نكاشات الأذن.. توقفي عن استخدامها فوراً من أجل صحتك!!

نكاشات الأذن.. توقفي عن استخدامها فوراً من أجل صحتك!!

منذ 8 سنوات

نكاشات الأذن.. توقفي عن استخدامها فوراً من أجل صحتك!!

اشتكت والدتي قبل سنوات من ألمٍ حادٍ لا يطاق في الأذن؛ ظلت أسبوعاً تعاني من ألم لا يزول، ولما يئست توجهت إلى الطبيب، أمسك بمنظار وزجه داخل أذنها فاحصاً، ثم ما لبث أن أخرجه ورمقها بنظرة لوم وتأنيب كأنما يقول لها "أعرف ماذا تفعلين".\nسألها "هل تحشرين نكاشات الآذان Q-tips داخل أذنك؟" (Q-tips هي ماركة نكاشات آذان شائعة الاستخدام)، وكغيرها من الناس كانت أمي تستعملها لتنظيف أذنيها، لكنها بفعلتها هذه كانت تعطّل سير عمليةٍ طبيعية.\nكانت تعاني آلاماً مبرحة في الأذن بسبب التهاب، والسبب كان على الأرجح استخدامها الدائم لتلك النكاشات. رمقها الطبيب بنظرة الناصح الأمين وقال لها، "عديني ألا تضعي ولا نكاشة أذن واحدة بعد الآن داخل أذنك”.\nنستخدم الكثير من المنتجات في غير محلها ولغاياتٍ ليست أبداً الغرض الذي صنعت من أجله، فالكتب مثلاً نسوّي بها الأسطح والطاولات، والجرائد لتنظيف النوافذ وإذكاء نار الموقد، والمياه الغازية لتنظيف البقع، ومناضد القهوة الصغيرة نتخذها متكأً لأرجلنا المتعبة، لكن لعل نكاشات الأذن المنتج الرئيسي الوحيد الذي يستخدم بالطريقة التي يحذر منها المصنّعون.\nيسوّق المصنّعون لمنتجهم هذا كي يُستخدَمَ منزلياً في التجميل والعناية الشخصية والأشغال اليدوية والتنظيفات المنزلية والعناية بالأطفال، كما يلصقون دائماً على منتجهم التحذير "لا تدخل النكاشة في قناة الأذن”، غير أن الكل يعرف - وخاصة أطباء الأذن - أن العديدين وربما أن أغلب الناس يتجاهلون التحذير.\nحقائق تاريخية عن نكاشات الأذن\nطبيب الأنف والأذن والحنجرة دينيس فيتزغيرالد يقول لصحيفة The Independent البريطانية، "يأتينا أناس يعانون مشاكل متعلقة بنكاشات الأذن. إن أي طبيب أنف وأذن وحنجرة في العالم سيقول لك ذلك. يخبرك الناس أنهم يستخدمون النكاشات فقط للمكياج، لكننا نعرف لماذا أيضاً يستخدمونها، فهم يحشرونها داخل آذانهم”.\nلم يكن الغوص في الأذن يوماً الغاية من صنع النكاشة، ولذلك لم يفطن المصنعون إلى إلصاق التحذير إلا بعد نصف قرن. والاختراع كان في أساسه من بنات أفكار رجل اسمه ليو غيرستينزانغ رأى زوجته تعتني بمظهر طفلهما الصغير بنكاشة أسنان وضعت عند طرفها كرة قطن كي تدهن الطفل ببعض المستحضرات وتزيل بعض الأوساخ عنه، فخطرت له فكرة أفضل هي لف القطن على أطراف عود ما بشكل محكم.\nوفي العام 1923، أطلق غيرستينزانغ منتجه الذي كان أول عيدان تنظيفية معقمة تشبه ذاك الذي في سوق اليوم لكن مع بعض الفروقات، فالعيدان كانت خشبية لا بلاستيكية، كما كان الطرف القطني واحداً لا اثنين كما الآن، وكان الغرض الاعتناء بالأطفال فقط.\nوالأهم من كل هذا وذاك أنه لم يكن هناك تحضير من وضعها داخل الأذن. فالإعلان الذي أطلق في العام 1927 كان يقول: "بشرى سارة لكل أمٍ، إليكِ نكاشات Baby Gays ذات الأطراف عالية الجودة المعقمة بالبورون، مثالية للأعين وفتحات الأنف والآذان واللثة وغيرها من الاستعمالات”.