المحتوى الرئيسى

ماذا تعني لنا البيئة؟

05/13 15:43

شهدت العقود القليلة الماضية معاناة لم يسبق لها مثيل عبر التاريخ، تمثلت في معاناة البيئة على كوكب الأرض من التدهور بفعل الأنشطة البشرية المتسارعة، وترتب على ذلك معاناة البشر من عجز واضح في تلبية احتياجاتهم الأساسية وقابل ذلك العجز تردي نمط معيشتهم، وهذا ما وضع لمشاكل البيئة أهمية كبيرة على كافة الأصعدة، واهتماماً لدى الباحثين والمهتمين وانعقدت من أجلها العديد من المؤتمرات العالمية والدولية وحددت السادس من يونيو/حزيران من كل عام يوماً عالمياً للتذكير بها.

ويعاني العالم اليوم أكثر من ذي قبل من مشاكل متزايدة للبيئة نتيجة السلبيات الناتجة عن الطرق المتبعة في الوسائل التنموية في المجالات الصناعية والزراعية، التي أثرت بشكل كبير على نمط الحياة للإنسان وبقية الكائنات الحية وعلى صحتهم، وأيقن العالم اليوم أكثر من ذي قبل أن تلك التنمية ولدت مشاكل عديدة للبيئة، مما استدعى إعادة النظر في التفكير في تنمية من نوع آخر تسهم في عدم الإخلال بالإطار المتوازن للبيئة.

عندما نتطرق لأي حديث عن البيئة فإنه وبشكل تلقائي يخطر في ذهن العامة أن مفهوم "البيئة" يرمز إلى الاعتناء بالطبيعة من حولنا، وكلمة البيئة في اللغة العربية مشتقة من الفعل الرباعي "بوأ"، ومنها أتى قول الله تعالى: "و اذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين".

أما في المصطلح الأجنبي، فإن كلمة (Ecologies) صاغها العالم هنري ثورو عام 1858م، ولكنه لم يتطرق إلى تحديد معناها وأبعادها، أما العالم الألماني المتخصص في علم الحياة أرنست هيكل، فقد وضع كلمة إيكولوجي بدمج كلمتين "المكان والعلم"، ويعرف الباحث ريكاردوس، مؤسس جمعية أصدقاء الطبيعة، البيئة على أنها "مجموعة العوامل الطبيعية المحيطة التي تؤثر على الكائن الحي أو التي تحدد نظام حياة مجموعة من الكائنات الحية المتواجدة في مكان وتؤلف وحدة إيكولوجية مترابطة".

وكتعريف أشمل يمكن تعريف البيئة بأنها "المحيط المادي الذي يعيش فيه الإنسان بما يشمل من ماء وهواء، وفضاء وتربة وكائنات حية، ومنشآت أقامها لتلبية رغباته"، أو هي "مجموعة العوامل البيولوجية والكيميائية والطبيعية والجغرافية والمناخية المحيطة بالإنسان والمحيطة بالمساحات التي يقطنها والتي تحدد نشاط الإنسان واتجاهاته وتؤثر في سلوكه ونظام حياته".

وعرف مؤتمر استوكهولم "قمة الأمم المتحدة للإنسان والبيئة المنظم سنة 1972" أن البيئة "هي كل ما تخبرنا به حاسة السمع والبصر والشم واللمس والذوق، سواء كان هذا من صنع الطبيعة أو من صنع البشر".

وعندما نتطرق للحديث عن البيئة من البديهي أن نعرج على مفهوم التلوث المسبب لدمارها، والتلوث لغوياً يأتي بمعنى التلطيخ أو الخلط ويرتبط دائماً بوجود طاقات ضارة في المحيط الذي نعيش فيه، ويمكن تعريف التلوث البيئي بأنه "التغيرات غير المرغوبة فيها التي تحيط بالإنسان كلياً أو جزئياً كنتيجة لأنشطته المتزايدة من خلال حدوث تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة تغير من المكونات الطبيعية والكيميائية والبيولوجية للبيئة مما قد يؤثر عليه وعلى نوعية الحياة التي يعيشها".

والتلوث هو الطارئ غير المناسب الذي أدخل في التركيبة الطبيعة، أي الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية للمياه أو الارض أو الهواء ، وأدى إلى تغير أو فساد أو تدنٍ في نوعية تلك العناصر، مما يلحق الضرر بحياة الإنسان أو مجمل الكائنات الحية ويتلف الموارد الطبيعية ويؤدي إلى تلوث الموارد الطبيعية.

مما سبق يتضح أن هناك علاقة وطيدة بين التلوث والبيئة، فإذا كانت البيئة هي مجموعة العوامل الطبيعية الحية وغير الحية وكل ما وضعه الإنسان من منشأة بمختلف أنواعها وإشكالها، فإن التلوث هو ذلك التغير الذي يؤثر في هذه العناصر المكونة للبيئة.

وتختلف أنواع التلوث بحسب تأثيراتها مثل:

طالبت الأمم المتحدة وحكومات الدول إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بالبيئة بوضع سياسات تسهم في التخفيف من التلوث بشتى أنواعه، وركزت جل تلك المطالبات على نقاط عديدة أهمها:

- ضرورة نشر ثقافة المحافظة على البيئة البشرية والطبيعية بحيث تعي البشرية خطورة التلوث البيئي على الإنسان والأرض.

- ضرورة احترام القوانين والسنن التي سنها الله في الكون، لأن محاولة محوها أو تحريفها يسيء بالبيئة والإنسان.

- ضرورة الاحتراز واتخاذ جميع التدابير للوقوف أمام المشاريع والفعاليات التي تسهم في إنتاج التلوث.

- ضرورة إصدار قوانين دولية ملزمة لجميع الدول لحماية البيئة، ومعاقبة كل من يقوم بتخريبها.

- ضرورة إيجاد توصيلات لنقل المياه الملوثة من أماكن توجدها إلى المنخفضات، فتأسيس الأنابيب لهذا الغرض، لا يقل أهمية عن تأسيس أنابيب النفط.

- الإكثار من حملات التشجير التي لا تحتاج إلى سقي؛ لتكون مصدات طبيعية للهواء المشبع بالتلوث البيئي.

- تشجيع الحملات المدنية في المدن من أجل النظافة وتنظيف الشوارع والأحياء.

- منع تصريف المياه الحارة الناتجة عن المفعلات النووية أو مراكز التحلية أو توليد الطاقة إلى الأنهار والبحار.

- ضرورة اعتماد إجراءات مادية ومعنوية وإنسانية لحماية البيئة ومحاربة التلوث مثل الغرامات البيئية.

- أن تسعى مؤسسات حماية البيئة إلى الحد من نسبة التلوث البيئي إلى القدر الطبيعي الذي لا يضر بصحة الإنسان، وذلك بضبط مصادر التلوث، مثل إنشاء أجهزة لتنقية الهواء من الغازات والعوالق خصوصاً في الأماكن العامة كالمستشفيات والمدارس والدوائر الرسمية.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل