الحرب الصينية اليابانية.. استمرت 6 أعوام وضحاياها 85 مليونا

الحرب الصينية اليابانية.. استمرت 6 أعوام وضحاياها 85 مليونا

منذ 8 سنوات

الحرب الصينية اليابانية.. استمرت 6 أعوام وضحاياها 85 مليونا

احتفال جمهوريه الصين الشعبيه في 3 سبتمبر الجاري، بالذكري الـ70 للانتصار في الحرب العالميه الثانيه، يثير قضيه الصين والحرب التي يؤرخ لبدايتها في الاول من سبتمبر 1939 وانتهت رسميا في 2 سبتمبر 1945، وبلغ عدد ضحاياها ما بين 50 و85 مليونا.والحقيقه هي ان تلك الحرب بدات فعليا عندما غزت اليابان الاراضي الصينيه، وتحديدا في مساء 18 سبتمبر 1931، عندما نسفت القوات اليابانيه المرابطه بشمال شرقي الصين، جزءا من خط حديدي بمدينه شنيانج في مقاطعه لياونينج، واتهمت قوات المقاومه الصينيه بارتكاب هذا العمل الاجرامي، واتخذت ذلك ذريعه لغزو شمالي الصين، فاحتلت منطقه شمال شرقي الصين كلها، حيث اقامت اليابان فيها دوله "منشوكو" اي منشوريا، ليبدا بذلك الحكم الاستعماري الياباني لمنطقه شمال شرقي الصين والذي استمر 14 عاما.كانت حادثه 18/9 الشراره الاولي لانطلاق حرب المقاومه الصينيه ضد الغزو الياباني، وقرعت طبول الحرب العالميه ضد القوي الفاشيه، وانشات الصين متحفا خاصا في شنيانج للحادثه يحتوي علي الكثير من السجلات التاريخيه، من اهمها الكتاب الذي الفه وزير الحرب الياباني انذاك الجنرال جيرو مينامي، والضابط الياباني ميزوشيما شوسوكه، وهما من المشاركين في تلك الحادثه، والصادر عن وزارة الخارجية اليابانية، والذي يثبت ان حادثه 18/9 كانت البدايه الحقيقيه للحرب العالميه الثانيه.وتعد الحرب الصينيه ضد الغزو الياباني جزءا مهما من النضال العالمي ضد الفاشيه والنازيه، وكانت الصين ساحه المعركه الرئيسيه في الشرق، وكما قال الباحث الصيني لي تسونج يوان، فان الحرب الصينيه ضد الغزو الياباني اضعفت القوات اليابانيه، فبعد اندلاع حرب المحيط الهادي، وضعت اليابان معظم قواتها في المعارك الصينيه، فلم تستطع توجيه قوات كبيره للقتال ضد الاتحاد السوفيتي السابق، الامر الذي خفف الضغوط عن الاتحاد السوفيتي والولايات المتحده الامريكيه وبريطانيا.اعترف باحثون غربيون بدور الصين المهم في الحرب العالميه الثانيه، ونشرت صحيفه "نيويورك تايمز" الامريكيه في 17 اكتوبر 2013، مقاله للبروفيسور رانا ميتر استاذ تاريخ وسياسة الصين الحديثه بكليه الدراسات الشرقيه في جامعه اكسفورد البريطانيه، بعنوان "ديون العالم للصين في زمن الحرب"، قال فيها انه في الوقت الذي تعلن فيه الصين رغبتها في السلام في اسيا، تطرح مطالبتها الحازمه في المياه في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي.واضاف ميتر، ان لغه المواجهه تشير بالنسبه لمراقبين كثيرين، وبالنسبه للدول المجاوره للصين في منطقه المحيط الهادي، الي شعور بالاستحقاق المكبوت، النابع من تنامي اهميه بكين في العالم، بيد ان ثمه عاملا قليلا ما نتذكره يلعب دوره، الا وهو استياء الصين الطويل والدائم من ان مساهماتها في انتصار "الحلفاء" ضد اليابان في الحرب العالميه الثانيه لم يتم الاعتراف به كاملا، ولم تتم ترجمته حتي الان الي راسمال سياسي في المنطقه.وتابع ان حرب مقاومه الصين لليابان واحده من القصص المنسيه في الحرب العالميه الثانيه، فبرغم ان الصين كانت اول قوه من قوات "الحلفاء" حاربت دول المحور، تلقت استحقاقا عن دورها في مسرح عمليات المحيط الهادي اقل بكثير من الولايات المتحده الامريكيه وبريطانيا بل والاتحاد السوفيتي، والذي انضم للحرب في اسيا اغسطس 1945، وازيحت المساهمات الصينيه جانبا بعد الصراع، باعتبارها قصه غير مريحه في السرد العقائدي المتقن للحرب البارده.واستطرد ميتر، "الصين برغم انها كانت اشد فقرا وأقل قوة بكثير من الولايات المتحده الامريكيه والامبراطوريه البريطانيه، لعبت دورا رئيسيا في الحرب، وحارب في بورما 40 الف مقاتل صيني الي جانب القوات الأمريكية والبريطانيه 1944، فساعدوا في تامين طريق ستيلول (ليدو) الرابط بين لاشيو واسام في الهند، وفي الصين نفسها، قهر الصينيون نحو 800 الف جندي ياباني.. كان الثمن باهظا، فقتل 14 مليون صيني علي الاقل، وصار نحو 80 مليونا لاجئين خلال فتره الحرب، وكانت الفظائع عديده، ومذبحه نانجينج 1937 هي الاكثر فظاعه، ولكن كانت هناك مذابح اخري ليست اقل قهرا ولكن اقل شهره".قال البروفيسور، "عندما انتصرت دول الحلفاء في 1945، تمت مكافاه الصين علي مساهمتها في الحرب بمقعد دائم في مجلس الامن بمنظمه الامم المتحده الجديده، ولكن لا شيء اكثر من ذلك، وبالنسبه للدول الغربيه تحولت الصين، بعد قيام الصين الجديده 1949، من حليف في زمن الحرب الي عملاق شيوعي يهددها، واحد النتائج الرئيسيه التي لا تزال باقيه الي اليوم هي ان الاعداء القدامي في اسيا لم يبرموا تسويه متعدده الاطراف من النوع الذي حدث في شمال الاطلسي بعد 1945، بتكوين حلف شمال الاطلسي (ناتو) وما صار لاحقا الاتحاد الاوروبي". واضاف ان قرار الولايات المتحده الامريكيه بوضع الصين علي الهامش في النظام الدولي لفتره ما بعد الحرب، الذي هيمنت عليه واشنطن، كان معناه ان الصين واليابان لم يوقعا اتفاقيه سلام مناسبه، وانه لسنوات كثيره تعامل المؤرخون الغربيون مع دور الصين في الحرب العالميه الثانيه علي انه دور ثانوي، ولكن مؤخرا اتاح الانفتاح السياسي الجديد في الصين نفسها ظهور صوره مختلفه لسنوات الحرب، مشيرا الي ان الحكومه الصينيه تسعي الي دور دولي اكبر من خلال تذكير العالم بفوائد تعاونها في الماضي مع الغرب، وهذه المراجعه التاريخيه لها نتائج كبيره بالنسبه لشرقي وجنوبي اسيا اليوم، حد تعبيره، فاذا كان الدور القيادي الامريكي في هزيمه اليابان 1945 ما زال يبرر الوجود الامريكي في المحيط الهادي اليوم، فلماذا مساهمات الصين لنفس الغرض لا تمنحها بعض النفوذ في المنطقه؟.وتابع "الحقيقه ان الصين، وهي من القوي الكبري في العالم وكانت مساهماتها وتضحياتها في الحرب العالميه الثانيه اكبر بكثير من الدول التي استثمرت نتائج الحرب ووظفتها لخدمه مصالحها الذاتيه، تسعي من خلال احيائها لذكري مرور 70 عاما علي انتهاء اسوا حرب عرفتها البشريه ليس فقط الي تذكير العالم بتضحياتها الكبيره التي لا يجوز اهمالها، فحسب الباحث الصيني وانج جيان شيوه، كانت الساحه الاسيويه في الحرب اعنف بكثير من الساحه الاوروبيه، فكما كانت المانيا تمارس التمييز العنصري والاباده الجماعيه في اوروبا، كانت اليابان الفاشيه تقوم بالقتل الجماعي في الصين، حيث قتل الجيش الياباني اكثر من 20 الفا من الابرياء في حادثه مدينه ليويشون واكثر من 300 الف من السكان الابرياء في مدينه نانجينغ".اوضح البروفيسور رانا ميتر، ان جرائم جيش الغزو الياباني في الصين كبيره وكثيره: الاولي سياسه "الفظائع الثلاث" اي الحرق الشامل والقتل الشامل والنهب الشامل، والتي ادت الي مقتل واصابه اكثر من 35 مليون مواطن صيني وتشريد ونزوح اكثر من 100 مليون، وفقا للسجلات الصينيه، في وقت كان عدد سكان الصين 40 مليون نسمه، والثانيه: استعمار الصين واستعباد الصينيين واذلالهم لمده 14 عاما، والثالثه: نهب موارد الصين، لذا فان ما تبغيه الصين هي ان تكون هذه التضحيات والماسي دروسا من التاريخ تهتدي بها الدول في سياساتها الحاليه والمستقبليه، كما ان وثائق الحرب العالميه الثانيه، وبخاصه "اعلان القاهره" و"اعلان بوتسدام"، جزء هام من