«راشد العنوشي»: شمولية الإسلام لا تعني شمولية الأحزاب الإسلامية - ساسة بوست

«راشد العنوشي»: شمولية الإسلام لا تعني شمولية الأحزاب الإسلامية - ساسة بوست

منذ 8 سنوات

«راشد العنوشي»: شمولية الإسلام لا تعني شمولية الأحزاب الإسلامية - ساسة بوست

منذ 1 دقيقة، 3 يونيو,2016\nتلقت «عربي21» مقالا للشيخ «راشد الغنوشي» رئيس حركة النهضة التونسية يرد فيه على النقاش والجدل الدائر حول القرارات الأخيرة لمؤتمر الحركة العام العاشر. وفيما يلي نص المقال:\nكثيرا ما قادت شدة الغيرة على شخص أو هيئة أو قضية إلى ضرب من الخنق أو القتل، وفي الأقل إلى الإساءة من حيث أريد الإحسان والحفظ، وهو ما يأتيه هذه الأيام بعض الغيورين على المشروع الإسلامي التونسي في ردّ فعل مبتسر متسرع لما أقدم عليه إخوانهم في تونس من تطوير لمشروعهم.\nلم ينقله – كما توهموا، ظانين ظن السوء من الإسلام إلى العلمنة بقدر ما كان انتقالا من نوع آخر، فهو تطور طبيعي عرفته كل ظاهرة حضارية، إذ تتطور من العام إلى الخاص، من الشمولية إلى التفرغ والتخصص داخل الدائرة نفسها، إذ شمولية الفكرة الإسلامية لا تقتضي ضرورة شمولية كل تنظيم يعمل على تمثيلها وتجسيدها في الواقع لا بمعنى وحدة البواعث والمقاصد: «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين».\nصحيح أن المشروع الإسلامي قد تكثفت نواته الأولى في شخص رسول الله عليه السلام، فكان إمام الصلاة، وإمام الحكم، والقاضي، والقائد العسكري والمفتي، مما يعرف بـ«تعدد مقامات النبي»، ولكن هذه الوظائف بعد انتصار الفكرة وازدهارها، توزعت في المجتمع الإسلامي، فتميزت وظائف القضاء عن وظائف الحكم، عن الوظائف العلمية والوقف والسيف والقلم.\nوفي مرحلة ما بعد سقوط آخر خلافة، وفي سياق أنظمة شمولية سائدة كالنازية والشيوعية والفاشية والقومية، نشأت تنظيمات إسلامية شمولية، تختزن داخلها تمثيل كل أبعاد المشروع الإسلامي الدعوية والسياسية والخيرية وحتى العسكرية، مما حسبه البعض لازما من لوازم الإسلام والعمل لإحيائه، وليس بالتأكيد كذلك.\nوهو نهج وإن كانت له مبرراته ومنافعه، إلا أنه جلب على المشروع الإسلامي بلايا عظيمة لجمعه بين أعمال من طبائع مختلفة إن لم تكن متصادمة، كالجمع بين العسكري والمدني، والجمع بين السياسي والحضاري، فكان يكفي أن تصطدم السياسة بالحكم وهي كثيرا ما تكون في مشاكسة وحتى صدام ، فتهب ريح السَّمُوم على كل غراسات الحقل لا تبقي ولا تذر.\nوقد يصل الأمر إلى أن تصير الصلاة تهمة، والحجاب جريمة، والمصحف حجة إدانة، والكتاب الإسلامي والجمعيات الخيرية محل مطاردة، فماذا كسب الإسلام من هذه التنظيمات الشمولية غير البلاء؟!\nألم تلاحق الأحزاب الإسلامية تهمة توظيف الدين والمساجد؟\nفضلا عما لحق مؤسسات المجتمع المدني، الجمعيات الخيرية والمدارس، من كوارث جراء هذا الارتباط التنظيمي بين مؤسسات من طبيعة مختلفة.\nألا يكفي ذلك حجة لفك الارتباط التنظيمي بين أبعاد المشروع الإسلامي؟!\nولا نعني بحال الارتباط الفكري فهو حاصل، وينبغي تأكيده في عقل المسلم ونيته بالحرص على وحدة اتجاهه بكل أعماله إلى وجهة واحدة الله سبحانه وتعالى، لا سيما ونحن في عصر التخصص.\nهل بقي مجال في مجتمع مفتوح متطور إلى قيام مؤسسة أخطبوطية هي بمنزلة دولة شمولية تدير أخطبوطا من المؤسسات المترامية الأطراف المختلفة الطباع؟ وما ضرورة ذلك؟\nإننا نرى في مجتمعنا مثلا مشروعا يساريا تقوم على خدمته عديد الأحزاب، تلتقي معها موضوعيا مئات الجمعيات والمؤسسات الحقوقية والنقابية ومراكز الدراسات ونوادي السينما والمسرح والغناء، تصب كلها في اتجاه المشروع اليساري لا يجمعها رباط تنظيمي، وإنما يجمعها المشروع والفكرة.\nإن الإسلام كبير، ومن العبث أن يحاول تنظيم مهما اختبط أن يحتويه.\nنحن هنا في النهضة اخترنا بعد تجربة زهاء نصف قرن في خدمة الإسلام والوطن، أن نقوم على خدمة ديننا ووطننا تونس ودولتنا الحبيبة انطلاقا من هذه الرؤية، من حزب سياسي مسلم ديمقراطي متفرغ متخصّص في الحقل السياسي، تاركين المجالات الأخرى من المشروع الإسلامي للمتخصصين فيها، ملتقين معهم في خدمة الوطن والدين والأمة.\n(وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ).\nهذا المحتوى منقول عن عربي 21

الخبر من المصدر