هل تنبّأ «ذا سمبسونز» بفوز ترامب؟

هل تنبّأ «ذا سمبسونز» بفوز ترامب؟

منذ 8 سنوات

هل تنبّأ «ذا سمبسونز» بفوز ترامب؟

نال مسلسل الرسوم المتحركة الأميركي الهزلي المخصص للكبار «ذا سمبسونز» اهتماماً استثنائياً، منذ بدء عرضه في العام 1987. إلى جانب الإقبال الجماهيري على متابعته داخل أميركا وخارجها، حصد العمل اهتمام الأكاديميين، فحلّلوا مضمونه وبنية شخصيّاته ومقولاته السياسيّة والاجتماعيّة.\nلكن وبخلاف الاهتمام العقلاني بالعمل، بدا أن هناك أمورًا خفيّة وأكثر غرابة في ما يتعلق بـ«آل سمبسون» تثير فضول الكثيرين. إذ يعتقد البعض أن المسلسل الكرتوني الهزلي قادر على «التنبؤ بالمستقبل». حتى أنّ صحيفة «واشنطن بوست» وصفت المسلسل بكرة الحظ السحريّة التي تحمل الرقم ثمانية وتمتلك جميع الإجابات.\nظهرت الحلقات الأولى من برنامج مات غرونينغ، كمقاطع ضمن برنامج «تراسي أولمان» العام 1986. لينطلق بعد ذلك كبرنامج منفصل العام 1987 عبر شبكة «فوكس نيوز». يصوّر العمل عائلة أميركية تقليدية مؤلفة من الأب الكسول والسطحي هومر، وزوجته مارج، وأبنائه الثلاثة بارت، وليسا، وماغي. تمتاز العائلة بلون بشرة أصفر فاقع، وبأعمارٍ تبقى ثابتة بالرغم من تعاقب المواسم. يعدّ «ذا سمبسونز» أطول مسلسل هزلي أميركي مستمرّ في العرض، بعدما تجاوز عدد حلقاته 590، توزّعت على 27 موسماً. تناوب على كتابة السيناريو عددٌ كبير من الكتّاب، وحقق أرباحاً ضخمة لشركة «فوكس»، كما حصد جوائز عدّة منها جائزة «إيمي»، وصنّف «كأحد أفضل البرامج التلفزيونية عبر التاريخ» من قبل مجلة «تايم» في العام 1999.\nبين الحين والآخر، تظهر في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية عناوين تشير إلى أن أحداثاً تحصل اليوم، أشار إليها المسلسل قبل أعوامٍ بصورة عابرة أو مباشرة في إحدى حلقاته. آخر تلك التنبؤات ترتبط بترشح رجل الأعمال الجمهوري دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية. ففي حلقة تحمل عنوان: «بارت إلى المستقبل» بثّت العام 2000، تصبح ليسا ابنة الثامنة، أول رئيسة للولايات المتحدة. وفي أحد المشاهد تتوجه ليسا لمساعديها في مكتب البيت الأبيض الرئاسي بالقول: «كما تعلمون، لقد ورثت أزمة الميزانية بسبب الرئيس ترامب». لا يعدّ ترشح ترامب للرئاسة، النبوءة الوحيدة التي تحققت وفق حلقات «سمبسونز»، فالبعض ينسب للبرنامج استشرافه أحداث «11 أيلول»، وتنبؤه بانتشار فايروس «إيبولا» في حلقة يعود تاريخها إلى العام 1997. هذا ويرى آخرون أن المسلسل تكهّن بما يحصل الآن في سوريا، ضمن حلقة بثّت العام 2001. حينها ظهرت في الحلقة طائرات أميركية تقصف مقاتلين عربا يقفون بمحاذاة سيارة رباعيّة الدفع، رسم عليها علم المعارضة السورية. كما يمكن العثور على كثير من مقاطع الفيديو التي وثّقت أشهر تنبؤات البرنامج السياسيّة والاجتماعيّة.\nبعيداً عن الغرق في «الماورائيات»، يشكل البرنامج الهزلي مادة دسمة لتحليل كيفية تضمين الرسائل السياسية والفكرية في قالبٍ ترفيهي. يمكن تلمّس ذلك عبر تأمّل بعض الشخصيات ـ النماذج في العمل مثل هومر الكسول والسطحي الذي يعمل في مفاعل «سبرينغفيلد» النووي، تحت إمرة مديره الجشع. هنالك أيضاً جار هومر نيد فلاندرز المتدين والمكروه، بجانب المهرّج كراستي مقدّم البرنامج الكوميدي المخصص للأطفال «كراستي شو»، والذي يدين باليهودية ويرمز للثري المشهور الأناني.\nالمسلسل من إنتاج شركة «فوكس» التي تعتبر أحد أبرز منابر الدفاع عن الحزب الجمهوري، لكنّ كثراً يصنّفون «ذا سمبسونز» كعمل ذي اتجاه يساري أو ليبرالي. عالج المسلسل خلال مواسمه عدداً من القضايا الكبرى، مثل الفساد ـ والحملات الانتخابية ـ والموقف من المثلية، والمهاجرين وضبط الحدود، إدمان الكحول والمخدرات.\nهل مهّدت أميركا لـ «السيطرة على العالم» عبر حلقات «ذا سمبسونز»؟ فرضيّة لا تخلو من المغالاة، بالرغم من أنّها تجد من يصدّقها. الحقيقة أن هناك وقائع تبرّر تصنيف بعض تفاصيل العمل ورموزه، في خانة «النبوءات». ففي لقاء مع «هوليوود ريبورتر» (16/3)، يشرح أحد كتّاب المسلسل دان غريني، سبب توقّعه ترشيح دونالد ترامب للرئاسة، قبل ستة عشر عاماً مضت، قائلاً إنّ ذلك كان بمثابة «إنذار لأميركا». يوضح الكاتب: «بدا الأمر كما لو أنّه المحطّة المنطقية الأخيرة قبل الوصول إلى القاع، ولأن ذلك يتسق مع الرؤية التي تقول إن أميركا تفقد عقلها». وبهذا المعنى، يمكن القول إنّ بعض كتّاب البرنامج امتلكوا القدرة على تحليل المعطيات واستقراء الواقع، بدلاً من كونهم «عرافين» يعلمون بالغيب.\nقد يبرّر عدد حلقات «ذا سمبسونز» الكبير، سرّ بعض التوقّعات، مع إحاطة العمل بمواضيع متشعّبة. فمقابل تشابه بعض حلقات المسلسل مع بعض الوقائع، إلا أنّ هناك مئات الحلقات التي بقيت في إطار الخيال. ما يهم حقاً هنا أن «ذا سمبسونز» يقدم نموذجاً فريداً عن كيفيّة استخدام الفنّ للتعبير عن المصالح الاقتصادية والسياسية. فالعائلة الصفراء الغريبة الأطوار استطاعت أن تجذب الجمهور، وتضحكه، وتؤثّر به عاماً بعد آخر. من جهتها، لا تحتاج الولايات المتحدة إلى برنامج كرتوني لإيصال «رسائل خفيّة»، فهي تعلن ما تريده كلّ يوم بصراحة ووضوح.

الخبر من المصدر