حالة ترقب لمستثمري الخليج

حالة ترقب لمستثمري الخليج

منذ ما يقرب من 8 سنوات

حالة ترقب لمستثمري الخليج

في الوقت الذي ينتظر فيه الكثيرون نتائج الاستفتاء الذي سوف يقرر استمرار عضوية بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، يترقب المستثمرون الخليجيون نتيجة الاستفتاء لكي يتخذوا قرارهم في ما يتعلق باستمرار أو سحب استثماراتهم العامة والعقارية تحديداً من مدينة الضباب لندن.\nووفقاً لعدة تقارير، تقدر الاستثمارات الخليجية في المملكة المتحدة أو تلك التي يخططون القيام بها بأكثر من 130 مليار دولار مقابل 100 مليار دولار في العام 2012، وتتركز أغلبية الاستثمارات، وخصوصاً السعودية منها، في قطاع العقار وأسواق المال والمصارف.\nويرى محللون أن الأحداث السياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وتذبذب أسعار النفط دفع المستثمرين العرب الأفراد إلى التوجه نحو الخارج بحثاً عن مصادر دخل آمنة وعائدات مالية عالية، فكان القطاع العقاري البريطاني الوجهة الأساس لهم.\nوتُظهر إحصائيات العام 2015 تسجيل أرقام قياسية بحجم الاستثمارات من المنطقة وخاصة دول الخليج، على رغم الضرائب العالية التي تفرضها بريطانيا على العقارات، وهي تعتبر أعلى من الضرائب في أي دولة غربية أخرى وتشمل رسوم البلديات المحلية ورسوم الدمغة وضرائب الإرث والقيمة المتزايدة لرأس المال.\nوفي حال تحقق الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، فإن تلك الأرقام القياسية التي سُجلت في العام 2015 قد تتأثر وستتأثر معها قرارات المستثمرين العرب عموماً والخليجيين خصوصاً، حيث توقعت تقارير الخزانة البريطانية في شهر إبريل/نيسان الماضي تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بين 10-26 % بعد 15 عاماً، في صورة الخروج من الاتحاد الأوروبي مقارنة مع البقاء فيه.\nومع هذه المخاوف، تشير تحليلات مؤسسات استثمارية في بريطانيا إلى أن المستثمرين الخليجيين، و هم من أكبر مشتري العقارات البريطانية، يحجمون عن الصفقات الجديدة خوفاً من انهيار أسعار العقارات إذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.\nووفقاً لتقارير تلك المؤسسات، شارك المستثمرون الإماراتيون بأكثر من 20 % من شراء العقارات في لندن بالعام 2015، فيما كان المستثمرون السياديون ومستثمرو القطاع الخاص من قطر والسعودية والكويت والإمارات يشترون الأصول البريطانية في السنوات العشر الأخيرة بالإضافة إلى عقارات بمليارات الدولارات، مُعظمها في  العاصمة البريطانية لندن، بحسب أميت سيث، مدير المشاريع العقارية العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بشركة «تشسترتونز» المتخصصة في العقارات.\nوفي نتائج تقارير ليست ببعيدة عما قاله سيث، تشير شركة السمسرة العقارية «نايت فرانك» إلى تراجع قيمة العقارات السكنية بالمناطق الراقية التي يفضلها المستثمرون الخليجيون مثل  أحياء «تشيلسي» و«ساوث كنسنغتون» و«نايتس بريدج» بين 3.5 و7.5 % على أساس سنوي في شهر مايو/أيار الماضي.\nهذا أيضاً ما يضيف عليه سيث، حيث يرى أن مستثمري القطاع الخاص الخليجيين والشركات العائلية الخليجية المهتمون بالعقارات يبدون الآن أكثر تردداً في ما يتعلق بالاستثمار، بسبب الاستفتاء على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، رغم أنهم ما زالوا يبحثون عن الفرص ويناقشونها مع شركاتهم ولكنهم لا يبرمون صفقات.\nكما كان الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس الوزراء القطري السابق ومدير الاستثمار الذي يشرف على جزء كبير من الاستحواذات القطرية ببريطانيا، أول من  تحدث علناً ضد التصويت بالانسحاب.\nوفي شهر إبريل/نيسان الماضي، خلال مقابلة للشيخ حمد مع جريدة فايننشال تايمز، قال إن إجمالي الاستثمارات القطرية في بريطانيا  يُقدر بحوالي 30 مليار جنيه استرليني (44 مليار دولار) بينما قال مؤخراً، في معرض اعتراضه على الانسحاب البريطاني المحتمل، «جميعنا في الشرق الأوسط نُريد أن نرى أوروبا قوية، ونعتقد أن التكامل الاقتصادي شرط أساسي لتُصبح أقوى في الواقع نعتقد أنه على المملكة المتحدة البقاء في الاتحاد الأوروبي، وأن تقوده أيضاً» واصفاً لندن بـ«العاصمة المالية للعالم».\nوتعد قطر من أكبر المستثمرين في لندن، وتملك معالم  هامة مثل ناطحة السحاب «شارد» ومتاجر «هارودز» الشهيرة ، والقرية الأولمبية إلى جانب فنادق فاخرة، بالإضافة إلى قيادتها لتحالف اشترى الشركة المالكة لـ«كناري وارف» حي المال والأعمال، العام الماضي.\nومع  تذبذب أسعار النفط المستمرة منذ فترة والعوامل الاقتصادية العالمية المتنوعة إلى جانب قرار الانتظار والمخاوف وحجم الاستثمارات المحتملة والمعلقة لحين نتائج الاستفتاء، توجه جهاز قطر للاستثمار نحو الولايات المتحدة الأميركية وآسيا في السنتين الأخيرتين.  \nقام الجهاز بهذه الخطوة لكي يوسع محفظته الاستثمارية، لكن استثماراته الضخمة في بريطانيا لا زالت قائمة مثل حصصه في بنك «باركليز»، و«رويال داتش شل» و«سينسبري» بحسب التقارير.\nووفق معهد صناديق الثروة السيادية، تبلغ قيمة الأصول العالمية تحت إدارة جهاز قطر للاستثمار 256 مليار دولار، وللصندوق 7 مليارات دولار على الأقل في أسهم متداولة ببورصة لندن التي يملك الصندوق 10.3 % فيها.\nوجاء المستثمرون الكويتيون والإماراتيون والقطريون في الطليعة بشرائهم عقارات بريطانية بقيمة 5.9 مليار جنيه استرليني على الأقل خلال الأشهر الـ 11 الأولى من العام الماضي، مقارنة بـ4.8 مليار جنيه استرليني في العام 2014، وفق شركة «سافيلز» الدولية للاستشارات العقارية في بريطانيا.\nورغم أن حجم الاستثمارات الشرق أوسطية لا يزال دون الاستثمارات الأميركية والآسيوية، إلا أنه ساهم في شكل لافت في طفرة التدفقات الخارجية والتي ساهمت في زيادة قيمة السيولة في بريطانيا.\nومثل قطر، تملك الكويت معالم هامة في العاصمة البريطانية لندن مثل مشروع «مور وان» المطل على ضفة النهر، ويضم مقر رئيس البلدية إلى جانب مبانٍ في «كناري وارف»حي المال والأعمال.  وتُمثل الهيئة العامة للاستثمار الكويتية التي تبلغ قيمة الأصول تحت إدارتها 592 مليار دولار، وفق معهد الصناديق السيادية، مستثمراً كبيراً آخر، من خلال مكتبها في لندن.  وتُركز الهيئة على استثمارات البنية التحتية عبر وحدتها «رين هاوس» لإدارة البنية التحتية التي تأسست في العام 2013. وفي نفس السنة أيضاً، قالت الهيئة إن الصندوق عزّز استثماراته في بريطانيا إلى أكثر من 24 مليار دولار، أي أكثر من مثليها على مدى العشر سنوات السابقة.\nعُمانياً، مؤخراً تداولت التقارير تصريحات الرجل الذي  وصف من قبل معهد الصناديق السيادية بوصول الأصول تحت إدارته إلى 6  مليارات دولار، و هو فابيو سكاتشيافيلاني، كبير الاقتصاديين بالصندوق العماني للاستثمار، الذي قال إن الضبابية التي ترافق الإطار القانوني والتنظيمي في حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مبعث قلق لأي مستثمر كبير في بريطانيا.\nوقال:«إذا استثمرت صناديق الثروة السيادية بالمنطقة في الأصول البريطانية، فمن الطبيعي أن يساورها القلق على توقعات عوائدها في المدى الطويل» مضيفاً أن معظم الصناديق ستُرجئ قراراتها لما بعد الاستفتاء».\nوأضاف أن«خروج بريطانيا ينطوي على فترة تأقلم طويلة، وقد تكون شائكة، وسيتعين على المملكة المتحدة إجراء مفاوضات بخصوص العلاقات التجارية».\nوجنباً إلى جنب الحذر الخليجي، أصدرت مؤخراً «لامودي» المنصة الإلكترونية المعنية بالأسواق الناشئة وغير الهادفة للربح، دراسة حول تأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على السوق العقاري والفرص الخليجية-وتحديداً السعودية- في جذب الاستثمار العقاري.\nنتائج دراستها أظهرت أن معظم الشركات الرائدة في مجال الاستثمار العقاري العالمي، ترى أن مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي ستؤثر على سيولة الاستثمار في العديد من المناطق البريطانية، ما قد يتسبب في ركود اقتصادي وانخفاض للطلب الذي يعد المحرك الأساسي للسوق العقاري في بريطانيا.\nفي ذات السياق، أشار استطلاع شركة «كي بي إم جي» على 25 شركة استثمارية في المجال العقاري، أن الاضطراب الحاصل في السوق الآن قد يكون ضرره أكبر من الضرر بعد صدور القرار.\nوتشير التقارير الصحفية الصادرة عن «وول ستريت جورنال»إلى أن ما يقارب ثلثي المعاملات الخاصة بالعقارات التجارية في وسط لندن هي من قبل مستثمرين أجانب، وهم على وشك تغيير وجهتهم الاستثمارية للظروف المصاحبة لنتائج الاستفتاء، إضافة إلى أن الاضطراب في السوق العقاري البريطاني انعكس على نسبة العائد من الاستثمار وخلق العديد من الفرص المغرية في أسواق ناشئة بنسب أعلى للعائد من الاستثمار.\nوفي الوقت الذي تميل فيه الكثير من التقارير التحليلية العالمية إلى التشاؤمية، ينقسم الخليجيون بين مؤيد للتبعات السلبية على الاستثمارات الخليجية والعقارية أيضاً، بينما يرى فريق آخر بقاء الحال على ما هو عليه نظراً  لقيمة العاصمة البريطانية لندن بالنسبة لمنطقة الخليج  التي تعتبرها عاصمة اقتصادية وسياسية واستثمارية مؤثرة في المنطقة.\nمؤخراً، قال الخبير الاقتصادي ناصر السعيدي في عدة تقارير إعلامية إن التبعات السلبية ستلحق ببريطانيا نفسها حيث تصل 45 % من صادراتها إلى أوروبا، وخروجها سيضطرها إلى إعادة التفاوض على أكثر من 60 اتفاقاً تجارياً مع دول العالم بما فيها دول الاتحاد ودول الخليج، كما سيؤثر خروجها على الجنيه الإسترليني.\nوأشار السعيدي إلى أن بريطانيا استفادت من تدفق الاستثمارات واليد العاملة الماهرة لأنها جزء من الاتحاد الأوروبي، وأن مرحلة عدم الوضوح التي ستشهدها المملكة المتحدة في حال خروجها من الاتحاد، ستبعد المستثمرين عنها، بينهم  الخليجيون.\nولفت السعيدي إلى أن بريطانيا لم تعد البلد المهيمن استثمارياً بالنسبة إلى الصناديق السيادية الخليجية، كما كان الحال قبل 15 سنة، لأنها أصبحت تتجه أكثر إلى آسيا.\nو رغم زيادة الاستثمارات الخليجية في القطاع العقاري، من المتوقع أن تتراجع توظيفات الصناديق السيادية بقوة في حال خروج بريطانيا من الاتحاد، لأن من المرجح ان تتدنى أسعار الأسهم والسندات، جراء سحب المستثمرين أموالهم، كذلك أسعار العقارات، بحسب قوله.