المحتوى الرئيسى

ماجدة خير الله تكتب: العائد.. هل يفك نحس دي كابريو مع الأوسكار؟

12/28 10:17

ألتراس ليوناردو دي كابريو يطلقون عليه من باب التدليل “ليو” وهم يراهنون على أن الأوسكار سوف يكون من نصيبه هذا العام، بعد سنوات من الانتظار والإحباط، بل الأكثر من ذلك، إنهم توقعوا له الفوز بمجرد أن أعلن المخرج المكسيكي أليخاندرو جونداليز أنيريتو عن بدايه تصوير فيلم”العائد”The revenant، منذ عام تقريبا، وفي الحقيقه فإن علاقه دي كابريو بجمهوره، أو علاقتهم به، تشبه علاقة العاشق الذي يرى أن حبيبه يقترب من الكمال، وأنه يستحق كل جوائز الدنيا غير أن الحظ يعانده، في كل مرة يقترب فيها من الحصول على الأوسكار! واعتقد أن هذا العشق بدأ منذ عام 1997 أي منذ  18 سنة، عندما قدم دي كابريو، شخصيه جاك، الفنان البوهيمي المنطلق الذي فاز بتذكرة على السفينة تايتانيك، التي كانت تحفة هندسية حين بنائها، وكان يضرب المثل بمتانتها، وفخامتها من الداخل والخارج، “جاك ” اعتبر نفسه محظوظا أن ينضم لركاب السفينة تايتانيك، رغم أنه لم يسمح له بمخالطة علية القوم، وكان مكانه مع ركاب الدرجة الثانية، الأقل قيمة اجتماعيا، لكن بساطته وخفة ظله وروحه المتحدية جعلت روز “كيت وينسليت” بنت الأصول تقع في هواه، وتترك من أجله خطيبها الأرستقراطي الثقيل، بل وتتحدى عنجهيه أسرتها، التي تعتقد أن الفقراء لا يستحقون الحياه أصلا، وبدلا من أن تكلل علاقه جاك وروز بالسعادة، تتعرض السفينة كما نعلم لحادث أدى إلى غرقها، ويزداد الموقف سوادا، ويبلغ النحس مداه، عندما يتعلق جاك وروز بقطعة من الخشب، وسط أمواج متلاطمة، ودرجة برودة مخيفة، وتكون النتيجة غرق الشاب العاشق في قاع المحيط، بينما يتم إنقاذ محبوبته، لتعيش بعده حتى يتقدم بها العمر وتصبح عجوزا شمطاء! ومن يومها لم يفارق النحس “ليو”! أما جمهوره الذي كان في سن المراهقة عند عرض تايتانيك، فقد ظل محافظا على درجة الود والإعجاب بالنجم الذي داعب أحلام  صباه وشبابه، ورأى فيه نموذجا للتضحية والتفاني.

في الحقيقه لقد تعثر ليوناردو دي كابريو في حياته الفنية، لسنوات عدة، وربما عاق تقدمه هذا الوجه الطفولي الذي يحمله، حتى إن فيلمه “الرجل ذو القناع الحديدي” المأخوذ عن رواية لألكسندر دوماس، قد حقق فشلا مخيفا، رغم ترصيع الأفيشات بأسماء مجموعة من النجوم الكبار، مثل جون مالكوفيتش، والفرنسي جيرارد دي باردو، وجيرمي إيرون، وتكرر الفشل أو الخيبه مع فيلم “الشاطىء” الذي أخرجه داني بويل، ولم يفارق النحس” ليو”رغم عمله مع مخرج كبير مثل مارتن سكورسيزي، لكن لم يكن بحال يستطيع رغم جهده الواضح أن ينافس الممثل الجهنمي دانييل داي لويس في عصابات نيويورك، وتوالت الأفلام المهمه في حياته، التي اخرجها مجموعه من الكبار مثل ستيفين سبيلبرج ، وكريستوفر نولان، وسكورسيزى، وترانتينو، لكن الأوسكار كان يذهب إلى غيره في كل مرة يتم فيها ترشحه، وأنا أرى في ليوناردو عيبا واضحا لا يراه ولا يعترف به عشاقه، وهو أنه يبذل جهدا كبيرا، وينفعل أكثر من اللازم، في مواقف يمكن أن يؤديها غيره بسلاسة شديدة وتعطي نتائج أكثر روعة، وهذا يبدو جليا لو قارنت أسلوبه العصبي المتشنج في فيلم “جاتسبي العظيم”، بالأسلوب الراقي الهادىء الذي قدم به روبرت ريد فورد نفس الشخصية، منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما!

أما دوره في  فيلم “العائد ” للمخرج المكسيكي أليخاندرو كونداليز انيريتو، فهو من تلك النوعيه التي تستهوي الممثل، حيث يضم نوعيات شتى، من الإنفعالات والكوارث التي يتعرض لها بطل الفيلم “هيو جلاس”، الواحدة تلو الأخرى، وتضعه دائما على حافة الخطر والأهوال.

