في تايلاند.. عسكر للأبد

في تايلاند.. عسكر للأبد

منذ ما يقرب من 8 سنوات

في تايلاند.. عسكر للأبد

استولى الجيش في تايلاند على السلطة من الحكومة المنتخبة في 22 مايو عام 2014، وسط تبريرات برغبته في انهاء الفوضى السياسية التي يتخللها العنف وتعصف بالبلاد منذ سنوات، ولكن هناك أكثر من محاولة استعادة الاستقرار.\nوفيما يلي نظرة على اﻷسباب والعواقب لهذا الحكم العسكري رصدتها وكالة "اسوشيتدبرس" اﻷمريكية مع حلول الذكرى الثانية اﻷحد للانقلاب الذي يقوده الجنرال "برايوت تشان أوتشا" الذي ما زال يحكم كرئيس للوزراء:\nالانقلاب كان تدخلا من نخبة الجيش لحسم حرب دامت عشرات السنين على السلطة مع السياسي وقطب الاتصالات السلكية واللاسلكية التايلاندي تاكسين شيناواترا.\nتاكسين كان رئيسا للوزراء منذ عام 2001 حتى أطيح به في انقلاب سابق عام 2006. وبعد سنوات من الاضطراب السياسية والكراسي الموسيقية، شقيقته ينجلوك شيناواترا وصلت للسلطة بعد فوزها الساحق في انتخابات عام 2011، إلا أن حكومتها اطيحت بها في انقلاب عام 2014 الذي أعقبه 6 أشهر من الاحتجاجات السياسية والعنف في الشوارع الذي شل العاصمة بانكوك.\nغطرسة وغرور تاكسين أبعدا عنه المتعلمين والطبقة الوسطى في المدن، وأثارا قلق الدوائر الحاكمة التقليدية سواء - الملكيين أو الجيش - الذي كان يخشى من تحديات الانتخابات، بجانب خشيته من أن استمراره في الحكم ( تاكسين) قد يقلل من تبجيل الملك المريض "بوميبول ادولياديج" الذي يحكم منذ عام 1946، وينهي فترة حكمه.\nتاكسين يعيش في الخارج منذ عام 2008 لتجنب السجن لإدانته بتهم فساد التي يقول إنها ذات دافع سياسية، واندلعت احتجاجات مناهضة لمشروع قانون يمكن أن يسمح لتاكسين بالعودة إلى تايلاند رجلا حرا.\nالمجلس العسكري حاليا استعاد النظام والاستقرار في البلاد، ولكن على حساب العديد من الحريات المدنية، وبخاصة حرية التعبير.\nالجيش لديه سلطة شبه مطلقة من خلال المادة 44 من الدستور المؤقت الذي فرضه المجلس العسكري، وتسمح للجنرال "باريوت" باتخاذ أي إجراءات يراها ضرورية لتعزيز النظام العام والوحدة.\nالقمع يتم بشكل وحشي عندما تفشل التهديدات في منع المنتقدين والمعارضين من تجاوز الخطوط، حيث يتم احتجازهم في القواعد العسكرية وعادة لمدة لا تزيد عن أسبوع، ويتعرضون خلالها لجلسات استجواب لتعديل موقفهم، أما الأشخاص الذين يتم يرفضون فيتم إدانتهم بتهم مثل "إهانة الملك" وتلك عقوبتها تصل للسجن 15 عاما.\nفي الآونة الأخيرة، أشار مسؤولون في المجلس العسكري لشعورهم بالاحباط بسبب تكرار المخالفات التي بسببها يتم إرسال المعارضة إلى "معسكرات ﻹعادة التعليم"، وهو ما يعني ضمنا قضاء فترة أطول في القواعد العسكرية.\nكما تنظر المحاكم العسكرية في بعض القضايا المدنية، ففي مارس الماضي منح الجيش الشرطة سلطة واسعة للاستيلاء على اﻷموال والمباني، والبحث واعتقال واحتجاز المشتبه فيهم جنائيا.\nالمجلس العسكري واجه غضبا كبيرا مؤخرا بعد إلقاء القبض على والدة ناشط مؤيد للديمقراطية، جريمتها المزعومة هي عدم توبيخ صديق على الفيس بوك أرسل لها رسالة مناهضة للملكية.\nالمجلس العسكري ورث اقتصادا متخلفا، مع سياسات أعاقتها سنوات من عدم الاستقرار السياسي، وأظهرت مؤشرات أداء الاقتصاد التايلاندي ضعف في جزء كبير منها، رغم أن النمو في الربع الاول من العام الحالي وصلت لـ 3.2 % أقوى مما كان متوقعا.