طريق الملاحة الشمالي والاحتباس الحراري.. «رُب ضارة نافعة» - ساسة بوست

طريق الملاحة الشمالي والاحتباس الحراري.. «رُب ضارة نافعة» - ساسة بوست

منذ 8 سنوات

طريق الملاحة الشمالي والاحتباس الحراري.. «رُب ضارة نافعة» - ساسة بوست

منذ 2 دقيقتين، 22 أبريل,2016\nيبدو أن التأثيرات السلبية العديدة لظاهرة الاحتباس الحراري، والتي وصلت لمعدلات مرتفعة جدًا هذه الأيام، لها جانبها الإيجابي لبعض دول العالم. الاحتباس الحراري وما يصاحبه من ذوبان الجليد في منطقة القطب الشمالي تسبب في فتح طرق ملاحية وسط الكتل الجليدية العملاقة يمكن أن تعبرها السفن التجارية.\nهذا الأمر ظهر بوضوح تام فيما يعرف بـ طريق الملاحة الشمالي، الذي ظهر نتيجة لذوبان الجليد في أقصى المناطق المتجمدة شمال غرب المحيط الأطلنطي وتحديدًا في شمال كندا.\nويطلق عليه تحديدًا اسم الممر الشمالي الغربي. وهو طريق بحري يربط بين منطقة شمال الأطلنطي، وشمال المحيط الهادي عبر منطقة المحيط المتجمد الشمالي. هذا الطريق يوازي قناة بنما التي تصل بين وسط المحيط الأطلنطي ووسط المحيط الهادي، لكن الطريق الشمالي يمر على طول الساحل الشمالي للقارة الأمريكية الشمالية عبر الممرات المائية في منطقة الأرخبيل القطبي الشمالي الكندي.\nمنطقة الأرخبيل هذه، تتكون من مجموعة من الجزر، التي تنفصل عن البر الكندي الرئيسي، عبر سلسلة من الممرات المائية القطبية، التي تعرف باسم الممرات الشمالية الغربية. وقد أعاد البرلمان الكندي تسمية هذه الممرات باسم الممر الشمالي الغربي الكندي في ديسمبر (كانون الأول) 2009.\nوقد سعى العديد من المستكشفين في الماضي، إلى استكشاف وتحديد هذا الطريق، باعتباره طريقًا تجاريًّا محتملا. هذا الممر اكتشف عام 1850 بواسطة روبرت ماكلور، وتمت عملية الإبحار الأولى به بواسطة المستكشف النرويجي رولد أموندسن برفقة بعثة صغيرة خلال الفترة من 1903 إلى 1906.\nقبل العصر الجليدي الصغير (وهي مرحلة زمنية باردة مرت بالأرض في الفترة بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر)، أبحرت جماعات الفايكينغ النرويجية، إلى أقصى المناطق الشمالية والغربية بهدف الصيد والتجارة، مع جماعات الإنويت، التي كانت تسكن هذه المناطق. بين نهاية القرن الـ15 والقرن العشرين، أرسلت القوى الاستعمارية الكبرى المستكشفين في محاولة لاستكشاف طريق تجاري بحري يعبر حول القارة الأمريكية الشمالية.\nوقد أطلقت بريطانيا على الطريق، اسم الممر الشمالي الغربي. وكان الدافع وراء اكتشاف هذا الطريق هو التمكن من استكشاف الساحلين الشرقي والغربي لأمريكا الشمالية، والربط بينهما. فعندما تأكد عدم وجود طريق بحري، يمر عبر قلب القارة، تحول الانتباه بشكل أساسي، إلى إمكانية المرور عبر المناطق الشمالية. يذكر أنه في ذلك الوقت كان هناك عدد من المفاهيم العلمية المغلوطة التي سببت كوارث لبعثات استكشاف منطقة القطب الشمالي بشكل عام لعل أبرزها أن مياه البحر لا تتجمد.\nالممر الشمالي الغربي نحو ألاسكا الأمريكية\nحتى عام 2009، منعت الحزم والتجمعات الجليدية العملاقة القطبية، عملية الشحن البحري المنتظم خلال معظم أيام السنة. لكن التغيرات المناخية وارتفاع درجة الحرارة قلصت من حجم هذه التكتلات الجليدية مما جعل هذه الممرات الجليدية صالحة أكثر للملاحة المنتظمة.\nفي عام 2000، حاولت سفينتان كنديتان الاستفادة من قلة سمك الجليد، الذي يغطي المنطقة في فصل الصيف، للإبحار عبر الطريق. فقد كان يسود الاعتقاد بأن التغير المناخي من المرجح أنه فتح الممر وجعله صالحًا للملاحة لفترة أطول من الزمن عما كان معتادًا في الماضي. لكن المرور عبر هذا المحيط القطبي الشمالي بشكل عام يتطلب استثمارات كبيرة في معدات السفن الإضافية كما أن انطلاق السفن البحرية سيظل بشكل موسمي وليس دائمًا. في ذلك الوقت ساد الاعتقاد لدى الحكومة الكندية، أنها ستظل تعتمد على قناة بنما ولن تعتمد على الطريق الشمالي الغربي لمدة من 10 إلى 20 عامًا قادمة.\nفي 14 سبتمبر (أيلول) 2007، ذكرت وكالة الفضاء الأوروبية، أن فقدان الجليد في تلك السنة، قد فتح طريقًا سالكًا، وصف بأنه تاريخي. ووفقًا لمركز تقييم المناخ في القطب الشمالي، فإن نهاية القرن 20، وبداية القرن 21، شهدت انكماشًا ملحوظًا في حجم الغطاء الجليدي بالمنطقة. كمية الجليد التي فقدت في عام 2007، ساهمت في فتح طريق ملاحة دائم نظريًا طبقًا لما أوضحته صور الأقمار الصناعية، لكن لم تكن هناك تجربة عملية تثبت إمكانية المرور بشكل دائم دون مشاكل كبيرة.