محمد السنوسي يكتب: كيف تدير فترة انقطاع العملاء؟ | ساسة بوست

محمد السنوسي يكتب: كيف تدير فترة انقطاع العملاء؟ | ساسة بوست

منذ 8 سنوات

محمد السنوسي يكتب: كيف تدير فترة انقطاع العملاء؟ | ساسة بوست

منذ 11 دقيقة، 15 مارس,2016\nمن الخبرات الهامة التي مرّ بها كل مُستقلّ في تجربته مع العمل الحرّ إقبال الأيام وإدبارها, تلك الحالة التي يتكدَّس فيها العمل أيامًا ويتركك خاليًا لأيام, فإذا كانت فترات انقطاع العملاء وتوقف الأعمال فترات لابد منها في دورة حياة المستقل كان من الواجب أن يضع خطة جيدّة للاستفادة من هذه الأوقات الثمينة بالشكل الذي يعود على مهاراته وعمله بالنفع.\nالمستقل الناجح هو الذي يُقدّم منتجات مُتجدّدة لكلّ عميلٍ حيث تكون أعماله كالقطع الفنية المصنوعة يدويًّا لكل قطعة شخصيتها المستقلة, لا كالقطع التي تنتجها المصانع فتأتي كقوالب متشابهة في الشكل والمحتوى.\nإلا أنه وتحت ضغط العمل قد تضطر إلى تكرار نماذجك, ونسخ العديد من أفكارك, وإعادة تدوير بعض منتجاتك للوفاء بشرط الوقت المُسَلّطِ فوق رأسك وإلحاح عملائك وهذا ما يعاني منه جميع المستقلين. وهنا تأتي فترة انقطاع العملاء لتعطيك استراحةً لإعادة النظر وتقييم أعمال الفترة السابقة للوقوف على مكامن الضعف واكتشاف التكرار أو حتى لاستخراج أفكار إبداعية جديدة ورصد الخبرات المكتسبة.\nيمكنك في فترة انقطاع العملاء أن تتبع أعمالك المنشورة على الإنترنت – إن استطعت ذلك – ومراقبة تفاعل الجمهور معها, وتعليقاتهم عليها خاصة تلك الأعمال التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على تغذية راجعة مباشرة ستكشف لك وبشكل كبير عن مواطن الإجادة التي جعلت هذا العميل يستمر في العمل معك وعن مواطن الإخفاق التي جعلت الآخر ينصرف عنك.\nلُكلّ منا صندوق أدواته الخاص الذي ألِف العمل به واكتسب الثقة فيه من طول الممارسة وحسن النتائج, إلا أن سوق العمل والتنافسية الشديدة في مجال العمل المستقل تفرض عليك أن تطور من أدواتك بشكلٍ مستمرٍ لتستطيع اللحاق بالقطار المنطلق بأقصى سرعة, وسواء كنت مصممًا أو صانع محتوى أو مقدمًا لخدمات تقنية أو غير ذلك فأنت مجبر على أن تعاود البحث في مجال تخصصك لتقف على آخر التحديثات والمستجدات التي أضيفت بينما كنت مستغرقًا خلف شاشة حاسوبك تنجز الأعمال المطلوبة منك، وضم أدوات جديدة لصندوق أدواتك لتحقق طفرة نوعية في أدائك.\nتطوير الأدوات لا يقصد به فقط دراسة الأدوات الجديدة والإلمام بها، ولكن يعني أيضًا ممارستها وتجربتها حتى لا تكون التجربة الأولى لها في عمل احترافي قد ينجح وقد يفشل، ولمّا كُنتَ في فترة من الكساد ولا مجال للتجريب فهنا تبرز فرصة مزدوجة لاستعمال الأدوات الجديدة مع توسعة شبكتك والتسويق لنفسك، وذلك بتقديم منتجات مجانية أو تطوعية لهيئات أو لمواقع في مجال تخصصك تحقق لك “الخبرة” و”التسويق” معًا.\nفي الفترة التي ننشغل فيها بالانتهاء من الأعمال قد لا نلاحظ هؤلاء الوافدين الجُدد إلى سوق العمل الحرّ سواءٌ بأفكار ومهارات جديدة ومبتكرة, أو بعروض سعرية تنافسية ربما تكون هي السبب في انصراف العملاء عن خدماتك.