أثرياء الصين.. الهجرة إلى الشوكة والسكين

أثرياء الصين.. الهجرة إلى الشوكة والسكين

منذ ما يقرب من 8 سنوات

أثرياء الصين.. الهجرة إلى الشوكة والسكين

عيدان الأكل التي طالما كانت رمزا للبعد السلمي في الثقافة الصينية، تكاد اليوم تفقد قيمتها في ظل التحول الكبير الذي يشهده المجتمع الصيني نحو حياة البذخ والترف، فلم تعد امتدادا لأصابع اليد كما نظر إليها الصينيون القدماء، بل أصبحت مصدر إرباك وإزعاج لكثير من الشباب والأثرياء الصينيين.\nالتحولات التي تشهدها الصين، وسياسة الانفتاح التي انتهجتها، بدأتا تفرز حياة ترنو إلى تقليد بعض أنماط الثقافة الغربية، خاصة في أوساط طبقة الأغنياء، وشريحة الشباب، الذين لا يخفي بعضهم الشعور بالخجل لعدم معرفته بقواعد "الإتيكيت" الغربي والتصرف في المناسبات العامة.\nويتحدث جانغ بوو عن شعوره بالخجل أمام زملائه من الطلبة الأجانب، ليس لأنه لا يتقن اللغة الإنجليزية، بل لأنه لا يجيد استخدام الشوكة والسكين حين يكون ضيفا على موائدهم الغربية.\nويقول للجزيرة نت "في إحدى المرات دعاني صديق فرنسي إلى بيته مع مجموعة من الأصدقاء، وقدم لنا دجاجا مشويا، وكنت الصيني الوحيد في المجموعة، ولما بدأنا تناول الطعام شعرت بأن الجميع يراقبني، يريدون أن يعرفوا كيف يمكن أن تحمل الدجاجة بعودين".\nوأثرت الحادثة في بوو لدرجة أنه منذ ذلك الحين قاطع موائد زملائه الغربيين حتى يتعلم تناول الطعام بالشوكة والسكين على الطريقة الغربية.\nوفي ظل الانفتاح وانتشار الثراء في المجتمع الصيني بات الأغنياء في هذه البلاد يسعون إلى الظهور بمظاهر نظرائهم الغربيين، من خلال الحرص على تعلم قواعد "الإتيكيت" وتعليم أبنائهم في معاهد خاصة.\nوفي عاصمة الثراء الصيني شغنهاي -التي شهدت قبل أيام افتتاح مدينة ديزني لاند- تنتشر مراكز تعليم "الإتيكيت" وقواعد وآداب المائدة الغربية، التي تشكل العائلات الصينية الثرية أهم زبائنها.\nوبموازاة ذلك، يحرص بعض الأثرياء الصينيين في شنغهاي على تعليم أبنائهم الثقافة الغربية، ويستقدمون معلمين أجانب لذلك، يدرسون اللغة الإنجليزية، ويقدمون حصصا في فن الإتيكيت، وكيفية التصرف في المناسبات العامة والرحلات الخارجية.\nووفقا لمركز "كي إي إي" (KEE) في شنغهاي فإن الحصة الواحدة تكلف نحو ثلاثة آلاف يوان (خمسمئة دولار أميركي)، ويشارك غالبا في هذه الدروس أبناء المسؤولين الكبار في الدولة.\nويرجع باحثون صينيون هذا التحول إلى سياسة الانفتاح التي اتبعتها الصين في العقود الأخيرة، ويخشون من أن يؤثر ذلك على بنية المجتمع الصيني، ويؤدي إلى هوس شبابها بالغرب ونمط حياته وثقافته.\nوترى دان بينغ أستاذة علم النفس في جامعة جينان أن هذا التحول الملحوظ في أنماط حياة الصينيين هو نتيجة طبيعية لسياسات الانفتاح التي حكمت البلاد في العقود الأخيرة.\nوتقول بينغ للجزيرة نت إنه من المحزن أن يشعر الصيني بالخجل من تاريخه وإرثه الثقافي، أمام الانبهار بمن يفترض أنهم جاؤوا إلى البلاد بدافع الفضول، للاطلاع على ثقافتها وحضارتها.\nوتضيف أنه على الصينيين ألا ينسوا أنهم حتى وقت قريب كانوا يعانون من ويلات الحرب والجوع والحرمان.\nوفي المقابل، يرى مراقبون صينيون أن ظاهرة التحول في المجتمع الصيني نحو حياة البذخ والترف ظاهرة صحية، من شأنها أن تحسن الصورة الدولية لبلادهم على المستويين الشعبي والرسمي.\nويستحضر بعض هؤلاء الانتقادات التي وجهتها ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية إلى المسؤولين الصينيين بسبب سوء تصرفهم مع السفيرة البريطانية في بكين في إحدى المناسبات الدبلوماسية، حيث وصفت السلوك الصيني بالفظ، وهو ما اعتبره الصينيون إهانة لهم.

الخبر من المصدر