المحتوى الرئيسى

البرلمان.. انتخابات كاشفة

12/06 22:15

تأتى أهمية استكمال خارطة الطريق التى توافق عليها الشارع المصرى بإتمام الاستحقاق الثالث، البرلمان، من كونها تمثل تحدياً مصيرياً لرياح عاتية تسعى لاقتلاعنا وطناً وشعباً ووجوداً لحساب شبكة متعددة الأطراف جمعت الأضداد، تعيد للذاكرة الرؤية التى طرحها صامويل هنتنجتون فى كتابه «صدام الحضارات» والتى جاءت صادمة لما استقر بيننا من توهمات مفارقة لتفاعلات المصالح حولنا، واكتفينا بإحالتها لنظرية المؤامرة.

أمامنا بالداخل تحدٍّ من أنظمة غاربة تسعى للعودة مجدداً، وتواجهنا أنظمة إقليمية تسعى لوراثة الدور المصرى، ويحوم حولنا غول التنظيمات الإرهابية العابرة للقارات والحدود يحركها حلم بعث الخلافة، وتملك إمكانات ومخططات غاية فى التعقيد تتجاوز التبسيط المخل الذى يهوِّن منها. وما زال سعى الغرب بقيادة الولايات المتحدة لتفتيت المنطقة قائماً، وتظل مصر بغير مغالاة هى حائط الصد المعوق لكل هؤلاء، لذا يصير تفكيكها سعيهم، واستهداف أمنها وسلامها ووحدتها طريقهم. لذا نعوّل كثيراً على قيام البرلمان بدوره فى ضبط إيقاع المشهد السياسى ليعيد الثقة إلى الشارع ويرتفع إلى مستوى التحديات الجسام، وهو مُحمِّل بمراجعة غابة التشريعات المتراكمة والمتشابكة إلى حد تعويق الانطلاق فى مسارات التنمية وتأكيد الحريات وتجفيف منابع الفساد وإطلاق طاقات الشباب، ولديه قواعد دستورية تدعمه فى ذلك.

على أن ماراثون الانتخابات البرلمانية يستحق التوقف أمامه ورصد بعض ملامحه بعيداً عن الصخب والانفعالية، منها ما رآه البعض ضعفاً فى المشاركة خاصة من الشباب، وهو أمر طبيعى بعد سنوات شهدت موجات من الفوضى التى تصاحب وتعقب الثورات كدأب المراحل الانتقالية، والتى كان وقودها أحلام الشباب وطموحاته وضعف الكيانات الحزبية وقصورها عن استيعاب طاقاتهم وتنظيمها فى مسارات فاعلة داخل أروقتها وآلياتها. وظنى أن ولادة أحزاب تعبر عن الشباب باتت قريبة. وقد حملت الانتخابات، مشاركة ونتائج، طيفاً من هذا عبر أحد الأحزاب المشاركة قفز إلى المقدمة فى حصد المقاعد ليسبق أحزاباً عريقة وينافس أحزاباً لديها إمكانات المال والإعلام.

وكشفت الانتخابات عن الدور الفاعل للمرأة المصرية التى لم تتوانَ عن المشاركة فى دعم المرشحين، بل وفى الترشح والتصويت. ونتوقف كثيراً عند فوز واحدة منهن فى دائرة تجمع بين الطبقة المتوسطة والفقيرة، بل وبين المجتمع التجارى العريق والمناطق العشوائية، دائرة الجمالية ومنشية ناصر، ويأتى فيها فوز النائبة د. منى جاب الله، فى جولة الإعادة، وهى امرأة وقبطية، ليؤكد أن تغييراً إيجابياً يحدث فى الشارع، فى مواجهة دعوات التصويت الطائفى والنوعى وفى مواجهة المال السياسى، وفى وجود مرشحين لهم خبراتهم فى هذه الدائرة.

ونرصد أنه لأول مرة فى تاريخ الانتخابات البرلمانية، على الأقل بعد يوليو 52، يصل إلى البرلمان، إضافة لمن جاءت بهم القوائم، اثنا عشر قبطياً فى الانتخابات الفردية، وفى أحياء أغلبيتها مسلمة، خاصة أنهم حصدوا مقاعدهم فى جولة الإعادة التى تترصدها دعوات التصويت الطائفى، ويتهددها موروث ثقيل من الانحيازات الطائفية. ويأتى فوز الدكتور سمير غطاس فى الجولة الأولى بدائرة مدينة نصر مؤشراً إيجابياً خاصة فى ضوء الوجود المؤثر لتوجهات تيارات الإسلام السياسى بل والجماعات المتطرفة، ومنافسة رجال الأعمال وقدراتهم المالية، وبالتوازى نرصد قدرة عديد من الشباب على اجتياز حاجز الإمكانات، خاصة فى الأحياء والدوائر الشعبية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل