رسائل أحمد وعمران

رسائل أحمد وعمران

منذ ما يقرب من 8 سنوات

رسائل أحمد وعمران

جلس الطفل السوري عمران دقنيش، ابن الخمس سنوات، على مقعد في سيارة أسعاف وقد غطى جسده تراب انقاض منزل أسرته الذي دُمر في قصف لمنطقة القاطرجي في شرق مدينة حلب ، وهي الصورة التي صدمت الملايين عبر العالم، واعادت للأذهان مأساة الطفل السوري الآخر إيلان الكردي، الذي قذفت بجثته الامواج على سواحل تركيا عقب غرقه مع مجموعة من اللاجئين الفارين من جحيم الحرب.\nصورة عمران التي لخصت قصة الحروب التي يدفع ثمنها عادة الأبرياء ممن لا ناقة لهم ولا جمل في أتون النزاعات التي يفجرها الكبار ويدفع ثمنها الصغار، لقيت تعاطفا، وجلبت دموعا ذرفها أناس هزهم مشهد الطفل الذي بدا عليه الذهول ،غير مدرك لما يدور، قبل أن يكتشف أن رأسه ملطخة بالدماء،فيما كان يجلس على مقعد ،اشبه بكرسي العرش!!.\nوبعد يومين من تداول صورة عمران، كنا في مصرعلى موعد مع قصة أخرى صادمة وهي للطفل المصري أحمد محمود الذي وصل إلى أيطاليا على قارب هجرة غير شرعية، وهو يحمل تقريرا طبيا عن حالة شقيقه الأصغر فريد الذي يعاني مرضا خطيرا متوسلا، أو متسولا ، لا فرق، علاجه بعد أن ضاق الحال بأسرته، ما دفع الصغير إلى خوض غمار تجربة محفوفة بالمخاطر.\nقصة أحمد تلقفتها الصحف الإيطالية ، حيث قالت "لا ريبوبلكيا" إن المهاجر الصغير ، الذي وصل إلى شاطئ "لامبيدوزا" في الجنوب الإيطالي، قد انتقل إلى مدينة فلورنسا للإقامة في مبنى تابع للبلدية انتظارا لوصول بقية أفراد أسرته، فيما أشارت "كوريري دي لاسيرا" إلى أن فريد شقيق أحمد سيتلقى العلاج بمستشفى "مير" في فلورنسا.\nكما عكست الصحف الإيطالية ترحيب المسئولين الإيطاليين بـ أحمد، حيث استقبله عضو بمجلس مدينة فلورنسا جوفاني بيتاريني ، واصدرعضو بمجلس إقليم توسكانا بيانا قال فيه لأحمد " لقد علمتنا درسا عظيما..تضامننا معك كان بفضل شجاعتك وإصرارك..نأمل ان يكون باستطاعتنا علاج أخيك ".\nطبعا القصة التي وضعت كل مصري في حرج بالغ، دفعت المتحدث باسم الخارجية المستشار أحمد أبوزيد إلى مداخلة تلفزيونية قال فيها، إن السلطات المصرية عرفت بالموضوع من الإعلام الإيطالي، وإن أحمد هاجر بطريقة غير شرعية، ولم يكن لدى الدولة أي معلومات عن خروجه من مصر.\nأبو زيد الذي قال أن مصر أولى بابنائها، ناشد أسرة الطفل التواصل مع الدولة التي سستكفل بعلاج شقيقه ،شاكرا السلطات الإيطالية على تجاوبها الإيجابي، وطبعا حكاية أن مصر أولى بابنائها، وأنها أكثرا حنوا عليهم من غيرها، تذكرنا بالمثل الشعبي" زي الوز حنية بلا..." ، لأنه لوكانت مصر أولى بابنائها ،فعلا لا قولا ، لما دخل طفل عمره 13 سنة في مغامرة كان يمكن أن يدفع حياته ثمنا لها.\nالصحف الإيطالية وجدت في حكاية أحمد وشقيقه مادة ثرية، لتذكرنا بطريقة غير مباشرة بمقتل الباحث الإيطالي ريجيني ، ولسان حالها يقول للمصريين : ها نحن نستقبل صغاركم الفارين من الفقر والعوز، ، ونمنحهم الإقامة والعلاج المجاني، فيما ولدنا الذي جاءكم للعلم،عاد إلينا مقتولا!!\nبقي أن نشير إلى أن قصتا عمران السوري وأحمد المصري ، رغم تعاطفنا معهما ، فهما طفلان على كل حال، استغلهما الإعلام في الغرب أسوأ استغلال على طريقة "دس السم في العسل".\nوفي الأخير رحم الله الكاتب الكبير عبد العظيم مناف مؤسس دار الموقف العربي ورئيس تحرير صحيفة "صوت العرب"، بقدر ما أعطى للعديد من الاجيال الصحفية المصرية من فرص للتعلم في مدرسة صحفية تخرجت فيها نجوم لامعة الآن.

الخبر من المصدر