القرني: لا برنامج لإسلاميي السعودية

القرني: لا برنامج لإسلاميي السعودية

منذ 8 سنوات

القرني: لا برنامج لإسلاميي السعودية

عوض القرني: الإسلاميون السعوديون لا يمتلكون خبرة سياسية (الجزيرة نت)\nعرف عن الداعية عوض القرني بأنه مهندس "البيانات الإصلاحية" في السعودية منذ ما يزيد على العشرين عاما، وهو رجل يحمل كاريزما سياسية وقيادية واسعة على مستوى التيارات الإسلامية في الداخل والخارج جعلت النظام المصري السابق يوجه له تهمه دعم ما يعرف إعلاميا بقضية "التنظيم الدولي للإخوان المسلمين" ليصدر بحقه حكم غيابي بالسجن خمس سنوات على خلفية غسل أموال التنظيم في الثامن من يناير/ كانون الثاني من العام الجاري.\nوفيما يلي حوار خاص بالجزيرة نت يتناول عدة ملفات داخلية وخارجية طرحناها على القرني، فبدا مباشرا في بعضها ومارس أسلوب الرد الدبلوماسي في بعضها الآخر. \nالعديد من الخطوات الإصلاحية تم إنجازها لكن الصورة العامة لوضع الإصلاح في البلد ما زالت بعيدة عن ما يتمناه كثير من محبي هذا البلد\n" اتهمت إبان النظام المصري السابق في قضية التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وحكم عليك غيابيا بالسجن خمس سنوات. إلى أين وصلت قضيتك، وما الإجراءات التي ستتخذونها خاصة بعد سقوط نظام مبارك؟\nإلى الآن لم يجد جديد في القضية من الناحية الرسمية في مصر، وأيضا لم يجد شيء من جانبي، فأنا أنتظر سقوط قانون الطوارئ لأتخذ بعد ذلك بعض الخطوات الإجرائية في هذا الاتجاه، وهذا الحكم الظالم الجائر هو بعض ضريبة حبنا لمصر وقيامنا ببعض واجبنا في نصرة الشعب الفلسطيني وكشف الدور القذر الذي كان يقوم به النظام العميل البائد في إبادة الشعب الفلسطيني والتمكين للمشروع الصهيوني.\nجرت تسريبات تناقلتها المواقع الإلكترونية من أنكم تعرضتم لضغوط شديدة غير معلنة من قبل الحكومة السعودية بناء على هذه القضية. ما صحة ذلك؟\nلا صحة لذلك على الإطلاق.\nوهل حدث تواصل سابق أو لاحق بشأن هذه القضية من قبل المسؤولين السعوديين؟\nنعم اتصل بي عدد من المسؤولين السعوديين بصفتهم الشخصية في بداية القضية يؤكدون تضامنهم الشخصي معي، ويذكرون أنهم مقتنعون بكذب النظام المصري، ويؤكدون أنه لا يمكن على الإطلاق التعاون مع هذا النظام في هذه القضية، وأعطى الضوء الأخضر لجميع وسائل الإعلام لتبني الدفاع عني وبعد سقوط النظام البائد بادر بعضهم لتهنئتي.\nدكتور عوض، كنت من مهندسي البيان الإصلاحي الشهير في عهد الملك الراحل فهد، وانطلقت مع عودة الملك عبد الله من الرحلة العلاجية العديد من المطالب التي جاءت تحت عناوين ليبرالية وإسلامية. كيف تقيم تعامل الحكومة السعودية مع قضايا الإصلاح الداخلي خاصة مع من يقول بفشل سلسلة الحوارات الوطنية التي بدأت منذ عام 2003؟\nأولا، لا أوافق الرأي القائل بفشل الحوار الوطني، بل قد حقق نجاحا نسبيا. ثانيا المتأمل في مسيرة الإصلاح السعودية منذ بيان المطالب ثم مذكرة النصيحة قبل عشرين سنة يظهر له أن العديد من الخطوات الإصلاحية قد تم إنجازها لكن الصورة العامة لوضع الإصلاح في البلد ما زالت بعيدة عن ما يتمناه كثير من محبي هذا البلد من أبنائه ومن غيرهم.