علي مبروك.. رحيل نازع «أقنعة القداسة»

علي مبروك.. رحيل نازع «أقنعة القداسة»

منذ 8 سنوات

علي مبروك.. رحيل نازع «أقنعة القداسة»

توفي الدكتور علي مبروك، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة بعد صراع مع المرض، ويعد مبروك، واحد من أهم الكتاب والمفكرين المصريين والعرب الذين ناقشوا التراث الإسلامى، فى العقود الأخيرة.\nرحل عن عالمنا صباح اليوم الدكتور علي مبروك أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة صباح في العقد الخامس من عمره، ويعد الراحل أبرز المفكرين والمنظرين لإشكالية الفكر الإسلامي وعلاقته بالحداثة.\nمبروك صاحب مسيرة فكرية وعلمية بدأت مع حصوله على درجة الماجستير فى الفلسفة الإسلامية - علم الكلام عام 1988، وعلى درجة الدكتوراه في الفلسفة عام 1995، من جامعة القاهرة. وعمل في العام 2003 أستاذًا مساعدًا للدراسات الإسلامية، في قسم الدراسات الدينية، بكلية الإنسانيات فى جامعة كيب تاون، بجنوب إفريقيا.\nوأطل الراحل على القراء من خلال مقالاته في جريدة الأهرام بإشكاليات الحداثة وعلاقتها بالثورات العربية، وقدم لغة بسيطة ورشيقة، وحاول قراءة التراث الإسلامي في ظل متغيرات الفكر المعاصر والحداثة.\nوله عدة مؤلفات أبرزها "لعبة الحداثة بين الجنرال والباشا"، "النبوة... من علم العقائد إلى فلسفة التاريخ" عن دار التنوير في بيروت، "السلطة والمقدس.. جدل السياسي والثقافى فى الإسلام"، "ثورات العرب – خطاب التأسيس" عن دار العين، "الدين والدولة في مصر – هل من خلاص؟"، "مأزق التنوير.. ملاحظات أولية"، " أفكار مؤثمة من اللاهوتي إلى الإنسان"، وعن الهيئة المصرية للكتاب تحت عنوان «في لاهوت الاستبداد والعنف.. والفريضة الغائبة في خطاب التجديد الإسلامي»، وقبل أيام من رحيله أصدر كتابه «الأزهر وسؤال التجديد».\nوعن كتابه "الخطاب السياسي الأشعري" كُتب على موقع التواصل الاجتماعي المعني بالكتب جودريدز\n"كيف يتحكم فينا التراث لهذا المدى العميق؟ كيف يحتل، وبقوة، الوعي الجمعي العربي/المسلم للدرجة التي يبدو معها وكأن هذا التراث هو أمر "طبيعي"، أمر كوني لا نملك سوى أن نسير وفقاً لصيرورته، لا نملك سوى الانقياد خلفه، فلا شيء وراء هذا التراث المهيمن ولا ثقافة غيره ... إن ما نفعله حتى الآن ليس إلا العيش على محض الأماني أملاً في تجاوز ما نحن فيه من استبداد دون أن ندرك أن بنية الاستبداد عندنا تتجاوز المستبدين كأشخاص لتصل للاستبداد كأساس في الثقافة التي هيمنت ورسخت طوال قرون من التاريخ العربي الإسلامي؛ فـ "إذ هو الانتقال - ابتداءً من أن كل ممارسة تكون مشروطة بخطابٍ يؤسس ويوجه - من عالم الممارسة إلى نظام المعنى والخطاب، فإن التعاطي مع ظاهرة الاستبداد لا بد أن يتجاوز مجرد السعي إلى إزاحة سلالة المستبدين، رغم الأهمية القصوى لذلك، إلى إزاحة الثقافة التي تنتج الاستبداد، فتنتجهم. وهنا يلزم التنويه بأن إزاحة ثقافة ما، لا يعني أكثر من أن تصبح موضوعاً لهيمنة الوعي، على نحو يقدر معه على تجاوزها، وذلك بدل أن يكون هذا الوعي هو الموضوع لهيمنتها، فتبقى مؤبدة التأثير والحضور".. ص: 131.\nومن هنا فالاستبداد "راسخ" في تراثنا الذي هيمن، وبالتالي فهو راسخ في وعينا الذي يبدو أنه قد اكتفى بالنقل والترديد والافتخار بالمقدرة على الحفظ دون أي محاولة لإعمال العقل أو للفهم.\nوالحق أن "تفكيكاً لظاهرة الاستبداد العربي لا يمكن أن يتحقق خارج فضاء الأشعرية، كخطاب وثقافة، وليس كمذهب وعقيدة" ... ص: 131.\nمن هنا تأتي أهمية هذا الكتاب، وهو كتاب قليل في عدد صفحاته - 132 ورقة تقريباً - لكنه يجعل أعصابك ملتهبة من فرط الغضب حينما تدرك - بطريق معرفي - أن الاستبداد يستقر في الخطابات التي كُتبَ لها أن تتسيد فضاء الثقافة الإسلامية/العربية .. عن الكيفية التي تم التعامل بها مع السياسة المستبدة على أنها شأن "طبيعي" لا راد لها ولا أمل ولا نجاة حينما تثور ضدها ... عن مسار العلاقة بين الديني والسياسي في الإسلام والمقارنة بينه وبين الوضع في المسيحية ... عن الكيفية التي صار بها الديني قناعاً للسياسي أو عن الكيفية التي أصبح الله بها (قناعاً) للسلطان المستبد ... عن الكيفية التي تم بها ترسيخ فكرة أن الحاكم/الإمام/الخليفة لا يأتي إلا بأمر من الله ولا راد لقضاء الله، فبالتالي لا راد لحكم هذا الحاكم مهما طغى واستبد.\nولعلك تندهش - بعض الشيء أو كله - إن علمت - مثلاً - أن عالم السياسة الأشعري مبني بالكامل على قاعدة الانفلات من التقيد بقانون، وإذا أدركت كذلك أن خطاب الأشعرية العقائدي هو الخطاب الذي هيمن في فضاء الثقافة الإسلامية، فلعلك تدرك أن جوهر الأزمة، التي نعاصرها الآن، تراثي بالأساس، ولا سبيل ولا مخرج إلا بنقد هذا التراث ومحاولة فهمه واستيعابه.\nمحاججات الكتاب كثيرة، والبحث المعرفي مكثف لمن أراد أن يفهم أو أن يقترب ولو بمقدارٍ ضئيل من الحقيقة، فهل من قارئ يرغب في الفهم؟\nعن أزمة تراثية ما زالت تحيا فينا، أو نحياها ... أو لعل الوصفين صحيحان، فنحيا فيها "تاريخاً" وتحيا فينا "وعياً وثقافة وممارسة"؛ سواء كنا ندري أو لا ندري.

الخبر من المصدر