\nثم في الأعوام التالية تغيرت بضعة أشياء كالاسم الذي اقتصر فقط على Q-tips (أطراف عالية الجودة)، والمادة التصنيعية باتت ورقاً، كما اختلفت طريقة تسويق المنتج لتشمل كافة الاستخدامات المنزلية، مع ذلك شيء واحد لم يتغير هو عدم وجود التحذير.\nوفي السبعينيات، ظهر ملصق على العلب يحذر من حشر العيدان داخل الأذن، حتى بات التحذير هذه الأيام أكثر تفصيلاً ودقة، "يرجى عدم إدخال القطنة داخل قناة الأذن."\nليس واضحاً سبب التغيير الذي طرأ، إذ أنه لا سجلّ بحالة طبية من تلك الحقبة لام المنتج على ضرر ألحقه بأذن أحدهم، كما أن شركة يونيليفر (المالكة الحالية لمنتج Q-tips)، لا تحدد أي سبب بعينه يفسر النقلة، والمتحدثة باسمها كارولين ستانتون تقول أن تغييرات كثيرة طوّرت في تعليب وتغليف المنتجات على مر قرنٍ من نشاط الشركة وتأسيسها.\nلكن دون أدنى شك، فإن السبب الذي حدا بالشركة لإلصاق التحذير كان شيوع الاستخدام الخاطئ للنكاشات القطنية، وهو أمرٌ محيرّ لأن الناس ما زالوا يستخدمون المنتج بالشكل الخاطئ حتى رغم إلصاق التحذير.\nلعل للإعلانات دوراً في طبع هذا الاستخدام لا شعورياً في أذهان المشاهدين، ففي الثمانينات ظهرت الممثلة الكوميدية بيتي وايت تشجع الناس على استخدام المنتج للحواجب والشفاه والآذان.\nثم في مقطع تلفزيوني آخر نرى مشهداً كرتونياً لطيفاً يجسد طفلا مستلقياً على وسادة وثيرة ينظف أذني كلبه بالنكاشات القطنية على وقع أنغام مبهجة.\nلذلك لا عجب أن يظهر مقال لصحيفة واشنطن بوست الأميركية في 1990 يسخر من التوصية باستعمال النكاشات "على الأطراف الخارجية للأذن دون إيلاجها القناة السمعية" لأن الأمر أشبه بأن تطلب من مدخن أن يلوك السيجارة في فمه ويبقيها متدلية من شفتيه دون إشعالها.\nنستمر في حشر العيدان القطنية بالأذن بسبب حقيقة بسيطة هي متعة الشعور الداخلي مع كل النهايات العصبية الحسية داخل الأذن، لكن هذا الاستخدام يؤدي إلى ما يسميه أطباء الجلد "دورة الحك والهرش" الإدمانية، فكلما استخدمت النكاشات كلما زاد شعور أذنك بالحك، والذي بدوره يدفعك إلى مزيد من الاستخدام الخاطئ.\nلكن طبيب الأنف و الأذن والحنجرة فيتزغيرالد يبدو جدياً عندما يقول لصحيفة The Independent البريطانية، إن متعة الإحساس هذه أمرٌ سخيف مقارنة بالضرر الذي يحدث، ويلوم هو الآخر الإعلانات التي ساهمت عن غير قصد بنشر فكرة تنظيف الآذان بالمنتج “المذنب”.\nيقول فيتزغيرالد، "ظن الناس أن من الطبيعي تنظيف الآذان، فهم يظنون أن صمغ الأذن قذارة ووساخة هم في غنى عنها، لكن ذلك ليس صحيحاً أبداً”.\nويرى فيتزغيرالد أن صمغ الأذن مثل الدموع في ترطيب وحماية مقلة العين، فشمع الأذن يحمي القناة السمعية داخل الأذن حيث الجلد رقيق وهش وعرضة جداً للالتهاب، "الجسم يفرز شمع الأذن لحماية قناة الأذن. ذلك الذي تزيله المفروض بقاؤه هناك، وهناك عملية ترحيل طبيعية تدفع بالشمع خارجاً إن تركته وشأنه”.