معاناة «البدون».. البوابة الخلفية لاجتياح «داعش» الخليج العربي

معاناة «البدون».. البوابة الخلفية لاجتياح «داعش» الخليج العربي

منذ 8 سنوات

معاناة «البدون».. البوابة الخلفية لاجتياح «داعش» الخليج العربي

في وقت يركز فيه تنظيم داعش جهوده باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، على محاولة استغلال أوضاع "البدون" في الخليج ودعوتهم إلى الانضمام إليه، أعلنت السعودية، أمس، إدخال تحسينات على أوضاع قرابة ربع مليون من عديمي الجنسية المقيمين على أراضيها، وذلك قطعا للطريق أمام إمكانية انزلاق أبناء هذه الفئة نحو التطرف.\nوشرعت السلطات السعودية قبل نحو عام في معالجة أوضاع البدون بإصدار بطاقات خاصة لهم لتسهيل إجراء معاملاتهم اليومية، وتدرس توسيع هذا الإجراء ليشمل حوالي ربع مليون مستفيد، وتحسينه في نفس الوقت من خلال تقديم تسهيلات جديدة تتمثل في منح أفراد البدون بطاقات بصلاحيات أوسع، لتمكينهم من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأسري، وفق ما أوردته صحيفة الوطن أون لاين السعودية،  نقلا عن مصادر لم تسمّها، قالت أيضا إن التحرك يأتي في الوقت الذي تواجه هذه الفئة عقبات تمنع أبناءها من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، حيث يتعرض البعض ممن يعمل لدى القطاعات الحكومية والخاصة للاستغناء عن خدماته بعد انتهاء صلاحية البطاقات الحالية وطول إجراءات تجديدها.\nوشرحت ذات المصادر أن أبناء فئة البدون يعانون عدم القدرة على العلاج في المستشفيات الخاصة والحكومية، إلى جانب عدم قبول أبنائهم في المدارس الحكومية، وحرمانهم من التنقل بين المدن لعدم امتلاكهم بطاقات هوية، موضحة أن هناك 10 آلاف زيجة بين أفراد هذه الفئة تمت بدون توثيق، وأن البدون يتعرضون لابتزاز من قبل تنظيم داعش في مواقع التواصل الاجتماعي، مستغلا أوضاعهم لدعوتهم إلى الالتحاق بصفوفه.\nوفي الكويت، ساعد بعض البدون في تفجير مسجد الصادق، مما وجه النظر نحو الطائفة، وكيفية استغلال داعش، لبعض أفرادها، ففي 29 يونيو 2015، أصدرت وزارة الداخلية الكويتية قرارا بإيقاف إصدار جوازات السفر الخاصة بـ"غير محددي الجنسية"، "البدون"، وذلك ردا على اعتقال عدد منهم بتهمة المشاركة في "تفجير مسجد الإمام الصادق" التي تبناه داعش، الذي راح ضحيته 26 قتيلا وعشرات الجرحى.\nوقالت صحيفة الوطن الكويتية، إن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية محمد الخالد، أصدر تعليمات بإيقاف إصدار جوازات "البدون" في أعقاب التفجير، مستثنيا من ذلك حالات العلاج في الخارج على نفقة الدولة.\nونقلت الصحيفة عن مصادرها أن الوكيل المساعد لشؤون الجنسية ووثائق السفر اللواء مازن الجراح، أصدر أوامر بإغلاق قسم مادة 17 حتى إشعار آخر، وأن يتم نقل الموظفين إلى أقسام أخرى بحسب احتياجات مديري الإدارات.\nوفي نفس الإطار، أكدت مصادر لصيفة «الشاهد» الكويتية، في 14 يوليو 2015، أن التنظيم، يسعى لتجنيد بعض الطلبة البدون الدارسين في الخارج وذلك بدعمهم ماديا لتسديد مصاريف الدراسة والسكن والإقامة مقابل تنفيذ مخططات التنظيم.\nوقالت إن العديد من الطلبة البدون التحقوا بجامعات في الخارج أجنبية وعربية لكن ظروفهم المادية تعثرت بسبب ارتفاع الرسوم وارتفاع مستوى المعيشة، ما دفع بعض الموالين لفكر داعش لتشكيل روابط وجمعيات طلابية من خلالها يتم التواصل مع بعض الطلبة المتعثرين ماديا لمساعدتهم في توفير المبالغ المطلوبة شريطة ان يقنعوا الطلبة الآخرين بالانضمام إلى التنظيم لكي يقوموا بنشر أفكارهم والاستعانة بهم وقت الظروف.\nوقال أحد الطلبة البدون للصحيفة، إن داعش رصدت تجمعات طلابية  للبدون في بعض الدول وأوعزت إلى كوادرها للتغلغل داخلهم والاقتراب منهم وتزويد الموالين لأفكارهم بكل الاحتياجات المادية والمعنوية للهيمنة عليهم وغسل أدمغتهم مستقبلا خصوصا أنهم صغار السن وبحاجة إلى الأموال لتسديد التزاماتهم الاعتيادية.\nوفي 11 نوفمبر 2014، كشفت مصادر أمنية لـ«الشاهد»، أن الأجهزة الأمنية المختصة ترصد محاولات مشبوهة لتجنيد أعداد كبيرة من البدون لانضمامهم في صفوف «داعش» في العراق وسورية، موضحة أن حركة نشطة للمحرضين في عدد من المواقع المشبوهة تركز على تحريض الشباب من فئة البدون للانضمام إلى صفوف المقاتلين في التنظيمات المشبوهة. \nوذكرت الصحيفة، أن جهاز أمن الدولة رصد أحد المحرضين الذي يلعب دورا محوريا في حصر أسماء البدون الراغبين في الانضمام إلى داعش تمهيدا لإخراجهم من الكويت عبر المنافذ الجوية والبحرية بمعسكرات التنظيم في العراق وسوريا، مؤكدة أن الجهات المشتبة فيها تستغل الظروف المالية والإنسانية للبدون للزج بهم في الصراعات القائمة والتنظيمات الارهابية.\nويرحب تنظيم الدولة الإسلامية، بانضمام البدون إليه، في مناطق سيطرة التنظيم في سوريا والعراق، وذلك عبر حساباتهم في "تويتر"، مؤكدة أنهم موضع ترحيب من "الدولة الإسلامية".\nمحمد أموازي، المولود بالكويت، والذي يحمل الجنسية البريطانية، هو في الأساس من فئة عديمي الجنسية أو "البدون"، وتنحدر أسرته من أصل عراقي، واستبعدت من لوائح التجنيس في الكويت، بسبب شبهات حول تعاون مع نظام الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، الذي غزا الدولة الخليجية في 1990".. هكذا كشفت وسائل إعلام كويتية، مؤخرا، هوية "ذبّاح" تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والمعروف باسم "الجهادي جون".\nتطلق هذه التسمية في دول الخليج العربي، وبخاصة السعودية والكويت والإمارات، على المقيمين بها بصفة غير شرعية، أو عديمي الجنسية، حيث يقدر عدد البدون في الكويت بـ110 آلاف شخص، وربع مليون في السعودية، وتعود تلك التسمية للفترة التاريخية ما بين عامي 1950 و1979، حيث تدرج بياناتهم في الوثائق الرسمية بـ"غير مواطن"، ثم "بدون جنسية"، ثم "مقيم بصورة غير شرعية".\nونسبة من البدون هم في الأساس من البدو الرحل، سكنوا شبه الجزيرة العربية، منذ آلاف السنين، وتنقلوا عبر بلدانها، سعيا وراء الرزق، ونسبة أخرى قدموا من بلدان أخرى و يخفون وثائقهم ومستنداتهم الأصلية.\nومنذ عام 1985، تم إطلاق أول المناقشات العامة حول ظهور هذه فئة "البدون" في المجتمع، وقد حذر الساسة الكويتيون من هذه القنبلة الموقوتة، ونددوا بسلبية التعامل مع هذه القضية، مما يجعل الحل أكثر صعوبة وتكلفة من الناحية الإنسانية والمالية على حد سواء.\nوفي ديسمبر عام 1986، في خضم الأزمة الاقتصادية، تم إصدار مرسوم يقر بضرورة استبدال البدون الذين يعملون في صفوف قوات الأمن تدريجيا بأشخاص يحملون الجنسية، كما دعا إلى التطبيق الصارم لقانون عام 1959 الذي تم فرضه على إقامة الأجانب، وبالتالي إنهاء الإعفاء من شروط الكفالة وتصريح إقامة "أفراد القبائل" التي تم منحها حتى ذلك الحين.\nوفي فبراير عام 2011، في أعقاب ثورات الربيع العربي، أطلق البدون احتجاجات سلمية في المناطق النائية من الكويت، حيث تعيش الغالبية العظمى منهم، وكانوا قد خرجوا ملوحين بأعلام الكويت وصور الأمير، مطالبين بوضع حد لحالة التهميش التي يعانون منها، وفي محاولة لطمأنة المواطنين وتبديد الصورة التي تشير إلى أنهم أشخاص يسببون خطورة على البلاد، قاموا في البداية بتنظيم حملة تبرع بالدم لصالح بنك الدم الكويتي وقدموا الزهور للكويتيين.\nويواجه أبناء هذه الفئة صعوبات في ممارسة حياتهم الطبيعية والحصول على الخدمات الأساسية، ما يجعلهم عرضة للتهميش وللابتزاز من قبل الحركات المتشدّدة.

الخبر من المصدر