التصلب المتعدد .. مرض فتاك ومفاجئ

التصلب المتعدد .. مرض فتاك ومفاجئ

منذ 8 سنوات

التصلب المتعدد .. مرض فتاك ومفاجئ

يعتبر مرض التصلب المتعدد، أو التصلب اللويحي، مرضاً ذا وجوه متعددة. يعيش نحو 200 ألف مصاب بهذا المرض في ألمانيا وحدها، وفي كل حالة يظهر فيها هذا المرض بطريقة مختلفة، فبينما يعيش بعض المصابين به سنوات طويلة دون أي أعراض تذكر، يضطر آخرون إلى الاستعانة بكرسي متحرك بعد سنوات قليلة فقط من الإصابة به.\nيقول الدكتور أندرياس شتاينبريشر، رئيس مجلس إدارة الجمعية الألمانية لمرض التصلب المتعدد، لموقع "إم دي آر" الإخباري، إن المرض ينشأ عندما يهاجم نظام المناعة بطريق الخطأ غلاف الألياف العصبية، الأمر الذي يؤدي إلى التهابات في الأعصاب. أسباب هذا التصرف ما تزال غير معروفة بعد، ولكن العلماء يقدرون بأن الأسباب مزيج من الوراثة والعوامل البيئية وحتى بعض الالتهابات.\nأعراض المرض تبدأ بالشعور بشلل وآلام واضطرابات في الرؤية والإحساس. بعد ذلك تبدأ الأعراض بالتطور فجأة ودون تدرّج، وتختلف بشكل كبير بين مريض وآخر، بحسب الأخصائي شتاينبريشر. هذا ويمكن أن يدوم هذا المرض سنوات أو عقوداً حتى، وذلك أكثر ما يزعج مرضى التصلب المتعدد.\nالجروح هي من بين الإصابات التي يستطيع الجسم علاجها ذاتيا، وذلك من خلال خلايا أنسجة خاصة تقوم بتثبيت الجرح. إذ تقوم هذه الأنسجة بضم الجرح وتشكيل أنسجة الندبة ويحتاج الجرح لمدة أسبوع كامل لكي يشفى. وعموما تتجدد كامل خلايا الجسم باستمرار، وتتشكل مليارات الخلايا الجلدية بشكل يومي لتستبدل الخلايا القديمة.\nحتى الهيكل العظمي يجدد نفسه تماماً. ويستغرق هيكلنا العظمي لكي يتجدد كليا حوالي عشر سنوات. وخلال عملية التجديد يقوم بإصلاح الكثير من الأضرار التي تعرض لها بسبب تعرض أحد عظامه لكسر أو تهشم.\nأما العضلات وأعضاء الجسم الأخرى مثل الكبد والمعدة والأمعاء وغيرها، فتحتاج حوالي ثلاث إلى أربع سنوات لتتجدد، أي استبدال خلاياها القديمة بخلايا جديدة. علما أن عملية التجديد تحميها من الاهتراء ومن التلف.\nولا يكتفي الجسم بتجديد نفسه لحمايته من التلف، ولكنه أيضا مسلح جيداً ضد الأمراض المعدية التي تسببها الفيروسات والبكتيريا. وذلك من خلال جهاز المناعة الذي يمتلك أعدادا هائلة من الخلايا المتخصصة لمكافحة الجراثيم المعدية.\nللخلايا المناعية في الجسم أنواع مختلفة، ولكل نوع وظيفة محددة. فهناك خلايا مناعية تعرف بالخلايا الملتهمة وهي مخصصة للمهام الكبيرة، فهي تتعرف على الأجسام الدخيلة وتتخلص من خلايا الجسم المريضة. وهناك خلايا مناعية تائية تتخصص بنوع معين من الأجسام الدخيلة. وسميت بالتائية لأنها تنضج في الغدة الزعترية التي يبدأ اسمها باللغة الإنكليزية بحرف "ت" (Thymus).\nالتوتر هو أكبر عدو لقوى الشفاء الذاتي. والتوتر يجعل الكلية الجانبية تفرز الكورتيزول الذي يعمل على إضعاف جهاز المناعة ويسهل الطريق أمام الجراثيم المعدية.\nلدى الاسترخاء تقوم النواقل المفرزة من الدماغ بتحفيز جهاز المناعة وتقويته. على الرغم من أن الأبحاث في هذا الحقيقة لازالت قيد الدراسة، لكن الكثير من الدراسات أكدت أن الدماغ يؤثر عبر الأعصاب والنواقل العصبية على الكثير من آليات الشفاء الذاتي. خصوصاً حين يشعر بالمرء بالراحة.\nوتدريجياً، تبدأ تصلبات الأعضاء واضطرابات الكلام والرؤية في الظهور لدى المرضى، يتبعها إما أعراض جديدة أو تفاقم في الأعراض الموجودة سلفاً. وبعد فترة تتراوح ما بين أسبوعين وثلاثة شهور، يمكن لتلك الأعراض أن تتراجع بشكل تام تقريباً.\nويتابع موقع "إم دي آر" بالقول إن 80 في المائة من حالات الإصابة بالتصلب المتعدد تسوء حالتها، إذ لا يمكن للجزء السليم من الجهاز العصبي موازنة الخلل المتواصل في الأجزاء المتضررة.\nرغم كون التصلب المتعدد مرضاً لا يمكن شفاؤه بالأدوية حتى الآن، إلا أن الأبحاث الساعية لإيجاد علاج قطعت شوطاً طويلاً خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، إذ باتت بعض طرق العلاج قادرة على إبطاء الأعراض لدى بعض المرضى أو تأجيل ظهورها. ويبقى التشخيص المبكر أفضل طرق العلاج وتحسين حياة المرضى.\nأما في حالة ظهور مفاجئ لأعراض جديدة أشد سوءاً من سابقاتها، يسعى الأطباء عادة إلى إعطاء المرضى مادة الكورتيزون أو القيام بغسيل للدم من أجل تخفيف حدة تلك الأعراض. لكن العلاج طويل المدى يركز على أدوية تحاول إعادة التوازن إلى جهاز المناعة.\nحول ذلك يقول البروفسور هاينز فيندل، مدير عيادة الأمراض العصبية في المستشفى الجامعي بمدينة مونستر: "لحسن الحظ تتوفر لدينا في الوقت الراهن أدوية جيدة يستطيع أفضلها إعادة التوازن إلى الجهاز المناعي والحفاظ على استقرار حالة المريض. من ناحية إحصائية، فإن الأدوية الأكثر نجاعة قادرة على تقليل ظهور أعراض جديدة لدى المرضى بنسبة 70 في المائة".\nلكن تلك الأدوية لها أعراض جانبية قوية، وبالتالي هناك تردد كبير في استخدامها على المرضى الذين وصلوا إلى مرحلة متقدمة من التصلب المتعدد. بيد أنه في الوقت الراهن تجرى تجارب إكلينيكية على أدوية جديدة تساعد على "إصلاح" أغشية الألياف العصبية المتضررة، وهذه ستكون قفزة نوعية بالنسبة لـ2.5 مليون مريض بالتصلب المتعدد حول العالم.

الخبر من المصدر