فيسك: على المجر النظر إلى تاريخها لتعرف كيف تعامل المهاجرين - ساسة بوست

فيسك: على المجر النظر إلى تاريخها لتعرف كيف تعامل المهاجرين - ساسة بوست

منذ 8 سنوات

فيسك: على المجر النظر إلى تاريخها لتعرف كيف تعامل المهاجرين - ساسة بوست

منذ 12 دقيقه، 9 سبتمبر,2015\nنشرت صحيفه “اندبندنت” مقالا لروبرت فيسك، حول مشكله اللاجئين في اوروبا. يقول فيه: “عجيب كيف يستخدم كل من السياسيين والصحافيين الاوروبيين الحرب العالمية الثانية مؤشرا لما تواجهه اوروبا اليوم. فيقال لنا رسميا تواجه اوروبا اكبر مشكله لاجئين منذ الحرب العالميه الثانيه 1939- 1945. والشرطه المجريه تقف في وجه جموع الفقراء والمعوزين، ومعظمهم من المسلمين، خارج محطه القطار الرئيسه في بودابست، وحتي من يحمل تذكره قطار لا يسمح له بالدخول الي القطار”.\nويضيف فيسك: “غريب الا تعيد هذه المناظر الذاكره الي الوراء، فقبل 71 عاما فقط كانت الشرطه المجريه تحمل عشرات الالاف من اليهود علي متن القطارات المغادره، وذلك لايصالهم بسرعه الي اوشويتز، حيث كان ادولف ايخمان هو من يصدر الاوامر”.\nويتابع الكاتب: “لم يكن الامر بان المجريين كانوا ادوات غير راضيه عن دخول الالمان الي بلادهم اواخر الحرب وما كانوا يفعلون. فقد قامت الشرطه المجريه بحراسه قطارات اليهود المبعدين الي حدود النمسا، التي كانت جزءا من الامبراطوريه الالمانيه العظمي؛ حتي يستطيع النازيون نقلهم بسرعه الي مخيمات الاباده. ولم يات اليهود الذين رحلوا لاجل الاباده من المدن المجريه فقط، بل من اصغر البلدات، وحتي من تقاطع سكك الحديد في بيسكي، حيث لم ينج من يهود بيسكي الا ثلاثه. ووصل عدد اليهود المجريين الذين تمت ابادتهم الي 565 الف يهودي”.\nويستهجن فيسك قائلا: “غريب ان لا احد قد اشار الي هذا الرابط مع الحرب العالميه الثانيه، وخاصه ان قطارا مجهولا ولا يحمل عنوانا، نقل اللاجئين المسلمين الاسبوع الماضي الي بيسكي، وظن الركاب الذين يحملون تذاكر الي ميونيخ انهم في طريقهم الي المانيا عندما توقف القطار فجاه في القريه المجريه بيسكي، التي تحتوي علي مركز للمهاجرين تحرسه الشرطه”.\nويؤكد الكاتب في مقاله، الذي ترجمته “عربي21″، ان “لا شيء يشبه 1944، بل كان رجال الشرطه يوزعون الماء علي اللاجئين، واخر ما يريده المجريون هو ارسال المسلمين الي المانيا، ولكنهم لا يريدونهم في المجر ايضا”.\nويجد فيسك ان “علينا ان نشكر رئيس الوزراء المجري فيكتور اوربان، الذي اوضح لنا ان (هؤلاء الناس الذي يصلون نشاوا علي ديانه اخري، ويمثلون ثقافه مختلفه تماما، ومعظمهم ليسوا مسيحيين بل هم مسلمون)، فالرجل ليس سياسيا فقط، بل هو مؤرخ اجتماعي. ومع اني اقر ان الاوروبيين الشرقيين يتعاملون مع الدين بجديه اكثر من الاوروبيين الغربيين، الا ان هناك مبالغه في الحديث عن (الثقافه) المسيحيه. فكما كتب اوربان في صحيفه فرانكفورتر الجمين: (هذه مساله مهمه؛ لان اوروبا والهويه الاوروبيه جذورها مسيحيه). فعلي اوروبا ان تتذكر ذلك. وارجو ان تسامحوني بان اذكر ان الكنيسه الكاثوليكيه في المجر كانت من بين الاكثر عدوانيه للساميه في اوروبا قبل هتلر بكثير”.