250 ألف فدان من أراضى الأوقاف.. تبخرت!

250 ألف فدان من أراضى الأوقاف.. تبخرت!

منذ 7 سنوات

250 ألف فدان من أراضى الأوقاف.. تبخرت!

عندما تنازل محمد على عن حكم مصر، كانت مساحة أراضى الأوقاف 600 ألف فدان، ومع مطلع الخمسينات زادت هذه الأراضى لتصل إلى حوالى 700 ألف فدان.. الآن مساحة أراضى الأوقاف 450 ألف فدان فقط.. إذن هناك 250 ألف فدان ضاعت من أراضى الأوقاف.. كيف ضاعت ومن أخذها؟.. إليكم الإجابة من البداية للنهاية.\nو«الوقف»، مصطلح الذى ظهر مع عصر النبوة، حيث كان أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يوقفون جانباً من أموال تجارتهم، وبضائع قوافلهم لله تعالى، وفى العصر الأموى تم إنشاء دار للوقف لرعاية فقراء ومساكين الدولة الإسلامية تحت رعاية وإشراف قاضى القضاة\nوفى مصر - اتفق المؤرخون - على أن العصر المملوكى هو أزهى عصور الوقف، وأرجعوا السبب إلى عجز الدولة العباسية فى أواخر عهدها عن الإنفاق عن العمال والموظفين والولاة فى ربوع الدولة الإسلامية، وعندها تحمل السلاطين والأمراء والتجار المماليك نفقة طلاب العلم، وتكيات الأزهر، والمساجد، والمستشفيات والأسبلة لجذب ولاء الرعية فى الإقطاعيات والدواوين والعزب.\nوكان هدف الوقف عند أغلب سلاطين المماليك وأمراء الجيوش هو كسب تعاطف وولاء العامة والبسطاء، ولكن الأمر تغير كثيراً عندما دخل العلماء والتجار وأولياء الله الصالحين على خط الوقف، فهؤلاء خصصوا أوقافهم لخدمة العلم وعلاج المرضى والمصابين، والوقاية من مرض الطاعون الذى كان يحل زائرًا كريهًا غير مرغوب فيه على مصر وشبابها، فيأكل الأخضر واليابس لدرجة أن الرجل كان يكتب اسمه على ذراعه حتى يتم التعرف عليه عند دفنه.\nولما تولى محمد على حكم مصر، صار هو الزارع الوحيد أى امتلك وحده كل أراضى مصر، فراح يوزع مساحات شاسعة من الأراضى على رجاله وخلاصائه ومعاونيه وخصص محمد على للوقف أموالاً وأراضى كبيرة وبلغت أراضى الوقف فى نهاية حكم محمد على من حوالى 600 ألف فدان بخلاف الأسبلة والعقارات والتكيات والخاقانات وأموال الوقف السائلة.\nولما تولى الخديو إسماعيل أنشأ ديوان الأوقاف الملكية لتحديد مصارف الإنفاق، وحصر حالات المحتاجين وخصص الخديو إسماعيل 10 آلاف فدان وقفاً لرعاية المساجد وعمارتها، وترميم مبانيها، وإنشاء الأسبلة لخدمتها، وبالتالى فقد شهدت المساجد فى عصره عمليات ترميم وصيانة، وشهدت حلقات للذكر والتعليم، وإقامة الشعائر، وتوزيع الصدقات على الفقراء والمساكين والغرباء.\nوسار عدد كبير من ألأعيان على ذات الطريق، فخصصوا جانباً من أملاكهم وأراضيهم للعمل الخيرى، ووصلت أراضى الأوقاف فى مطلع خمسينات القرن الماضى لحوالى 700 ألف فدان.\nوكان الفلاحون يستأجرون الأراضى الزراعية قبل 23 يوليو 1952 من وزارة الأوقاف التى تحصل إيجاراً منهم وتقوم باستقطاع 10% منه مقابل الإدارة وتنفق الباقى فى الأوجه المحددة له، إلى أن قامت ثورة يوليو 1952.\nوبعد نجاح ثورة 23 يوليو دخلت الأوقاف الأهلية منعطفاً تاريخياً، حيث أصدر الرئيس محمد نجيب القرار 180 سنه 1952 بإلغاء نظام الوقف الأهلى وأبقى على النظام المخصص لأعمال البر والخير فقط، مع تقسيم أراضى الوقف الأهلى على الفلاحين كجزء من تحقيق العدالة الاجتماعية.\nوفى عام 1957 صدر القانون 152 بتسلم هيئة الإصلاح الزراعى لكل أراضى الأوقاف الزراعية فى القرى المخصصة لأعمال الخير والبر العامة من وزارة الأوقاف فى مقابل دفع ثمنها على 30 سنه لوزارة الأوقاف بفائدة 4%سنوياً للإنفاق على أعمال البر والخير.\nوفى عام 1962 صدر القانون رقم 44 بتسلم هيئة الإصلاح الزراعى لجميع الأراضى الزراعية الموقوفة لأعمال البر والخير الخاصة (وقف أهلى) فى المدن والتى انتهى وقفها وذلك لإدارتها بدلاً من وزارة الأوقاف أى تأجيرها للفلاحين على أن تحصل هيئة الإصلاح إيجارها وتعيده لوزارة الأوقاف لتقوم هى بإنفاقها للأغراض المخصصة له.\nومع مطلع السبعينات طرأ تغير جديد على أراضى الأوقاف تزامن مع إصدار الرئيس السادات قراراً جمهورياً بقانون برقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية لتتبع وزارة الأوقاف، ونص القانون على أن وزير الأوقاف هو ناظر الوقف وأن الهيئة تدير وتنمى الأوقاف مقابل نسبة من إيراداتها وذالك للصرف على أوجه البر والخير واليتامى والمساكين.\nونصت المادة الرابعة من قانون إنشاء الهيئة على وضع النظم الكفيلة بتنمية إيرادات الأوقاف وتحصيلها بصفة منتظمة وصيانتها مستمرة ومتابعة تنفيذ ذلك بما يكفل المحافظة على هذه المنشآت والأموال.\nوحدد القرار دور هيئة الأوقاف المصرية فى إدارة واستثمار أموال الأوقاف المنصوص عليها فى المادة 1 من القانون 273 لسنة 1959 فيما عدا، الأراضى الزراعية الموقوفة على جهات البر العامة التى آلت لهيئة الإصلاح الزراعى بقانون الإصلاح الزراعى 178/1952، وأيضاً الأراضى الزراعية الموقوفة على جهات البر الخاصة التى آلت لهيئة الإصلاح الزراعى بقانون 44 لسنة 1962، بالإضافة إلى سندات الإصلاح الزراعى وقيمة ما استهلك منها وريعها.\nثم كانت الطامة الكبرى، مع تسليم المحليات للمبانى والأراضى الفضاء التابعة للأوقاف لاستغلالها والتصرف فيها، وهكذا آلت ملكية الأراضى والأموال والعقارات لسلطة الدولة وسيطرت مجموعة من الموظفين وأصحاب المصالح على أراضى الوقف التى تقدر بالمليارات..\nوالآن لا تتعدى أراضى الأوقاف 450 ألف فدان، وهو ما يعنى أن 250 ألف فدان من أراضى الأوقاف تبخرت خلال الـ 60 عاماً الأخيرة.

الخبر من المصدر