تونس بعد 5 سنوات من الثورة ...هل تغير شيء

تونس بعد 5 سنوات من الثورة ...هل تغير شيء

منذ 8 سنوات

تونس بعد 5 سنوات من الثورة ...هل تغير شيء

 حينما أشعل التونسي محمد البو عزيزي النار في نفسه قبل 5 سنوات احتجاجا على صفعه من قبل شرطية  لم يكن يدور بخلده أن غضبته الاحتجاجية ستصبح شرارة ثورة عارمة تقتلع نظام زين العابدين بن على القمعي الجاثم فوق صدور التونسيين لعشرات السنين ،وأن الشرارة  تحولت إلى كرة ثلج تدحرجت في دول الربيع العربي كله لتقتلع أنظمة ،وتفشل في مواجهة أنظمة أخرى .\nففي 21-12-2014 أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في تونس فوز قايد السبسي برئاسة الجمهورية ، وقد اعتبر مراقبون هذه النتيجة دليلا على تغير المزاج العام للشعب التونسي تجاه الثورة .\nفالثورة في تونس لم تحكم سوى ثلاث سنوات فقط حينما تم انتخاب المفكر والمعارض التونسي البارز الدكتور المنصف المرزوقي رئيسا مؤقتا للبلاد وذلك في 12 ديسمبر 2011 من قبل المجلس الوطني التأسيسي الذي انتخبه التونسيون بعد الثورة ،حيث حصل المرزوقي على أغلبية أصوات المجلس "153" صوتا واعترض عليه ثلاثة أشخاص فقط ،وامتنع اثنان عن التصويت في حين ترك 44 آخرون بطاقاتهم بيضاء .\nولم يكن وصول المرزوقي لسدة السلطة هو أحد أبرز التغيرات الكبيرة في المشهد التونسي  بعد الثورة ،فلقد سبقه وأعقبه تغييرات كبرى منها صعود  حزب حركة النهضة الإسلامية بزعامة راشد الغنوشي ،وفوزه في انتخابات المجلس الوطني بحصوله على 90 مقعدا من إجمالي مقاعد المجلس البالغ عددها 217 ،وذلك في شهر اكتوبر 2011 ثم خسارته أمام حزب نداء تونس بقيادة باجي قايد السبسي.\nوقد أشار  متابعون للشأن التونسي لعدة  محطات كبرى  توقف فيهم قطار الثورة التونسية ومن بينها\n1- انتخابات المجلس التأسيسي 2011\nجرت هذه الانتخابات في الفترة 20 إلى 23 أكتوبر 2011 وكانت الانتخابات الديموقراطية الأولى بعد زمن طويل من التزوير والقمع والاستبداد ، وفاز فيها  حزب "حركة النهضة" الإسلامي بغالبية كبيرة.\nفي 6 فبراير 2013، اغتيل المعارض التونسي شكري بلعيد، الأمين العام لحزب الوطنيين الديموقراطيين الموحد، وأحد مؤسسي تيار الجبهة الشعبية، وكان من منتقدي أداء الحكومة الائتلافية في تونس. \nتبع ذلك في 25 يوليو من العام نفسه، اغتيال النائب العضو في المجلس التأسيسي محمد البراهمي، وهو الأمين العام السابق لحزب حركة الشعب، وهو من المعارضين التونسيين القدامى.\n3- العنف وظهور تنظيم الدولة\nلم تسلم تونس من انتشار السلاح العشوائي منذ عام 2011، بعد الثورة مباشرة، إلا أن عام 2013، كان عهداً  جديدا لمسيرة العنف في تونس فقد بدأت عمليات الاغتيال والتفجيرات واستهداف المناطق المدنية المختلفة، خصوصاً الحدودية مع ليبيا. وقد تبنى تنظيم الدولة الإسلامية العديد من التفجيرات، آخرها تفجير الحافلة التي كانت تقل الأمن الرئاسي في العاصمة في 25 نوفمبر الماضي، وهذا ما أدى إلى إعلان الرئيس التونسي حالة الطوارئ.،\n4- الدستور التونسي الجديد 2014\nبعد سنتين ونصف السنة من العمل، صادق المجلس الوطني التأسيسي التونسي على الدستور  الجديد في 26 يناير 2014.