\nويشير الكاتب الي انه “في عام 1919 مثلا قال اسقف شيكزفيهرفر، اوتاكار بروهاشكا، للناس انه (من المهم ملاحظه ان اليهود ياكلوننا، وعلينا ان ندافع عن انفسنا من وباء بق الفراش هذا)، واضاف ان (اليهوديه هي قوه اجنبيه لقمع المسيحيه). وعندما امر ايخمان بترحيل اليهود المجريين كان اهتمام قيادات الكاثوليك في بودابيست منصبا علي حمايه اليهود المتحولين الي المسيحيه، اكثر من الاهتمام بانقاذ حياه اليهود غير المتحولين. ولم يتحركوا بشكل جدي ضد النازيين، الا بعد مناشدات من البابا والرئيس روزفيلت والملك السويدي غوستاف الخامس. واضيف ايضا ان شيكزفيهرفر هي ايضا مسقط راس فيكتور اوربان”.\nويورد فيسك انه “مثل البوسنه وصربيا، فان المجر كانت جزءا من الامبراطوريه العثمانيه، ولطالما نظر (الوطنيون) المجريون الي الحقبه التركيه ببغض شديد. وكتب الروائي اليوغسلافي ايفو اندريك في رساله الدكتوراه عن كيف ادي المسلمون المتحولون في البوسنه دور الاسفين بين الكنيسه الكاثوليكيه والكنيسه الاورثوذوكسيه. وتظهر احصائيه عام 2011 ان عدد المسلمين الذين يعيشون في المجر هو 5579 شخصا، اي انهم يشكلون نسبه 0.056% من مجموع السكان. وحتي لو استوعبت المجر نسبه من اللاجئين الذين يمرون من ارضها اليوم، فماذا ستكون نسبه نمو المسلمين هناك، 3% ام 4%؟”.\nويقول الكاتب: “اذا اخذنا بعين الاعتبار كيف تصرف امراء الكنيسه المجريه في النصف الاول من القرن الماضي، فلا ادري اي ثقافه مسيحيه يريد اوربان حمايتها. وقد يكون الجواب في تقرير المجلس الاوروبي، الذي اشار الي انتشار العداء للساميه، واشار الي ان صحافيا يحمل اراء عنصريه تم تكريمه من حكومه اوربان. و تشير المظاهرات المؤيده للاجئين في المجر الي ان اوربان مثل باقي القيادات الاوروبيه لا يمثل شعبه”.\nويستدرك فيسك متسائلا: “هل هناك مشكله خاصه بشرق ووسط أوروبا ممثله بالمجر، ولا احد يستطيع نقاشها؟ الدرجه التي شعرنا بها في وقتها بان الاخضاع الذي وقعت تحته تلك البلدان من الاتحاد السوفييتي كان عقوبه مستحقه لتاريخها الفاشي. وعندما انهار الاتحاد السوفييتي سارعنا الي استقبالهم في الاتحاد الاوروبي؛ ربما لشعورنا بخذلانهم عندما تركنا موسكو تتحكم بهم بعد الحرب العالميه الثانيه”.\nويلفت الكاتب الي انه “كما تعاملنا بالاسلوب ذاته مع النمسا، التي لم تعاني سوي من فتره قصيره من الاحتلال السوفييتي الجزئي؛ لانها اطلقت علي نفسها (اول ضحايا هتلر)، بعد ان قامت المانيا بضمها عام 1938، ونسينا ان المشاعر التي ظهرت ضد اليهود بعد وصول الفوهرر الي فينا كانت عنيفه، لدرجه ان اليهود الهاربين من النمسا وجدوا ان حياتهم في خطر اقل في برلين النازيه منها في النمسا”.\nويختم فيسك مقاله بالقول: “مثل ايطاليا، التي تخلصت من موسيليني قبل نهايه الحرب، لم تتم اعاده البناء السياسي لتلك الدول بعد خروجها من جمود الحرب الباردة. ولطالما اعتقدت باننا تسرعنا في فتح اذرعنا لهم،  ولكن قلنا لانفسنا انهم دفعوا ثمنا غاليا، واي جائزه لصبرهم اثمن من عضويه الاتحاد الاوروبي؟ والان بدانا نكتشف شكل دوله المجر كما يكتشفها اللاجئون المسلمون من الشرق الاوسط”.

الخبر من المصدر