يم مشهدي: «علينا طرح الأسئلة التي نهرب منها»

يم مشهدي: «علينا طرح الأسئلة التي نهرب منها»

منذ ما يقرب من 9 سنوات

يم مشهدي: «علينا طرح الأسئلة التي نهرب منها»

عشقت يم مشهدي الميثولوجيا اليونانيَّه، فاختارت دراسه النقد علي مقاعد «المعهد العالي للفنون المسرحيَّه»، وكان الاختصاص الوحيد الذي يتيح لها دراسه الأدب الإغريقي. لم تتابع صفوف ممدوح عدوان في الكتابه المسرحيه، الا خلال السنه الرابعه، لانّها لم تكن تتخيّل انّها ستصبح كاتبه يوماً، بحسب تعبيرها.\nعملت في الصحافه بين العامين 1997 و2005، وكانت تطمح ان تكون مراسله حربيّه. «وجدتُ انَّني اجبن من ان اكون صحافيّه حربيّه. انصبّ عملي في الصحافه علي الشؤون الثقافيه. لم تكن في سوريا مؤسسات صحافيه، وان وجدت فلا ثقه بها، لذلك عملت مع صحف لبنانيّه وعربيّه. نُشرت لي مقابله واحده في صحيفتكم، مع المخرج الراحل عمر اميرالاي».\nوهي تعتبر ان «الصحافه مغامره، واعتقد انّني فشلتُ فيها، لانَّني لم استطع تقديم ما اريد، ولانَّني شخص غير اجتماعي. فمن الممكن ان ابقي شهراً في المنزل علي سبيل المثال».\nفي العام 2005، كتبت مسرحيّه «باريس في الظلّ» كمشروع تخرّج، وكانت الدراما السوريّه في اوجها، فالّفت عملها الدراميّ الاوّل «وشاء الهوي» حول «احلامي، واحلام الشباب خصوصاً المتخرّجين الجدد».\nوتقول لـ «السفير»: «كتبت اربع حلقات، وخدمتني المصادفه، اذ كان المخرج زهير قنّوع قد استلم شركه انتاج جديده، ويريد اللحاق بركب رمضان للعام 2006 بسرعه شديده. سعادتي كانت لا توصف اذ قدّمت عملي الاول في التاسعه والعشرين من عمري في حين ان عدد الكاتبات في مجال الدراما السوريه لا يتجاوزن الخمس».\nانجزت مشهدي عملها الدراميّ الثاني في العام 2008، بعنوان «يومٌ ممطرٌ اخر»، وعرضته علي الممثل عبد الهادي صبّاغ الذي يملك «شركه زنوبيا للانتاج». «قيل لي يومها انّ نصي لا يعتمد علي الصدام ويخلو من الاحداث، بما لا يجذب المشاهد. كان النص يتمحور حول العائله السوريه، ويدقّق في التفاصيل التي تشكّل حيواتنا. كان ردي علي الملاحظات انّي لا اريد افتعال ما ليس موجوداً، ولا اريد خلق اثاره. عندها لا اكون انا».\nبعدها، صُوِّر العمل باداره المخرجه رشا شربتجي، التي تعاونت مشهدي معها ثانيهً في مسلسل «تخت شرقي» العام 2010. «كان مسلسلاً عن اللاشيء المشكّل لكل شيء في حياتنا. نحن عباره عن كائنات تتراكم سنون حياتها وفق الاليه نفسها، اطفال، مدرسه، جامعه... ولا يعلم الانسان متي تغيّر. تمرّ سنواتٌ من اللاطموح، والفساد مستشرٍ اينما كان».