اعتذارات الصحف.. قليل من الأسف يحفظ ماء الوجه ويُبقي على المهنية

اعتذارات الصحف.. قليل من الأسف يحفظ ماء الوجه ويُبقي على المهنية

منذ 8 سنوات

اعتذارات الصحف.. قليل من الأسف يحفظ ماء الوجه ويُبقي على المهنية

قبل عدة أيام قدمت صحيفة “الجارديان” البريطانية اعتذارا مكتوبا بسبب تقارير كانت قد نشرتها عبر نسختها المكتوبة وقدمها مراسل حر يعمل بالقطعة “جوزيف مايتون”، وأوضحت فيه أن هذه المواد المنشورة بها معلومات واقتباسات عن مصادر غير مؤكدة، وذلك بعد تحقيق أخير أجرته الصحيفة بعد تلقيها شكاوى من أفراد نقل عنهم الصحفي في مادته المكتوبة.\nالاعتذار الذي تم تقديمه من الصحيفة العريقة حرك حجرا ضخما في المياه الراكدة ، وأشعل ثقاب كبريت في مساحة الثقة التي أخذتها عبر سنوات من جانب مؤسسات إعلامية مصرية، ما جعلها تفتح النار علي الصحيفة العريقة وتتهمها بالتضليل رغم تأكيدات عدد من أساتذة الإعلام أن الاعتذار ممارسة مهنية يشار لها بالبنان.\nكان المراسل قدم عدة تقارير صحفية محققة عن مصر في الفترة بين 2009 و2010 في مجالات حقوق الحيوان والبيئة وعدة تقارير سياسية عن الرئيس الأسبق حسني مبارك، وأن التقارير التي حذفتها لا تخص مصر وحدها بل أماكن أخرى مثل ولاية كاليفورنيا ومدينة سان فرانسيكو.\nاعتذار الجارديان لم يكن الأول من نوعه في عالم الصحافة بل سبقها العشرات من الصحف المصرية والعالمية قدمت اعتذارات عن أخطاء مهنية وقعت بها خلال مسيرة عملها، وتستعرض شبكة الإعلام العربية “محيط” أبرز حالات اعتذار المؤسسات الصحفية والإعلامية عن أخطائها.\nمن الداخل المصري كان اعتذار جريدة “الأخبار” المصرية الحكومية هو الأبرز والأوسع انتشارا في الفترة الأخيرة ، بعد نشرها خبرا عن إصابة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين بوعكة الصحية وإجرائه عملية “الفتاق”، مستخدمة عنوان مسيء باللهجة العامية وهو ما أثار حفيظة عدد كبير من القراء فضلا عن عائلة بديع وعدد من رموز وقيادات العمل الصحفي والنقابي، التي طالبت الصحيفة بالاعتذار فورا عن العنوان المسيء.\nوبالفعل قدم ياسر رزق رئيس تحرير جريدة الأخبار اعتذارا، أبدي فيه ندمه عما تم تقديمه عبر الجريدة التي يرأس تحريرها قائلا “إن العنوان الذي أثار الجدل يُعبّر عن نوع الجراحة التي خضع لها بديع وقد صيغ بشكل به قدر عالِ من “الإثارة الصحفية”، مضيفا “وجدت أنه لزاما علي من باب الاستقامة الشخصية والمهنية أن أعتذر للدكتور محمد بديع إن كان شعر وأسرته بإساءة شخصية مني جراء هذا العنوان غير أنني أعتذر قبلا وبعدا لمن فهم العنوان على غير ما قصدت”.\nفي أعقاب ثورة 25 يناير اعتذرت جريدة “الأهرام” عما قدمته سياستها التحريرية التي وصفتها في اعتذارها المكتوب عبر صفحتها الأولى بغير المهنية وغير الأخلاقية، وذلك أثناء تغطيتها أحداث الثورة، وأوضح بيان صدر عن 300 صحفي من العاملين بالمؤسسة عقب تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك أن السياسة التي انتهجتها الجريدة “أساءت إلى سمعة الأهرام ومكانتها في الداخل والخارج”.\nوأوضح البيان أن لأهرام عاشت على مدى عشرات السنين من حكم الاستبداد والفساد رهينة قيادات اختيرت على أسس غير مهنية وحيث كان المعيار هو الولاء للحاكم الفرد وأسرته وللحزب الحاكم ولأجهزة الأمن”، كانت الجريدة يرأس تحريرها آنذاك الكاتب الصحفي أسامة سرايا أحد أبرز المؤيدين لمبارك قبل وبعد خلعه من الحكم.