المحتوى الرئيسى

التوأمان يضاعفان بيانات أبحاث محطة الفضاء الدولية - الجزء الأول

04/01 01:15

خلال مؤتمرٍ صحفي في 19 كانون الثاني/يناير من العام 2015 في مركز جونسون للفضاء في هيوستن - تكساس Johnson Space Center in Houston Texas، تحدث قائد الرحلة 45/46 رائد الفضاء سكوت كيلي إلى جانب شقيقه رائد الفضاء السابق مارك كيلي، عن مهمة سكوت كيلي الوشيكة ذات العام الواحد على متن محطة الفضاء الدولية (ISS)

اليوم وفي مختبر إيه ألوفت A Lab Aloft، يقوم الدكتور غراهام سكوت Graham Scott بإطلاق سلسلة من جزأين للبحث في دراسة توائم تابعة لناسا وللمعهد الوطني لبحوث الفضاء الطبية الحيوي (National Space Biomedical Research Institute) أو اختصاراً (NSBRI)، إذ أنها تقوم بإجراء البحوث الطبية الحيوية على أخوين يشكلان زوجاً من التوائم الحقيقة، وكلاهما من رواد الفضاء.

سرعان ما ستصبح الرعاية الطبية والبحوث الطبية الحيوية ذاتية، كما تؤكد على ذلك المبادرة التي أعلنها الرئيس أوباما مؤخراً (مبادرة الطب الدقيق) والتي تعتبر أن الاختلافات الفردية بين المرضى -التي تكون في الجينات والبيئة ونمط الحياة- هي عبارة عن مداخل للوقاية من الأمراض والعلاج منها.

تهدف "مبادرة الرئيس في الدقة الطبية" إلى توليد الأدلة العلمية اللازمة لحث الدقة الطبية في الممارسة السريرية، إذ تقوم الرعاية الصحية الفردية بإطلاق العنان للتشخيص الطبي الجزيئي الخاص بالقرن الواحد والعشرين، والذي يقدم خياراتٍ علاجية جديدة ومثيرة للاهتمام للمرضى وعائلاتهم.

يقوم التحليل الجزيئي بتحليل العلامات البيولوجية كالجينات والبروتينات والمستقلبات الناتجة في نسيج الشخص، والخلايا والسوائل الحيوية (كالدم والبول)، وذلك بتطبيق التقنيات التي طورها علماء الأحياء الجزيئية في الاختبارات الطبية. 

في محاولة لمواجهة المسألة القديمة حول (الطبيعة مقابل التغذية)، تقوم دراسة التوائم التي مولتها ناسا والمعهد الوطني لبحوث الفضاء الطبية الحيوية، بإجراء أبحاث طبية حيوية على رائدَي الفضاء الأخوين التوأم كيلي المتطابقين، ستقوم هذه الدراسة الجزيئية في الفضاء المتكاملة والأولى من نوعها (astro-omics دراسة الأوميكات أو المجموعات الجزيئية في الفضاء) بوضع أسس التطوير النهائية للتدابير المبنية على أساس الدقة الطبية لرواد الفضاء، والتي من الممكن أن تسهم في البعثات المستقبلية إلى المريخ.

تتحدى الرحلات الفضائية البشر بطرقٍ جديدةٍ ومتطرفة وغير متوقعة، والبشر على الأرض وفوقها سيستفيدون بالتأكيد من المعرفة التي سنحصل عليها نتيجة لهذه الأبحاث الفريدة من نوعها.

إن دوافع هذا البحث فردية أيضاً، إذ قام التوأمان سكوت ومارك كيلي بطرح هذه الفكرة، أي أن تتم دراستهما قبل وأثناء وبعد مهمة سكوت الحالية، والتي تستمر لمدة عامٍ على متن محطة الفضاء الدولية، سكوت هو واحد من اثنين من أفراد الطاقم المختارين الذين سيمضون 12 شهراً في المدار، بدلاً من الستة أشهر المعتادة، وفي الوقت نفسه، سيبقى شقيقه مارك -وهو رائد فضاء متقاعد- على الأرض.