\nفي أكتوبر 2014 تلقي إسلاميو تونس الممثلين بحزب النهضة هزيمة ثقيلة ومفاجئة ، أمام حزب "نداء تونس" العلماني. الذي  طالب كثيراً بالإطاحة بحكومة "الترويكا" التي كانت تقودها النهضة، إثر اغتيال محمد البراهمي، ومقتل عناصر من الأمن والجيش. وركز الحزب في حملته السياسية على موضوع الإرهاب والأمن باعتبارهما ورقة رابحة في ذلك الوقت\n7- جائزة نوبل وتعاظم دور المجتمع المدني\nمنحت اللجنة النرويجية القائمة  على جوائز نوبل، في 9 اكتوبر الماضي جائزة نوبل للسلام للرباعي الراعي للحوار الوطني في تونس ، لـ"دوره الفاعل في عملية بناء الديموقراطية في تونس، بعد ثورة 2011". وهو مؤلف من أربع منظمات هي الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، ونقابة المحامين التونسية.\nمنذ الإطاحة بالحكم السابق، كان لمنظمات المجتمع المدني دور محوري في مراقبة أداء الحكومة وممارسة الضغوط اللازمة لتصحيح الأمور. وهذا ما ساعد على صون المسار الانتقالي، رغم الهزات التي شهدها في محطات عدة. من أبرز هذه المنظمات الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر مؤسسة نقابية في تونس، وقد فرض متابعة ومراقبة دقيقة للأداء الحكومي، ولم يتوانَ في تنفيذ إضرابات كادت تعصف بالائتلاف الحاكم في أكثر من مناسبة. لم يكتف الاتحاد بلعب دور المراقب للأداء الحكومي، بل أمسك بزمام المبادرة أكثر من مرة، ولعب دور الوسيط بين الأطراف السياسية في بعض الأزمات التي مرت بها البلاد. كما لعب دوراً أساسياً خلال إشرافه على الحوار الوطني، واقتراح حلّ مفصّل للخروج من الأزمة السياسية حينذاك.\n8- قانون المصالحة الاقتصادية في تونس\nأصدر الرئيس السبسي مشروعاً بقانون جديد في سبتمبر الماضي، يتعلق بطي صفحات الماضي وعودة رجال الأعمال و كبار الاقتصاديين، الذين ارتبطت أسماؤهم بالفساد في عهد بن علي، وهربوا من البلاد بعد سقوطه، وذلك بإقرار عفو عام عنهم. وقد لاقى القانون جدلاً كبيراً ليس فقط في صفوف مجلس النواب، بل أيضاً بين ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي ونشطاء المجتمع المدني.\nتحت حكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، عرفت سجون تونس أحلك فتراتها، وشهدت معاناة عشرات آلاف التونسيين. كما عانى التونسيون من القمع البوليسي والموت تحت التعذيب. وفي حين ظن الجميع أن هذا الوضع انتهى بعد ثورة يناير 2011 ، إلا أن الواقع على الأرض يثبت استمراره. إذ أعلنت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب في مايو الماضي، أن ممارسات التعذيب في السجون التونسية لا تزال مستمرة، خصوصاً أن بعض تلك القضايا يوثّق ويظهر في الإعلام، مثل قضية عبد المجيد الجدي الذي توفي تحت التعذيب في السجن، وقضيتي عبد المنعم الزياني ولطفي حميدة.\nويبقي السؤال قائما هل تغير شيء في تونس بعد الثورة ؟\n وفقا لاستطلاع للرأى أجرته مؤسسة «سيجما كونساي» بين مواطنى تونس  أفاد بأن 76 % ممن شملهم الاستطلاع أنهم   يعتبرون ما جرى فى تونس ثورة، وأنها أكبر إنجازات السنوات الخمس الماضية  في حين رأى 65 % أن الثورة لم تحقق أهدافها في مجال الحد من البطالة وتحسين الأوضاع الاقتصادية ورأى 40 % أن الوضع الأمني  قد تحسن علي وقع الضربات  ضد الجماعات المتشددة، ورأى 24 % فقط  أن الوضع الاقتصادي قد تحسن ،أما النتيجة التي لاقت تقريبا شبه إجماع من التونسيين هي أن المكسب الأول للثورة التونسية هو الحريات حيث رأي 84 % ممن شملهم الاستطلاع أن الحرية هي الشيء الوحيد الذي تحقق من الثورة التونسية

الخبر من المصدر