تقرير| معرض الكتاب غارق في المحلية.. واختفاء واضح لرموز الثقافة

تقرير| معرض الكتاب غارق في المحلية.. واختفاء واضح لرموز الثقافة

منذ 8 سنوات

تقرير| معرض الكتاب غارق في المحلية.. واختفاء واضح لرموز الثقافة

مازال من الصعب الإفراط فى التقييم الإيجابى لمعرض القاهرة الدولي للكتاب بدروته الـ47، فلازال المعرض يدفع ضريبة الاضطرابات السياسية منذ اندلاع ثورة يناير فى 2011، ورغم جهود وزارة الثقافة المبذولة في استعادة رونق المعرض بل وإصلاح عدد من المشكلات التنظيمية الهامة التي لازمت المعرض منذ نشأته (حتى في أنجح دوراته)؛ إلا أن المعرض مازال مفرطا في المحلية، مكتفيا بالزحام كدليل نجاحه.\nمقارنة قاسية يخضع لها المعرض في كل عام، لكنها أكثر حدة هذه الدورة مع اختيار إدارة المعرض إقامة محور "ذاكرة المعرض" خلال فعاليات المعرض، والتى تتيح للجمهور مشاهدة أهم مناظرات المعرض خلال الأعوام الماضية وعلى رأسهم ندوات الدكتور فرج فودة، والدكتور نصر حامد أبو زيد، والشاعر الفلسطيني محمود درويش، والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، وعبد الرحمن الأبنودي ونزار قباني.\nهذا الاختيار رغم أنه محمودا وبدا فكرة ذكية لاستغلال أرشيف الندوات الذي يبلغ 3000 ساعة من التسجيلات، بحسب تصريح رئيس الهيئة العامة للكتاب دكتور هيثم الحاج، لكنه في الوقت ذاته طرح تساؤلا عن غياب الوجوه البارزة للثقافة العربية عن المعرض.\nوأكد مصدر فضل عدم ذكر اسمه لـ"التحرير" أن هيئة الكتاب تأخرت في الترتيب لاستضافة الكثير من الضيوف العرب، فاضطر أغلب من وجهت لهم الدعوة إلى الاعتذار، وأبرزهم الشاعر العراقي سعدي يوسف، والكاتب السوري صادق جلال العظمة، والروائية اللبنانية هدى بركات، ناهيك عن الكاتب السورى خليل صويلح الذى تأخرت الهيئة فى استخراج أوراق سفره، رغم صدور اسمه من بين ضيوف المعرض، أما الروائي التونسي شكري المبخوت، فقد لبى الدعوة لكنه حتى اللحظة لا يدري أي ندوة هو مدعو للتحدث فيها، فضلا عن أن أحدا من المنظمين لم يتواصل معه منذ وصوله.\nالأمر الذى انعكس بدوره على أروقة المعرض نفسها وأبرزها المقهى الثقافي الذى كان يتميز في الأعوام السابقة بصالة طعام شاسعة المساحة مستوحاه من مقاه وسط البلد، في كل خطوة به تلتقى ناشرا أو كاتبا عربيا مهما يتبادلون النقاشات الساخنة والكتب والإهداءات، تحول المقهى الثقافي هذا العام إلى صالة طعام ثانوية، ولا وجود فيها للوجوه الثقافية.\nحكاية الممشى الرئيسي.. وإنجازات العام الماضي\nواستطاعت الهيئة العامة للكتاب المنظمة للمعرض تلافي عدد من المشكلات التنظيمية التي شابت المعرض طوال سنوات مثل انتشار الباعة الجائلين، كذلك أجنحة الترويج للسلع البعيدة عن الكتب ومهنة النشر للعام الثاني على التوالي، فلا برمجيات حديثة ولا ترويج لأواني بهذا المعرض، كذلك طورت الهيئة الشكل الخارجي لأجنحة دور النشر الحكومية وأبرزها جناح مكتبة الأسرة وجناح المركز القومي للترجمة، كما احتلا موقعا متميزا على الممشى الرئيسى المواجه لصالة 3 و4 بالمعرض.\nوإن كانت أجنحة دور النشر الحكومية لم تتخلص من أزماتها في النشر ولا أدل على ذلك من أن وزير الثقافة حلمي النمنم اضطر إلى أن يتدخل قليلا في طريقة عرض هيئة الكتاب لأحدث إصداراتها، إذ فوجئ بأن كتاب القاهرة للدكتور أيمن فؤاد سيد متصدرا للجناح، رغم أنه عرض بهذه الطريقة في العام الماضي، باعتباره كتابا جديدا في العام 2015، وقد حصل وقتها المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء آنذاك على نسخة منه.\nناهيك عن بعض الفوضى في جناح الهيئة العامة لقصور الثقافة التي تضطر لالتقاط كتبك من أعلى رزم موضوعة في الأرض، صحيح أنك ستحصل على نسخة مخفضة بنسبة 50% من السعر المدعوم أصلا، لكن العثور على العناوين يتطلب سهولة الاطلاع عليها أولا.\nللعام الثاني على التوالي استطاعت الهيئة تخليص أجنحة العرض المفتوح بالممشى الرئيسي من احتلال دور النشر التراثية التى تعيد طبع الكتب الدينية، وظهرت على جانبى الممشى دور نشر مثل ميريت ، والكرمة، ونون إضافة إلى الموقع التقليدي لجناح المصرية اللبنانية والشروق، ونهضة مصر وأطلس.