كريم دكروب: الذئب شاهد على وحشية البشر

كريم دكروب: الذئب شاهد على وحشية البشر

منذ 8 سنوات

كريم دكروب: الذئب شاهد على وحشية البشر

تبدأ مسرحية وينتهي عرضها، إلا مسرحيات كريم دكروب: تبدأ لتستمرّ. من خلال هذه الصيغة التي رسّخها تستمر عروض مسرح الدمى على مدار العام، وتنضم إلى سلسلة مسرحياته مسرحية جديدة تحت عنوان «القمر بيضوّي عالناس» تفتتح عند الثامنة مساء (الخميس في السادس والعشرين من الحالي) على مدى خمسين دقيقة على خشبة مسرح دوّار الشمس ـ بدارو، على أن تُعرَض كلّ سبت عند الرابعة بعد الظهر، وتعتبر مسرحية «شو صار بكفر منخار» التي ما زال عرضها مستمراً منذ ثلاثة وعشرين عاماً ظاهرة في المسرح اللبناني لا بل العربي، واستطاع الأستاذ الجامعي والمخرج المسرحي كريم دكروب تحقيق حلمه من خلال عمله الدؤوب ورؤيته لمسرح الأطفال إذ يرى أنّه «جزء من اللوحة الثقافية في لبنان ويؤسفه التجاهل الكبير من قبل المثقفين لهذا المسرح، مشكلتنا تختلف عن باقي المشاكل، هناك جمهور لمسرح الأطفال ونموّل مسرحياتنا من الجمهور، ومشكلتنا هي مع النقد الثقافي إذ نجد أن هناك تجاهلاً لمسرح الأطفال كركن أساسي في اللوحة».\nيخبرنا دكروب في حديثه خاص لـ»السفير» عن عمله المسرحي الجديد وعن علاقته المباشرة بما يدور في المنطقة والعالم، «أبحث دوماً عن مواضيع جديدة لطرحها في مسرح الأطفال بحيث تكون مختلفة عن السائد، لأن الأطفال في العالم العربي بشكل خاص يطرحون العديد من الأسئلة التي لا يمكن تجاهلها، لذلك فكّرت ملياً بالموضوع واستغرق الكثير من الوقت. الموضوع يدور حول أزمة الإنسانية التي نعيشها بشكل عام، إذ إن ما نمرّ به ليس صراعات عادية بل هو أزمة فعلية وهي أزمة الإنسانية».\nيضيف دكروب أن أسئلة كثيرة يطرحها الأطفال منها «لماذا كل هذه العنف؟ ولماذا يقتل الإنسان؟ وللأطفال منطق خاص، وعندما يكبرون تأتي الحقائق لتغلب المنطق، ونحاول من خلال المسرحية الجديدة الحديث بالمنطق الخاص بالأطفال حول ما يريده الإنسان، لا نقدّم إجابات ولكن لا يمكن تجاهل هذه الأسئلة حين تطرح من قبل الذئب في العمل، نحن دوماً نحكم على الذئب بأنّه وحش، نحن اخترعنا الذئب وجعلناه وحشاً، والإنسان هو رمز الخير بينما الذئب هو رمز الشر. ننطلق في العمل من خلال هذه الصورة النمطية وننطلق من خلال الوعي لدى الشعوب العربية والمتمثلة بقصة يوسف الذي وضعه إخوته في البئر وأقنعوا أباه أن الذئب أكله. لا أذكر اسم يوسف، ولكن من خلال السياق تظهر هذه الصورة، ويتساءل الذئب منذ بداية المسرحية حول ما يريده الإنسان، ويقول إنه يصطاد ليأكل، وبعد ذلك أشبع وأشبِع اولادي وأكمل حياتي، لكن الإنسان إذا جاع يخيف ولكن إذا شبع يصبح مخيفاً أكثر. الذئب شاهد على البشر وعلى كيفية تعاطي الأخوة مع شقيقهم الطفل صاحب اليد الخضراء والروح الحرّة، ونكون نحن شاهدين على كيفية تعاطي الذئب مع الطفل»، معلناً أنّ القرار بتقديم المسرحية أتى في العام الماضي، واستمر العمل الفعلي ستة أشهر، وتضم المسرحية عدداً كبيراً من الشخصيات، إلا أن هناك ثلاثة ممثلين على المسرح، «بما أنّ أعمالنا في مسرح الدمى تستمر لفترة طويلة، يتم تدريب أكثر من ممثل على الدور نفسه، وهناك ستة ممثلين تدرّبوا على هذه المسرحية هم كاترين دكروب، فؤاد يمين، أدون خوري، سيلينا شامي، صبا كوراني، ووليد جابر، وهناك ثلاثة منهم يكونون عادة على المسرح، والأداء الصوتي المسجّل تولاهما بطرس روحانا ورشاد زعيتر».\nيعتبر دكروب نفسه أنّه ينتمي إلى ورشة هدفها الارتقاء بمسرح الأطفال، «لا أستطيع الاكتفاء بانتقاد ما يقدّم بل أسعى إلى تقديم ريبيرتوار أي بمعنى أننا نقدّم مسرحاً دائماً للأطفال على مسرح دوار الشمس ضمن عروض أسبوعية لا تتوقّف إلا مرتين، مرة مع بداية الدخول إلى المدارس على مدى شهر ونصف الشهر، والمرة الثانية خلال امتحانات نهاية السنة الدراسية. المسرح الدائم يقدّم عروضاً قديمة وجديدة، وهذا النظام معمول به في أوروبا الشرقية وتحديداً في موسكو حيث تلقيت دراستي الأكاديمية، كان بمثابة الحلم، ولم يكن هذا النظام معروفاً في السابق، كان جهدي منصباً على تحقيق الحلم منذ عودتي إلى لبنان في العام 1991، وتمّ تحقيق الحلم من خلال جمعية «خيال» التي رأت النور في العام 1992 بهدف نشر وتطوير مسرح الدمى، وأعتبر أن المسرح الدائم للأطفال قد يكون بديلاً عن غياب معيّن في عالم مسرح الطفل، مع العلم أننا نستمد عملنا من التجارب السابقة التي نحترمها، وأرى أن تجربة فرقة «السنابل» تجربة راقية ورائعة وتابعتها منذ طفولتي وصلة الوصل بين تجربتنا وتجربة «السنابل» هو الفنان أحمد قعبور، وفي الوقت نفسه هناك تجارب في مسرح الأطفال نحترمها، ومن حق أي إنسان أن يقدّم تجربته حتى لو كنت غير موافَقٍ على مضمونها، ولكن أرى أن النظرة إلى الطفل في رأيي يجب أن تكون مختلفة ومبنية على العلم من حيث العمق وأن تكون مبنية على التفهّم للطفل لا سيما في العصر الحالي، حيث لا يمكن تقليل قيمة الطفل والضحك عليه».\nيضيف دكروب أنّ الحركة المسرحية في لبنان ناشطة في المرحلة الحالية، وقد لفته عدد من الأعمال منها «بستان الكرز» لكارلوس شاهين «من الصعب تقديم تشيخوف في يومنا هذا، لأن نصوصه صعبة وهي تبحث في الذات الإنسانية، وأعجبتني المقاربة التي قدّمها شاهين وأعجبني جداً ربيع مروة في «أنشودة الفرح» وأرى أن تجربته المهمة تستحق التأمل والدراسة، وأعلن أنني من المعجبين بكلّ ما يقدّمه، كما تابعت مسرحية «آب: بيت بيوت» وأعجبتني. وفي المبدأ هناك حركة مسرحية مهمّة بدرجات، وقد يُعجبنا عمل وتكون لدينا ملاحظات عليه»، ويقول دكروب رداً على سؤال إنّ النشاط يكون في أعلى درجاته في ظل الأزمات، «هكذا كانت الحال بعد عدوان تموز 2006 وكذلك شهد العام 2008 نشاطاً فنياً، واليوم نحن نعيش في ظلّ هذه الحركة المسرحية التي آمل أن تستثمر إيجاباً لتستمرّ عبر مأسستها، وهذا ما نفتقده في لبنان». ينتمي دكروب إلى فئة رافضي تصوير المسرحيات وعرضها عبر الشاشات التلفزيونية، «سبق أن بِعنا حقوق تصوير وعرض عدد من المسرحيات لعدد من الشاشات بسبب الدعاية لأعمالنا، وقد أوقفت هذا الموضوع منذ فترة طويلة، لا أعرف إن كنت أستطيع تسميته استغلالاً لأنني لا أجد الحقوق متوازنة، وأرى أن المسرحية لا يجب أن تُعرض بشكل فيديوي، لأنها نفّذت لتقدّم على المسرح بلغة فنية خاصة بالمسرح، وإذا كانت ستعرض عبر الشاشة فتجب إعادة إنتاجها بلغة الوسيلة التي ستعرض من خلالها فلا مشكلة على الإطلاق لأن عناصر اللغة الفنية تختلف بحسب وسائل العرض». يعلن دكروب عن ورشة دراما للأطفال في مسرح دوّار الشمس كل سبت تحت إدارة رانية مروة بعد افتتاح المسرحية، «الهدف من الورش هو فتح المنابر للأطفال للتعبير عن آرائهم في ما يحصل في لبنان، وهذا له علاقة بالمواطنية في ظل الهموم الحالية، فللأطفال هموم وهواجس، وعلينا تحفيزهم ليكون لهم رؤى واضحة حول ما يحصل حولهم ومعهم.

الخبر من المصدر