الله، التراث، الاستهلاك... قضايا الفن المفاهيمي السعودي

الله، التراث، الاستهلاك... قضايا الفن المفاهيمي السعودي

منذ 8 سنوات

الله، التراث، الاستهلاك... قضايا الفن المفاهيمي السعودي

عقد كامل مر علي نشاه جماعه " شتا" السعوديه، التي عنيت بالفن المعاصر، ممتزجاً بالشعر والفنون الاخري. كانت الرغبه ملحه انذاك لبدء انطلاقه حقيقيه لاعمال مغايره ومختلفه. وفي ظل المخاوف والقلق بدات شتا - وهي تتخذ من كتابه اسمها شكلاً مخالفاً لما هو متعارف عليه في الخط العربى - باقامه معرضها الاول في  مدينة جدة، بعد اعلان بيانها التاسيسي في مدينة إبها، ذاهباً نحو رؤيه لا تزعم بانها الاولي، اذ ان هناك تجارب قليله كانت بدات في معارض فنيه معاصره، بمحاولات ناجحه اثارت الكثير من الاسئله.\nجاءت شتا لتعبر عن مفاهيم جديده متصله بالحياه، في عالم يضج بالاسئله والتغيرات، وفي مجتمعات ملاي بثقافات مختلفه وبقضايا جوهريه تتصل بالمكان. لكنها لا تلبث ان تطير نحو افاق انسانيه مشتركه، مستفيده من مفاهيم غير محدده، كالمجانيه والمصادفه في العمل الفني، والتاسيس من الفراغ والادائيه الجديده، ولتقلص الفجوه التي كانت تزداد مع متلق طالما راوده السؤال في مراحل قديمه كالسرياليه والتجريديه. \nنجحت التجربه في نقل المتلقي من الطبقي الي شرائح متعدده من الناس، ومن النخبوي الي الشارع. ومن تلك الجماليه البحته، التي تلون الحياه دائماً بالبهجه، الي الواقع الشائك احياناً والحافل بهموم الانسان واشكالاته. ونقل الفن من حاله المحترف والماهر والمتقن، الي الحياتي والمحيط المُشاهد، بعيداً عن تخدير الحواس. كذلك جعل الفن في متناول الجميع.\nنري هذه المفاهيم تتجسد في تجربه "عبدالناصر غارم": ماهي الطبيعه؟ مقاربه الطبيعه بوجودنا الانساني، وفي عمل فيديو فني Video Art، تحت عنوان "الصراط"، يطرح سؤالاً مصيرياً مستلاً من وقائع الحياه. ومثله في عمل "تحويله"، او تلك القراءه الجديده للموروث في عمله المثير للجدل "القبه". او اخيراً معرض "الصحوه"، الذي يتصل باسئله جوهريه تعني بمراحل التفكير والانغلاق.\nنراها كذلك مع "احمد ماطر" في عدد من الاعمال المؤثره كالمغناطيس المتصل (الصوره الرئيسيه)، بمجموعه من الاسئله المتوارثه، ومدي امكانيه تحريكها في الوعي المغيب. واعمال اخري كالبقره الصفراء، واشعه اكس راي X-Ray وفاران، التي تقرا مدينه مكه من منظور مختلف عن السائد.\nكل ذلك جاء بعد شتا بسنوات، وامتداداً من الفنانين انفسهم في اعمال لم تتوقف. نجد "عبد الكريم قاسم" في عمله "تبليط البحر"، وفي عمل اخر يعتمد علي البحث والتحري والمفارقات بين صور التقطت قديماً وحديثاً للاشخاص انفسهم، وهي تعطي دلالات نحو التحولات والمتغير الهائل. وكذلك "اشرف فياض" في البطاقات الافتراضيه، حسب اهواء الاشخاص وميولهم واهتماماتهم، وفي قطعه القماش التي رسم عليها نزيفاً في صوره خارطه العالم.\nلم تتوقف التجارب مع شتا، بل استمرت وحققت المزيد مع فنانين كـ"ابراهيم ابو مسمار"، في عمل "القفل" في مجاز للفكر المتحجر الذي لم يعد يقبل الاخر، ولم يعد في وسعه الاضافه او الحوار.\nوفي عمل الجدار العازل الذي طاف به عدداً من الدول، ويعبر فيه عن نظره انسانيه وموقف تجاه ذلك الجدار. و"منال الضويان" في طرحها لقضايا المراه ضمن حساسيه جديده. تلك القضايا المتصله بالسفر والعادات والتقاليد، ومساحات التعبير والعمل، ومرتبطه باللغه والصوره والمفارقات التي تتولد منهما.\nالي جانب "ايمن يسري"، الذي بدا مبكراً بعدد من الاعمال المهمه، وعرف بلقب ديدبان، الشخصيه التي لازمته في اكثر من عمل. بالاضافه الي عمل "محارم" والصور الملتقطه من افلام، والتي تحمل عبارات ذات دلالات جديده حالما نضعها في قالب محلي او شعبي.\nكما نلحظ اعمالاً لـ"عبد الله العثمان"، منها تلك الشاشه التي عرضها في بينالي فينيسيا 2013، وطرح منها سؤاله وتلقي ردود الافعال. لم يكن سؤالاً اعتيادياً، وفي اللحظه نفسها كان يمكن ان يخطر علي بال اي شخص في العالم، المشتركات الانسانيه التي يمكن ان تتقاطع فيها وحولها الشعوب، بمختلف عاداتها وتقاليدها واعرافها. ومع حساسيه سؤال العثمان، اذ السؤال عن الله، او اي موضوع ميتافزيقي تختلف حوله الثقافات الدينيه وتحتد وتصطدم احياناً جراء الفروق الهامشيه او الاصوليه، تكون المفارقه والدهشه والاختلاف.\nوالفنانه "هند الذرمان"، وهي تتشابك مع اللغه في لوحات حروفيه، تشير دائماً الي قيم مهمله في الموروث المندثر. وفي عمل جديد عنوانه "علي حافه الالم" تطرح "غاده الحسن" مجسماً كبيراً لعلبه طماطم في صوره ممزقه، بوصفها واحداً من المنتجات الاستهلاكيه. لكن غاده تجسد هذه العلبه بشكل ضخم، هي كنايه عن حاله التضخم والترهل جراء تكدسها لدي المستهلك في صوره ساخره وحقيقيه، في اشاره الي حاله التكدس الذي نمارسه كاشخاص وكمجتمع استهلاكي.\nاما "رملاء الحلال"، فوظفت لعبه البلاي ستيشن Play Station، في مفترضات متصله بالواقع وبمشاهير الفن المنسيين. وتستلهم فكره الجداريات في الغرافيك والـ"بوب ارت" Pop Art و"الكولاج" Collage، من واقع التعبير عن الراي والحريه، كتلك العبارات التي سادت جراء هذا الواقع الجديد مثل: "ارحل" و"لا" وغيرهما.\nوقد اثر في الفنانه، ان تلك التعبيرات كانت تعطي وقعاً اكبر بعد طمسها بطريقه عشوائيه. ففي لوحه "ارحل"، لن تبدو الكلمه واضحه ابداً في الصوره، فقد طمست من اجل كتم الصوت في الجدار. تلك الكلمه يمكن قراءتها لمجرد بقاء حرف من حروفها ظاهراً، بل اصبحت كلمه شائعه وجاءت بالكثير من التعبيرات التي ولدت منها، وشوهت بالوان عشوائيه في اللوحه، وهذا ما سيكون مشابهاً في لوحه "قدسوا الحريه".  

الخبر من المصدر