\nابتكرت أيضا الهيئة فكرة جديدة هذا العام لمكافحة ظاهرة تزوير الكتب إذ أغلقت عددًا من أجنحة دور النشر بسبب عرضها كتبا مزورة، ووضع على أجنحة هذه الكتب لاصق أحمر مكتوب عليه "مغلق بسبب تزوير الكتب".\nإن كان هناك فائزا فى الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، فهم الأطفال بامتياز، رغم أن إدارة المعرض لم تقصد ذلك فلا اهتمام خاص بدور نشر أو أجنحة كتب الأطفال لكن مع ذلك خرجت الأجنحة الأكثر بهاءا والأكثر نشاطا فى المعرض.\nالأجنحة التقليدية لأطفالنا ودور النشر المعنية بالأطفال وأخرى تبيع ألعاب منتسورى وتنمية مهارات الطفل وصلت تخفيضاتها إلى 50% بالإضافة لاستعانة بعضها بمجسمات الشخصيات الكارتونية، وعرائس والرسم والتلوين لجذب الأطفال بين سن 3 لـ7 سنوات وعائلاتهم.\nمئات حفلات التوقيع.. والقاعات الرئيسية في كوكب آخر\nتعج عشرات من أجنحة دور النشر بمئات حفلات التوقيع يوميا لا يسعك اكتشافها سوى مصادفة على صفحات الفيس بوك الخاصة بهذه الدور، كما تزيد الفعاليات الرسمية خلال اليوم الواحد بأجنحة وزارة الثقافة المختلفة على 50 فعالية يوميا تحت شعار "الثقافة فى المواجهة"، تضمها القاعات الرئيسية المطلة على بوابة صلاح سالم.\nإن كان هناك عنوان يستطيع أن يصف فعاليات المعرض فهي كالعادة "أجنحة التنظير والقاعات الفارغة" فهي من جهة المكان بعيدة نسبيا عن بقية أجنحة دور النشر وصالات المعرض، لذا فعادة ما يكون جمهورها هو الجمهور المتخصص والمتابع للشأن الثقافى. ومن جهة أخرى لم تستطع إحداها أن تحرك أي جدل عام حتى الآن يلقى بظلاله على ساحة الرأى العام، أو أن تستضيف شخصيات جاذبة لجمهور المعرض، وإن كانت فعاليات الملتقى الثقافي استطاعت من خلال عدد من الأنشطة الفنية والموسيقية أن تضيف بعض البهجة، وأن تجذب جمهور المعرض. خاصة وأن بعض الفرق قدمت عروضها في الممشى الرئيسي وليس داخل خيمة المقهى الثقافي.\nمنت الكثير من وسائل الإعلام بعض زائري المعرض بأنهم يمكنهم الحصول على الكتب بتخفيض كبير، وخاصة مبادرة "كتاب ورغيف" التى أطلقها مشروع "بتانة"، والتي تمنح زائريها كتابا واحدة ببطاقة التموين مجانا، أما الخصومات التي أعلنت عنها الهيئة العامة للكتاب فهي تنطبق فقط في أجنحة دور النشر الحكومية التابعة لوزارة الثقافة، وإن كانت أغلب دور النشر الأخرى خفضت كتبها بنسبة من 10 % إلى 50 % بمناسبة المعرض.\nوأعلنت الهيئة عن تطبيق عم أمين باعتباره التطبيق الرسمى للمعرض، والذى كان من المفترض أن يساعد الزوار عن طريق تقنية جى بى اس للوصول لدور النشر المختلفة، كما أنه من المفترض أن يستطيع الزوار من خلاله التعرف على جدول فعاليات المعرض سواء بالتاريخ أو بمكان الفعالية، لكن أيا من تلك الإمكانات لا تعمل بالتطبيق، ليظل مجرد خريطة ترشدك لأماكن صالات المعرض فقط.\nنظرا لأن معظم أجنحة المعرض تغلق فى تمام السابعة وهو وقت مبكرا جدا بالنسبة لزوار المعرض من العاملين في القطاع الخاص على مدار الأسبوع، فغالبا ما يؤجل زوار المعرض رحلتهم إلى نهاية الأسبوع، حيث يكون هناك متسع من الوقت للتجول في كافة أروقة المعرض، لذا فغالبا يعاني الزوار صعوبة الحصول على تذكرة دخول بسبب الطوابير الطويلة على بوابة المعرض في أيام الإجازات، الزحام أيضا قد يحول دون قدرتك على الانتقاء من بين الكتب، والحركة داخل أروقة صالات المعرض.\nورغم خلو المعرض من أية حركات اعتراضية أو مسيرات، كتلك التى اعتادت بعض التيارات تنظيمها خلال المعرض، إلا أن الإجراءات الأمنية فى التفتيش الذي يمكن أن يعطل حركة دخول الزوار في حالات الزحام كثيرا، كذلك شهدت بوابات المعرض عدد من الملابسات غير المرضية للوسط الثقافي بداية من مضايقات تعرض لها الكاتب السوري المقيم بفرنسا خليل النعيمي، وحتى منع أحد موظفي وزارة الثقافة من دخول المعرض للمشاركة بأحد الندوات، وهو محمد أبو المجد رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، بالهيئة العامة لقصور الثقافة.\nبعيدا عن الزحام والمضايقات الأمنية، ينصح "التحرير- لايف" زوار المعرض بالتوجه لبوابة المعرض الرئيسية على شارع صلاح سالم بدلا من بوابات ممدوح سالم والتي تتسم بأسوار حديدية ضيقة تمنع عجلات ذوي الاحتياجات الخاصة وعربات الأطفال من المرور، ناهيك عن أن منفذا وحيدا للسيدات وآخر للرجال فقط يمكنكم المرور من خلاله.

الخبر من المصدر