داخل غرفة ناسا للتحكم في محطة الفضاء الدولية - BBC Arabic

داخل غرفة ناسا للتحكم في محطة الفضاء الدولية - BBC Arabic

منذ ما يقرب من 9 سنوات

داخل غرفة ناسا للتحكم في محطة الفضاء الدولية - BBC Arabic

يتعامل رواد فضاء علي متن "محطه الفضاء الدوليه" مع تحديات يوميه تواجههم اثناء اجراء تجاربهم العلميه في الفضاء. الصحفي العلمي ريتشارد هولينغهام التقي باعضاء فريق من وكالة ناسا هدفه المحافظه علي سلامه رواد الفضاء ونظام عملهم.\nكنت في غرفه مظلمه، في قلب منطقه ذات اجراءات امنيه مشدده تقع ضمن محيط قاعده "ريدستون ارسنال" العسكريه الامريكيه في "هتنسفيل" بولايه "الاباما". شاهدت في هذه الغرفه ثمانيه رجال ونساء جالسين خلف مكاتب مقعّره تعلوها شاشات كمبيوتر. الجداول المتواصله من البيانات كانت تنعكس علي وجوههم.\nكانت امراه منهم تتحدث بين الحين والاخر عبر ميكروفون مرتبط بسماعه راسيه. غير ان صوتها كان خافتاً حتي انك لم تكن تفهم منه الا بضع كلمات.\nعلي الجدار الواقع امامهم، تعرض شاشات صوراً لكرتنا الارضيه ورسوماً بيانيه وجداول زمنيه. وبينما نحن ننظر اليها، راينا احد رواد الفضاء وهو يحلّق بشكل حر عبر فتحه ترتفع علي مسافه 400 كليومتر فوق سطح الكوكب.\nيعمل موظفون في هذا المكتب علي مدار الساعه. ذلك هو احد مراكز العمليات التابعه لوكالة الفضاء الامريكية "ناسا"، ويطلق عليه اسم "مركز تكامل عمليات الشحن". انه محور السيطره علي جميع التجارب العلميه التي تُجري علي متن "محطه الفضاء الدوليه".\nيجري هنا تسجيل كل دقيقه عمل يقوم بها رواد الفضاء بينما تدور محطتهم في مدارها حول الارض. تتم مراقبه كل دقيقه عمل، واذا لزم الامر، فانهم يعيدون ضبط وتعديل اي اجراء يرغبون فيه. ربما تحصل مدينه "هيوستن" الامريكيه علي كل التقدير والتمجيد، لكن غرفه السيطره هذه، التي يُعرف عنها القليل فقط، هي جزء من "مركز مارشال لرحلات الفضاء". انها محور علوم المحطه الفضائيه.\nتقول سام شاين، مديره اتصالات الشحن في ذلك المركز: "نقوم بدور الوسطاء. نقوم بالربط ما بين العلماء علي الارض وطاقم العمل المقيم علي متن محطه الفضاء الدوليه."\nفي الحقيقه، ليست "شاين" الا واحده من قلائل الناس علي كرتنا الارضيه ممن يمكنهم التحدث مباشره مع طاقم المحطه الفضائيهـ اضافه الي "موظف التواصل مع تلك الكبسوله الفضائيه" في "هيوستن". انها تهتم بهم وباحتياجاتهم، بينما يقومون باعمالهم العلميه الروتينيه اليوميه.\nتقول شاين: "انه امر شائك جداً. نواجه هنا مصاعب لغويه، كما ان هناك فروقات في الزمن ـ احياناً، نحاول التعامل مع محقق رئيسي ايطالي لنحصل علي معلومات يحتاجونها في اعالي الفضاء، وربما يكون عضو الطاقم هنا المانياً. تصبح العمليه كلها شائكه نوعاً ما."\nتم اكمال المحطه عام 2011 وبلغت تكاليفها 100 مليار دولار امريكي. منذ ذلك الوقت اختصت المحطه وعملها بالعلم فقط. تكتظ جدرانها وسقفها وارضيتها باجهزه مختبرات امريكيه وروسيه واوروبيه ويابانيه لاجراء التجارب. ويقضي رواد الفضاء اوقاتاً متزايده في القيام بهذه التجارب كفنيين في مجال الابحاث العلميه، بينما تدور المحطه في مدارها.\nوتضيف شاين: "اذا ذكرت اياً من فروع العلوم، فمن المحتمل اننا نقوم بتجربه تتعلق بذلك الفرع من العلم علي متن المحطه." الجاذبيه ضعيفه هناك بشكل فريد من نوعه. وتمتد الابحاث والدراسات في تلك الجاذبيه لتشمل اموراً مثل نمو النباتات وفهم خواص المواد السائله.\nان معظم العلوم التي يتم الاشراف عليها من غرفه السيطره في مدينه الاباما تتعلق بدراسه تاثيرات الفضاء علي الرواد انفسهم، مثل اضمحلال الانسجه (ضمور العضلات وهشاشه العظام) التي يعانون منها. انه بحث مهم اذا ما اراد البشر ان يتركوا كوكبهم لايه فتره من الزمن.