«أفراح القبة».. المسرح داخل التلفزيون بإيقاع سينمائي

«أفراح القبة».. المسرح داخل التلفزيون بإيقاع سينمائي

منذ ما يقرب من 8 سنوات

«أفراح القبة».. المسرح داخل التلفزيون بإيقاع سينمائي

يفترض أي تجسيد درامي للنص الروائي "أفراح القبة" للكاتب العالمي نجيب محفوظ، اعتماد تقنية "المسرح داخل المسرح" ومع تحويله إلى سيناريو التلفزيوني كنا أمام تؤأمة بين المسرح والتلفزيون، تمثلت شكلياً بما يمكن أن نسميه تقنية "المسرح داخل المسرح داخل التلفزيون" وهي اللعبة الفنية التي أدارها المخرج محمد ياسين بعين السينمائي، على نحو هدم فيه حاجز الاختلاف المسرح والسينما والتلفزيون، جاعلاً من مسلسل "أفراح القبة" الدراما النموذج لحالة تفاعل مستمرة بين الفنون الثلاثة، ببنائهم الدرامي، وعلاقتهم مع الفنون الإبداعية كالأدب والموسيقا والمعمار والتشكيل، وما ارتبط بها من أنساق بنائية في العرض المسرحي (ميزانسين، إضاءة ، أزياء، ديكور...).\nيختلط ما هو مسرحي دون تكلف مع السينمائي والتلفزيوني في "أفراح القبة"، سيظهر ذلك بوضوح في الحدث، وفي بناء الشخصيات وفي شكل الحوار والإضاءة ، فضلاً عن الاهتمام البليغ بالتفاصيل.\nبناء الشخصية من الداخل أبرز ما يميز شخصيات "أفراح القبة" ولاسيما شخصية "طارق رمضان" (إياد نصار) و"عباس كرم يونس"(محمد الشرنوبي)، مع تكامل أبعادها الثلاثة (المادي، الاجتماعي، النفسي) في بنائها الخارجي شكلت تلك الشخصيات عالماً بحد ذاته، وراحت تؤسس لبنية سرد غير تقليدية ضمن بناء درامي متماسك، يعج بالتفاصيل الدرامية تسجل للكاتبين محمد أمين راضي ونشوى زايد.إذا ما قيس الأمر برواية نجيب محفوظ .\nالممثل هو الأساس في تجسيد تلك العوالم، وقد فرض النص على الشخصيات التمثيلية أن تقف لتجسد حيواتها في مسرحية كتبها عباس كرم يونس، وأرادها على الطريقة الهاملتية منصة انتقام وتعرية لمن حوله، وبالتالي كان على الممثلين أن يخوضوا تجربة التمثيل ضمن التمثيل، ولم يكن ذلك بطبيعة الحال على خشبة مسرح الهلالي وحسب، وإنما في كواليس المسرح وخارجه...وهو الأمر الذي تطلب من الممثلين، تقديم كولاج متنوع من الأداء التمثليي الذي يراوح بين المسرحي والتلفزيوني بآن واحد، ومواكبة ذلك بمشهدية بصرية موازية من قبل المخرج ياسين، فشاهدنا في الحلقتين العاشرة والحادية عشرة كيف تبادل طارق رمضان(إياد نصار) وسرحان الهلالي(جمال سليمان) الأدوار بين ممثل ومشاهد تحت بقعة ضوء واحدة ، في نقلة واعية ما بين ما هو تلفزيوني وما هو مسرحي، فكان الواحد منهما يخرج من الحوار التلفزيوني المتبادل بينها، ليقدم مونولوجاً فردياً بأداء مسرحي.\nسطوة الحوار كما يفترضه الجانب المسرحي من الحكاية لم يكن قدراً، نجح كاتبا السيناريو في ضبط الحكي لصالح الفعل الدرامي ، واستطاع المخرج محمد ياسين التخلص ببراعة من سيادة الحوار في بعض المشاهد لصالح الصورة بكل ما فيها من مخزون وجداني، وذلك باشتغاله على التفاصيل الدقيقة ضمن المشهد الواحد، ولقطة تلو أخرى، عبر سرد بصري سينمائي، وتقطيع مونتاجي متناغم بين مشاهد نص عباس كرم يونس كما يؤديها الممثلون على خشبة مسرح الهلالي ومشاهدهم اليومية في كواليس المسرح والحياة.\nالتؤأمة بين المسرح والسينما والتلفزيون ستظهر أيضاً عبر الإضاءة ومستوياتها ودلالتها وعمق الكادر ودورها في تشكيل الجو النفسي العام للمشهد، وضبط إيقاع المشاهد، بين المسرحية منها والتلفزيونية.\nيقول د.أ.بوريتسكي في كتابه "الصحافة التلفزيونية" أن التلفزيون ورث الحوار والحدث والتمثيل عن المسرح، و أخذ من السينما، لغتها، تنوعها، مرونتها، انتشارها، طرق تعبيرها المؤثرة والقوية والقوية وقام بملائمة هذه اللغة مع طبيعته الخاصة..فإذا ما أضفنا ما تقدمه رواية نجيب محفوظ، بوصفها جنساً ادبياً، تتقاطع عناصرها (الفكرة، الحدث، الشخصيات، الزمان، البيئة..) مع عناصر البناء الفني للدراما..يمكن النظر إلى مسلسل "أفراح القبة" بوصفه ملتقى الفنون والأدب.

الخبر من المصدر