تتوافق دراسة التوائم بسلاسةٍ مع بعثة العام الواحد، وتخلق الفرصة لإلقاء نظرة مفصلة على الحمض النووي لسكوت كيلي ومجموعته الكاملة من البروتينات، ومجموعة البكتيريا التي تعيش في أحشائه، والوسط من المستقلبات الموجود في مجرى دمه، ندعو هذا النمط من البحث -حيث أننا ننظر في وقت واحد إلى عدة مستويات جزيئية حيوية مختلفة– دراسةً جزيئية متكاملة.

المصطلح omics جديد نسبياً، في العام 2003 أصبحت الخارطة الجينية الأولى التي تم الانتهاء منها -والتي تفصل التركيب الجيني أو المخطط الجيني للإنسان- متاحةً على نطاق واسع في الأوساط العلمية.

أدى ذلك إلى مراقبة كيفية نسخ الجينيات أو (تدوينها) قبل أن تنتهي في نهاية المطاف إلى بروتينات، والتي نشير إليها بـ "مجموعة النواسخ" transcriptome (المجموع الكلي من جزيئات الـ RNA الناسخ لجينات الكائن الحي).

تبع هذا العمل بسرعة جهوداً لدراسة البروتيوم proteome (وهي التركيبة الكاملة من البروتينات التي يمكن التعبير عنها بخلية أو نسيج أو كائن حي)، وفهرسة الآلاف من البروتينات التي تسير في دمنا في أي وقتٍ من الأوقات، أو تقوم بأداء إشارات داخل خلايانا.

في الآونة الأخيرة، قمنا بوصف الميكروبيوم microbiome، وهو تجمع الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في أمعائنا أو على جلدنا. 

نقوم أيضاً بدراسة الإيبيجينوم epigenome، والتي تتضمن تحري التغيرات الكيميائية العكوسة التي تحدث بشكل حيويّ داخل حمضنا النووي، وبروتينات الهيستون التي تقوم بتجميع حمضنا النووي نتيجة للضغوطات المحيطة، يزداد عدد الـ (oms) التي بإمكاننا دراستها زيادة مستمرة، ومصطلح (omics) هو مصطلحٌ لتغطية هذه المساحة من البحث الجزيئي كباب إن فرصة مراقبة سكوت (في الفضاء) ومارك (على الأرض) على المستوى الحيوي الجزيئي والأساسي، هي فرصة فريدة من نوعها لأنهما رائدا فضاء أخوان وتوأمان متطابقان، في منعطف القرن الواحد والعشرين كنا سنعلن أنهما متطابقان جينياً، في الحقيقة، تبين أن التوائم الحقيقية ليست متطابقةً بنسبة 100%، للوهلة الأولى، لدى مقارنة حمضيهما النوويين نجد أنهما متطابقان، ولكن فعلياً هناك بعض الاختلافات الوراثية الكامنة والصغيرة، وعلاوةً على ذلك، تختلف الجزيئات الحيوية التي يتم توليدها أو (التعبير عنها) تماماً على مستويات الحمض النووي الريبي RNA والبروتينات والمستقلبات، ويعود ذلك لاستجابات كل من التوأمين للظروف المحيطة التي يواجهانها كل لحظة، فضلاً عن الخبرات التي تراكمت طوال حياتهما.

نخطط للنظر في الملف الشخصي الجزيئي لكلٍّ من مارك وسكوت على مستوى دقيق وحُبيبي، لرؤية ما يحدث مع جيناتهما ومجموعة النواسخ ومجموع البروتينات ومجموع المستقلبات.. إلخ، في الفضاء بالنسبة إلى ذلك الذي سيكون على الأرض، يمثل مارك شاهداً مثالياً للدراسة بالقدر الذي يمكن للفرد أن يتصوره، لأنه قريبٌ جداً في تركيبته الجينية من سكوت. 