\nالعودة لدراسة السوق وتقييم عروض المنافسين للوقوف على نقاط قوتها وضعفها والوسائل التي استخدموها للترويج لخدماتهم نقطة مهمة لإبقائك داخل الحلبة, أمّا إن نظرت للأمر من باب أنك الأكثر خبرة والأعلى جودة والأقدم في التخصص فستجد نفسك قريبًا مثل كثير من الشركات الكبرى التي كانت تحتل علامتها التجارية المركز الأول في الأسواق العالمية لكنهم انخدعوا في هؤلاء المبتدئين وتعاملوا معهم بشيء من التعالي والعجرفة، ولم تكن لديهم القدرة على قراءة “مزاج” العملاء المتغير فكانت النتيجة انتهاء مشاريعهم وتدمير علاماتهم التجارية.\nهذه النقطة تختلف عن نقطة “طور أدواتك” في أنها لا تتحدث عن تطوير الأدوات في مجال تخصصك وإنما تتحدث عن البدء في اقتحام مجال جديد قد يكون قريبًا من مجالك الأصلي أو حتى شيئًا مختلفًا لكنك طالما رغبت في دراسته.\nلا شك أن شغفك لا يقتصر على مجال واحد فقط, ومن المؤكد أن هناك العديد من الأمور التي تحب العمل بها فلماذا لا تبدأ الآن في توسيع نشاطك والبدء في تعلم مهارات جديدة تضيفها لملفك الشخصي قد تكون بابًا جديدًا للكسب؟\nإذا كنت تتساءل كيف أختار بين مجالات شغفي المتعددة فدعني أذكرك بهذه النصيحة الرائعة لرجل الاقتصاد الأمريكي «ديفيد سن» التي يقول فيها «حدد النقطة التي يلتقي عندها شغفك باحتياج الآخرين».\nرتب المجالات التي ترغب وتهتم بدراستها من أعلى لأسفل، ثم قم بدراسة متأنية لطلبات العملاء على منصات العمل الحر خلال الأشهر الثلاثة الماضية، واختر المجال الذي يكثر عليه الطلب ويتوافق مع ميولك ورغباتك؛ تصل إلى المحطة الجديدة التي يجب أن تبدأ منها.\nأؤمن تمامًا أن مرحلة العمل لدى الغير هي مرحلة وسط في حياة المستقل الناجح وهي بين مرحلتي اكتشاف الذات وتحقيق الذات! العمل المستقل لدى الغير يتيح لك اكتشاف قدراتك وصقلها وتقييمها لمعرفة الفجوات وعلاجها ونقاط التميّز وتنميتها، لكنه لا يجب أن يكون نهاية الأحلام وآخر درجات سُلّم الأماني؛ بل يجب أن تستخدمه لتحقيق ذاتك بإنشاء مشروعك الخاص الذي يحمل اسمك ويعبر عن رؤيتك للكون والحياة من حولك.\nقد يكون عملك الخاص كتابًا أو موقعًا أو معرضًا فنيًّا أو مجموعة قوالب مبتكرة أو ديوانًا شعريًّا أو فيلمًا تسجيليًّا أو غير ذلك مما حلمت به يومًا وحالت بينك وبينه ظروف الوقت والتمويل، وأنت في طريق العمل المستقل لا تُسقط هذا الحلم من جعبتك واستغل فترات توقف العملاء لتنشيط الفكرة ودراسة مخططها من جديد وتحديث خطة العمل بل والبدء في اتخاذ خطوات عملية نحو التنفيذ.\nفترة انقطاع العملاء منحة من الله عز وجل تشبه انقطاع الكهرباء عن ماكينة تعمل طوال اليوم حتى يتمكن المهندسون من إعادة برمجتها وإضافة العديد من قطع الغيار الجديدة التي تؤدي إلى مزيد من الجودة والسرعة؛ لذلك من المهم للمستقل أثناء مروره بفترة توقف الأعمال ألا ينظر إليها من الناحية السلبية وألا يتركها تهدم من ثقته في نفسه أو إيمانه بقدراته ولكن عليه أن يتعامل معها كراحة إجبارية لإعادة التقييم والتقويم وأن يحسن استغلالها لتجديد طاقته وإعادة ترتيب أدواته حتى إذا عاد مرة أخرى عاد في صورة أقوى وأداء أفضل.\nهذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

الخبر من المصدر