\nتقول مشهدي انّ العام 2011 كان مفصليَّاً في تشكيل خياراتها. «وجد كتّاب الدراما انفسهم امام خيارين، امّا الذهاب الي مواضيع حب وحرمان وازاهير تبرعم، وامّا الحكي عما جري في سوريا. تلك الاشكاليه لها علاقه بالرقابه كمفهوم، وليست مرتبطه بسوريا فقط، بل بالوطن العربي كلّه. كنَّا امام امر مفصلي، ان نحكي او لا نحكي. كتبتُ «قلم حمره» من اخراج حاتم علي في العام 2014، بعد تفكير بالاحتمالات كافّه. بحثت عن الجدوي من توثيق المظاهرات دراميّاً، وهي خبز الناس اليومي. كان يجب ان نفكّر لماذا وصلنا الي ما وصلنا اليه، والي اين نمضي. نحن نعرف الاجابات لانّها جاهزه ومحضّره، ولكن علينا طرح الاسئله لان لا احد يجرؤ علي السؤال عن حياته اليوميه. من هنا كان «قلم حمره». وانا لا الوم الناس لان ما وصلنا اليه هو نتيجه وليس سبباً».\nتنفي مشهدي ان تكون احداث «قلم حمره» مشابهه لظروف اعتقالها في العام 2011، اذ انّ المسلسل يصوّر تفاصيل اعتقال بطلته الكاتبه ورد (سلافه معمار)، الي جانب الناشطه السياسيه صبا (ريم علي). امّا يم، فقد «اعتقلتُ لثلاثه ايام لدي الامن الجنائي بتهمه التظاهر غير المرخّص، واستعرت من ظروف اعتقالي. انتابتني سذاجه غريبه خلال فتره الاعتقال، وعشت حاله انكار. فكّرت بابني ورد، اعتقدت انّ العالم الخارجي نسيني. لم استطع النوم سوي عشر دقائق في الايام الثلاثه من شدّه القلق. كنت في القبو الاخير في الحجز، ورايت شمساً... نعم رايت شمساً وسررت بها. الهلوسات التي مررتُ بها اسعدتني. اختبرت معني تكسير العظام من خلال النوم علي الارض. تحدّثت مع معتقلات لاكتب نصي، عن الفرق بين وجبات الطعام، وعن السماح بالدخول الي المرحاض، وعن الدوره الشهريه».\nانتقد كثيرون مشاهد «قلم حمره» عن الدوره الشهريّه، وعابوا علي الممثله سلافه معمار اداءها للمشهد. لكنّ الكاتبه تعتبر: «اعتقد ان من يجب ان يلام لا سلافه معمار، بل من يعامل المُعتَقلات بتلك الطريقه».\nلماذا لم تغادر يم مشهدي سوريا اليوم؟ ياتي الردّ بديهيّاً: لانّه «لا معني لوجودي من دون سوريا. الخوف مسيطر في دمشق، ولا وجود لشروط الحياه، ولكنّها مدينتي، وربّما اغادر حين افقد المعني لاتنفَّس. احساس الموت مجاني، وهم يلعبون بنا، وانا في بيتي، انتهي زمن المظاهرات، ولست متفائله. وينتهي الموت حين تقرّر شركات السلاح انّها لا تريد ارباح السلاح، بل تريد ارباح الاعمار».\nتصف مشهدي نفسها بانّها «ام كاذبه»، لانّها لا تردّ علي اسئله ابنها ورد (7 سنوات) حول ما يحصل في البلاد. «ورد لا يعلم شيئاً، يعلم انّ هناك حواجز عسكريّه كثيره، ويقول انّها لعبه الاشرار علي الحواجز. يسالني لماذا يسافر الناس فاكذب. اكذب لانني اريده ان يعيش من دون خوف. لا اريد ان اعيد ماساه جيلنا المرعوب كلّ الوقت من كلّ شيء، من الاخوان ومن سرايا الدفاع ومن ومن.... عندما اخرج من سوريا ساخبره بما حصل. حين اعتقلت قيل له انني سافرت. وفي المحصّله جميعنا كاذبون، تربّينا وتعلّمنا علي الخوف والقهر».\nلا تتابع الكاتبه نشرات الاخبار، ولا تفتح التلفزيون الا علي قنوات الاطفال التي يتابعها ابنها. «ابني ما زال يلعب واريده ان يلعب ويستمتع». تقرا حالياً روايه فواز حداد «السوريون الاعداء» عن احداث حماه، وتبحث عن فكره لنصّ درامي جديد. تقول: «من الصعب اختيار موضوع بعد «قلم حمره»، ولا اعرف اليوم ما هو نصي المقبل».

الخبر من المصدر