\nالصادرات التي كانت تقود الاقتصاد التايلاندي تعرضت للانكماش، اثنان من قطاعات التصدير القوية تواجه مشاكل ، الزراعة ضعفت بسبب الجفاف الشديد، في حين أن الفضائح في صناعة صيد الأسماك، والمأكولات البحرية تهدد بتعرضها لعقوبات في أسواق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ومع ذلك ظلت السياحة قوية حتى بعد انفجار قنبلة العام الماضي في وسط بانكوك ومقتل 20 شخصا.\nزيادة الاستثمار صعب للغاية خاصة مع توقف بعض مشاريع البنية التحتية الطموحة، ويرجع ذلك جزئيا إلى عدم اليقين السياسي.\nوبدلا من ذلك، ركزت الحكومة بشكل رئيسي على زيادة الاستهلاك لتحفيز الاقتصاد، وخاصة في المناطق الريفية. هذه التدابير، مثل الدعم الزراعي، تتشابه مع إجراءات اتخذتها حكومة تاكسين.\nالعلاقات التقليدية الوثيقة بين الولايات المتحدة وتايلاند، أقدم حليف في آسيا، على ما يبدو اهتزت، وفسر ذلك على نطاق واسع بمحاولات بانكوك التقرب من بكين ردا على توبيخ واشنطن للجيش بسبب الانقلاب وانتهاك حقوق الإنسان.\nوعلقت الولايات المتحدة 4.7 مليون دولار من أموال المساعدات الأمنية، كما توقف التبادل الدبلوماسي على مستوى رفيع.\nوأوضحت واشنطن أن هذه القيود ستبقى حتى يتم استعادة الحكم المدني، إلا أن الجنرال باريوت تمكن من زيارة الولايات المتحدة، وانضمت تايلاند ﻷكبر مناورات عسكرية متعددة الأطراف في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وإن كان ذلك على نطاق أصغر مما كان عليه قبل الانقلاب.\nمغازلات بانكوك لبكين تشمل استثمارات متواضعة نسبيا، وعلاقات عسكرية قوية، واستعدادا متزايدا لتسليم المعارضين السياسيين لبكين، رغم الانتقادات الدولية.\nوفي الوقت نفسه، رفضت تايلاند شروط التمويل الصينية -التي وصفتها بغير المناسبة- لمشروع السكك الحديدية المنشود، وأعربت عن رغبتها في الانضمام إلى اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ التي تقودها الولايات المتحدة.\nمن الواضح أن الجنرالات الحاكمين في تايلاند لا يخططون لتسليم الحكم في أي وقت قريب، حيث تم تأجيل الخطط الأولية لاجراء انتخابات عام 2015 حتى عام 2016، ثم أجلت الآن مرة أخرى حتى عام 2017.\nووضع مشروع دستور للحفاظ على السلطة في أيدي حلفائهم التقليديين من النخبة - واستخدام المحاكم ضمن أدواتهم - وذلك على حساب النواب والناخبين، بجانب بند ينص على أن يظل المجلس العسكري في الحكم لمدة 5 سنوات بعد إجراء الانتخابات كـ "فترة انتقالية".\nوسيتم التصويت على مشروع الدستور في استفتاء في 7 أغسطس القادم، وهو ما يعتبر القياس الأول لمشاعر الرأي العام تجاه الحكومة العسكرية، الاستفتاء سوف يكون بعيدا عن الحرية والنزهة، حملة لصالح أو ضد المشروع يمكن أن يسجن النشطاء لمدة تصل لـ 10 أعوام، وحتى بيع "تي شيرت" مكتوب عليه "لا للاستفتاء" يعتبر مخالف للقانون ويعرض من يرتديه للسجن.\nوقال الجنرال باريوت إن المجلس العسكري سيمضي قدما في خططه بغض النظر عن النتيجة، مما يشير إلى أنه إذا تم رفض مسودة الدستور، سيتم إقراره دون تصويت شعبي، وفي أي حال، فإن رفض المشروع ستقوض بشدة شرعية لم يعلنها المجلس العسكري لنفسه.\nقد تكون شوارع بانكوك هادئة، والمنتجعات تعج بالسياح، ولكن المشكلة التي يواجهها المجلس العسكري أن البلاد لم تتحرك بوصة واحدة بعيدا عن سياسة الاستقطاب التي ادعى الجيش أنه يسعى للقضاء عليها، للسبب بسيط أنه كان طرفا في الصراع الطويل. 

الخبر من المصدر