العمال العرب متحدون في الفقر والبطالة ومصادرة الحريات

العمال العرب متحدون في الفقر والبطالة ومصادرة الحريات

منذ ما يقرب من 8 سنوات

العمال العرب متحدون في الفقر والبطالة ومصادرة الحريات

رغم ثورات الربيع العربي التي نادت بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية، والتي انطلقت شرارتها الأولى من تونس قبل خمس سنوات، وكان العمال طليعتها بسبب تردي أوضاعهم المعيشية، وضياع حقوقهم، وقمع حرياتهم, مر عيد العمال بالأمس في البلاد العربية، وسط مزيد من المعاناة، التي وصلت إلى حد القتل والاختطاف في بلدان مثل العراق واليمن وليبيا.\nوبعد أن تناول تقرير الأمس معاناة العمال في كل من مصر واليمن نستعرض اليوم بعضا من جوانب معاناة العمال في كل من العراق وتونس والجزائر. \nالعراق: واقع أليم وتشريعات غائبة\nيتعرض العامل العراقي لظلم كبير بسبب الفوضى التي تنتشر في البلاد، حيث يفتقر إلى أبسط حقوقه المتمثلة بوجود بيئة صحية آمنة، وضمان اجتماعي، وأجر عادل، فضلا عن التعرض للقتل والاختطاف من داخل مواقع العمل نتيجة الصراعات السياسية، كما تغيب الإحصاءات الدقيقة عن عدد العمال في القطاعين العام والخاص، إلا أن معاناة عمال القطاع الخاص كبيرة مقارنة بالقطاع العام، كونهم يهملون عند تعرضهم لأي إصابة ناتجة عن العمل بسبب غياب القوانين التي ترعاهم.\nوساهم النقص في التشريعات القانونية التي تحمي العمال وتضمن حقوقهم في زيادة معاناة العمال العراقيين، حيث لم يشرع حتى الآن أي قانون يضمن للعامل حقوقه في الضمان الاجتماعي، وتحول العمال في القطاع العام إلى موظفين، وانتزع منهم حق التنظيم النقابي، في وقت يشهد البلد  حركة احتجاجية عمالية منذ سنتين، حيث لم يحصل العمال على رواتبهم الضئيلة ، وهم مهددون بالطرد من العمل أو الإحالة إلى التقاعد دون تعويضات، في ظل غياب لدور نقابة العمال في تأمين حقوق العمال.\nاختارت الحكومة التونسية تسمية عيد العمال بعيد الشغل، ورغم المظاهر الاحتفالية التي تعم أغلب المؤسسات، ورغم ثورة يناير التي أشعلت فتيل الربيع العربي، ومئات الاعتصامات والإضرابات والصدامات العنيفة أحياناً، إلا أن وضع العمال التونسيين لم يتغير، بل تدهور نحو الأسوأ في بعض القطاعات.\nتفيد الدراسات الصادرة عن الاتحاد العام التونسي للشغل بأن قطاع النسيج يمثل نصف المؤسسات الصناعية في البلاد بعدد 2135 مصنعا، ونصف الصادرات ونصف الأيدي العاملة، بطاقة تشغيل بلغت عام 2014 نحو 170 ألف عامل، لكن تدهور الوضع الاقتصادي وانكماش التصدير الذي يمثّل 80% من نشاط هذا القطاع، أدى إلى إغلاق 600 مصنع منذ عام 2011 وإحالة 80 ألف عامل إلى صفوف البطالة دون أي تعويض أو توفير للبدائل.\nولا تتوقف معاناة عمال النسيج - كنموذج لمعاناة العمال في قطاعات عدة - عند هذا الحد، حيث لم تتمكن المصانع من مواكبة ارتفاع الأسعار، ولم تزد الأجور في هذا القطاع إلا بنسبة 6% حتى عام 2015 حسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء، كما أن الحد الأدنى للأجور في قطاع النسيج لم يتجاوز250 دولارا، ما  أدى إلى زيادة معاناة هذه الفئة من العمال، حيث لا يستطيع هؤلاء تلبية احتياجاتهم اليومية من مأكل ومسكن وملبس في ظل الارتفاع الكبير للأسعار وزيادة معدل التضخم الذي فاق 5% خلال السنة الماضية.\nوسط وعود حكومية بزيادة الرواتب وتحسين الأوضاع المعيشية مر عيد العمال في الجزائرعلى أكثر من  مليون و500 ألف عامل في البلاد- بحسب الأرقام الرسمية- دون زيادة لأجورهم الزهيدة التي لا تكفي الاحتياجات الأساسية لأسرهم، حيث لا يتعدى الدخل الشهري للعامل 18 ألف دينار جزائري (170 دولاراً) وهو الحد الأدنى الذي حددته الحكومة، كما أن ثلث العمال يعملون بعقود مؤقتة ولا يتمتعون بمظلة التأمينات الاجتماعية.\nقبل عيد العمال العام الماضي، أعلنت الحكومة الجزائرية عن زيادات جديدة في أجور العاملين غير أن الزيادة لم تكن بمستوى طموحات العمال كما أنها اقتصرت على شرائح محدودة ولم تشمل جميع العاملين، في ظل ارتفاعات متتالية للأسعار، وانخفاض قيمة العملة الجزائرية بنحو 30% خلال عامين، بسبب انهيار أسعار النفط، أدت إلى احتياج المواطن الجزائري لثلاثة أضعاف الحد الأدنى للدخل المحدد من قبل الحكومة للعيش الكريم، ففي دراسة لجمعية حماية المستهلك الجزائرية حددت الحد الأدنى للأجر بنحو 50 ألف دينار جزائري شهريا(490 دولارا) لضمان المتطلبات الأساسية للعيش الكريم.\nأما على مستوى الحريات النقابية فلا يختلف الوضع في الجزائر عن غيره في معظم البلاد العربية فقد عمدت الحكومة الجزائرية إلى إجهاض العديد من المسيرات والإضرابات التي نظمتها النقابات المستقلة في البلاد، ووضعت "دار النقابات"، التي تضم النقابات المستقلة في العاصمة الجزائرية، تحت الحراسة المشددة وأخضعت زائريها للتحقيق والمساءلة، ومنعت الاجتماعات داخلها.\nاقرأ أيضا : العمال العرب يتساءلون: بأي حال عاد عيدهم؟ 

الخبر من المصدر