تدور الأحداث في القرن الثامن عشر، في منطقة غابات تقع في منطقة يغطيها الجليد، حيث مجموعة من صائدي الحيوانات القطبية، يتعرضون لهجوم مكثف من إحدى قبائل الهنود الحمر، وتحصد السهام أرواح مجموعة كبيرة من الصيادين، وينجح من تبقى منهم في الهرب في قورابهم، وبينهم “هيو جلاس” وابنه الشاب، الذي يلازمه في كل تحركاته بعد وفاة أمه، ولكن المصائب لا تأتي فرادى، حيث يتعرض هيو جلاس أو ليوناردو لمهاجمه دب غاضب، يمزق جسده، بأنيابه وأظافره الحادة، قبل أن ينجح الرجل، في قتله بخنجر حاد، فيقضي عليه، ولكن بعد أن يكون الدب قد تركه في حالة أقرب إلى الموت، وتقرح جسده من كثرة الجروح وعجز عن الحركة، فتخلى عنه رفاقه، بعد أن اصبح وجوده عبئا عليهم، ولم يبق له إلا ابنه الذي وعده أن يظل جواره ولن يتركه مهما كان حجم المخاطر التي تواجههما، لكن أحد أفراد المجموعة “توم هاردي” يقتل الابن أمام عيني والده، الذي عجز عن الحركة وعن حماية ابنه!

كم هائل من الإنفعالات والانقلابات الدرامية، جاهد ليوناردو دي كابريو في تقديمها، ولكن طبعا لابد من ملاحظة أن تعرض شخصية لهجوم من دب بشكل وحشي، أمر لا يحتاج لاجتهاد من الممثل، لأن المشهد كاملا يحسب لمهارة المخرج ومدير التصوير”إيمانويل لويينزكى” ولطاقم الـ stunt  وفريق المؤثرات البصرية، ومن هنا جاءت نكتة أو “قلشة” أن الدب هو الأحق بجائزة الأوسكار، لأنه بصراحة بطل أهم مشاهد الفيلم، وأكثرها تأثيرا، حتى لو كان دب جرافيك.

يقدم الفيلم الذي يمتد طوله لأكثر من ساعتين وثلث رحلة معاناة ومخاطر، يقوم بها “هيو جلاس” أو ليوناردو دي كابريو وسط العواصف الثلجية، وتربص قبائل الهنود، مع مداهمة الجوع الشديد، والآلام الجسدية التي نتجت عن مهاجمة الدب، وفي ذهنه هدف واحد هو الوصول إلى جون فييتزجرالد “توم هاردى” قاتل ابنه، لينتقم منه!

صراع البطل هنا متعدد الجوانب، فهو يصارع قسوة الطبيعة وشدة البرودة، مع احتمالات مهاجمة حيوانات مفترسة، ويهرب من مطاردة قبائل الهنود الحمر، وفوق كل هذا هناك مخاطرة مواجهة رفاقه الذين تخلوا عنه وتركوه للموت، ودفنوه حيا بعد أن قتلوا ابنه!

في تلك النوعية من الأفلام، حيث يكون البطل مفعول به، وجميع أزماته تأتي بفعل عوامل خارجية، تكون قدرته على الأداء أقل من قدرة الممثل الفاعل، بمعنى أن أداء توم هاردي رغم قلة مساحة دوره يحتاج إلى مهارة في الأداء، لأن الشخصية هنا قليلة الانفعالات، يغلب عليها الهدوء، ويهاجم حيث لا تتوقع منه الهجوم أو الغدر، والحقيقه أن ليوناردو دي كابريو قد بذل جهدا عصبيا وإنفعاليا، في أكثر من موضع، وخاصة وهو يتابع مقتل ابنه ويعجز عن رد الاعتداء عنه.

لكن تلك هي المشكله في زياده الإنفعال والصراخ.. طبعا لو قارنت هذا الموقف مثلا برد فعل شون بين في فيلم “النهر الغامض” عندما اكتشف مقتل ابنته بعد إغتصابها بطريقة بشعة، ربما يقترب إلى ذهنك، المعنى المقصود.

الحكايه ليست تحيزا ضد أو مع ممثل، لكن عندما نقارن ما قدمه مايكل فسبندر من آداء هادىء يخفي تحته نارا من الغضب والتوتر كما ظهر في فيلم “ستيف جوبز”، أو عندما تذوب مشاعر العنجهية والغرور والعناد، أمام ابنته التي كان ينكر نسبها، ربما تدرك معنى تمكن الممثل من أدواته وقدرته على التحكم في انفعالاته، وعبقريته في التلون والانقلاب من حالة إلى حالة!

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل