خالد عياصرة يكتب: قصة لجوء: صديقتي خلف الحدود الأردنية | ساسة بوست

خالد عياصرة يكتب: قصة لجوء: صديقتي خلف الحدود الأردنية | ساسة بوست

منذ 8 سنوات

خالد عياصرة يكتب: قصة لجوء: صديقتي خلف الحدود الأردنية | ساسة بوست

منذ 1 دقيقة، 28 أبريل,2016\nفي الليل يصرخ الطفل باكيا، تصحو ولدته مذعورة، ثمة فأر يقرض رجل الطفل الذي ينام دون غطاء.\nالفئران تحاصر المخيم من جهاته الاربعة، لتشكل  قوة جديدة تضاف إلى قوات المنظمات الجهادية التي تسيطر على الحدود.\nقبل ذلك بأيام، شنت قطعان من الضباع هجوما ليليلا مباغتا على المخيم، لكنها انسحبت خاسرة، بعدما طردها اللاجئون.\nتحولت الأم إلى ذئب، تنام إحدى عيناها فيما تظل الأخرى ترقب اطفالها أمام الخيمة.\nفي تواصلي معها طلبت عدد من الصور للمخيم، خافت من الخطوة، لخطورتها، لكنها بعثت بصورة يتيمة حتى لا تلفت الإنتباه.\nصديقتي إحدى ضحايا القضية السورية وازماتها، تركت بيتها لحفظ اولادها قبل أن تدخل قوات داعش او، جبهة النصرة و النظام، للسيطرة على الحدود.\nلاجل ذلك رسمت خط مغامرتها صوب الحدود الأردنية.\nسيرا على الأقدام من السويداء إلى درعا، يرافقهم خبير في الطرقات مدفوع الأجر، لتأمين وصولهم إلى المخيم الواقع خلف الحدود الأردنية.\nلم يبق تهديد إلا وعايشته الأسرة، المكونة من ستة أفراد.\nاخيرا، وصلوا إلى الحدود في أثناء ذلك بعد أسبوعين من السير على الأقدام.\nفي الأثناء كنت انسق مع صديقتي الكندية الى جانب إحدى المنظمات الكندية المعنية باستقدام اللاجئين السوريين الى كندا لإعادة توطينهم.\nكانت المعضلة الأكبر التي تواجه الأسرة هي خروجهم سالمين ووصولهم إلى الحدود الأردنية، من ثم الدخول إلى مخيم الزعتري، ليتوجه بعدها فريق من المنظمة إلى المخيم لاخراجهم من هناك إلى كندا.\nبالفعل، وصلت الأسرة إلى الساتر الفاصل ما بين الحدود الأردنية والسورية، الذي يخضع لسيطرة الجماعات المسلحة التجارية كجبهة النصرة والجيش الحر، منظمات تنظر الى اللاجئين كاستثمار لأبد وأن يكون رابحا.\nدخلت الأسرة إلى مكتب التسجيل، هناك صاروا مجرد رقم يتم المتاجرة به، منح أفراد الأسرة الستة ( بطانيتين ) ورقم لجوء !\nتم ايصالهم إلى خيمتهم لتبدأ معاناة جديدة.\nالمخيم حسبما قالت : ” يضم الآلاف اليوم يمنع دخولهم إلى الأردن، اللهم عدا أولئك الذين يقومون برشوة المسيطرين على المخيم بحيث يتم اخراجهم منه وايصالهم إلى بوابة الدخول للحدود الأردنية. لينضموا إلى اللاجئين في مخيم الزعتري.\nفي صباح تمنح الأسرة رغيفين خبز وعلبة فول، هذا هو فطورها، أفرادها الستة.\nالمياة الصالحة للشرب يتم بيعها من قبل مسؤولي المخيم بأسعار عالية، هي ليست مجانية.\nهناك، لا يوجد مرافق صحية، كما يمنع الأطفال من اللعب، سيما وأن طبيعة الصحراوية تحول دون ذلك.\nعندما سألتها عن المحددات التي تحول دون خروجها، قالت:” انا لا أملك المال الكافي لإقناع القائمين على المخيم بضرورة مساعدتي لدخول الحدود الأردنية”\nتضيف” أن الحديث مع المسؤولين له ثمن، إذ لا يكترث القائمون على المخيم لك، أن لم يسبق حديثك مالا يشبع جشعهم” .\nإذن، المشكل ليست أردنية، بل هي سورية، فالأردن تحمل تبعات وأعباء القضية السورية، خصوصا ما تعلق باللاجئين.\nالحلم تحول إلى وهم بعيد المنال، فحفظ حياة الأطفال، بات أمر لا تحقيقه، لكونه يخضع لرؤى الجماعات المسلحة واجهزة الإستخبارات المسيطرة عليها.\nالغريب أن لا أحد يكترث للاجئين المتواجدين على للحدود الأردنية السورية، البعض كان يعتقد أن المشكلة في الدولة الأردنية، والتي رفضت مرارا وتكرارا، إغلاق الحدود بوجه القادمين اليها.\nاللاجئون معرضون لشتى أنواع التهديدات خصوصا تلك التي ترفعها المنظمات الارهابية بوجههم، فالحدود  الأردنية اضحت المنفذ الوحيد للخروج، فتركيا باتت بوابة خطرة لا يمكن المغامرة والتوجه اليها، و الحدود اللبنانية تخضع للقوى المسحلة اللبنانية المتصارعة، ومن ضمنها حزب الله. ما يعني أن الطريق الأمن الوحيد بات أردنيا.\nفي الحقيقة كنت آمل أن تصل الأسرة إلى مخيم الزعتري بأمان، فقد كان هناك أصدقاء ينتظرون استقبالها والاهتمام بها، لكن محاولتي صدمت بالأوضاع الأمنية خلف الحدود الأردنية.\nكما أن الآمال، اصيبت بشيء من الإحباط، بعدما ابطئت الحكومة الكندية من زخم استقبالها اللاجئين السوريين، لإعادة توطينهم في أرضها. سيما بعدما تم ايقاف الجسر الجوي الذي دشنته بين مطاراتها ومطارات الأردن، ولبنان، و مصر ، وتركيا.\nلكم أتمنى على الحكومة الكندية أن تسرع خطوات مسعاها، لإنقاذ حياة اللاجئين خلف الحدود.\nالخلاصة: الآلاف من اللاجئين السوريين يخضعون لسيطرة المنظمات الإرهابية، خلف الحدود الأردنية، دون أن يلتفت لهم أحد.\nحيواتهم معرضة للخطر إن لم يتم إيجاد الحلول الحقيقية لهم، المخيم الذي يقيمون فيه ليس إلا  مكرهة صحية، وبيئة منتجه للأمراض، فالفئران تتكاثر بشكل مهول والكلاب والضباع ترصد المخيم كل مساء، قد تنشر الامراض و الأوبئة لتمتد لدول الجوار، بحيث تتسع رقعة المشكل. إلى متى سيبقى هؤلاء حبيسون خلف جدران السواتر الرملية، في مخيمات اشبه بأسواق نخاسة يخرج منها من يدفع أكثر من الآخر، الكثير من اللاجئين حياتهم معرضة للخطر، وهم ينتظرون الحلول التي يرونها بعد توالي الوعود، مجرد وهم وسراب بعيد المنال.\nفهل ثمة أحد قادر عل قرع الأجراس !\nهذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

الخبر من المصدر