مراسل غربي داخل غرفة العمليات الجوية السعودية: هل تستطيع المملكة خوض حرب على جبهتين؟

مراسل غربي داخل غرفة العمليات الجوية السعودية: هل تستطيع المملكة خوض حرب على جبهتين؟

منذ 8 سنوات

مراسل غربي داخل غرفة العمليات الجوية السعودية: هل تستطيع المملكة خوض حرب على جبهتين؟

هل تستطيع السعودية أن تخوض الحرب على جبهتين في نفس الوقت؟\nسؤال شائك طرحه مراسل غربي سمحت له القيادة العسكرية السعودية بزيارة مركز قيادتها الجوية، والاطلاع على كيفية تحديد الأهداف في اليمن، ويرصد الأوضاع الداخلية والدولية التي تجعل من خوض هاتين الحربين أمرا معقدا.\nالزيارة تمت في إطار فعاليات مناورات "رعد الشمال" التي اختتمت مؤخرا في صحارى المملكة الشمالية الشاسعة على مقربة من الحدود مع العراق والكويت، وهي المناورات التي استمرت نحو شهر كامل، استضافت المملكة خلاله قوات عسكرية من 20 دولة حليفة؛ وهي الفرصة الأولى من نوعها أمام التحالف الإسلامي بقيادة السعودية الذي تم الإعلان عنه في العام الماضي بهدف مكافحة الإرهاب، وفق التقرير الذي نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي لفرانك غاردنر مراسل بي بي سي للشؤون الأمنية الاثنين 14 مارس/آذار 2016، إثر زيارته مركز العمليات العسكرية السعودي>\nوحسب وصف المراسل، فخلال المناورات، كان حجم القوات الجوية مذهلاً، ففي قاعدة الملك سعود الجوية بالقرب من مدينة حفر الباطن، كانت هناك أسرابٌ من طائرات F16 المصرية والأردنية والبحرينية، إلى جانب طائرات الميراج القطرية التي تتدرب مع طائرات التايفون وF15 السعودية.\nوعلى مقربة من ذلك، كانت المدفعية الكويتية تختفي تحت شبكات مموهة بينما تجوب دبابات الإمارات الوادي الرملي وتحلق طائرات الأباتشي السعودية في السماء.\nالعميد أحمد العسيري المتحدث العسكري لقوات المملكة قال "إننا نختبر البنية التحتية والمطارات والموانئ والقواعد الجوية حتى نتأكد من إمكانية استضافة مثل هذا التحالف"، مضيفاً أن قوات التحالف الإسلامي تحتاج إلى التدريب على التحوّل من خوض الحروب التقليدية إلى حرب العصابات.\nالعديد من البلدان المشاركة تقوم بذلك بالفعل، مثل حرب مالي ضد القاعدة في الشمال وصد اعتداءات طالبان على باكستان.\nومع ذلك، تعدّ المملكة هي الدولة الأكثر تعرّضاً للمخاطر والتهديدات.\nفالقوات السعودية تخوض حرباً في اليمن على حدودها الجنوبية، بينما يتم نشر قواتها الجوية على الحدود الشمالية لمهاجمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في سوريا، وهو التنظيم الذي قام بالفعل بتنفيذ العديد من التفجيرات داخل المملكة.\nوبدأ السعوديون يشعرون بأنهم محاصرون من قبل مليشيات منافسيهم الرئيسيين في إيران، حيث يتواجد حزب الله في لبنان وسوريا وتتمركز المليشيات الشيعية في العراق، بالإضافة إلى المتمردين الحوثيين الذين تدعمهم إيران في اليمن.\nهل تستطيع المملكة خوض حربين؟!\nفهل تستطيع المملكة أن تخوض حربين في اليمن وسوريا؟ سؤال طرحه مراسل البي بي سي على العميد العسيري.\nوقال العسيري "أعلم أنه أمرٌ مرهق للغاية فيما يتعلق بالموارد والأفراد، ونواجه اليوم تحديات في الجنوب وتنتشر قواتنا في الشمال منذ عام 2014. ولذا نشعر أن أمننا القومي في خطر".\nجاءت هذه الحملة المزدوجة في وقتٍ عسير يواجه ثاني أكبر منتجٍ ومصدّرٍ للنفط على مستوى العالم.\nفقد تراجعت أسعار النفط بنسبة تتجاوز 60%، مما أدّى إلى عجزٍ هائل في الموازنة وتراجع في معدلات التعاقدات والتوظيف.\nفالحرب في اليمن تستنزف موارد المملكة بمعدّلات متسارعة؛ ومع ذلك، هناك عاملٌ آخر ينبغي أن تتعامل معه القيادة في الرياض ويتمثّل في المعارضة الدولية المتصاعدة للضربات الجوية في اليمن، حيث لقي أكثر من 6000 شخصٍ مصرعهم خلال الشهور الـ12 الماضية.\nوتنفي السعودية مسؤوليّتها عن تلك الخسائر البشرية في اليمن، وتحمل المسؤولية للمتمردين الحوثيين الذين تقول إنهم من شنّوا الحرب من خلال الإطاحة بالعاصمة وبالحكومة المعترف بها وأنهم قاموا بتأييد الرئيس السابق المعزول علي عبد الله صالح ويقترفون انتهاكات يومية بحق المدنيين.