\nلأي غرض صمم هذا المنتج؟\nويضيف فيتزغيرالد أنه حتى لو كان تنظيف الآذان فرضاً، لظلت النكاشات أسوأ الوسائل، فتصميمها وحجمها ونسيجها كلها تسهم عندما نزج بها داخل الأذن في دفع الصمغ إلى الداخل باتجاه طبلة الأذن بدلاً من الخارج، وهذا "يؤدي إلى فقدان السمع، بل وإن إدخالها بشكل أعمق سيمزق طبلة الأذن أو يؤذي العظام الرقيقة في الأذن الوسطى، وهما أمران شائعان أكثر مما تتصورون”.\nولهذا السبب أدرجت الأكاديمية الأميركية لأطباء الأنف والأذن والحنجرة هذه النكاشات القطنية ضمن لائحة الأدوات "غير المناسبة والمؤذية" في كتيب توجيهاتها للعام 2008 حتى في الحالات الطبية عندما يستلزم الأمر إزالة الشمع قسراً من الأذن.\nومن الصعوبة الوقوف على عدد حالات إصابات الناس بهذه النكاشات كل عام، ففي بريطانيا لا يفيدك مكتب الإحصاءات الوطنية بشيء، أما في الولايات المتحدة التي فيها لجنة لسلامة المستهلك من المنتج مهمتها تعقب وتسجيل كل أنواع الإصابات الناجمة عن كل أنواع البضائع المنزلية بما فيها نكاشات الأذن، فمرة أخرى نجد أن هذه اللجنة لا سجل لديها بإصابات نكاشات الأذن والسبب هو أن هذا المنتج يعتبر أداة طبية، وبذلك يخضع لإشراف إدارة الغذاء والدواء FDA.\nولدى سؤالها، قالت المتحدثة باسم إدارة الغذاء والدواء الأميركية ديبورا كوتز إن تعقب إصابات هذه النكاشات السنوية أمرٌ متعب وشاق، لكنها اقترحت البحث في التقارير المحفوظة داخل قاعدة بيانات الإدارة، فظهرت أمامنا بضعة حالات ترصد إصابة البعض بأذى لدى استخدام النكاشات داخل الأذن، واكترث أصحاب هذه الحالات للأمر وكلفوا خاطرهم تسجيلها وتوثيقها. في إحدى الحالات سجل مريضٌ شكواه بعدما نظف أذنيه "لأول مرة بعدما نصحه صديق"، وفي حالة أخرى اشتكى مستهلك آخر انفصال الطرف القطني عن العود.\nبيد أن الاطباء ليسوا بحاجة لأية سجلات ووثائق حكومية ليعرفوا أن هذه النكاشات تسبب أزمة، ففي دراسة في مستشفى هنري فورد في العام 2011 وجدت علاقة مباشرة بين استخدام النكاشات داخل الآذان وبين انثقاب طبلة الأذن، كما ذكرت الدراسة أن "أكثر من نصف مرضى عيادات الأنف والأذن والحنجرة يعترفون باستخدام النكاشات القطنية لتنظيف آذانهم بغض النظر عن شكواهم الأصلية."\nويقول الطبيب فيتزغيرالد أن الطبيب يرى ويدرك على الفور أن المريض الماثل أمامه يستخدم النكاشات أو لا، ويندب أن التحذيرات لا تجدي نفعاً.\nاليوم لا ترى أذناً واحدة على موقع نكاشات Q-tips الرسمي في أميركا، بل ترى امرأة تستخدمها لوضع أحمر الشفاه على شفتيها، وأخرى لطلاء أظافرها، وأخرى تستخدمها على كلب أو رضيع أو لتنظيف غرفة الجلوس وغيرها، ما يعكس رغبة المصنعين بتوسيع دائرة استعمالات المنتج.\nسفيتلانا اودوسليفايا رئيسة قسم الأنسجة التنظيفية في يورومونيتر Euromonitor وهو مركز دراسات إحصائية لسوق الاستهلاك، قالت أن السوق توسعت رقعته أواخر التسعينات ليشجع على "تعدد الاستعمالات"، وقدر المركز مبيعات المنتج بـ 208.4 مليون دولار في أميركا في العام 2014، وهي قفزة عن العام 2005 حين كانت المبيعات لا تتعدى 189.3 مليون دولار فقط.