ندرة المقابر ترفع كلفة الموت في مصر

ندرة المقابر ترفع كلفة الموت في مصر

منذ ما يقرب من 8 سنوات

ندرة المقابر ترفع كلفة الموت في مصر

قبل عام وقف مواطن مصري على أبواب مبنى محافظة الجيزة، وهدد بإشعال النار في نفسه، لأنه لم صله الدور في قرعة المدافن التي أعلنت عنها المحافظة بعد أن تقدم لها مرارا.\nولم يقدم على تهديده إلا بعد أن ضاقت به أرض بلاده مثل مئات الآلاف الذين يمثل لهم الموت والحياة معا مشكلة بسبب ضيق الحال والعجز عن تدبير المال.\nلا يشكل خبر وفاة الأقرباء (الوالدة أو الوالد..) وحده مصدر الحزن عند المصريين البسطاء، بل الأسوأ منه مشكلة مكان دفن الميت.\nويمثل الارتفاع المضطرد في أسعار المقابر في مصر عائقا أمام الكثير من البسطاء الذين لا يجدون مالا يشترون به مقبرة تضم عظام الراحلين. وعماد واحد من هؤلاء، توفيت والدته بصعيد مصر، وقبل عرضا من أحد أقاربه لدفنها في مقبرة العائلة الميسورة، وهو يوقن أن عظامها ستكون يوما ما في كيس بركن المقبرة حينما يتزاحم فيها أصحابها الأصليون.\nوأمثال عماد كثر يعانون لأجل دفن موتاهم لأن مقبرة جديدة وخاصة ربما تتطلب ما يوازي تكلفة الحصول على شقة صغيرة.\nيرى الخبير الاقتصادي ممدوح الولي أن "الارتفاعات المتوالية في أسعار الأراضي والعقارات جعلت المصرين مهمومين بالحصول على شقة لسكنى الدنيا تماما بنفس قدر هم الحصول على مقبرة لسكنى الآخرة".\nوأضاف "ضيق الحيز العمراني المتاح انعكس سلبا على ارتفاع أسعار المقابر بنفس تأثير الانعكاس السلبي على ارتفاع أسعار العقارات، مع تراجع اهتمام الحكومة بتوفير المدافن للأموات لأن لديها مشكلة أكبر في توفير المساكن للأحياء، وهي تعمل بالمثل القائل "الحي أبقى من الميت".\n مقبرة عائلة مصرية ميسورة تضم أقاربها البسطاء (الجزيرة)\nوترى بعض العائلات من الطبقة المتوسطة في الدلتا (شمالا) أنه من العيب اللجوء لدفن ذويهم في مدافن الصدقة التابعة للجمعيات، وفي نفس الوقت لا يمكنها شراء مقابر جديدة تستوعب الراحلين الجدد، فلجأت لبناء دور ثان للمقبرة.\nوزاد الولي -الذي رأس سابقا مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الصحفية وكان أيضا نقيبا للصحفيين- أن "الأزمة الحقيقية بالنسبة للمدافن تحديدا لا تكمن في قلة المساحات، فالصحراء المصرية مترامية بلا نهاية، ولكن المشكلة أنها تقع في حيازة جهات ووزارات عديدة لا تريد التفريط فيها باعتبارها ملكا لها، ويبقى الأمل في جهاز تخطيط استخدامات الأراضي للاتفاق مع تلك الجهات لترك مساحات لبناء مقابر عليها".\nوفي جولة سريعة بين سماسرة المدافن بمصر، يظهر تفاوت الأسعار طبقا للموقع الجغرافي والمساحة المطلوبة وحجم المبني وشكله، حيث يصل ثمن مقبرة بمساحة أربعين مترا نصف مليون جنيه (نحو 65 ألف دولار)  في مناطق كمدينة نصر والتجمع الخامس شرق القاهرة، وينخفض لنحو أربعين ألف جنيه لمقبرة بمساحة 21 مترا بمدينة السادس من أكتوبر.\nويقول الصحفي المتخصص بالشأن العقاري بدوي السيد "هناك عائلة من محافظة أسيوط اشتهرت بالتجارة في أراضي المدافن بالقاهرة وتخصصت في بنائها" مشيرا إلى أن "الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان تطرح قطع أراض للتخفيف من حدة المشكلة المزمنة بالقرعة العلنية".\nورأى أحد الفائزين بقرعة مقبرة بمدينة السادس من أكتوبر يدعى عزت أن زواج ابنه أهم من المقبرة التي فاز بها، وأن بيعها سيحقق له مكسبا يصل 25 ألف جنيه، هو الفارق بين ما دفعه وما سيجنيه من البيع. وباعها لاستكمال نفقات زواج ابنه تاركا للأخير مسؤولية تدبر مشكلة دفنه بعد موته. وأمثال عزت كثر، يبيعون نصيبهم من قرعة المقبرة لحل أزماتهم المادية.\nويعتبر بدوي السيد هذا السلوك غير قانوني، ويقول "الحكومة تمنح الأراضي بطريقة حق الانتفاع، ولا يجوز بيعها أو التنازل عنها تبعا لقانون تعمل به وزارة الإسكان منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حتى تتيح الحكومة لنفسها حق إزالة المقابر للمنفعة العامة في حالة الضرورة، وتعويض أصحابها بمقابر بديلة في مكان آخر".

الخبر من المصدر