الوثائق القانونيه الصينيه المرتبطه بوحده اراضيها وبحقوقها في بحر الصين الشرقي بوجه خاص، حيث تقع جزر دياويوي التي تثير من حين لاخر خلافا وتوترا في العلاقات "الصينيه - اليابانيه". وقال "مثل غيرها من اراضي الصين التي استولي عليها المستعمرون في فترات اضمحلال الحكم الامبراطوري الصيني، سقطت دياويوي في يد اليابانيين بعد انتهاء الحرب الصينيه - اليابانيه (1894 - 1895)، وبعد ذلك سعت اليابان الي تقنين سيطرتها علي دياويوي باجبار حكومه اسره تشينج علي توقيع معاهده شيمونوسيكي غير المتكافئه والتي تخلت فيها حكومه اسره تشينغ الامبراطوريه (1644- 1911) عن جزر تايوان والجزر التابعه لها".واضاف "في 1943، وبينما كانت نيران الحرب العالميه مشتعله، اجتمع قاده الصين وبريطانيا والولايات المتحده الامريكيه؛ تشيانج كاي شيك ووينستون تشرشل وفرانكلين روزفلت، في فندق ميناهاوس بالعاصمه المصريه (القاهره)، لمده اسبوع حيث اتفق زعماء الدول الثلاث علي مواصله الاجراءات العسكريه ضد اليابان للضغط عليها ومعاقبتها، حتي تستسلم بدون شروط، وكان الهدف هو تجريد اليابان من كافه جزر المحيط الهادي التي استولت عليها او احتلتها منذ بدايه الحرب العالمية الأولي، واعاده جميع الاراضي التي سلبتها اليابان من الصين؛ مثل منشوريا (شمال شرقي الصين) وفورموزا (تايوان) الي جمهوريه الصين، وصدر بيان بذلك عرف ببيان القاهره، وتزامن معه صدور نفس البيان في واشنطن ولندن وتشونجتشينج، التي كانت عاصمه الصين في وقت الحرب العالميه الثانيه، وفي 26 يوليو 1945، اصدرت الدول الثلاث (بيان بوتسدام)، الذي نص علي تنفيذ شروط (اعلان القاهره)، وبتوقيعها وثيقه الاستسلام بعد ذلك بشهر، قبلت اليابان بنود اببيان الذي اكد علي تنفيذ (بيان القاهره)، وجاء في نص وثيقه الاستسلام اليابانيه ما يلي: نقبل بامر من ونيابه عن إمبراطور اليابان والحكومة اليابانية والمقر الامبراطوي الياباني العام، بالبنود التي جاءت في اعلان (بوتسدام)".وتابع "هكذا، فان الصينيين يستندون الي حقائق تاريخيه وقانونيه وعسكريه في تمسكهم بحقوق سياده بلادهم علي جزر دياويوي، لكن تطورات ما بعد الحرب العالميه الثانيه وانقسام العالم الي معسكرين لم تسهم في تفعيل بنود بياني القاهره وبوتسدام؛ ففي 1951 وقعت اليابان والولايات المتحده الامريكيه معاهده سان فرانسيسكو، التي وضعت جزر ريوكيو (جزر اوكيناوا حاليا) تحت اداره الولايات المتحده الامريكيه، وفي 1953 وسعت اداره اوكيناوا المدنيه الامريكيه نطاقها الاداري ليشمل جزر دياويوي الصينيه والجزر التابعه لها، وفي 17 يونيو 1971، وقعت اليابان والولايات المتحده الامريكيه اتفاقيه استعاده اوكيناوا التي نصت علي ان تعيد واشنطن السياده الاداريه علي جزر ريوكيو وغيرها من الجزر، بما في ذلك جزر دياويوي والجزر المجاوره لها، الي اليابان بحلول 15 مايو 1972".واستطرد "واثناء مفاوضات تطبيع العلاقات بين الصين واليابان في 1972، وتوقيع معاهده السلام والصداقه الصينيه - اليابانيه في 1978، اتفق البلدان علي تنحيه قضيه جزر دياويوي ليتم حلها في المستقبل، وابدت الصين في مناسبات عديده رغبتها في التوصل الي اتفاق يحقق المنفعه المشتركه للبلدين، لكن الحكومه اليابانيه اشترت في 11 سبتمبر 2012، جزر دياويوي من مالك تلك الجزر لتاميمها، وبررت ذلك بخشيتها من قيام حاكم محافظ طوكيو اليميني شينتارو ايشيهارا، بشراء الجزر وما يترتب علي ذلك من تداعيات تزعزع الاستقرار"، واختتم مقاله قائلا "الصين عندما تحيي ذكري انتهاء الحرب العالميه الثانيه، فهي تريد ان تقول للعالم انها دفعت ثمنا باهظا في تلك الحرب، ولا يبنغي للعالم ان يكرر نفس الاخطاء".

الخبر من المصدر