\nكما توقع أن يتراجع معدل تدفق الاستثمارات الخليجية إلى بريطانيا بنسبة تراوح بين 20 و30 %، في حال قررت بريطانيا الخروج، وأن يعيد المستثمرون النظر في استثماراتهم الموجودة في الأسهم والسندات.\nمؤخراً أيضاً، رجح هشام الشيراوي، نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة دبي، في عدة تقارير إعلامية، أن تتأثر الاستثمارات الخليجية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي فقط، أما « الاستثمارات داخل بريطانيا نفسها فلن تتأثر، لأنها مرتبطة بتفاهمات وعقود سابقة.»\nهنا يتذكر عدة محللين خليجيين مرحلة ما بعد 11 سبتمبر/أيلول 2001، عندما فرضت الحكومة الأميركية قيوداً صارمة على حركة الأموال الأجنبية والعربية خاصة، فتوجه الخليجيون باستثماراتهم إلى أوروبا، وخصوصاً بريطانيا لمناخها الاستثماري الأفضل والآمن ذي العائدات الكبيرة، ولأنها أكثر ترحيباً، فيما قامت الولايات المتحدة الأميركية بتجميد كثير من حسابات الأجانب في المصارف الأميركية، وشددت الإجراءات على حرية السفر ودخول الأفراد إليها.\nوبخلاف توقعات السعيدي والشيراوي، توقع رجل الأعمال سعيد العابدي مؤخراً ألا تتأثر الاستثمارات الخليجية في كلتا الحالين، لأن «لندن ستبقى عاصمة اقتصادية وسياسية واستثمارية مؤثرة بالنسبة إلى العالم العربي، بغض النظر عن النتائج».\nكما أوضح العابدي أن معظم الاستثمارات الخليجية تأسست خارج المنظومة البريطانية، أي في المناطق الحرة التابعة لبريطانيا، و بالتالي لا يرى تأثيراُ كبيراً للتغير الضريبي في المملكة المتحدة.\nومن الملفت للنظر بشكل كبير هو ردود أفعال المستثمرين العالميين حيال  الاستفتاء، فبينما  يترقب المستثمرون العرب النتائج قبل اتخاذ أية قرارات بمغادرة السوق البريطاني، يتطلع المستثمر العالمي إلى الأسواق الناشئة بجدية كبرى، على سبيل المثال يرى في الشرق الأوسط مستقبلاً واعداً  لكون متوسط الدخل للفرد يعد مرتفعاً مقارنة بالعديد من الأسواق الناشئة بالإضافة إلى المعدل العمري المنخفض، ما ينبئ بارتفاع الطلب مستقبلاً على الوحدات السكنية والتجارية وتحديداً في الأردن والسعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر.\nإضافة لذلك، ووفقاً لـ«سي بي آر آي»، فإن السوق العقاري في الفلبين لا يزال جذاباً وتحديداً منطقة «ماكاتي» التجارية، وذلك انعكاساً لنمو الناتج المحلي بنسبة 6.4 % في الربع الأول من العام الحالي، إضافة إلى توقعات الخبراء بتدفق المزيد من الأموال بشكل صاعد.\nأما المنصة الإلكترونية العقارية، «لامودي» فقد لاحظت اتجاه العديد من المستثمرين من سنغافورة إلى إندونيسيا ؛ حيث أعلنت مؤخراً مجموعة «ليبو» عن استثمار مبلغ 2.6 مليار دولار في إندونيسيا ما سينعكس بشكل إيجابي على السوق العقاري في الفترة القريبة المقبلة ويتسبب في نشاط عقاري ملحوظ.\nو في ما يخص  القارة اللاتينية، فإن العائد السنوي على الاستثمار يقارب 20 % بالعديد من المناطق وواعد بفرص النمو على المدى الطويل؛ حيث إن عدد السكان يتجاوز 400 مليون نسمة في البرازيل والمكسيك وكولومبيا وبيرو وتشيلي، بالإضافة إلى نمو الطبقة الوسطى في السنوات الأخيرة، ما انعكس إيجابياً على السوق العقاري. وتكمن محاور قوة المنطقة في النمو المستمر وارتفاع مستويات الدخل، بالإضافة إلى ارتفاع الطلبات على العقارات لمعدل الإعمار المعتدل في المنطقة.

الخبر من المصدر