وهل أكرمنا أمهاتنا عندما جعلنا لهن عيدا؟

وهل أكرمنا أمهاتنا عندما جعلنا لهن عيدا؟

منذ 8 سنوات

وهل أكرمنا أمهاتنا عندما جعلنا لهن عيدا؟

اليوم هو يوم الأم العالمي، يوم يزج فيه الحديث عن الأمهات في كل مكان، شاشات التلفاز، ومواقع التواصل الاجتماعي، والأغاني، والأفلام والمسلسلات.. إلخ، لتجد نفسك في وسط هذه النداءات ممسكاً بهاتفك لمحادثة أمك بكلام طيب رقيق، أو لتتفق مع إخوتك وأخواتك على ترتيب لقاء عائلي في منزل الأهل للاحتفال بالأم، ولكن هل أوفيت لها حقها إنْ كنت قد تذكرتها في هذا اليوم؟ أم هل أنت الولد البار الذي لم ينسَ أمه في اليوم العالمي لها؟ أم هل عساك أرضيت نفسك وعقوقك بتلك الهدية الصماء التي جلبتها معك وأنت تزورها في عيدها؟\nالأم التي قال الله تعالى عنها في كتابه الكريم، بسم الله الرحمن الرحيم\n"وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)". صدق الله العظيم\nالأم التي كرمها الإسلام ورفع من مكانتها وجعل برها من أصول الفضائل، وجعل حقها أعظم من حق الأب لما تحملته من مشاق الحمل والولادة والإرضاع والتربية، بل وأعظم من حق الناس جميعاً، وهذا ما يُقره القرآن ويُكرره في أكثر من سورةٍ ليثبِّته في أذهان الأبناء ونفوسهم، نِعم الجنة التي وعد المتقون بها والتي هي غاية كل مسلم وحصيلة عمر ينقضي بالخير والصلاح، تكون تحت أقدام الأمهات، وتكون الأم هي الطريق المؤدي إليها برضاها عن الولد وبإرضائه لها، وأن يكون إرضاؤها شرطاً أساسياً من شروط الإيمان الكامل والإسلام الحقيقي، سواء أكانت الأم أرفع من الولد أصلاً أو دونه في الأصل والنسب فهي أمٌّ وكفى.\nهذه هي حكمة الإسلام ورحمته تجاه الأم، فالإسلام لا يقر لولد مهما كان شريف الحسب والنسب أن يتطاول على أمه وإن كانت جارية. فحق الأمومة في شريعة الإسلام حق مقدس لا يتغير ولا يتبدل مهما اختلفت الظروف والأحوال. والواقع أن العقل والمنطق يؤيدان هذا ويؤكدانه. فإن الولد لا يمكن له أن ينال الحياة، إلا بعد أن تغذيه الأم من دمها، وبعد أن تحمله معها في أحشائها وتحميه في كل جارحة من جوارحها. ولا يمكن له أن يعيش أيضاً إلا إذا كفلته أمه في رعايتها.\nوعلى هذا فإن الولد في الواقع قطعة من الأم قد انفصلت عنها وتكونت إلى جنين، فهل يمكن لبعض الشيء أن يعلو على بعضه؟ وهل يمكن للثمرة أن تسمو على الشجرة؟ وهل يمكن للوردة أن تباهي الغصن؟ ولولا الغصن لما كان هناك زهرة على وجه الأرض.\nومن أعظم الأدلة على مكانة الأم في الإسلام الحديث النبوي الشريف الذي يروي قصَّة رجلٍ جاء إلى النبي "صلى الله عليه وسلم" يسأله: من أحق الناس بصحابتي يا رسول الله؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «أبوك».\nويروي أبو بكر البزار أن رجلًا كان بالطواف حاملًا أمه يطوف بها، فسأل النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" هل أديتُ حقها؟ قال: «لا، ولا بزفرة واحدة»!.. أي من زفرات الطلق والوضع ونحوها.\nوبر الأم يعني: إحسان عشرتها، وتوقيرها، وخفض الجناح لها، وطاعتها في غير المعصية، والتماس رضاها في كل أمر، حتى الجهاد، إذا كان فرض كفاية لا يجوز إلا بإذنها، فإن برها ضرب من الجهاد.\nومن الأحاديث النبوية الدالة على مكانة الأم في الإسلام قصة الرجل الذي جاء إلى النبي "صلى الله عليه وسلم" فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك، فقال: «هل لك من أم؟» قال: نعم، قال: «فالزمها فإن الجنة عند رجليها».\nومن عجيب ما جاء به الإسلام أنه أمر ببر الأم، حتى وإن كانت مشركة، فقد سألت أسماء بنت أبى بكر النبي "صلى الله عليه وسلم" عن صلة أمها المشركة، وكانت قدمت عليها، فقال لها: «نعم، صِلِي أمك».\nومن رعاية الإسلام للأمومة وحقها وعواطفها أنه جعل الأم المطلقة أحق بحضانة أولادها؛ تقديرًا لمكانة الأم في الإسلام، وأولى بهم من الأب، حيث قالت امرأة يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه مني! فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أنتِ أحق به ما لم تنكحي».\nالتدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

الخبر من المصدر