\nوتقول كارولين ستانتون المتحدثة باسم يونيليفر، "قد يستخدمها الناس لتنظيف الآذان، لكن إرشاداتنا لهم تحذرهم من ذلك”.\nوترى باربرا كان أستاذة علوم التسويق في كلية التجارة وارتون بجامعة بنسلفانيا أن من الصعب تغيير انطباع الناس وفكرتهم عن هذا المنتج لأن Q-tips ماركة تاريخية، فمحاولة الفصل بين الصورة الأصلية العالقة في الأذهان وبين المنتج الحالي بطريقة تسويقه الحالية أمرٌ من الصعوبة بمكان لأنها ضمن الوعي الجمعي والذاكرة الجمعية.\nوتضيف كان، "لا سبيل لوقف الأمر إلا بسحب المنتج من الأسواق، وطبعاً هو أمرٌ لن يقدموا عليه." ويؤيدها الطبيب فيتزغيرالد فيقول، "لو كان الأمر لي لسحبتها من الأسواق، فكلما أتاني مرضى بمشاكل أذن متكررة أجعلهم يعدونني برمي النكاشات في شلة المهملات وألا يشتروها ثانية أبداً، وعندما يزورني هؤلاء ثانية مع التهابات أذنية أدرك أنهم الذين لا يسمعون الكلام."\nاقتراحات لاستخدام العيدان القطنية التي لن نسميها "نكاشات أذن" بعد اليوم:\n- لإشعال الشموع ذات الفتيل القصير: هل سبق لك أن آذيت أصابعك أثناء محاولة إشعال شمعة بفتيل قصير؟ قل وداعاً لتلك الأيام، ببساطة اغمس النهاية القطنية للعود القطني في كحول طبي، ثم أشعله بقداحة وقربه من فتيل الشمعة. اللهب سيذيب الشمع فينكشف جزء أكبر من الفتيل المغطى أسفله، ما سيسمح بالإشعال. تهانينا!\n- اصطحاب العطور معك عند الخروج: صعب وغير عملي أبداً أن تحملي قارورة شانيل 5 الثقيلة داخل حقيبتك الصغيرة، فما العمل؟ اغمسي أطراف الأعواد القطنية بالعطر ثم احفظيها داخل كيس بلاستيكي قابل للفتح والغلق بإحكام. الأمر ذاته ينطبق على ظلال العيون.\n- تنظيف فتحات مجفف الشعر من الوبر: يسد هذا الوبر فتحات تهوية الجهاز، ولذلك قإن تنظيف المجفف بشكل دوري موصى به لضمان عمل الجهاز وأدائه الجيد.\n- إصلاح السحابات العالقة: هل هذا ممكن؟! نعم. هات شيئاً من زيت الزيتون أو الشامبو وادهن بها السحاب اللعين باستخدام.. هل حزرتم؟\n- تنظيف لوحة مفاتيح الحاسوب الآلي: يقال أن لوح مفاتيح الحاسوب الآلي مرتعٌ للجراثيم أكثر حتى من كرسي الحمام. هات هذه الأعواد القطنية واغمسها بالكحول الطبي المعقم ثم اذرع مسحاً بها للأعلى وللأسفل بين فتحات وتجاويف اللوحة كي تغدو نظيفة. مهمة قد تستنغصها عند النية، لكنك ستكتشف متعتها عندما تنهمك بها.\n- إشعال النار: إن الأعواد القطنية المغمسة بمرهم فازلين أو مرهم الشفاه مثالية لإشعال النار في رحلات التخييم. لكن ينبغي توخي الحذر عند إشعال النار في كل الأحوال.\n- تنظيف أسنان قطتك: لا حدود للنظافة وهوسها. نظف أسنان قطتك أو عينيها، لا فرق، فالأعواد القطنية صالحة للعناية بوجه الحيوانات عموماً.\n- هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Independent البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

الخبر من المصدر