\nكما يدرس العلماء التحديات النفسيه للعيش بعيداً عن عالمنا الارضي في كبسوله معدنيه معزوله، حيث يتناولون طعاماً خاصاً اعيد اعداده، ويشربون بولاً عولج بطريقه ما ليعاد تناوله، وليس هناك رفقاء الا زملاء العمل.\nاحدي اكثر التجارب اثاره للاهتمام هي تجربه تعرف باسم "استرو باليت"، وهي من ابتكار علماء الاطعمه والتغذيه في جامعه مينيسوتا. وتهدف التجربه، من بين امور اخري، لفهم كيفيه استعمال الاطعمه للحد من التوتر. بمعني اخر، هل تفيد الاغذيه المهدئه عند العيش لفترات طويله في الفضاء الخارجي؟\nتقول شاين: "قد نجد رواد فضاء يقومون بواجبات لا يستمتعون بها، مثل استعمال مكنسه كهربائيه لتنظيف المحطه الفضائيه. عندها، سنطلب منهم المشاركه في دراسه استقصائيه لنعرف مشاعرهم تجاهها. ثم ندعهم يتناولون شيئاً من الاطعمه المهدئه ـ مثل حلويات الشيكولاتهـ ونطلب منهم ملء استماره الاستبيان مره اخري."\nوتضيف: "بدانا نفهم طرقاً تجعل طاقم رواد الفضاء يحسون بانهم في بيوتهم، حيث يقضون فترات زمنيه تطول وتطول في الفضاء."\nوتشمل دراسه اخري رواد فضاء يدونون مجريات حياتهم علي متن المحطه. انها محاوله لاستخلاص مشاعرهم الصادقه؛ اوقات توترهم وقلقهم واوقات حنينهم الي البيت والوطن. من المرجح ان يكون رواد الفضاء صريحين، لان الباحث الذي يقوم بجمع نتائج المشروع هو الشخص الوحيد الذي يطلع عليها.\nتقول شاين: "اما احد اكثر النتائج اثاره للاهتمام فهي تتمثل في ان الشهر الرابع لرحله الفضاء هي اكثر الاوقات التي يرغب فيها اعضاء طواقم الرحلات الفضائيه في العوده الي الارض. فهم يشعرون بالتعب لمكوثهم علي متن المحطه الفضائيه ويودون مشاهده افراد عائلاتهم".\nوبما ان اكثر المهمات الفضائيه الي المحطه الدوليه تستغرق في زمننا الحالي ما بين سته اشهر وسنه، فقد تنظر "ناسا" في مساله ارسال المزيد من حلويات الشيكولاته.\nيواجه الرواد احباطات يوميه، نتيجه العيش داخل مختبر مداري صغير مزدحم. ولمساعدتهم في التغلب علي مشاعر الاحباط هذه، فان فريق العمل في الاباما مسؤول ايضاً عن العثور علي حاجيات الرواد المفقوده وممتلكاتهم.\nمن ضمن مسؤوليات موظف التخزين ان يتتبع مكان وجود كل شيء علي متن المحطة الفضائية الدولية. توضح شاين الامر باعتباره "احد اصعب المهام ضمن برنامج الفضاء."\nتقول شاين: "في بعض الاحيان، لا يعيد رواد الفضاء بعض المواد الي اماكنها، تماماً كما نقوم بذلك نحن هنا علي الارض. ينادوننا احياناً بحثاً عن مكان وجود مفك البراغي او شيء اخر. لا نجده في المكان الذي نتوقع وجوده فيه. لذا فالامر هو من مهام موظف التخزين؛ عليه ان يراجع تواريخ استعمال ذلك الشيء واخر مره استُعمل فيها، وذلك لتحديد موقعه."\nانه امرٌ يشبه اضاعتك لمفاتيحك في بيتك ومحاولتك ان تتذكر اخر مره رايتها. تكمن المشكله في انك اذا ما اضعت اشياءً في مركبه فضائيه، فان الاحتمال الاكبر هو انها سوف تسبح في فضاء المركبه لتجدها في مكان اخر.\nتضيف شاين: "نراقب عن كثب ما يقوم به رواد الفضاء. فاذا ما راينا شيئاً يحوم في جو المركبه، سنبلغ احد افراد الطاقم بذلك. في اكثر الاحيان، نجد اشياءً تجمعت في قنوات التهويه."\nكانت هذه هي الحال علي الدوام؛ وراء كل رائد فضاء الاف ـ ان لم يكن عشرات الالاف ـ من اعضاء فرق الدعم والمسانده. الاختلاف في يومنا هذا هو اننا علي اعتاب الدخول في عصر المهام الفضائيه الطويله. وبالتالي، من المرجح ان نجد من بين هؤلاء خبراء في الاطعمه المهدئه او تخزين المحطات الفضائيه، بالاضافه الي كونهم علماء في مجال الصواريخ.\nيمكنك قراءه الموضوع الاصلي علي موقع BBC Future.

الخبر من المصدر