\nالقرارات التي صدرت أخيرا لا تغير كثيرا في وضع المرأة وأنه لا محذور فيها من الناحية الشرعية\n" أكثر التقارير عدت قرار الملك السعودي بتمكين المرأة في مجلسي الشورى والمجالس البلدية، بأنه نجاح للمفاهيم الليبرالية وناشطيها، ونكسة واضحة للإسلاميين، الذين وقفوا ضد السماح لإعطاء المرأة حقوقها المشروعة، والدليل على ذلك أدبياتهم المختلفة الممانعة لذلك، كيف تعلق على ذلك؟\nبداية أرى أن من الإجحاف تصوير الأمر بهذه الكيفية، فهذه القضايا متعددة وليس الموقف منها واحدا لا من الإسلاميين ولا من الليبراليين، لكن المؤكد أن في الساحة صراعا متعدد الجوانب بين الإسلاميين وما يمثلونه والتيار العلماني بجميع فصائله وما يمثله، وأن  قضية المرأة هي لافتة الجانب الاجتماعي من هذا الصراع، وأن العديد من القضايا إذا نظر إليها بمعزل عن هذه السياقات لن تكون محل خلاف أو سيكون الخلاف فيها محدودا وثانويا، لكن عند النظر إلى ما وراء الأكمة سيتجلى الموقف الحقيقي لكل فريق.\nأقصد أن التيار العلماني يحظى في بعض الأوقات بنفوذ متزايد في بعض دوائر صنع القرار إما تكيفا مع ضغوط خارجية أو تحجيما للتيار الآخر داخليا أو حتى بتأثير علاقات شخصية.\nأما التيار الإسلامي فهو صاحب النفوذ الواسع والقاعدة العريضة شعبيا وبخاصة في قطاع المرأة، واستطلاعات الرأي تؤكد ذلك والتي يجري أكثرها مؤسسات بحثية غربية إذ لم يحظ التوجه العلماني في أحسن الأحوال بأكثر من 10%، ورأيي الشخصي أن القرارات التي صدرت أخيرا لا تغير كثيرا في وضع المرأة وأنه لا محذور فيها من الناحية الشرعية.\nلكن هل تتفق مع من يقول إن ملف "المرأة السعودية" أضحى المنقذ السياسي للحكومة، كلما أحست بازدياد حركات المطالب الإصلاحية؟\nلعل المقاربة السابقة تكفي للإجابة عن هذا السؤال.\n  الإسلاميون في السعودية لا يمتلكون لا مشروعا ولا رؤية ولا برنامجا سياسيا محدداهل جاء هذا الإصلاح تحت ضغوط خارجية؟\nفي العصر الحاضر، من الموضوعية أن نذكر أن أي قرار هام لا بد قبل إصداره من إجراء حسابات متعددة بعضها داخلي وبعضها خارجي، ولا إشكال في ذلك إذا توفر شرطان: الأول أن يكون القرار مشروعا، والثاني أن يحقق القرار مصلحة أو يسهم في حل مشكلة للناس.\nكيف سيتعامل الإسلاميون السعوديون مع مؤشرات التغيرات الداخلية السياسية، خاصة أن البعض يشير إلى مرحلة سعودية جديدة مختلفة كليا عن السابق، فلم تعد معايير القيادة السياسية هي نفسها في الأخذ بحسابات الإسلاميين عند أي قرار يخص السياسة الاجتماعية للمجتمع؟\nأولا، الإسلاميون في السعودية لا يمتلكون لا مشروعا ولا رؤية ولا برنامجا سياسيا محددا لأسباب لا يتسع المقام لذكرها، وبالتالي فالإسلاميون في السعودية لا يصنعون الحدث وإنما ينحصر دورهم في ردود الأفعال والتي تكون متعددة وقد تكون مختلفة والتي  تفتقد غالبا إلى النضج والاستمرار، لأنه لا يجمعهم جامع وليس لديهم مؤسسات ولا خبرة سياسية وكذلك بسبب ضيق هامش الحريات السياسية بمفاهيمها العصرية في البلد.\nوالأمر الآخر أن الدولة السعودية تستند تاريخيا وشرعيا وشعبيا وعالميا إلى الإسلام لا غير، والقاعدة الشعبية الواسعة وبصورة تفوق أي بلد آخر خيارها الأوحد الإسلام وبالتالي فلا مجال منطقيا على الإطلاق لاستبعاد البعد الإسلامي عند اتخاذ أي قرار ذي شأن، وهذا يسلم به حتى عقلاء غلاة العلمانيين.\nإجابتك السابقة تقودنا إلى محور مهم: هل السعودية في طريقها إلى الملكية الدستورية كما يطالب به الكثير من الإصلاحيين؟\nدعني أجيبك بوضوح إن كان يراد بذلك الملكية الدستورية وفق الأعراف العالمية فلا أظن ذلك ممكنا في المدى المنظور ووفق معطيات الموقف موضوعيا، إلا إن وقعت أحداث مفاجئة وغير متوقعة، أما إن كان المقصود إجراء تغيير في المشهد السياسي الرسمي المحلي بنكهة وخبرة محلية ثم يسمى ذلك بأي تسمية فأظن أن ذلك قادم ولا بد.\nألا تتفق مع من يقول إن الرياض خسرت كثيرا في إدارة سياستها الخارجية لملف الثورات، وخسرت رهاناتها العربية خاصة الملف اليمني، وبخاصة مع شعوب تلك الثورات، فكيف تقيم الدور السعودي في ذلك؟\nيظهر أن الموقف السعودي من الثورات العربية لم يكن واحدا لاختلاف المعطيات المحلية والإقليمية والدولية في كل ثورة عن أخرى، لكنني أعتقد أن ثورات الشعوب أصبحت وستصبح أمرا واقعا لا مناص منه أمام الجميع إلا بالتعامل معه والقبول به، وكل من بادر أولا فسيكون قراره أكثر صوابا.\nوالواجب الشرعي ومقتضيات الأخوة ومصالح الأمة الحاضرة والمستقبلية تقتضي الوقوف مع الشعوب المظلومة في وجه الطغاة والمستبدين الذين حاربوا الدين وانتهكوا الحقوق وباعوا القضايا وخضعوا للعداوة ونشروا الفساد ورسخوا التخلف، ومن دعمهم لقتل شعوبهم فلن يرحمه التاريخ ولن تنسى موقفه الشعوب، وحساب الله أشد وأنكى.\nالنظام السياسي المتسم بالحيوية هو الذي يعيد تشكيل مواقفه وردود فعله وفق مستجدات الحدث وهو ما نتمنى أن تبادر الحكومة السعودية إليه سواء في موقفها من تلك الثورات أو في الاستفادة من ذلك داخليا\n" وما هي أبرز انعكاسات تلك التحركات العربية الشعبية من أجل الديمقراطية على الشارع السعودي؟\nبلا شك أن العالم أصبح قرية واحدة تؤثر مكوناتها في بعضها، فكيف بشعوب يوحدها التاريخ والجغرافيا والدين والثقافة والمصير، وكذلك لا يمكن تجاهل أن لكل بلد من الخصائص المتعددة ما يجعله يختلف عن غيره من البلدان.\nوهذه النظرة الموضوعية تمكننا من رؤية متوازنة للأحداث، وعلى هذا فقد أثرت الثورات العربية في الشعب السعودي وأفكاره، لكنه تأثير لا يمكن أن يبلغ درجة استنساخ تلك الثورات كما هي، والواجب على صناع القرار السعودي والنخب الشعبية أن يقرؤوا الأحداث قراءة علمية صحيحة، فلا يقفزون في الهواء تقليدا محضا للآخرين، وأيضا لا يعيشون في وهم أننا مختلفون عن غيرنا جذريا وأن أسوارنا عالية ومنيعة وأننا لا يمكن أن نتأثر بما يجري حولنا.\nهناك من يقول إن المملكة تقف ضد كل الثورات العربية خوفا من نقل العدوى إليها؟ \nبلا شك أن أغلب حكومات المنطقة وكذلك القوى العالمية كانت تتمنى عدم وقوع هذه الثورات، وعندما وقعت سعوا لعدم نجاحها، وعندما نجحت يحاولون منع انتشارها، هذا في الجملة، مع وجود استثناءات هنا وهناك لسبب أو آخر.\nوالنظام السياسي المتسم بالحيوية هو الذي يعيد تشكيل مواقفه وردود فعله وفق مستجدات الحدث، وهو ما نتمنى أن تبادر الحكومة السعودية إليه سواء في موقفها من تلك الثورات أو في الاستفادة من ذلك داخليا، ولا مشكلة في وقوع القصور في الموقف السياسي كأي عمل بشري، لكن المشكلة هي في استمرار القصور والإصرار عليه وعدم تطوير الموقف ومراجعته.

الخبر من المصدر