بدءاً من أواخر العام 2014، كنا قد بدأنا بجمع عينات السوائل الحيوية وأخذ القياسات الأساسية لسكوت ومارك من أجل الدراسة. 

سنتابع القيام بجمع عينات من التوأمين مباشرةً بعد عودة سكوت إلى الأرض في أوائل 2016.

ما يمكن أن نراه مع سكوت -بناءً على تجارب أجريت سابقاً باستخدام نماذج بحوث حيوانية- هو مستويات تعبير مختلفةٌ عن الحمض النووي الريبي RNA لجيناتٍ محددة، قريبة نسبياً إلى ما نشاهده عادة على الأرض، يمكننا أيضاً أن نقوم بمقارنة ملف التعبير عن الحمض النووي لسكوت مع ملف أخيه مارك، على سبيل المثال، سيتعرض سكوت خلال مهمته لمستوياتٍ من الإشعاع تعادل تقريباً 20 ضعفاً من تلك التي سيتعرض لها مارك، وهذا بسبب التأثير المشترك للغلاف الجوي الواقي لكوكبنا والحقول المغناطيسية القوية التي تحمي البشر الباقين على الأرض.

إن تأثير إشعاعات الفضاء على الحمض النووي للشخص هي واحدةٌ من الأشياء التي نهتم بمعرفة المزيد عنها، وسنقوم بدراسة كيف تقصر القسيمات الانتهائية (أي نهايات الكروموزم telomeres) استجابةً لتأثير الإشعاعات والإجهادات الأخرى المتأصلة في بيئة الفضاء، هذا البحث على القسيمات الانتهائية سيعطي بياناتٍ متابعة للضرر الكروموزومي الذي نشر في بحث عام 2008 قام به الدكتور فرانسيس كوسينوتا Francis Cucinotta وزملاؤه في البحوث الإشعاعية.

يمكن لفهمٍ أفضل لتأثير أشعة الفضاء على المستوى الجزيئي أن يكون مفيداً في النهاية لمرضى السرطان الذين يخضعون لإشعاع البروتون كجزءٍ من نظام علاجهم السائد، حتى القرن الواحد والعشرين، كان مرضى السرطان يتلقون علاجاتٍ إشعاعية تختلف تماماً عن الإشعاعات التي يتعرض لها رواد الفضاء، الآن تقوم العديد من مشافي السرطان الكبرى باستخدام المعالجة البروتونية، وبدأ بعضها أيضاً باستخدام أيونات الكربون لمكافحة السرطان، تماثل (المعالجة بالجسيمات) مكون الجسيم الثقيل الموجود في إشعاع الفضاء، إلا أنها تكون بمعدلات وجرعات مختلفة. 

التعرض الأكبر للإشعاعات الذي سيخضع له سكوت في الفضاء، يمكن أن يقوم بكشف تأثيرات جزيئية حيوية بطرق يمكن أن تؤدي إلى اكتشافاتٍ جديدة، إذ أن الوراثة المتقاربة للتوأمين جعلت منهما موضوعي دراسة مثاليين، في محاولة لتحديد دور التأثيرات البيئية في تقدم المرض، مقابل التركيب الجيني للفرد. 

من العوامل التي نقوم بتحليلها في دراساتنا، كون مارك كان رائد فضاء حتى العام 2012، ما يعني قضائه فترة زمنية مهمة في الفضاء، قضى مارك فترة 54 يوماً في الفضاء، في حين أنه سيكون لسكوت ما مجموعه 540 يوماً في المدار -وهي عشرة أضعاف الأيام التي قضاها شقيقه في الفضاء- من المؤكد أن يكون النمط الحيوي الجزيئي لكلا الشقيقين قد تأثر بمعظمه بتجربتهما الفضائية السابقة، بالتأكيد سيواجه سكوت مجموعة جديدة من الإجهادات بما أنه قد عاد ثانيةً على متن محطة الفضاء الدولية. 

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل