سارة مصطفى تكتب: لماذا لا يموت الـ”دارك لوردز”؟

سارة مصطفى تكتب: لماذا لا يموت الـ”دارك لوردز”؟

منذ ما يقرب من 8 سنوات

سارة مصطفى تكتب: لماذا لا يموت الـ”دارك لوردز”؟

أنهيت مؤخرا قراءة مجموعة روايات هاري بوتر بأجزائها السبعة.. قد تبدو المجموعة للوهلة الأولى خاصة بالأطفال أو بالمراهقين على أقصى تقدير، ولكن إعادة قراءتها ومشاهدة الأفلام المقتبسة عنها مرة تلو الأخرى تكشف درسًا، أو مقولة، حكمة، أو تفصيلة لم ينتبه إليها القارئ أو المشاهد في المرة التي سبقتها.\nفي البداية فرضت الرواية نفسها على الواقع، وظننت أنني ابتعدت حينما وجدت نفسي أستل عصاي السحرية وأقف بجانب “جماعة العنقاء” أحارب أسوأ ساحر ظهر في هذا العالم “اللورد فولدمورت“.\nبعد عدد من الصفحات، وجدت الواقع يغلب ويفرض نفسه مرة أخرى، فرأيت أشرار هذا العالم في وجوه شخصيات الجانب المظلم في هذه الرواية، ووجدت نفسي أربط بين ما يحدث في الرواية وبين ما يحدث في الأخبار التي أقرأها كل يوم.\nرغم تشابه الصفات بين أشرار الواقع وأشرار الرواية، إلا أن بعض العوالم أكثر حظا من غيرها، فعالم السحرة ممتع مثير للاهتمام، يحظى بأشرار أذكياء ذوي قوى مدهشة مثل فولدمورت.\nأما دول العالم الثالث فمملة، حتى في أشرارها تحظى بمن هم أقل ذكاء وأقل قوة وأكثر فشلا وأقل حيلة. اللورد فولدمورت هو الشرير الرئيسي على امتداد السبعة أجزاء، ورغم المحاولات المستمرة لقتله في هذه الأجزاء، ومحاولات أجيال أخرى للقضاء عليه، إلا أنه بدا أن “الدارك لورد” لا يموت.\nيحاول المعلمون الكبار مثل “دامبلدور” قتله، ولكنهم لا ينجحون، يحاول الآباء التخلص منه لحماية مستقبل أبنائهم فينجحون في إضعافه وإيقافه لعدد من السنوات، ولكنه لا يلبث أن يستعيد قوته ويعود، فتقع مهمة القضاء عليه على الجيل الجديد.\nمثل الدارك لوردز الذين يحكمون عالمنا، قال فولدمورت لمن حوله أن عليهم الاستماع إليه هو، والثقة فيه هو فقط دون غيره.. حاول أيضا أن يقضي على كل السحرة الذين لا يملكون دماء نقية، أي ينحدرون من أسر عادية وليس من سحرة، لأنه يرى أنهم في منزلة أقل، كما أنه يحتقر سائر الكائنات السحرية ويراها أحقر من السحرة.. فولدمورت خلق أعداءه بنفسه، فهو الذي حشد الناس ضده حينما قتل عائلة هذا، وعذب أهل ذاك، وخطف العديدين وأخفاهم، لأنهم لا يؤيدونه.. فولدمورت أيضا يستعين بمخلوقات تدعى “ديمنتورز“، وقد كانت وظيفتها حراسة سجن عالم السحرة “أزكابان” في مقابل أن تتركهم وزارة السحر ليسحبوا أرواح المساجين ويتغذوا على ذكرياتهم ويجعلونهم يعيشون أسوأ ذكرياتهم مرة تلو الأخرى، حتى يتركوا السجناء في النهاية أجساد لا هي ميتة، ولا هي على قيد الحياة.\nكل أفعال فولدمورت هذه ساعدت على تقوية من يقفون ضده وجعلت البعض ينضمون إلى الجهة المقابلة رغم خوفهم، فولدمورت صنع أعداءه بنفسه مثل أي طاغية كما قال “دمبلدور” لهاري، فلولا جرائمه البشعة لما حاربه الآخرون.\nلم يحمل “فولدمورت” هذا الاسم منذ البداية، بل كان اسمه “توم ريدل”، وقبل أن يصبح “الدارك لورد”، كان مجرد طالب في مدرسة “هوجوارتس” للسحر.. انجذب للسحر الأسود منذ حداثته، وفي طريقه ليصبح أعظم ساحر أسود سيطرت عليه فكرة الخلود.\nقام بخداع أحد أساتذته وعلم منه أن هناك نوعا من السحر يدعى “هوركروكس” يمكّنه من تجزيء روحه وحفظ جزء منها داخل أداة ما، ولكن عملية تجزيء الروح لا تتم إلا عن طريق القتل.\nوهكذا استطاع “فولدمورت” العودة مرة تلو الأخرى، بعد أن ظن الجميع أنه قضي عليه.\nقد لا يملك أشرار عالمنا قدرات سحرية، لكن كل جرائم القتل التي قاموا بها جزأت شرهم وحفظته في أماكن عديدة مثل نفوس الشعوب، ووسائل الإعلام، وأجهزة الدولة، وبهذه الطريقة يتم إعادة إحياة الشر مرة أخرى، بعد أن يظن من حاربوه أنهم قد انتصروا عليه أخيرا.\nفي النهاية استطاع أبطال القصة القضاء على فولدمورت، ولكن هذا لم يتم إلا بعد أن قضوا على أجزاء روحه التي وزعها في كل مكان.. هذا يعني أنه حتى الدارك لوردز يموتون، لكن موتهم وتدميرهم يأخذ بعض الوقت، والكثير من الضحايا، وقبل كل شيء القضاء على أجزاء شرهم التي نشروها بالخوف في نفوس المواطنين، وأيضا بالجهل والرشاوي والفساد.\nغالبا لا يستطيع جيل واحد أن ينهي الأمر، بل يساهم الجيل تلو الآخر في القضاء على جزء معين وتحضير الذين يأتون بعدهم للقضاء على الجزء الخاص بهم، حتى يفنى الدارك لورد تماما، وحتى عندها لن ينتهي الشر في العالم لفناء إحدى الدارك لوردز، وكما يقول “دامبلدور”: “من المهم أن نحارب، ثم نحارب مجددا، ونظل نحارب لأنه بهذه الطريقة فقط نستطيع إبقاء الشر بعيدا، رغم أننا لم ولن نستأصله تماما”

الخبر من المصدر