\nوفي عهد سرايا تورطت “الأهرام” في فضيحة “الصورة التعبيرية” تلك الصورة التي أظهرت حسني مبارك في المقدمة أمام رؤساء الولايات المتحدة وإسرائيل والأردن وفلسطين خلال مفاوضات واشنطن لكن تبين فبركتها فيما بعد، والتي بررها سرايا بأن الصورة المزيفة المنشورة في الأهرام تعبر عن موقف مبارك من القضية الفلسطينية وقيادته لحلها وقال عنها إنها ” تعبيرية” .\nلم يتوقف الأمر عند حد الصحف المطبوعة فقد نالت فضائية الحياة والبرنامج المعروض على شاشتها “بني آدم شو” الذي يقدمه الممثل أحمد آدم هجوما حادا عقب سخرية الأخير من جرح العروبة النازف في حلب بعد سلسلة معارك ومذابح تعرض لها أهلها على يد جيش النظام السوري إلا أن آدم اعتبر أن كل ذلك كذب وتضليل وأن صور ضحايا المأساة هي فبركة ومكياج وغير حقيقية.\nوعقب اشتداد الهجوم ضد القناة ومذيعها اعتذرت الفضائية للشعب السوري، قائلة “إنها تكن للشعب السوري الشقيق كل الاحترام والتقدير، وأن كل المواقف التي اتخذتها طوال السنوات الماضية هي دعم الشعب السوري ونقل الخبر بكل صدق واحترافية بعيداً عن أي مغالطات أو مواقف سياسية”،”لكن ما حدث خلال حلقة (بني آدم شو) وهاجم خلالها (مذبحة حلب) التي استشهد خلالها أشقاء سوريون تعبر فقط عن وجهة نظر أحمد آدم”.\nكان إعلان توظيف بجريدة “الغد” الأردنية محل هجوم شديد ضد الصحيفة، حيث نشرت الصحيفة إعلانا إسرائيليا للوظائف يطلب عمّال بناء وإنشاءات يحملون الرقم الوطني الأردني، من أجل العمل في ميناء “إيلات” بإسرائيل، وهو ما أثار موجة من الانتقادات ضدها من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من الكتاب.\nواعتذرت الصحيفة عن الإعلان موضحة أنه نشر دون قصد أو تعمُّد، وهو يتعارض مع سياسة الجريدة وتوجُّهاتها المعروفة للجميع الرافضة للتطبيع مع إسرائيل”.\nكان للصحف البريطانية نصيبا كبيرا من الاعتذارات، فعقب تفجيرات باريس العام الماضي نشرت صحيفة “الديلي ميل” صورا لفتاة عارية قالت إنها الفتاة الانتحارية التي فجرت نفسها، لكن تبين فيما بعد أن الصورة لفتاة عادية من المغرب تعمد شابا تسريبها للصحافة البريطانية انتقاما من الفتاة الأمر الذي ألحق بها أضرارا كبيرة وخسرت على إثر ذلك وظيفتها وتعرضت للتحقيق من قبل الشرطة.\nواعتذرت الجريدة للفتاة المغربية هاتفيا ووعدتها بنشر اعتذار رسمي وسحب كل الصور من إصدارتها.\nالجريدة نفسها قدمت اعتذارا للنجم جورج كلوني قبل نحو عامين بعد نشرها خبرا يفيد أن والدة زوجته أمل علم الدين تعارض ذلك الزواج لأسباب دينية لكن الممثل الأمريكي رفض تلك المعلومات مؤكدا أنها ملفقة، وردت الصحيفة أن قصتها غير ملفقة ومستندة إلى كلام صحافية جديرة بالثقة مضيفة أنها تقبل كلام كلوني وتتقدم باعتذارها له ولأمل علم الدين ووالدتها.\nوفي عام 2012 قدمت صحيفة “ذي اندبندنت” اعتذارا لزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي بعدما نشرت تصريحات لوزير الخارجية السوري وليد المعلم والتي قال فيها إن الأمير القطري منح حركة النهضة 150 مليون دولار لمساندة حملتها الانتخابية.\nوعقب نشر الحوار مع الوزير السوري، قالت الجريدة “في مقال بتاريخ 28 أغسطس ذكرنا أن حزب النهضة الذي يرأسه راشد الغنوشي وهو الحزب الأكبر في الحكومة التونسية قد تلقى مبلغا كبيرا من أمير قطر قبل الانتخابات التونسية. نريد أن نوضح هنا أن السيد راشد الغنوشي وحزبه لم يقبلا أي تبرعات من أي دولة أجنبية وهو ما تحظره القوانين التونسية في تمويل الأحزاب. نود أن نعتذر للسيد راشد الغنوشي”.

الخبر من المصدر