\nوفي فبراير/ شباط، صوّت البرلمان الأوروبي بأغلبية كبيرة على حظر بيع السلاح إلى المملكة، وألقى اللوم على ضرباتها الجوية بالتسبّب فيما تدعوه "حالة إنسانية كارثية" في اليمن.\nوعلى مدار الـ12 شهراً الماضية، كانت الولايات المتحدة تقدم الدعم للحملة السعودية من خلال إعادة تزويد الطائرات بالوقود والمعلومات الاستخبارية من الأقمار الاصطناعية والاستخبارات الأخرى، بينما قامت كلٌّ من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ببيع الطائرات الحربية والصواريخ عالية الدقة إلى المملكة.\nووفقاً لحملة مناهضة تجارة الأسلحة التي يقع مقرّها في لبنان، قامت المملكة المتحدة ببيع أسلحة تبلغ قيمتها ٤ مليارات دولار للمملكة منذ بدء الضربات الجوية في مارس/ آذار 2015.\nوقال المراسل إنه جراء تلك الإدانات الدولية، وافق السعوديون على السماح لمراسل بي بي سي بدخول مركز العمليات الجوية داخل قاعدة الملك سلمان الجوية بالرياض.\nوفي هذه القاعدة، يتولى ضباط الاستخبارات السعوديون بالتعاون مع شركائهم من دول التحالف اختيار أهدافهم وإصدار الأوامر بالضربات الجوية إلى الأسراب المتمركزة في أنحاء الدولة من أجل تنفيذ تلك الضربات.\nوفي خلية الاستخبارات والرقابة والاستطلاع، أصرَّ الضباط على إجراء فحصٍ ثلاثي لكل هدف على حدة للتحقق من توافقه مع القانون الإنساني الدولي وقانون النزاعات المسلحة.\nوذكر الضباط أنّهم يتجنبون في المعتاد ضرب أيّ هدف في نطاق 500 متر من المدنيين.\nوذكر الضباط السعوديون أنه في ظل بعض الظروف يتم خفض هامش السلامة إلى 200 متر حينما يستخدمون قنابل الليزر عالية الدقة.\nوأنكر الضباط استهداف أي مدنيين عن عمد من خلال طائراتهم، رغم اعترافهم بوجود أخطاء.\nوكان هناك خارطة رقمية كبرى على الجدار لدولة اليمن، حيث يتم تسليط الضوء على المواقع المستهدفة باللونين الأخضر والأحمر. وعلمت أن هذه هي قائمة المواقع الممنوع ضربها، وتضم خريطةً للمباني المحظور توجيه أي ضربات جوية لها.\nوقال الكولونيل تركي المالكي من القوات الجوية السعودية "الصورة الكاملة كما ترى على الخريطة تمثل مسرح العمليات".\nوعند تقريب الصورة إلى شوارع العاصمة اليمنية صنعاء، أضاف بقوله "هذا يوضح القيود المفروضة على هذه الأهداف والتي تتماشى مع قانون النزاعات المسلحة مثل المرافق الطبية والأماكن التاريخية والمدارس والمقار الدبلوماسية".\nمراسل بي بي سي أشار إلى أن منظمة "أطباء بلا حدود" شكت من تعرض مستشفياتها للضربات الجوية ثلاث مرات خلال أقل من ثلاثة شهور.\nوأجاب العميد العسيري بقوله إن الرأي العام العالمي قد انخدع بشأن الأوضاع الفعلية في اليمن.\nوقال العسيري "لا تقع أي حادثة دون إجراء التحريات بشأنها. وحينما نتولى التحقيق، نقوم بنشر النتائج. ونتأكد أن لدينا معلومات واضحة للغاية. ونأسف على أي إصابة، ولكنها حرب".\nوقال مراسل بي بي سي أنه حينما أجرى لقاءً مع العميد العسيري في الرياض منذ نحو عام، أي في بداية الحملة الجوية التي تقودها السعودية، شعر أن الضربات الموجهة إلى المتمردين الحوثيين سوف تضطرهم قريباً إلى السعي وراء السلام.\nولم يحدث ذلك، رغم قيام وفد حوثي بزيارة الرياض هذا الشهر.\nوذكر السعوديون أنهم لن يسمحوا بوجود مليشيات مسلحة على حدودهم، وخاصة تلك المليشيات التي تدعمها إيران.\nوقال العميد العسيري "نحتاج لبعض الوقت لتحقيق الاستقرار في اليمن"، مشيراً إلى أن قوات حلف الناتو بزعامة الولايات المتحدة ظلت بأفغانستان على مدار 11 عاماً ولم تحقّق سوى نجاحٍ جزئي.\nويتمثل التساؤل الآن فيما إذا كانت المملكة لديها من الأموال والصبر ما يساعدها على المشاركة في تحالفين على جبهتين مستقلتين، حيث تتزايد أعداد الخسائر المدنية في اليمن إلى حدٍّ كبير.\n- هذا الموضوع مترجم بتصرف عن موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

الخبر من المصدر