\nفي ديسمبر (كانون الأول) 2007، أظهرت صور الأقمار الصناعية لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» أن كمية السحب التي تغطي منطقة الممر الشمالي الغربي أقل بنسبة 16% عن نسبتها خلال العام السابق 2006، وهو ما يعني مرور كمية أكبر من ضوء الشمس إلى المنطقة وذوبان كمية أكبر من الجليد. وفي مايو (أيار) 2008، أفادت بعثة استكشافية أن المرور في هذا الطريق ليس صالحًا للملاحة الكاملة حتى بعد النقص الكبير الحادث في الجليد في الممر.\nانكماش الجليد حتى عام 2007 في القطب الشمالي\nوفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، ذكرت هيئة الإذاعة الكندية، أن خفر السواحل الكندي، أكد مرور أول سفينة تجارية أبحرت عبر الممر الشمالي الغربي. هنا كان العالم على موعد مع تغيير تدريجي في خريطة الملاحة للتجارة العالمية، خصوصًا بين قارتي أوروبا وآسيا.\nليس هذا فحسب، بل إنه في يناير (كانون الثاني) 2010، ساهم الانخفاض المستمر في كمية الجليد، في هذا الممر، في اقتراح تقدم به خبير الكابلات، كودياك كيناي، بزرع خط كابلات ألياف ضوئية بحري، يربط العاصمة الإنجليزية لندن، بالعاصمة اليابانية طوكيو عبر هذا الممر. خط الكابلات المقترح هذا من شأنه أن يخفض الوقت الذي يستغرقه إرسال الرسائل بين طوكيو ولندن إلى النصف. وفي سبتمبر (أيلول) 2013، جرت أول عملية مرور لسفينة شحن كبيرة عبر الممر الشمالي الغربي بنجاح كامل.\nبعد هذا النجاح الملحوظ لهذا الطريق الجديد، بدأت بعض الدول والشركات الملاحية، تغير اتجاهها نحو هذا الطريق الجديد. ووفقًا لما ذكرته صحيفة الصين اليومية الرسمية، يوم الأربعاء 21 أبريل (نيسان) 2016، فإن الحكومة الصينية ستحث شركات الملاحة على استخدام الممر الشمالي الغربي، بهدف تقليل الزمن الذي تستغرقه الرحلات البحرية بين المحيطين الهادي والأطلنطي.\nالصين تتميز بوجود متزايد في منطقة القطب الشمالي، وتعتبر واحدة من أكبر المستثمرين في قطاع التعدين في جرينلاند، كما أبرمت اتفاقيات للتجارة مع أيسلندا. وفي عام 2013 وافق المجلس القطبي على ضم الصين بصفتها عضوًا مراقبًا.\nاستخدام هذا الممر سيوفر الكثير من الوقت والمال، لشركات النقل الملاحية الصينية، فستكون الرحلة البحرية من شنجهاي إلى هامبورغ الألمانية عبر الممر الشمالي الغربي أقصر بمقدار 2800 ميل بحري عن الطريق البحري المار بقناة السويس المصرية. وقد أصدرت إدارة سلامة الملاحة الصينية هذا الشهر دليلًا باللغة الصينية يحتوي على تفاصيل الإبحار الآمن عبر هذا الممر.\nوسيؤثر هذا الطريق بشكل سلبي واضح على قناة السويس المصرية، إذ ستفضل بعض الدول المرور عبر الطريق الجديد الذي سيختصر الوقت والمسافة ويوفر مبلغًا ماليًا كبيرًا كان يٌدفع لقناة السويس. أضف إلى هذا إمكانية تأثر قناة بنما بهذا الطريق نتيجة تفضيل بعض الرحلات اتخاذ الطريق بدلًا من القناة بهدف توفير الوقت أيضًا.\nفكرة الملاحة في هذا الممر قد يقابلها بعض المشاكل، التي تتعلق بمطالبات السيادة المتنازع عليها على المياه الإقليمية للدول المحيطة، وهو ما قد يعقد عمليات الملاحة المنتظمة في المستقبل القريب.\nالحكومة الكندية تعتبر الجزء الشمالي الغربي من هذه الممرات البحرية، جزءًا من المياه الداخلية الكندية، لكن الولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول الأوروبية يعتبرون هذه الممرات بمثابة مضيق دولي، وممر دولي للملاحة البحرية، دون سيطرة لأحد عليه، وهو ما يعني السماح بحرية الحركة والمرور غير المشروط به. أضف إلى هذا مخاطر تتعلق بغياب البنى التحتية والأضرار التي قد يسببها الجليد للسفن وطبيعة الطقس المتقلب هناك.\nومن الناحية الأخرى فيعتقد بعض العلماء أن انخفاض الجليد في هذا الممر، قد يسمح لبعض الكائنات البحرية بالهجرة عبر المحيط المتجمد الشمالي. الحيتان الرمادية على سبيل المثال لم يرها أحد في المحيط الأطلنطي منذ عمليات صيدها الواسعة التي أدت لانقراضها من المحيط خلال القرن الثامن عشر. لكن في مايو (أيار) 2015، تواجد أحد هذه الحيتان – ليس فقط في المحيط الأطلنطي – ولكن في البحر الأبيض المتوسط. العلماء يعتقدون أن الحوت اتبع مصادر الغذاء عبر الممر الشمالي الغربي.

الخبر من المصدر