فرنسا تضيّق الخناق على المساجد وتترك أهم مصدر للتطرّف.. تعرف عليه

فرنسا تضيّق الخناق على المساجد وتترك أهم مصدر للتطرّف.. تعرف عليه

منذ 7 سنوات

فرنسا تضيّق الخناق على المساجد وتترك أهم مصدر للتطرّف.. تعرف عليه

خلف السياج الشبكي الذي لا يتجزأ عن حشائش الأرض، وفي ضاحية جينيفير شمال باريس؛ توجد مجموعة من المباني بلون الطين، وصف من الخيام.\nهذا هو موقع جمعية مسجد الهُدَى، الذي تمت مداهمته وإغلاقه بعد أسبوعين من الهجمات الجهادية التي تم شنها في باريس في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وأسفرت عن إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء فرنسا.\nوكان السبب في الإغلاق بالنسبة للسلطات الفرنسية هو الصلة المزعومة بجماعات إسلامية مسلّحة، بحسب تقرير نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، الثلاثاء 23 أغسطس/آب.\nبالنسبة لمحمد، وهو أحد السكان المحليين الذين كانوا يأتون للعبادة هناك، لم يكن المسجد مثيراً للريبة.\nمحمد قال: "أنا مسلم ملتزم، ودائماً ما آتي إلى هنا، ولم أرَ أبداً أي شيء غريب، إن إغلاق ساحات الدين الإسلامي ليس هو الطريقة الصحيحة".\nكان الهُدَى واحداً بين نحو 20 مسجداً أغلقتهم السلطات باسم الأمن القومي، وهو إجراء دفع العديد من مسلمي فرنسا – الذين يمثّلون مجتمعاً متنوعاً يقدّر عدد أفراده بنحو 5 ملايين شخص - إلى مراجعة الذات على نحو عميق.\nفالعديد من المُسلمين يشعرون بالاستياء من فكرة أن الأعمال الإرهابية التي تم شنها قد ارتبطت باسمهم على يد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).\nولكنهم أيضاً يتعرّضون إلى الشعور بالاضطرار لتبرير أنفسهم، في بلد يفخر بنفسه فيما يتعلق بالتقاليد العلمانية القوية ومبادئ الحرية والمساواة والإخاء.\nويخطط المجلس الفرنسي للدين الإسلامي (CFCM)، لإنشاء مؤسسة للإشراف على التحري بشأن الأئمة وتمويل المساجد التي يؤدون الدعوة بها.\n"إن الفكرة تكمن في دراسة المسار اللاهوتي الذي يتخذه الأئمة"، هكذا يقول رئيس المجلس، أنور كبيبش، الذي أضاف أن السبب هو "تشجيعهم على الدراسة والتوقيع على ميثاق يروّج لإسلام مُنفتح وإسلام متسامح، وإسلام يحترم قيم الجمهورية الفرنسية".\nوقد كشف تقريرٌ أصدرته مؤخراً لجنة مجلس الشيوخ بفرنسا عن أنه من بين 2500 مسجد بالبلاد، يوجد 120 مسجداً سلفياً، يقدم الوعظ بالنهج الأصولي للإسلام السنّي.\nومع ذلك، فإن مروان محمد، مدير التجمع المناهض للإسلاموفوبيا، يصر على أن ذلك لا يمثل تهديداً جهادياً. فقد قال: "إن السلطات في حاجة للتوقف عن ملاحقة الناس لكونهم مسلمين؛ لأنهم ذوي لحية أو لالتزامهم الديني، فإن ذلك ليس علامة على الخطر، إن ذلك علامة على التديّن".\nووجد أعضاء مجلس الشيوخ أن 20 مسجداً تلقت تمويلاً أجنبياً، بشكل أساسي من تركيا والجزائر والمغرب، ومن المملكة العربية السعودية أيضاً على نطاق أدنى، والقلق ليس في ترويج الرعاة الأجانب للعنف بشكل مباشر، بل إن تلك المساجد أو أماكن الصلاة خلقت مناخاً مُسيّساً إلى حد كبير، يُعتبر العنف فيه وسيلة لنشر أفكار الإسلام.\nولهذا السبب ستقوم المُؤسسة الجديدة باعتماد الأئمة وأخذ مراقبة النواحي المالية في الاعتبار.\nولكن البعض قد اتهم المجلس الفرنسي للدين الإسلامي بالإذعان لمطالب الحكومة.\nفيقول مروان محمد: "نحن لدينا نظام تشريعي قوي بشأن المعاملات المالية وغسل الأموال، لذا فإن التشريع الحالي يسمح للسلطات بالنظر في أي تعامل مشبوه".\nوأبدى مواطنٌ فرنسي من أصل مغربي قلقة حيال ما يراه باعتباره تصاعداً لموجة الخوف من الإسلام في فرنسا، التي تفاقمت مع اقتراب إجراء الانتخابات الرئاسية عام 2017.\nفهو كغيره قلقٌ من أن الحكومة الحالية قد تنتزع أي محاولة من قِبل الجالية المُسلمة بالبلاد، كي تصبح أكثر انفتاحاً حول شؤونها الداخلية.\nولكن رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، أنور كبيبش، يبدي لهجةً أكثر تصالحاً، آخذاً في الاعتبار المناخ الذي أسفرت عنه الهجمات الإرهابية الأخيرة في نيس وروان، حيث أطلقت تلك الهجمات موجة من القيود الجديدة، شملت حظر ارتداء ملابس السباحة التي تغطي سائر الجسم "البوركيني" ببعض الشواطئ الفرنسية، وهي خطوة اعتبرها البعض تنمّ عن كراهية الإسلام.\nفيقول كبيبش: "نحن نناشد رفاقنا المواطنين الفرنسيين أن يتجنبوا خلق صلة بين الإسلام والإرهاب، وندعو رفاقنا المُسلمين لأخذ الحذر بشأن نشاطاتهم، وألا يزيدون حدّة الأمور ويجعلونها أكثر تعقيداً".\nوبالإضافة إلى طرح قضية التدريب على نحو أفضل للأئمة (وكثير منهم متطوعون من داخل المجتمع)، فإن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يأخذ في الاعتبار أيضاً أشكالاً جديدة للتمويل المحلي للمساجد الفرنسية.\nورجّح تقرير مجلس الشيوح أن تلك المساجد البالغ عددها 20 مسجداً وتتلقى تمويلاً أجنبياً يبلغ نحو 6 ملايين يورو (ما يعادل 6.8 مليون دولار أميركي) بإمكانها أن تنتفع من النظام الاقتصادي الذي تنطوي عليه المؤسسة الجديدة.\nبين الأفكار الجديدة التي يأخذها المجلس الفرنسي للدين الإسلامي في الاعتبار، هو وضع إطار أكثر رسمية لنظام التمويل، عبر تجارة اللحوم الحلال، ولكن عندما حاولت هيئة الإذاعة البريطانية استطلاع رأي عدد من تجار اللحوم الحلال في باريس، قوبلت التساؤلات بالحيرة.\nفالغالبية العظمى من المساجد الفرنسية تُموَّل عبر التبرعات من داخل المجتمع وأحياناً حتى من جزّاري اللحم الحلال.\nوتعتقد عضوة مجلس الشيوخ الفرنسي، ناتالي غوليت، أن تضييق الخناق على المساجد لردع المتطرفين، يخطئ الهدف تماماً، حيث قالت: "إن التطرف يحدث خارج المساجد، بل على نطاق أوسع بالسجون. فإن الشيء المُشترك بين كافة الشباب المتطرفين هو فهمهم الضعيف للدين".\nوفي حين أن عدد المُسلمين بفرنسا يقل عن 10% من إجمالي عدد السكان، فلازال المُسلمون يشكلون نحو 60% من عدد نزلاء السجون.\nوتسعى السلطات الفرنسية لتقديم برامج لاجتثاث جذور التطرف.\nولكن الكثير من المسلمين يعتقدون أن فرنسا لا تزال في حاجة إلى حل مُشكلات التهميش، فضلاً عن الطريقة التي يتم تصوير الإسلام بها بوسائل الإعلام الفرنسية، وإلا فهم يخشون أن ذلك قد يسهم في تقديم أرضٍ خصبة للمتطرفين الإسلاميين.\nيذكر أن عدداً من موجات الهجمات الجهادية قد شُنّت على فرنسا في الآونة الأخيرة؛ شملت أحداث عنف في باريس في الفترة بين 1 إلى 9 يناير/كانون الثاني 2015، تم خلالهم الهجوم على مجلة "شارلي إيبدو" الذي أسفر عن مقتل 17 شخصاً، والهجوم على شرطية ومتجر يهودي.\nتلى ذلك هجوماً بالعاصمة باريس أيضاً، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، لقى خلاله 130 شخصاً مصرعهم، في هجمات منظمة على الاستاد الرياضي وحانات ومطاعم وصالة احتفالات باتاكلان.\nوطُعِن شُرطي وصديقته بمدينة ماينانفيل، في 13 يونيو/حزيران.\nوشهدت مدينة نيس في 14 يوليو/تموز، مقتل 86 شخصاً على يد جهادي اقتحم الحشود المُحتفلين بالعيد القومي الفرنسي بشاحنة.\nوفي روان؛ قُتِل القِس جاك هاميل، البالغ من العمر 86 عاماً، في هجوم على قدّاس النهار بكنيسة سانت إتيان، على يد مُسلّحَين تابعَين لتنظيم داعش.\n- هذا الموضوع مترجم بتصرف عن موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

الخبر من المصدر