحايل عبر إبرام عقد عرفى كطريق للهروب من مسئولية إتمامهم لعقد زواج رسمى واقعياً.. فهذا لا يعفى والد كل طفل من العقوبة.. ولذلك فالأب والأم مسئولان كأولياء أمور خاصة عند إثبات موافقة الأم على ارتكاب هذه الجريمة!\nسهام على «محامية» ومسئولة المرأة فى إحدى الجمعيات النسائية، أكدت أن العقوبة التأديبية وتوجيه الإنذار لوالد الطفل المتزوج فى سن مبكرة دون السن القانونية تقف وراء تزايد حالات زواج الأطفال القصر.. ولذلك ورغم محاولات الدولة التى توصف بالبسيطة جداً ولا تصل إلى ملايين المصريين.. فالقرى مليئة بحالات الزواج العرفى بين الأطفال كمخرج لتلك الزيجات التى هى ضد القانون.\nفالاستهتار بالدولة وبالقانون لا يزال شعار بعض القرى والنجوع البعيدة عن الأخطار والرقابة.. وطبعاً لا عقوبة على الإشهار من خلال الزواج العرفى ولا يمكن للزوجة رفع دعوى طلاق أو حتى نفقة اعتماداً على أن الزواج من الأساس تم دون بلوغ السن القانونية.. ومن ثم يتم رفض الدعوى من قبل المحكمة فيزيد عدد اللقطاء من أطفال الشوارع والمشردين وهم نواة العشوائيات والإرهابيين والمخربين والناقمين على المجتمع بجميع طبقاته وفئاته.. ولم لا والشارع مصيرهم والزواج فى معظم الحالات لا يستمر ولا ينمو.. بل قد يتنصل منه أحد الأطراف عند بلوغ السن القانونية وقد ينجم عنه أمراض اجتماعية ونفسية إذا ما اضطر لزواج الأطفال هذا!\nعزة العشماوى، نائب رئيس اللجنة الأفريقية لخبراء حقوق الطفل بالاتحاد الأفريقى، طالبت العام الماضى مجلس النواب الجديد بتبنى قضية زواج الأطفال وإنفاذ حقوق الطفل الواردة بالدستور وتعديل ما يلزم من قوانين لمواءمتها خاصة بعد رفع تحفظ مصر على المادة 21 ب من الميثاق الأفريقى لحقوق ورفاهية الطفل والخاصة بمنع زواج الفتيات أقل من 18 سنة.\nكما طالبت المجتمع المدنى بتوعية أولياء الأمور بخطورة ما حدث.. وكذلك احتراماً لكرامة وإنسانية أى طفلين يتم زواجهما.\nفعلى الإعلام عدم نشر أى صور لهما وكذلك منعاً للترويج لظاهرة وعادة سيئة قد يرى البعض أنها سمة من سمات الأسر المصرية تجاه أولادهم القصر.. مما يسيء للدولة ككل.\nهالة أبو على، الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة، أكدت على عدم جواز عقد قران لمن هم أقل من 18 سنة، وذلك بموجب القانون والدستور،، ولذلك ترى فى زواج الأطفال صورة من أبشع صور الاتجار بالبشر وكذلك استغلال براءة الأطفال وعلى الأسر حماية أطفالهم.\nفالزواج المبكر مهما كانت مسمياته أو مبرراته يلحق الضرر بأبنائهم القصر من جميع النواحى الصحية والتعليمية والنفسية فضلاً عن مخاطر التعرض للحمل والولادة بل والرضاعة فى سن مبكرة.. ولذلك والكلام لهالة أبو على بمجرد علم المجلس بمثل هذه الحالات نقوم على الفور بمخاطبة النائب العام لاتخاذ الإجراءات اللازمة وفتح التحقيقات بشأنها!\nأما المجلس القومى للأمومة والطفولة فكل دوره ينحصر فى إبلاغ النائب العام بمجرد علمهم بأى حالة زواج لطفلين.. وهناك أيضاً خط نجدة الطفل يتم من خلاله نفس السيناريو.. وللآن لم نسمع عن أى مساع جادة لحث مجلس النواب على تشريع جديد يغلظ من عقوبة زواج الأطفال.. ولا يزال الاكتفاء بالعقوبة التأديبية.. فلكم الله يا أطفال مصر.. فبراءة الأطفال لا تزال تنتهك تحت سمع ومرأى جميع المسئولين فى مصر ورافعى شعار الطفولة هى الأمل.. وصغار اليوم هم رجال وشباب الغد وصانعو المستقبل؟!

الخبر من المصدر