المحتوى الرئيسى

تقرير آخر عن ٢٠٣٠ | المصري اليوم

05/01 21:37

التعرُّف على المستقبل ليس تنجيماً، ولكنه علم معترف به يطلق عليه دراسات المستقبل Future Studies أو علم المستقبليات Futurology، والعديد من دول العالم تخصص جانباً من مواردها وطاقة علمائها لهذه النوعية من الدراسات، وتبنى على أساسها خطط المستقبل.

مصر قدمت رؤية للمستقبل فى تقرير ٢٠٣٠، ولكن هـذه الرؤية لاتزال تحتاج المزيد من الحوار والإضافة، وأتمنى من القائمين عليها أن يطلعوا على دراسة مستقبلية أخرى بعنوان «الاتجاهات العالمية ٢٠٣٠»، صدرت عن مجلس الاستخبارات القومى الأمريكى، ولكنها ليست تقريراً مخابراتياً بل دراسة علمية أسهم فيها العديد من الخبراء من عشرين دولة. الدراسة تطرح مجموعة من الاتجاهات الكبرى التى ستشكل العالم حتى عام ٢٠٣٠، وبعضها يمسنا بشكل مباشر.

أحد هذه الاتجاهات الكبرى هو ما يسميه التقرير «تمكين الأفراد»، أى زيادة تأثير الفرد بشكل كبير نتيجة الانتشار الواسع لأدوات ثورة الاتصالات والمعلومات، وزيادة فرص التعليم، واتساع حجم الطبقة المتوسطة، وسيؤدى ذلك لاتساع نفوذ الفرد وقدرته على التأثير على عملية صنع القرار، ولكن من ناحية أخرى سيمكِّن بعض الأفراد من الحصول بسهولة على التكنولوجيا القاتلة، التى تمكِّنهم من تنفيذ أعمال عنف واسعة النطاق، وهو أمر كانت تحتكره الدولة من قبل.

الاتجاه الثانى يتعلق بـ«التغيرات السكانية»، فمن المتوقع ارتفاع عدد سكان العالم فى ٢٠٣٠ ليبلغ 8,3 مليار، وسيؤدى ذلك لاتساع ما يعرف بظاهرة التحضر، أى زيادة سكان المدن خاصة فى الدول النامية، وما يرتبط بذلك من ضغوط لتوفير الخدمات لهم، فاليوم يعيش نصف سكان العالم فى المناطق الحضرية، لكن بحلول عام ٢٠٣٠ سترتفع هذه النسبة إلى ٦٠٪.

ويشير التقرير إلى أن حجم ما سوف تحتاجه المدن فى الدول النامية من منشآت للإسكان وخدمات المواصلات خلال الأربعين عاماً القادمة سيماثل ما تحقق منذ بداية التاريخ حتى الآن.

الاتجاه الثالث يتعلق بـ«زيادة الطلب على الغذاء والمياه والطاقة» (الغذاء بنسبة 35% والمياه 46% والطاقة 50%) نتيجة زيادة عدد السكان وأنماط استهلاك الطبقة المتوسطة. ويشير التقرير إلى أن التغيرات المناخية سوف تؤثر بالسلب على توافر هذه الموارد الطبيعية، وسيعيش ما يقرب من نصف سكان العالم فى مناطق تعانى شحاً فى المياه، وسيصبح العديد من المناطق أكثر جفافاً خاصة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

الاتجاهات الثلاثة التى يشير إليها التقرير سوف تمسنا فى مصر بشكل مباشر، وتتطلب منا الدراسة والتخطيط، وأن تكون جزءاً من رؤيتنا لعام ٢٠٣٠. وتبرز هنا قضية زيادة السكان خاصة سكان المدن. وعلينا من الآن دراسة التحديات التى ستواجه هؤلاء، خاصة الذين يعيشون فى إقليم القاهرة الكبرى، الذى وصلت أوضاع الخدمات به إلى حالة يرثى لها. سنحتاج وضع مخطط استراتيجى للمدن المصرية، لا يقتصر فقط على مشاريع البناء بل يتضمن خططاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتحقيق جودة الحياة. إذا لم نضع هذه التصورات المستقبلية فسوف تتحول المدن المصرية إلى مصدر لعدم الاستقرار، وشرارة للثورات.

المسألة الأخرى تتعلق بشح المياه، وهو أمر أصبح يطرق أبوابنا بشدة مع قيام إثيوبيا ببناء سد النهضة، وربما سعى دول نيلية أخرى لتبنى مشاريع مماثلة، بالإضافة لتأثير التغيرات المناخية على زيادة معدلات الجفاف والتصحر.

ويرتبط بالمستقبل أيضاً ضرورة تمكين المواطن المصرى ووضع خطط لدمج الطبقة الوسطى فى العملية السياسية، وهذه الطبقة لها مطالب تتعلق بالحريات والتعددية والكرامة الإنسانية، التى لا تقل أهمية عن مطالبها الاقتصادية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل